«الاشتراكي» و«القوات» يتنافسان من موقع التحالف... و«المصالح»

TT

«الاشتراكي» و«القوات» يتنافسان من موقع التحالف... و«المصالح»

أثمرت الاتصالات بين الحزب «التقدمي الاشتراكي» وحزب «القوات اللبنانية» تحالفا انتخابيا في دائرتي الشوف - عالية وبعبدا في جبل لبنان، من دن أن ينسحب هذا التوافق على كل الدوائر التي يخوضان فيها المعركة الانتخابية وانتهى الاتفاق على التحالف «بالقطعة»، بحيث اجتمعا في دوائر جبل لبنان وافترقا بل ويتنافسا في الدوائر الأخرى، وأبرزها في البقاع الغربي.
وكان النائب في «الاشتراكي» وائل أبو فاعور واضحا إثر لقائه رئيس «القوات» سمير جعجع قبل أيام بالقول إن «الأمور تتقدم على مستوى جبل لبنان في العلاقة والتنسيق بين «القوات» و«الاشتراكي» وأطراف أخرى، أما بقية المناطق فلها اعتباراتها التي تناقش بحيثياتها الخاصة».
وهذا الإعلان انعكس عمليا، عبر تسجيل اللائحتين اللتين تجمعان «القوات» و«الاشتراكي» في كل من دائرتي «بعبدا» و«الشوف – عاليه» حيث المعركة الأهم بالنسبة إلى رئيس «الاشتراكي» النائب السابق وليد جنبلاط بوجه حلفاء الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل)، أي التيار الوطني الحر والوزيرين السابقين طلال أرسلان ووئام وهاب.
أما في البقاع الغربي فلكل منهما معركته بعد تعذر التحالف، إذ في حين توضع اللمسات الأخيرة على اللائحة التي تجمع «الاشتراكي» عبر النائب وائل أبو فاعور مع النائب محمد القرعاوي (الذي تحالف مع تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري في الانتخابات السابقة) والجماعة الإسلامية، لا تزال «القوات اللبنانية» تسعى لتشكيل لائحة وإن بصعوبة. وفي هذا الإطار تقول مصادر «القوات» لـ«الشرق الأوسط» إن الافتراق في البقاع الغربي كما غيرها من المناطق، مع «الاشتراكي» جاء لمصلحة كل منهما الانتخابية، واصفة الأمر بـ«لعبة توازن قوى»، فيما تضع مصادر «الاشتراكي» الأمر في «خانة مراعاة التباينات» وكل ما يخدم معركة التحدي الوجودي في البلاد التي نخوضها في وجه الطرف الثاني المتمثل بـ«حزب الله» والتيار الوطني الحر (المؤيد لرئيس الجمهورية ميشال عون) الذي يحاول الأطباق على السلطة.
في المقابل، تؤكد مصادر متابعة للمفاوضات الانتخابية في البقاع الغربي لـ«الشرق الأوسط» أن عدم التحالف جاء نتيجة رفض القرعاوي التحالف مع «القوات» واتجاهه للبحث عن شخصية مارونية مستقلة في المنطقة لضمها إلى اللائحة، ووقع الخيار على جهاد الزرزور، قريب النائب في تيار المستقبل، هنري شديد، إضافة إلى مرشح الجماعة الإسلامية، علي أبو ياسين، وغسان سكاف (من الطائفة الأرثوذكسية) وعباس عيدي (شيعي).
ومع المعلومات التي أشارت إلى جهود وصلت إلى حد الضغوط لسحب الزرزور والتوصل إلى حل يقضي باختيار مرشح يرضي «القوات» والاشتراكي» والقرعاوي وباءت جميعها بالفشل، ترفض مصادر «القوات» الحديث عن التفاصيل، وتقول «المهم أننا نحن والاشتراكي في صف واحد في المعركة السيادية الكبرى. وفي الانتخابات يحق لكل طرف البحث عن مصلحته»، مع تأكيدها أن «القوات» تعمل على تشكيل لائحة في البقاع الغربي، وبات محسوما منها اسمين هما داني خاطر وجورج عبود. وتقول «القرعاوي لا يمثل كل الطائفة السنية في البقاع الغربي، وللقوات حلفاء أيضاً في المنطقة من السنة وسيكون لنا منهم مرشحان في اللائحة»، فيما تشير المعلومات إلى أنه سيكون من الصعب على «القوات» تشكيل لائحة مكتملة لصعوبة توفر مرشحين من الطائفتين الدرزية والشيعية، علما بأنه وفق المصادر، فإن ضغوطا مورست من قبل «الثنائي الشيعي» (حزب الله وحركة أمل)، في المنطقة لعدم ضم شخصية شيعية قوية ضمن لائحة «الاشتراكي - القرعاوي».
مع العلم ورغم إصرار «القوات» على تشكيل لائحتها في البقاع الغربي فهي تواجه تحديا في الشارع السني وتحديدا ممن يعتبرون في دائرة «المستقبل»، الذين يرفضون التحالف معها وهو ما ظهر جليا يوم أول من أمس عبر انسحاب منسق المستقبل السابق في البقاع الغرب من اللائحة التي كانت تجمعه مع «القوات» بعد ساعات قليلة على تسجيلها في وزارة الداخلية.
وتضم دائرة البقاع الغربي، أو ما تعرف بالبقاع الثانية، 6 مقاعد وهي، مقعدان من الطائفة السنية وأرثوذكسي وماروني ودرزي شيعي، ويخوض معركتها إضافة إلى لائحتي القوات والقرعاوي - الاشتراكي، اللائحة المدعومة من الثنائي الشيعي مع الوزير السابق حسن مراد و«التيار الوطني الحر» ونائب رئيس البرلمان إيلي الفرزلي، إضافة إلى المجتمع المدني الذي أعلن إحدى لوائحه، ومن المتوقع أن تعلن أخرى في الأيام القليلة المقبلة.
ويفترق «الاشتراكي» و«القوات» في الدوائر الأخرى التي يخوضان المعركة الانتخابية فيها، كما هي حال دائرة طرابلس في الشمال، حيث يتنافسان كل منهما في لائحة، فاجتمعت «القوات» مع الوزير السابق أشرف ريفي، فيما اختار «الاشتراكي» اللائحة التي يدعمها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، عبر مرشحته عفراء عيد، وتضم اللائحة أيضاً عدداً من الأسماء منهم ابن النائب محمد كبارة، كريم، وابن النائب الراحل جان عبيد والنائب الحالي علي درويش.
وفي بيروت الثانية يخوض «الاشتراكي» المعركة عبر النائب فيصل الصايغ ضمن اللائحة التي يرأسها الوزير السابق خالد قباني المدعومة من رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، فيما اختارت «القوات» التي لا تملك مرشحا في الدائرة أن تدعم ميشال فلاح، (المقعد الأرثوذكسي) المرشح أيضاً على نفس اللائحة.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.