لا يزال تاريخ الحياة الاجتماعية يغوي الدراما السعودية في رمضان، مع ما يحمله من ملفات شيقة تتناول نمط المعيشة آنذاك، ومرحلة الطفرة النفطية والنهضة العمرانية ومآلات ذلك على حياة الأفراد.
والممثل السعودي عبد الإله السناني من نجوم هذه الدراما، فهو بطل مسلسل «الزاهرية»، ومن أبطال مسلسل «العاصوف» الذي يترقبه المشاهدون هذا العام بجزئه الثالث، وكلاهما يعرض في شهر رمضان.
يتحدث السناني لـ«الشرق الأوسط» في أثناء تصويره المشاهد الأخيرة لمسلسل «الزاهرية»، الذي استمر تصويره عشية دخول رمضان، مبيناً أنّه عملٌ يتناول حقبة زمنية تبدأ عام 1978، في قرية اسمها الزاهرية، بعيدة عن مدينة الرياض، ويقدم فيها شخصية «شامان»، موضحاً أنّ القرية ستشهد العديد من الصراعات الاجتماعية، مع بداية النهضة وما رافقها من التثمين الحكومي وإعادة التخطيط ودخول التلفزيون وإنشاء مدرسة لتعليم البنات.
وأشار السناني إلى الصراع داخل القرية في البحث عن السيادة وملامح التطور من خلال زيارة مدينة الرياض، وإرسال أحد أبنائها للدراسة هناك، وانعكاس ذلك على مجتمع القرية. ويوضح أنّ ما سيعرض هو الجزء الأول من مسلسل «الزاهرية»، مع احتمالية تقديم جزء ثانٍ في رمضان المقبل، إذ إنّ العمل سيتطور وينتقل إلى فترة زمنية أخرى، على أن تمتد كل فترة لنحو عامين أو ثلاثة، مبيناً أنّ العمل يجمع نجوماً من الشباب إلى جانب جيل الرواد.
السناني في «برومو» مسلسل «العاصوف 3»
- محسن الطيّان
ويترقّب المشاهدون الجزء الثالث من مسلسل «العاصوف»، وما تؤول إليه أحوال عائلة الطيّان، التي يعد السناني من أبرز أبنائها بشخصية «محسن الطيّان»، الذي كان رجلاً غيوراً وانتهازياً ومتوسط الدخل في الجزأين الماضيين، وبسؤاله عن جديد هذه الشخصية، خاصة بعد ظهوره في «برومو» العمل وهو يتكلم بجشع عن جمع المال، يقول، إنّ «محسن الطيّان يبحث عن الغنى بطرق ملتوية، وفيها ذكاء، وسيصبح شيئاً ما في العمل». ويردف، أنّ «محسن في الجزء الثالث سيكون هو المفاجأة، فهناك نقطة سيصل إليها لم يتصور أحد أنّ هذا الرجل سيصل إليها في يوم ما. فهو سيغطي على الجميع؛ وسيصبح شخصاً آخر مختلفاً تماماً. وهناك خط جديد بالكامل، وأعتقد أنّه سيمثل صدمة للمشاهد، صحيح أنّ تركيبة الشخصية لم تتغير، لكنّها ستظهر من زاوية مختلفة، وسنراه يسلك طريقه ويصل لمبتغاه».
- تقاطع «الزاهرية» و«العاصوف»
وبسؤاله عن مدى تقاطع «الزاهرية» مع «العاصوف» الذي تناول بجزأيه الماضيين حقبتي السبعينات والثمانينات في مدينة الرياض، يؤكد الاختلاف التام بينهما، مبيناً أنّ في «العاصوف» كان التركيز على الأم وأنّها عمود الأسرة، بينما في «الزاهرية» يجد المشاهد الأسرة التي يحكمها الأب في قرية داخل حارة يمتلكها شخص متسلط يبحث عن السيادة ويعمل في التجارة، ويسيطر على هذه القرية، إلى جانب الصراع بين إخوته وأبنائه، وعلاقات اجتماعية تتناول ما يتعلق بظروف القرية في تلك المرحلة، مثل تعدد الزوجات وغيرها.
ويشير السناني إلى الاختلاف في مكان التصوير أيضاً، حيث يتناول «العاصوف» الرياض كمدينة بما فيها من سيارات ومبانٍ إسمنتية، ونمط معيشة حديث يتعلق بشؤون العقار والابتعاث للخارج، بينما في «الزاهرية»، فمن النادر أن تكون هناك سيارة في القرية، حيث تنتشر بيوت الطين والنخل والمواشي، في منطقة زراعية تجعل المسلسل يقدم لمحة تاريخية عن القرى التي كانت موجودة في تلك الحقبة.
لكن ألم يخف السناني من أن يتسبب ظهوره في عملين يتناولان الماضي بتشتيت المشاهد في رمضان؟ يجيب: «صحيح، بيد أنّ ميزة (العاصوف)، خروجه بجزأين، وبالتالي تشبع المشاهد منه، إلى جانب أنّ الجزء الثالث يتناول عصراً حديثاً نوعاً ما، ويتكلم عن الفترة من عام 1990 إلى 1995، وهي فترة قريبة، وأيضاً تغيّر شكل المسلسل إلى حد كبير، بينما في (الزاهرية) كأننا نعود لمرحلة ما قبل الجزء الأول من (العاصوف)».
ويضيف السناني: «اعتدت أن أقدم عملاً واحداً في السنة؛ لكنّ (الزاهرية) جاءني بعد (العاصوف)، تحديداً قبل أربعة أشهر من الآن، وتحمّست له كثيراً، خاصة أنّه للكاتبة أمل الفاران، ومن إخراج المخرج سائد بشير الهواري».
يعد مسلسل «الزاهرية» أول وأضخم إنتاج من نوعه لهيئة الإذاعة والتلفزيون في السعودية. ويتناول المورث الثقافي بجميع أشكاله، سواء في البيوت أو الملابس وكذلك بالفنون الشعبية من رقص وغناء وعروض، ما دفع السناني لتقديم شكره للهيئة على الدعم الكامل والكبير لهذا العمل.
- نوستالجيا الدراما الرمضانية
مع كثرة الأعمال التي تثير لدى المشاهد مشاعر الحنين إلى الماضي، تبرز حالة النوستالجيا في دراما رمضان، فكيف يرى السناني ذلك؟ يجيب: «يعتمد التلفزيون على شرائح. وشريحة كبيرة تشاهد الأعمال الكوميدية وهي في معظمها من الشباب. وهناك شريحة أخرى كبيرة جداً تؤمن بالموروث وبالعودة إلى الماضي. وبالتالي نحن أمام أنماط عدة من المشاهدين في رمضان، والقنوات التلفزيونية تحاول إرضاء الشرائح كافة».
ويرى السناني أنّ ظهور مسلسل «العاصوف»، قد شكّل حالة مختلفة للدراما السعودية آنذاك، ما دفع الكثيرين لتقليده في بداية عرض الجزء الأول. ويضيف: «أنا مؤمن بأهمية الموروث لتأصيل الهوية، وتأصيل العمل الدرامي السعودي، وإعطاء بصمة واضحة للدراما السعودية في العالم العربي»، معتبراً أنّ العودة للموروث المحلي وتقديمه في الدراما من شأنه خلق تأثير واسع الانتشار للأعمال السعودية.