يستهلك قطاع المباني في السعودية وفقا لمصلحة الإحصاء، أكثر من 80 في المائة، من إجمالي الطاقة الكهربائية المولدة بالبلاد، حيث قدر استهلاك أجهزة التكييف منها بنحو 70 في المائة، بنسبة نمو سنوي تصل إلى 12 في المائة، في حين أن نحو 70 في المائة، من المباني في السعودية غير معزولة حراريا.
ويأتي ذلك في وقت قاد فيه المركز السعودي لكفاءة الطاقة حملات لتطبيق العزل الحراري بعد دراسات أوصت باستخدام وإضافة العوازل الحرارية، التي صدرت من معهد بحوث الطاقة في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية أخيرا، بضرورة تخفيض استهلاك الطاقة الكهربائية في المباني الحكومية القائمة بنسبة لا تقل عن 25 في المائة، وبالتالي تخفيض قيمة الاستهلاك في جميع المباني الحكومية بنحو 1.2 مليار ريال (320 مليون دولار) سنويا.
وفي هذا السياق، نصح اقتصاديون، بتبني تعديل المستهلك لأسلوب استهلاكه للطاقة الكهربائية، وإحداث تغييرات بسيطة في حياتهم اليومية المتعلقة باستخدامهم للأجهزة الكهربائية، الحد الأدنى المطلوب لترشيد استخدام الكهرباء، مشيرين إلى أن الدراسات أكدت أن ترشيد الاستهلاك في المنازل من شانه تخفيض الاستهلاك بنسبة تزيد على 30 في المائة.
من جهته، أوضح الدكتور عبد الرحمن باعشن رئيس مركز الشروق للدراسات الاقتصادية، أن استهلاك الكهرباء في السعودية هو الأعلى على مستوى العالم، مبينا أن الرقم الكبير والمتصاعد في الاستهلاك الكهربائي في السعودية، يبين زيادة الاستهلاك المحلي للطاقة، الذي يسير بمعدلات مرتفعة جدًا مقارنة بالكثير من دول العالم.
ولفت باعشن إلى أن الإحصاءات الرسمية تفيد بأن السعودية تتصدر دول العالم في حجم استهلاكها المحلي من الطاقة، مشيرا إلى أن متوسط استهلاك الفرد فيها يبلغ ضعف المتوسط العالمي، وبمعدل نمو سنوي يصل إلى أكثر من 5 في المائة سنويًا.
وعزا باعشن ارتفاع استهلاك الكهرباء إلى عدة عوامل، أولها زيادة الطلب بشكل كبير على الطاقة الكهربائية، إلى النهضة العمرانية والصناعية والتنموية التي تشهدها البلاد، فضلا عن زيادة عدد السكان، مبينا أن ذلك يتضح من خلال النمو الاقتصادي المتسارع الذي يواكب حركة المجتمع والنهضة معًا.
كذلك، والحديث لباعشن، عوامل زيادة الاستهلاك في الطاقة الكهربائية، تعود في الجزء الأكبر منها، إلى الهدر الذي تسببه عدة عناصر، منها غياب ثقافة ترشيد استهلاك الطاقة، مضيفا إليها عدم الكفاءة في الاستهلاك، مشيرا إلى أن ذلك انعكس سلبا على الاستفادة القصوى من الطاقة الكهربائية، الأمر الذي يجبر الجهات المعنية على التوسع اضطرارا في إنشاء محطات إنتاج الكهرباء تصل تكاليفها إلى مئات المليارات من الريالات، فضلا عن الجهد البشري والزمني.
وشدد باعشن على ضرورة تعزيز ثقافة الاستهلاك على مستوى الفرد وعلى مستوى المجتمع، مؤكدا أن ذلك لا يتأتي إلا بتضافر الجهود لكل الجهات ذات الصلة بما في ذلك وزارة المياه والكهرباء، والشركة السعودية للكهرباء، وهيئة تنظيم الكهرباء ووزارة التجارة ولجمارك والمؤسسات المسؤولة عن الواردات من الأجهزة والمنتجات والمعدات الكهربائية.
وفي هذا الإطار، أوضح المحلل الاقتصادي عبد الرحمن العطا، أن هناك حاجة ماسة، لتوفير بدائل أرخص من الطاقة المستغلة من النفط، كالطاقة الشمسية والمتجددة، فضلا عن أهمية ترسيخ مفهوم كفاءة الطاقة وإيجابياتها على المستهلك والاقتصاد الوطني، وتحفيز العاملين في قطاع الاستيراد على ألا يدخلوا أي منتجات ذات استهلاك عالٍ للكهرباء، سواء في إنارات المباني أو المكيفات أو غيرها من الأجهزة التي تستهلك الكهرباء.
وأوضح العطا أن الحاجة تبرز في سن تشريعات صارمة، لمعاقبة التجار ورجال الأعمال الذين يمارسون عمليات الاستيراد في الأدوات والأجهزة المستنزفة للطاقة الكهربائية، مع علمهم بعد كفاءتها، بغية جني الأرباح، مستغلين عنصر السعر لدى المستهلك، لعدم وعي البعض بالمشكلات التي تفرزها هذه الأجهزة سواء على صعيد الاستهلاك العالي للكهرباء، أو الفاتورة الباهظة.
ولفت العطا إلى أنه في تقرير سابق صدر عن هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج، أوضح أن القطاع السكني يحتل المركز الأول في عدد المشتركين، حيث بلغ 5.6 مليون مشترك، بلغت نسبة استهلاكهم 48 في المائة، فيما احتل القطاع التجاري المركز الثاني بـ1.151.546 مشتركا، بلغت نسبة استهلاكهم 14.8 في المائة.
من ناحيته، أوضح الباحث الاقتصادي الدكتور الصادق إدريس، أن التقرير الذي أصدرته هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج بين القطاع الحكومي، احتل المركز الثالث في عدد المشتركين، حيث بلغ 228.268 مشتركًا، بلغت نسبة استهلاكهم من الطاقة الكهربائية 12.2 في المائة، أما القطاع الصناعي فجاء في المركز الرابع حيث بلغ 8.586 مشتركًا، بلغت نسبة استهلاكهم 21.2 في المائة.
ونوه العطا بأن الحكومة تتبع عدة طرق، لتعزيز ثقافة ترشيد الاستهلاك وكل الطاقة، من خلال الجهات المعنية التي نفذت عددا من ورش العمل والدراسات، مبينا أن إنشاء المركز السعودي لكفاءة الطاقة، كان بمثابة حجر الزاوية في هذه العملية، لافتا إلى أن المركز، يخدم الأهداف المطلوبة.
وأكد العطا على أهمية تعزيز التعاون مع المركز السعودي لكفاءة الطاقة، مبينا أنه يتلقى المساندة من أكثر من عشرين جهة حكومية وأهلية، مشددا على ضرورة تشجيع المواطنين والمقيمين على تبني مفهوم كفاءة الطاقة وترشيد الاستهلاك، في كل مناحي الحياة.
ولفت إلى أن هناك تنسيقا بين الشركة السعودية للكهرباء ووزارة الإسكان، لتنظيم استهلاك الكهرباء في السكن، وذلك من خلال إجراءات محددة تتصل بالعزل الحراري في المباني، تمكن من تطبيق سياسات العزل الحراري، ما من شأنه أن يوفر 40 في المائة من فاتورة الكهرباء للتكييف والتدفئة، وبالتالي تقليل سعة وقدرة أجهزة التكييف بالمبنى.
قطاع المباني في السعودية يستهلك أكثر من 80 % من الكهرباء و70 % منها غير معزول حراريًا
دراسة: تخفيض الاستهلاك بنسبة 25 % يوفر 320 مليون دولار سنويًا
قطاع المباني في السعودية يستهلك أكثر من 80 % من الكهرباء و70 % منها غير معزول حراريًا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة