ويليامز تواصل مشاوراتها لإقرار قاعدة دستورية للانتخابات الليبية

أعضاء «الدولة» يدعون إلى تسليم السلطة لحكومة باشاغا الجديدة

رئيس حكومة «الوحدة» الليبية ووزيرة خارجيته خلال زيارته لمقر الوزارة في طرابلس (وزارة الخارجية)
رئيس حكومة «الوحدة» الليبية ووزيرة خارجيته خلال زيارته لمقر الوزارة في طرابلس (وزارة الخارجية)
TT

ويليامز تواصل مشاوراتها لإقرار قاعدة دستورية للانتخابات الليبية

رئيس حكومة «الوحدة» الليبية ووزيرة خارجيته خلال زيارته لمقر الوزارة في طرابلس (وزارة الخارجية)
رئيس حكومة «الوحدة» الليبية ووزيرة خارجيته خلال زيارته لمقر الوزارة في طرابلس (وزارة الخارجية)

واصلت المستشارة الأممية الخاصة لدى ليبيا، ستيفاني ويليامز، الترويج لمبادرتها الرامية إلى تحقيق توافق بين مجلسي النواب و«الدولة» بشأن الانتخابات المؤجلة، على الرغم من إعلان أعضاء في مجلس الدولة رفضهم لما وصفوه بـ«سياسة مسك العصا من المنتصف»، التي تنتهجها البعثة الأممية، حسب قولهم.
واعتبرت ويليامز في حوار «رقمي» مع عدد من السياسيين الليبيين، مساء أول من أمس، أن أولوية الأمم المتحدة الآن «هي مساعدة الليبيين في إجراء انتخابات ذات مصداقية في أقرب فرصة ممكنة، بناءً على قاعدة دستورية متينة وإطار انتخابي»، مشيرة إلى شعور كثير من المواطنين «بخيبة أمل مريرة من تأجيل الانتخابات»، التي كانت مقررة نهاية العام الماضي.
وأعربت ويليامز عن أملها في عقد اجتماع لممثلي مجلسي النواب والدولة قريباً، رغم غياب مجلس النواب عن المشاورات، التي جرت مؤخراً في تونس مع ممثلي مجلس الدولة.
وبعدما اعتبرت أن «الباب لا يزال مفتوحاً على الدوام لأي وساطة تيسرها الأمم المتحدة»، أكدت ويليامز أن الانتخابات «لا تزال تحتل الصدارة في أولويات الشعب الليبي، والدليل على ذلك أن 2.8 مليون ليبي تسجلوا للتصويت»، داعية إلى الحفاظ على سير عجلة المسار الأمني، ودعم الحفاظ على وقف إطلاق النار لإبعاد اللجنة العسكرية المشتركة عن الاضطرابات والتقلبات السياسية.
كما أعلنت استمرار دعم المنظمة الدولية للمؤسسات الليبية لتنفيذ الإصلاحات والمساعي الاقتصادية، بما في ذلك إعادة توحيد مصرف ليبيا المركزي، ومراجعة الإنفاق والتوزيع من الميزانية، بالإضافة إلى تقديم الدعم، بالتعاون مع المؤسسة الوطنية للنفط وغيرها من المؤسسات بهدف إعادة تدفق النفط، والحفاظ على مستوياته دون انقطاع أو استغلال.
لكن أعضاء في مجلس الدولة أعلنوا في بيان مشترك، مساء أول من أمس، رفضهم لما وصفوه «سياسة مسك العصا من المنتصف من قبل البعثة الأممية»، وترك المشهد السياسي رهين سياسات الأمر الواقع، الذي يؤدي لرجوع الحوار إلى الخلف. وطالبوا بدعم قرار تعيين الحكومة الجديدة، برئاسة فتحي باشاغا، لتسلم مهامها داخل العاصمة طرابلس، وبسط سيطرتها على كامل التراب الليبي، كما طالبوا باستئناف الحوار مع مجلس النواب لإتمام باقي بنود خريطة الطريق.
في غضون ذلك، أكد عبد الحميد الدبيبة لدى تفقده، مساء أول من أمس، مقر وزارة الخارجية في طرابلس ضرورة دعم السفارات الليبية في الخارج وحل كل مشاكلها، وإحالة مخصصاتها، وضرورة انتظام مرتباتهم بالخارج، وشكر العاملين بالوزارة على نجاحهم في تنظيم مؤتمر «استقرار ليبيا»، الذي يتم تنظيمه لأول مرة داخل ليبيا خلال السنوات العشر الماضية.
وطبقاً لبيان حكومي، فقد وضعت وزيرة خارجية «الوحدة»، نجلاء المنقوش، الدبيبة في صورة الصعوبات التي تواجه السفارات الليبية في الخارج، والتي تحتاج حسبها إلى وقفة جادة لمعالجة أوضاعها، كما عرضت التحديات التي تواجه الوزارة والسفارات الليبية في الخارج.
وخلال اللقاء، أكد الدبيبة أهمية التكاتف لتفعيل الإدارة المحلية «لأنها الحل لتوزيع الثروة لليبيين، ومحاربة المركزية والقضاء عليها»، واعتبر خلال اجتماعه مساء أول من أمس مع عمداء البلديات أن نقل الاختصاصات، وتفعيل الإيرادات المحلية، وتوزيع ميزانية التنمية على البلديات، كل ذلك «سيسهم في تفعيل الإدارة المحلية».
وقال بيان للحكومة إن الدبيبة تابع نتائج اجتماع المجلس الأعلى للإدارة المحلية، والإجراءات المتخذة لتنفيذ توصياته، بينما أوضح وزير الحكم المحلي أن الحكومة «بادرت بتمكين البلديات من اختصاصاتها، وفق قانون الإدارة المحلية، لكن ما زال العمل مستمراً لاستكمال باقي الاختصاصات».
من جانبه، التقى رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح، وكيل وزارة الداخلية فرج اقعيم، أول من أمس، رفقة مديري الإدارات والضباط بالمعهد العالي للضباط في المنطقة الشرقية بوزارة الداخلية. وقال المكتب الإعلامي لرئيس المجلس إنه شدد على ضرورة توفير كل الإمكانات للرفع من قدرات الضباط، وضباط الصف، وجنود المؤسسة الشرطية، وذلك لأداء مهامهم التي تتطلب قدراً عالياً من الانضباط، والعمل المحترف.
ونقل المكتب الإعلامي عن صالح تأكيده أن مكونات الداخلية كافة «يحظون بالثقة الكاملة من أبناء المجتمع الليبي، الذين يرى فيهم السد المنيع، ويتحقق بمجهوداتهم العيش الكريم، وتُصان بهم سيادة الوطن». كما ثمن كل المجهودات المبذولة من أجل الرقي بمستوى المؤسسة الشرطية والرفع من كفاءتها. وشدد صالح على ضرورة دعم الأجهزة الشرطية، باعتبارها «الرادع الأول للجريمة والسد المنيع، الذي يذود عن الأرض والعرض، ويحمي المواطن وممتلكاته». وفي نهاية اللقاء، كرم وكيل وزارة الداخلية رئيس مجلس النواب لدعمه المتواصل للمؤسسة الشرطية للقيام بكل مهامها على أكمل وجه.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.