زادت حدة التوتر في إقليم دارفور السوداني، بعد أن تزايدت حالات العنف فيه، وهو ما دفع السلطات إلى إصدار أوامر للسلطات بحسم الانفلات الأمني عسكرياً، وإشراك الطيران العسكري لضرب أي تجمعات، يشتبه في أنها مظاهر لانفلات أمني، في الإقليم الذي يشهد حالة من الاحتراب منذ انسحاب قوة حفظ السلام الدولية من البلاد.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية «سونا»، أمس، أن نائب رئيس مجلس السيادة، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، الذي يقود قوات «الدعم السريع»، أصدر توجيهاته لسلطات الأمن في ولاية «جنوب دارفور» بحسم ما أطلق عليه «الاعتداءات القبلية» عسكرياً، و«الضرب بيد من حديد على كل من يتجاوز القانون»، حسب تعبير الوكالة.
ووجه دقلو حاكم الولاية المكلف، حامد محمد التجاني، ولجنة أمن الولاية، بتفريق ومنع أي تجمعات قبلية بالقوة العسكرية، وتطبيق قانون الطوارئ فوراً من أجل حسم الصراعات القبلية بجنوب دارفور.
وتبعاً لهذه التوجيهات، كشفت السلطات الأمنية بالولاية عن وصول «طيران عسكري» إلى مناطق الاقتتال القبلي بين الرزيقات والفلاتة، جنوب مدينة نيالا حاضرة الولاية.
وذكرت لجنة الأمن في الولاية أنها أصدرت تعليماتها للقوات العسكرية بالتعامل مع أي تجمعات في تلك المناطق بالحسم، وحذرت المواطنين من أي تجمعات في المناطق، التي تشهد حالة من التوتر، ودعتهم للابتعاد عن التجمع في المناطق المحددة.
ولم تتوقف المناوشات والعنف القبلي، الذي تتهم قوات حكومية بالضلوع فيه، مند أن شهدت ولاية جنوب دارفور، الأسبوع الماضي، نزاعاً قبلياً بين قبيلتي الفلاتة والرزيقات، أدى إلى مقتل نحو 45 شخصاً بين الطرفين.
وحسب مصادر صحافية، فإن النزاع نشب إثر مقتل ضابط بقوات الدعم السريع برتبة الملازم، كان قادماً من مناجم الذهب على الحدود مع دولة أفريقيا الوسطى المجاورة، بعد أن أطلق عليه مسلحون النار فأردوه قتيلاً، ونهبوا سلاحه وأمواله.
وقالت الولاية، في بيان، إن السلطات حركت قوة مشتركة من الشرطة والقوات المسلحة والدعم السريع لتقفي آثار الجناة، وأوصلتها إلى منطقة توجد بقبيلة الفلاتة، قبل أن تلحق بهم مجموعة من ذوي القتيل، بيد أن الأطراف لم تصل إلى نتائج عبر التفاوض، ما أدى لاشتباك المجموعتين في معارك أدت لعدد كبير من القتلى والجرحى، ولا تزال احتمالات تجددها متوفرة.
ومنذ عام 2003 يشهد إقليم دارفور السوداني حالة من الاقتتال بين القوات الحكومية، وحركات مسلحة متمردة، خلفت أكثر من 300 ألف قتيل، حسب إحصائيات أممية، ووجهت اتهامات للحكومة بالتسبب في النزاع، ونتيجة لذلك يواجه عدد من قادة نظام الإسلاميين السابق، على رأسهم الرئيس المعزول عمر البشير، وعدد من معاونيه المحبوسين في السجون السودانية، مذكرات قبض بتهم تتعلق بالإبادة الجماعية وجرائم الحرب، وجرائم ضد الإنسانية.
وبناءً على تلك الحرب، كونت الأمم المتحدة واحدة من أكبر بعثات حفظ السلام في العالم، وهي البعثة المشتركة لحفظ السلام في دارفور (يوناميد). بيد أنها انسحب بنهاية تفويضها في 31 ديسمبر (كانون الأول) 2020، لكن السلطات السودانية لم تفلح في إيقاف الاقتتال الذي توجه اتهامات لها بضلوع بعض جنودها فيه.
ولم يتوقف الاقتتال بين الأفرقاء في دارفور، حيث تحول إلى صراع بين المجموعات الإثنية، التي تتهم أطرافاً عسكرية حكومية بالضلوع فيها، وإسناد عرقياتهم في القتال القبلي، والصراع على الموارد.
كما لم تفلح اتفاقية سلام جوبا، الموقعة بين الحركات المسلحة التي كانت تقاتل الحكومة السودانية في دارفور، والتي تشارك في الحكومة الحالية بمناصب رفيعة، في وقف نزيف الدم في الإقليم المضطرب، بل تذهب إلى أن الوضع الأمني تفاقم بسبب الصراعات بين موالين لهذه الحركات على الموارد، على وجه الخصوص الذهب، والتنافس عليها بينها وبين السكان المحليين وقوات الدعم السريع.
الحكومة السودانية توجه بحسم النزاعات القبلية في دارفور... عسكرياً
الحكومة السودانية توجه بحسم النزاعات القبلية في دارفور... عسكرياً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة