ألمانيا تتأهب بـ«خطة طوارئ» لفقدان الغاز الروسي

ترحيب بالخطوة الاحترازية... وتوقعات بـ«عواقب وخيمة»

فعّلت ألمانيا المستوى الأول من خطتها الطارئة لضمان إمداد الغاز الطبيعي في مواجهة التهديد بتوقف الإمدادات الروسية (رويترز)
فعّلت ألمانيا المستوى الأول من خطتها الطارئة لضمان إمداد الغاز الطبيعي في مواجهة التهديد بتوقف الإمدادات الروسية (رويترز)
TT

ألمانيا تتأهب بـ«خطة طوارئ» لفقدان الغاز الروسي

فعّلت ألمانيا المستوى الأول من خطتها الطارئة لضمان إمداد الغاز الطبيعي في مواجهة التهديد بتوقف الإمدادات الروسية (رويترز)
فعّلت ألمانيا المستوى الأول من خطتها الطارئة لضمان إمداد الغاز الطبيعي في مواجهة التهديد بتوقف الإمدادات الروسية (رويترز)

أعلنت ألمانيا، الأربعاء، «إنذاراً مبكراً» وفعّلت المستوى الأول من خطتها الطارئة لضمان إمداد الغاز الطبيعي في مواجهة التهديد بتوقف الإمدادات الروسية، كما أعلن وزير الاقتصاد.
وقال وزير الاقتصاد روبرت هابيك، في بيان، إن الإمدادات في مأمن في الوقت الراهن، وإن ألمانيا تراقب عن كثب تدفقات الإمدادات مع مشغلي السوق. مشيراً إلى أن «خلية أزمة شُكّلت الآن ضمن الوزارة للإشراف على الوضع»، في حين رفضت مجموعة السبع الطلب الروسي للمدفوعات بالروبل. وأضاف، أن هذه الخطة الطارئة تشمل ثلاثة مستويات إنذار، وفي هذه المرحلة «أمن الإمدادات» بالغاز تضمنه ألمانيا.
وبحسب الوزارة، يعني مستوى الإنذار المبكر، أن فريق الأزمات يجتمع في وزارة الاقتصاد، ويتألف الفريق من سلطات للدولة وشركات الطاقة. وفي هذا الإطار، تُلزم شركات الغاز ومشغلو خطوط أنابيب الغاز بتقديم تقييم للوضع على نحو دوري للحكومة الألمانية. ولا تتدخل الدولة في هذه المرحلة، حيث يتخذ تجار وموردو الغاز ومشغلو أنظمة النقل والتوزيع تدابير «قائمة على السوق» للحفاظ على إمدادات الغاز، والتي تشمل – بحسب الوزارة - المرونة فيما يتعلق بالمشتريات واللجوء إلى تخزين الغاز وتحسين تدفق الأحمال.
ووفقاً لخطة الطوارئ، هناك ثلاثة مستويات للأزمة. ويعني مستوى الإنذار المبكر، أن هناك «مؤشرات ملموسة وخطيرة وموثوقة» تشير إلى إمكانية وقوع حدث من المحتمل أن يؤدي إلى تدهور كبير في وضع إمدادات الغاز – ومن المحتمل أن يؤدي إلى إطلاق مستوى الإنذار أو الطوارئ. وفي مستوى الطوارئ، يكون هناك «انقطاع كبير» في إمدادات الغاز، ويتعين على الدولة في هذه الحالة أن تتدخل، على وجه الخصوص لضمان إمداد «العملاء المحميين» بالغاز - وهم المنازل والمستشفيات وفرق الإطفاء والشرطة.
وقال هابيك، إن الخزانات ممتلئة حالياً بنسبة 25 في المائة، مشيراً إلى أن وقف التسليم ستكون له «تداعيات خطيرة»، لكن ألمانيا «ستتمكن من مواجهتها». وتابع، أن «الغاز والنفط يصلان حالياً وفقاً للطلبيات»، و«الإجراء المتخذ اليوم هو مسألة وقائية».
وأصر الكرملين، الثلاثاء، على الدفع بالروبل مقابل الغاز الروسي الذي يتم تسليمه إلى أوروبا، رافضاً انتقادات مجموعة السبع التي وصفت الطلب بأنه غير مقبول. وقال ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين «لن يقوم أحد بتسليم الغاز مجاناً. هذا أمر مستحيل، لا يمكن الدفع إلا بالروبل». وقدمت الحكومة الروسية والبنك المركزي وشركة «غازبروم» الروسية العملاقة، الخميس، تقريراً إلى الرئيس فلاديمير بوتين حول إنشاء نظام الدفع بالروبل.
وقال الكرملين، الأربعاء، إن روسيا لن تطلب على الفور من الدول دفع ثمن الصادرات الروسية من الغاز بالروبل، ووعد بتحول تدريجي، مشيراً إلى أن روسيا يجب أن تعمل على فكرة توسعة قائمة صادراتها التي تسدد قيمتها بالروبل.
وكان فياتشيسلاف فولودين، رئيس مجلس النواب الروسي (الدوما)، قد حذر الاتحاد الأوروبي في وقت سابق من أنه إذا كان يريد الغاز الروسي فعليه دفع ثمنه بالروبل، وحذر من أن صادرات النفط والحبوب والمعادن والأسمدة والفحم والأخشاب قد تسعر كذلك بالعملة المحلية الروبل.
وكرر روبرت هابيك، الأربعاء، القول «لن نقبل أي مخالفة لعقود التسليم». والغاز الروسي مهم جداً للاتحاد الأوروبي الذي يسعى منذ بداية هجوم موسكو على أوكرانيا لإيجاد وسيلة لتخفيف هذا الاعتماد عليه.
ورحب ممثلو قطاع الطاقة في ألمانيا بالإنذار الذي أطلقته الحكومة، وقال الاتحاد الألماني لشركات الطاقة والمياه، إن هذه «خطوة مهمة». وقالت رئيسة الاتحاد، كيرستين أندريا «رغم عدم وجود نقص في الغاز حالياً، فإن جميع الأطراف المعنية في حاجة إلى خريطة طريق واضحة لحقوقهم والتزاماتهم في حالة تعطل الإمدادات».
لكن اتحاد غرف الصناعة والتجارة الألمانية حذّر مجدداً من «عواقب اقتصادية بالغة الخطورة» حال وقف إمدادات الغاز الروسي.
وقال رئيس الاتحاد، بيتر أدريان، في بيان أمس (الأربعاء) «حال توقف الواردات، سيطول الإغلاق، في المقام الأول، العديد من الشركات خلال الأشهر التالية لذلك»، مشيراً إلى أن جميع سلاسل القيمة ستتأثر سلباً.
وأعطى رئيس الاتحاد مثالاً للآثار بعيدة المدى لإغلاق بعض الشركات، مثل عدم تمكن شركة ما من إنتاج البلاستيك؛ ما يعني غياب هذا المنتج الأولي في تغليف المواد الغذائية أو المنتجات الطبية.
ويتوقع أدريان ارتفاعاً كبيراً في أسعار الكهرباء، والغاز، وقال «سيؤثر هذا أيضاً على الشركات التي تستخدم القليل من الغاز أو لا تستخدمه على الإطلاق - وهذا هو السبب في أن التأثير الاقتصادي سيكون أكثر خطورة مما يُفترض في كثير من الأحيان».
وفي الوقت نفسه، تبنى رئيس الوكالة الاتحادية الألمانية للشبكات مناشدة وزير الاقتصاد روبرت هابيك للمستهلكين والشركات القيام بدور في معالجة الانخفاض المحتمل في إمدادات الغاز، وذلك عبر تقليل الاستهلاك. وكتب رئيس الوكالة، كلاوس مولر، عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، أن الوكالة «تستعد لجميع السيناريوهات».
كما دعا «حكماء الاقتصاد» في ألمانيا المستهلكين إلى توفير الطاقة. وقالت مونيكا شنيتسر، العضوة بمجلس «حكماء الاقتصاد» الذي يقدم النصح للحكومة الألمانية فيما يتعلق بالشؤون الاقتصادية «يتعين على المواطنين الآن خفض استهلاكهم»، موضحة أنه يتعين على المواطنين الآن اللجوء إلى الاستخدام المشترك للسيارات والقيادة بسرعة أبطأ، واستخدام وسائل النقل العام قدر الإمكان.
كما خفض «حكماء الاقتصاد» على نحو كبير توقعاتهم بشأن النمو الاقتصادي هذا العام بسبب الحرب في أوكرانيا. ويتوقع مجلس «حكماء الاقتصاد» الآن نمواً في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.8 في المائة هذا العام، كما أعلن أنه من المتوقع تحقيق نمو العام المقبل بنسبة 3.6 في المائة... وبسبب ارتفاع أسعار الطاقة، من المرجح أن يرتفع التضخم إلى 6.1 في المائة هذا العام، وينخفض إلى 3.4 في المائة العام المقبل.
وقالت شنيتسر «تعتمد ألمانيا بشكل كبير على إمدادات الطاقة الروسية. وقف عمليات التوريد ينطوي على مخاطر انزلاق الاقتصاد الألماني إلى ركود أعمق وارتفاع أقوى في التضخم».


مقالات ذات صلة

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)
أوروبا رجل يلتقط صورة تذكارية مع ملصق يحمل صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقول: «لماذا نريد مثل هذا العالم إذا لم تكن روسيا موجودة فيه؟» (رويترز)

«فليحفظ الرب القيصر»... مؤيدون يهنئون بوتين بعيد ميلاده الثاني والسبعين

وصف بعض المؤيدين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ«القيصر»، في عيد ميلاده الثاني والسبعين، الاثنين، وقالوا إنه أعاد لروسيا وضعها، وسينتصر على الغرب بحرب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم جندي أوكراني يجلس داخل دبابة ألمانية الصنع من نوع «ليوبارد 2 إيه 5» بالقرب من خط المواجهة (أ.ف.ب)

هل انتهى عصر الدبابات «ملكة المعارك» لصالح الطائرات المسيّرة؟

رغم أن الدبابات ساعدت أوكرانيا في التقدم داخل روسيا، تعيد الجيوش التفكير في كيفية صنع ونشر هذه الآليات القوية بعد أدائها المتواضع خلال الفترة الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا بوتين يتحدث مع طلاب مدرسة في جمهورية توفا الروسية الاثنين (إ.ب.أ) play-circle 00:45

بوتين يتوعد الأوكرانيين في كورسك ويشدد على استمرار الحرب حتى تحقيق أهدافها

شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أن الهجوم الأوكراني في كورسك لن يوقف تقدم جيشه في منطقة دونباس، متعهداً بمواصلة العمليات الحربية حتى تحقيق أهداف بلاده.

رائد جبر (موسكو)

صفقات «جسري» السعودية تتخطى 9.3 مليار دولار

جانب من العاصمة السعودية الرياض (واس)
جانب من العاصمة السعودية الرياض (واس)
TT

صفقات «جسري» السعودية تتخطى 9.3 مليار دولار

جانب من العاصمة السعودية الرياض (واس)
جانب من العاصمة السعودية الرياض (واس)

أعلنت السعودية توقيع 9 صفقات استثمارية بقيمة تزيد على 35 مليار ريال (9.3 مليار دولار)، ضمن «المبادرة الوطنية لسلاسل الإمداد العالمية (جسري)»، لتعزيز الوصول إلى المواد الأساسية والتصنيع المحلي، بالإضافة إلى تمكين الاستدامة والمشاركة السعودية في سلاسل الإمداد العالمية.

ووفق بيان من «المبادرة»، اطلعت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، فإن المشروعات البارزة التي أُعلن عنها تشمل: مرافق صهر وتكرير، وإنتاج قضبان النحاس مع «فيدانتا»، ومشروعات التيتانيوم مع «مجموعة صناعات المعادن المتطورة المحدودة (إيه إم آي سي)» و«شركة التصنيع الوطنية»، ومرافق معالجة العناصر الأرضية النادرة مع «هاستينغز».

وتشمل الاتفاقيات البارزة الأخرى مصانع الألمنيوم نصف المصنعة مع «البحر الأحمر للألمنيوم»، إلى جانب مصنع درفلة رقائق الألمنيوم مع شركة «تحويل».

بالإضافة إلى ذلك، أُعلن عن استثمارات لصهر الزنك مع شركة «موكسيكو عجلان وإخوانه للتعدين»، ومصهر للمعادن الأساسية لمجموعة «بلاتينيوم» مع «عجلان وإخوانه»، إلى جانب مصهر للزنك، واستخراج كربونات الليثيوم، ومصفاة النحاس مع «مجموعة زيجين».

وهناك استثمار رئيسي آخر بشأن منشأة تصنيع حديثة مع «جلاسبوينت»، في خطوة أولى لبناء أكبر مشروع حراري شمسي صناعي في العالم.

يذكر أن «جسري» برنامج وطني أُطلق في عام 2022 بوصفه جزءاً من «استراتيجية الاستثمار الوطنية» في السعودية، بهدف طموح يتمثل في تعزيز مرونة سلاسل التوريد العالمية، من خلال الاستفادة من المزايا التنافسية للمملكة، بما فيها الطاقة الخضراء الوفيرة والموفرة من حيث التكلفة، والموقع الجغرافي الاستراتيجي.

ويهدف «البرنامج» إلى جذب استثمارات عالمية موجهة للتصدير بقيمة 150 مليار ريال بحلول عام 2030.

وخلال العام الماضي، تعاون «البرنامج» مع كثير من أصحاب المصلحة المحليين والعالميين لمتابعة أكثر من 95 صفقة بقيمة تزيد على 190 مليار ريال سعودي، تغطي أكثر من 25 سلسلة قيمة.