تضارب الروايات حول عملية اعتقال نجل قائد سابق لـ«صحوة الأنبار»

وسط اتهامات لرئيس البرلمان باستثمار نفوذه لضرب خصومه

TT

تضارب الروايات حول عملية اعتقال نجل قائد سابق لـ«صحوة الأنبار»

تضاربت الروايات الواردة من محافظة الأنبار (240 كيلومتراً) غربي العاصمة بغداد، بشأن محاولة اعتقال سطام أبو ريشة، نجل قائد قوة «صحوة الأنبار» السابق الشيخ القبائلي عبد الستار أبو ريشة الذي اغتاله تنظيم «القاعدة» مطلع سبتمبر (أيلول) 2007، بعد قيامه بمواجهة شرسة مع التنظيم في أبرز معاقله آنذاك.
وفي حين تقول مصادر، إن قوة أمنية طوقت منزل سطام أبو ريشة لاعتقاله وفقاً لأوامر قضائية، وإن الأخير رفض تسليم نفسه، تؤكد مصادر أمنية أخرى إلقاء القبض على عمه مجيد أبو ريشة من دون أن تحدد أسباب ذلك.
وتتداول مواقع خبرية عديدة مذكرة قبض بحق نجل أبو ريشة صادرة عن محكمة تحقيق الرمادي (مركز المحافظة) نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي وفق المادة 210 من قانون العقوبات الخاصة بالمخالفات المتعلقة بإنشاء الشركات والمشاريع الخاصة، وليس من الواضح ما إذا كانت هذه المذكرة هي وراء محاولة إلقاء القبض على أبو ريشة أمس أم مذكرة غيرها.
وتقول مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط»، إن «حالة الصراع والتنافس بين القيادات والزعامات التقليدية والعشائرية في الأنبار مسألة شائعة وقديمة، واليوم يتكرر الأمر وخاصة بين أبو ريشة ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي».
ويرى المصدر الذي يفضل عدم الإشارة إلى اسمه، أن «الأمر يتعلق بخلافات عميقة بين أبو ريشة ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي الذي بات من بين أبرز الشخصيات النافذة في محافظة الأنبار». ويميل إلى الاعتقاد أن الحلبوسي ربما «مارس ضغوطاً على القضاء وأجهزة الأمن المحلية لإصدار أوامر القبض وتنفيذها».
ويؤكد المصدر، أن «عملية مداهمة المنزل جاءت بعد الاتفاق على وقفة احتجاجية (اليوم الجمعة) في منزل أبو ريشة تستهدف النيل من انتقاد عمليات الفساد المستشري في المحافظة وتوجيه انتقادات للحلبوسي».
وكان عدد غير قليل من الناشطين في الأنبار اشتكوا في السنوات الأخيرة من أنهم غير قادرين على توجيه انتقادات علنية إلى رئيس البرلمان وبعض القادة السياسيين من دون أن تطالهم مذكرات قبض واعتقال.
ويبدو من خلال المواقف والتغريدات التي أطلقها أبو ريشة مؤخراً حجم الخلاف بينه وبين الحلبوسي. وفي تغريدة كتبها أبو ريشة، السبت الماضي، دعا فيها النواب المستقلين في البرلمان إلى عدم حضور جلسة المجلس المقرر لاختيار منصب رئيس الجمهورية؛ لأن حضورهم، طبقاً للتغريدة «سيعطي شرعية إلى المتاجرين بدماء شهدائنا وجراحنا وسيمكّن قيادات الإرهاب السياسي والذين ينتحلون صفة ممثلي المكون وهم من قتل وهجّر المكون، من العبث بمقدراتنا». وفي التغريدة إشارة شبه صريحة إلى تحالف «السيادة» الذي يتزعمه رئيس البرلمان محمد الحلبوسي المتحالف بدوره مع تيار الصدر والحزب «الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود البارزاني.
ويظهر من خلال المواقف التي يطلقها أبو ريشة، أنه أقرب من حيث التحالف والتأييد إلى مواقف قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، ويظهر كذلك أنه يستند في إطار خصومته السياسية مع محمد الحلبوسي إلى بعض القوى والفصائل المسلحة الشيعية النافذة في الأنبار، حيث تؤكد مصادر من هناك أن قوة مسلحة من «كتائب حزب الله» وصلت إلى منزل أبو ريشة وحالت دون عملية اعتقاله. وفي منصة «تويتر» نشطت، أمس، جماعات قريبة من الفصائل الموالية لإيران في الدفاع عن أبو ريشة ومهاجمة الحلبوسي.
وليس من الواضح ما هي الخطوة التالية التي سيقدم عليها كل من الخصمين، أبو ريشة والحلبوسي، في إطار خصومتهما السياسية وما هي الوسائل التي سيعمدان إليها لحسم الصراع. وتبدو خصومة الرجلين غير بعيدة عن الصراع المحتدم على السلطة في بغداد بين القوى السياسية.



لا موعد لعودة هوكستين ولا مكان للتقدم لتطبيق الـ1701

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
TT

لا موعد لعودة هوكستين ولا مكان للتقدم لتطبيق الـ1701

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)

الترويج لمعاودة الوسيط الأميركي آموس هوكستين تحركه بين بيروت وتل أبيب للتوصل لوقف النار يبقى في إطاره الإعلامي، ما دام رئيسا المجلس النيابي نبيه بري وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لم يتبلغا بموعد عودته ولا بتحقيق بعض التقدم في زيارته الأخيرة لإسرائيل، وإلا فلماذا اضطر للعودة إلى واشنطن بدلاً من أن يعرج على بيروت لإطلاعهما على الأجواء التي سادت اجتماعه برئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو؟

وتقول مصادر سياسية إن مواصلته للوساطة الأميركية بين لبنان وإسرائيل للتوصل إلى وقف للنار تمهيداً لنشر الجيش اللبناني، إلى جانب قوات الطوارئ الدولية «يونيفيل» في جنوب الليطاني لتطبيق القرار الدولي 1701 بعد الاتفاق على آلية تنفيذه، تبقى عالقة على نتائج السباق الرئاسي إلى البيت الأبيض بين الرئيس السابق دونالد ترمب ومنافسته كامالا هاريس، والتي ستظهر تدريجياً في الساعات المقبلة.

وساطة هوكستين وسباق الرئاسة الأميركية

وتؤكد مصادر سياسية لبنانية لـ«الشرق الأوسط» أن مصير الوساطة التي يتولاها هوكستين لنزع فتيل التفجير بين إسرائيل و«حزب الله» يتوقف على من سيحسم السباق الرئاسي الأميركي. وتقول إن انتخاب هاريس من شأنه أن يسهّل مهمته ويتيح له الاستقواء بوصولها إلى البيت الأبيض على نحو يمكّنه من وضع حد للابتزاز الذي يمارسه نتنياهو؛ لأنه سيكون في وسعها الاستعانة بالرئيس الحالي جو بايدن لوضع تطبيق الـ1701 على نار حامية، حتى قبل أن تبدأ ممارسة صلاحياتها الرئاسية في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، هذا في حال أنها حسمت أمرها وقررت إخراج الوساطة من المراوحة، أسوة بتلك التي أصابت مفاوضات غزة.

وترى المصادر ذاتها أن فوز ترمب بالرئاسة قد يؤدي إلى تمديد أمد المراوحة التي يحاول نتنياهو الإفادة منها لمواصلة تدمير القرى الأمامية التي لم تعد صالحة للإقامة فيها.

فوز ترمب يمدد فترة تفلت نتنياهو

وتخشى المصادر نفسها أن انشغال ترمب في تشكيل إدارته بالبيت الأبيض سيؤدي حتماً إلى تمديد فترة «السماح» لنتنياهو لترتيب الوضع في القرى الأمامية الحدودية، ولكن على طريقته، بما يمكّنه من انتزاع موافقة الحكومة اللبنانية للتسليم بتفسيره لتطبيق القرار الدولي استباقاً لإعادة ترتيب الوضع في المنطقة، آخذاً بعين الاعتبار إطباق الحصار على إيران والقضاء على أذرعها، بدءاً بـ«حزب الله»، بقطع كل أشكال الإمداد العسكري والمالي له، بالتلازم مع استهدافه للبنية الاقتصادية، ليس للحزب فقط، وإنما للطائفة الشيعية، وهذا ما يفسّر تدميره للأسواق والمصانع والمؤسسات والمرافق الحيوية التي لا غنى عنها للنهوض مجدداً بهذه المناطق.

وفي هذا السياق، تسأل المصادر عمّا إذا كان وصول ترمب يشكل محطة لاختبار مدى جديته بإنهاء الحروب، بدءاً بإعادة الهدوء المستدام إلى الجنوب، انسجاماً مع وعوده التي قطعها في لقاءاته مع الاغتراب اللبناني. فهل يضغط على إسرائيل لتطبيق الـ1701 بكل مندرجاته؟

استعصاء نتنياهو

وتستغرب المصادر السياسية وضع اللائمة على لبنان بتحميله مسؤولية إضاعته للفرص التي أتيحت لتطبيق الـ1701، وتقول إن نتنياهو هو من يستعصي ويتمرّد على الإدارة الأميركية برفضه التجاوب مع الإطار العام الذي اتفق عليه هوكستين مع بري لتسهيل تنفيذ القرار، وذلك بمطالبته بإدخال تعديلات عليه غير قابلة للتنفيذ، من وجهة النظر اللبنانية، كونها تجيز له استمرار تحليق الطيران الحربي والاستطلاعي في الأجواء اللبنانية، وتعطيه الحق بالتوغل في منطقة جنوب الليطاني ولو من باب الشبهة، بذريعة أن هناك من يعدّ لتحرك يراد منه تهديد أمن إسرائيل.

وتكشف المصادر عن أن هوكستين كان قد أبلغ مسؤولين لبنانيين، وهو في طريقه إلى تل أبيب للقاء نتنياهو، أن الأجواء إيجابية وتفتح الباب أمام التوصل لوقف النار. وتقول إنه تحدث لاحقاً عن حصول تقدُّم بقي إعلامياً، مع أنه، كما نُقل عنه، أمهل نتنياهو بعض الوقت نزولاً عند رغبته، ما أوحى له بأن للبحث صلة على طريق إنهاء الحرب.

نتنياهو يسعى لترتيبات أمنية

لكن، تبين بحسب المصادر أن لا أساس للتقدم الذي تحدث عنه هوكستين، وإلا فلماذا يوسع نتنياهو تدميره وحرقه للقرى؟ ما يدعو للتساؤل عمّا إذا كان يود خوض المفاوضات على طريقته، وتحت النار، للضغط على لبنان للتسليم له بإدخال «ترتيبات أمنية» على الـ1701، يمكن أن تسمح له بتفريغه من مضامينه، مع أن لبنان أقر بأن لا مفر من تطبيقه على قاعدة الاعتراف بالاستعداد للدخول في مرحلة سياسية جديدة غير تلك القائمة حالياً، وأدت إلى تعطيل تنفيذ القرار.

وترى المصادر أنه لم يعد من مبرر للربط بين جبهتي غزة والجنوب، وأنه لا بد من الفصل بينهما لعدم توفير الذريعة لنتنياهو للتفلت من وقف حربه على لبنان بتطبيق الـ1701، مع أنه لم يكن من ضرورة لإسناد «حزب الله» لغزة، الذي شكل بتفرُّده بقرار السلم والحرب إحراجاً للحكومة عربياً ودولياً، باعتبارها صاحبة الصلاحية في اتخاذه، فيما افتقد الحزب إلى من يناصره، بخلاف وحدة الساحات التي يدعو لها محور الممانعة بقيادة إيران، وهذا ما ألقى عليه عبء المواجهة منفرداً.