تركيا: التضخم الجامح يقفز فوق معدل 60%

واصل التحليق في آفاق قياسية عالية مضاعفاً معاناة المواطنين

TT

تركيا: التضخم الجامح يقفز فوق معدل 60%

واصل التضخم في تركيا التحليق بعيداً بأرقام قياسية لم يشهدها الاقتصاد على مدى أكثر من 20 عاماً. وأعلن معهد الإحصاء التركي، أمس (الاثنين)، أن معدل التضخم السنوي سجل 61.14 في المائة في مارس (آذار) الماضي، مسجلاً رقماً قياسياً جديداً غير مسبوق منذ تولي حزب العدالة والتنمية برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان زمام السلطة بالبلاد؛ وهو ما يفاقم أزمة تكلفة المعيشة المرتفعة التي يعانيها القطاع العريض من الشعب التركي.
وأظهر بيان المعهد ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية بنسبة 5.4 في المائة في مارس مقارنة مع فبراير (شباط)؛ ليرتفع معدل التضخم السنوي من 54.44 إلى أكثر من 61.14 في المائة في مارس.
وسجلت أعلى الارتفاعات السنوية في قطاع المواصلات عند 99.12 في المائة، بينما ارتفعت أسعار الأغذية 70.33 في المائة، في أكبر زيادة تسجل في عامين متتالين منذ مارس 2002.
ورأى خبراء، أن الزيادة في الأسعار هي جزء من أزمة اقتصادية فاقمتها جائحة كورونا. وفي الوقت نفسه، أدى الاجتياح الروسي لأوكرانيا إلى حدوث قفزة في أسعار الغاز والنفط والحبوب. لكن التضخم الجامح الذي تشهده تركيا يأتي بعد سلسلة من عمليات خفض لسعر الفائدة العام الماضي، استجابة لضغوط معارضة إردوغان للتكلفة العالية للإقراض، ومحاولته دفع النمو والاستثمار والتصدير. وعلى العكس من الفكر الاقتصادي التقليدي الراسخ، يرى إردوغان أن المعدلات العالية للفائدة تسبب التضخم. وبناءً على ذلك، خفض البنك المركزي سعر الفائدة الرئيس 5 نقاط مئوية بين سبتمبر (أيلول) وديسمبر (كانون الأول) الماضيين، لكنها ظلت دون تغيير عند 14 في المائة في الربع الأول من العام الحالي.
وفقدت الليرة التركية 44 في المائة من قيمتها في مواجهة الدولار العام الماضي، حيث هبطت إلى 18.41 مقابل الدولار في 20 ديسمبر في رقم قياسي جديد. وتسبب هذا الأداء الضعيف للعملة في حدوث تضخم في الاقتصاد التركي المعتمد على الواردات.
وفاقم الاجتياح الروسي لأوكرانيا من الأزمة في تركيا، التي تستورد جميع احتياجاتها من الطاقة تقريباً، والجانب الأكبر منها من روسيا، في حين تستورد نحو 40 في المائة من احتياجاتها من زيت عباد الشمس من البلدين.
وقاد التضخم المرتفع وكالات التصنيف الائتماني الدولية إلى خفض تصنيفها السيادي لتركيا ولديونها بالعملة المحلية، مع توقعاتها بأن يواصل التضخم عن متوسط 55 في المائة خلال العام الحالي. وأعلنت وكالة «ستاندرد آند بورز» الدولية للتصنيف الائتماني، خفض تصنيفها لديون تركيا بالعملة المحلية إلى درجة غير استثمارية مع الإبقاء على نظرة مستقبلية سلبية للبلاد، والتأكيد على درجة التصنيف بالعملة الأجنبية. وأضافت الوكالة، أن التضخم في تركيا في طريقه لأن يسجل 55 في المائة في المتوسط، خلال العام الحالي، وهو أعلى مستوى بين جميع الدول التي تمنحها تصنيفات سيادية.
وفي فبراير الماضي، أعلنت وكالة «فيتش» خفض تصنيف تركيا السيادي إلى الدرجة غير الاستثمارية، مرجعة ذلك إلى عديد من العوامل، من بينها عدم قدرة الدولة على مواجهة التضخم المرتفع. وقالت، إن «سياسة تركيا النقدية التوسعية، متضمنة معدلات فائدة حقيقية سلبية بشكل كبير، يمكنها ترسيخ صعود التضخم لمستويات مرتفعة وزيادة تعرض المالية العامة لانخفاض سعر الصرف والتضخم؛ ما يؤثر بالنهاية على ثقة الأعمال محلياً، ويصعّد الضغوط على الاحتياطيات الأجنبية».
والشهر الماضي، قال وزير الخزانة والمالية التركي، نور الدين نباتي، إن التضخم سيتراجع إلى أقل من 10 في المائة قبل موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في يونيو (حزيران) من العام المقبل، لكنه لم يحدد الآليات والأدوات التي سيتم الاعتماد عليها لتحقيق هذا الهدف.



اليورو يتراجع إلى أدنى مستوى في عامين

أوراق نقدية من فئة اليورو (رويترز)
أوراق نقدية من فئة اليورو (رويترز)
TT

اليورو يتراجع إلى أدنى مستوى في عامين

أوراق نقدية من فئة اليورو (رويترز)
أوراق نقدية من فئة اليورو (رويترز)

تراجع اليورو إلى أدنى مستوى له في عامين، يوم الجمعة، بعد أن أظهرت البيانات تدهوراً حاداً في النشاط التجاري في منطقة اليورو، مما دفع الأسواق إلى تكثيف رهاناتها على خفض أسعار الفائدة من البنك المركزي الأوروبي.

وانخفضت العملة الموحدة أكثر من 1 في المائة في وقت ما إلى أدنى مستوى لها منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، وكان اليورو في آخر تداولاته منخفضاً بنسبة 0.6 في المائة ليصل إلى 1.0412 دولار بعد صدور البيانات التي أظهرت انكماشاً في قطاع الخدمات بالاتحاد الأوروبي، وتفاقم الركود في قطاع التصنيع، وفق «رويترز».

كما زادت الأسواق توقعاتها لخفض أسعار الفائدة من جانب البنك المركزي الأوروبي؛ حيث ارتفعت الاحتمالات إلى أكثر من 50 في المائة لخفض غير تقليدي بمقدار 50 نقطة أساس في ديسمبر (كانون الأول).

وقال استراتيجي العملات في «آي إن جي»، فرانسيسكو بيسولي، قبيل إصدار البيانات: «مؤشر مديري المشتريات هو على الأرجح أهم مدخلات البيانات للبنك المركزي الأوروبي واليورو». وأضاف: «لقد انتقلت من كونها مجرد ملاحظة جانبية إلى مدخلات حاسمة في عملية صنع القرار؛ حيث أصبح مجلس الإدارة أكثر تركيزاً على مؤشرات النمو المستقبلية».

وانخفض اليورو أيضاً بنسبة 0.44 في المائة مقابل الفرنك السويسري كما ضعف مقابل الجنيه الإسترليني، لكنه عوض بعض الخسائر بعد بيانات ضعيفة لمؤشر مديري المشتريات في المملكة المتحدة.

ومنذ فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، يتراجع اليورو مقابل الدولار، وتزايدت الضغوط عليه في الأسابيع الأخيرة بسبب التصعيد المستمر في الصراع بين روسيا وأوكرانيا، فضلاً عن حالة عدم اليقين السياسي في ألمانيا، أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي.

وتعرض الجنيه الإسترليني أيضاً لضغوط؛ حيث انخفض بنسبة 0.5 في المائة إلى 1.257 دولار، بعد أن أظهرت بيانات مبيعات التجزئة في المملكة المتحدة انخفاضاً أكبر من المتوقع في أكتوبر (تشرين الأول)، في حين أظهرت بيانات مؤشر مديري المشتريات أن ناتج الأعمال في المملكة المتحدة انكمش للمرة الأولى في أكثر من عام.

وقد تدفع مؤشرات تباطؤ النمو الاقتصادي بنك إنجلترا إلى تخفيف سياسته النقدية.

وارتفع مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الأميركية مقابل 6 عملات رئيسية، 0.43 في المائة إلى 107.5، وهو أعلى مستوى له منذ نوفمبر 2022.

وسجل المؤشر ارتفاعاً حاداً هذا الشهر، مع التوقعات بأن سياسات الرئيس المنتخب دونالد ترمب قد تؤدي إلى تجدد التضخم وتحد من قدرة بنك الاحتياطي الفيدرالي على خفض أسعار الفائدة، وهو ما يفرض ضغوطاً على العملات الأخرى.