السيسي والبرهان يؤكدان التمسك باتفاق «قانوني ومنصف» لسد النهضة

مصر تدعم جهود السودان لـ {تحقيق الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي}

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان في القاهرة أمس (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان في القاهرة أمس (الرئاسة المصرية)
TT
20

السيسي والبرهان يؤكدان التمسك باتفاق «قانوني ومنصف» لسد النهضة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان في القاهرة أمس (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان في القاهرة أمس (الرئاسة المصرية)

توافقت مصر والسودان حول استمرار التشاور المكثف والتنسيق المتبادل بشأن تطورات ملف سد النهضة خلال الفترة المقبلة، وأكدا على الأهمية القصوى لقضية المياه بالنسبة للشعبين المصري والسوداني، باعتبارها مسألة أمن قومي، وتمسك البلدين بالتوصل إلى اتفاق قانوني عادل ومنصف وملزم لعملية ملء وتشغيل السد، بما يحقق المصالح المشتركة لجميع الأطراف. كما أكدت مصر ضرورة العمل المشترك على «ألا تؤثر التطورات الجارية على الساحة الدولية على جهود دعم السودان لتحقيق الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي في البلاد، وذلك في ظل الإدراك الكامل للظرف الدقيق الذي يمر به حالياً».
جاء ذلك خلال استقبال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، وفي أعقاب المباحثات أصدر الجانبان بياناً مشتركاً، أفاد بأن الجانبين «استعرض مجمل العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، حيث تم الإعراب عن الارتياح لمستوى التنسيق القائم بين الجانبين، مع تأكيد أهمية تعزيز العلاقات الاقتصادية، وزيادة التبادل التجاري بما يرقى إلى مستوى الزخم القائم في العلاقات السياسية والروابط التاريخية، التي تجمع الشعبين الشقيقين لوادي النيل. فضلاً عن تعظيم جهود تحقيق التكامل الزراعي، والربط السككي والكهربائي بين البلدين، إلى جانب تعميق التعاون المشترك على الصعيدين الأمني والعسكري، بما يساهم في تحقيق مصالح البلدين والشعبين الشقيقين».
وفي هذا الإطار أكد الجانب المصري على «إدراك مصر الكامل للظرف الدقيق، الذي يمر به السودان حالياً، وضرورة العمل المشترك على جهود دعم السودان لتحقيق الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي في البلاد، مـع استمرار مصـر فـي إرسـال حـزم المساعدات والـدعم اللوجستي والإنساني للخرطوم، إلى جانب تقديم الدعم الفني للكوادر السودانية وتفعيل جميع برامج التعاون الثنائي، انطلاقاً من مساندة مصر غير المحدودة للسودان في كل المجالات وعلى مختلف الأصعدة، وكذا الارتباط الوثيق للأمن القومي المصري والسوداني».
من جهته، أعرب الجانب السوداني عن «اعتزازه بالتقارب الشعبي والحكومي الراسخ بين مصر والسودان»، مشيداً في هذا الصدد بـ«الجهود المتبادلة للارتقاء بأواصر التعاون المشترك بين البلدين، والدعم المصري الصادق والحثيث، من خلال مختلف المحافل للحفاظ على سلامة واستقرار السودان».
كما شدد الجانب السوداني على «وجود آفاق رحبة لتطوير التعاون المشترك بين البلدين الشقيقين، وحرص السودان على توفير المناخ الداعم لذلك في مختلف المجالات التنموية الاستراتيجية، فضلاً عن تعويله على الاستفادة من نقل التجربة المصرية في الإصـلاح الاقتصادي، وتدريـب الكوادر السودانية والمساعدة على مواجهة التحديات في هذا الصدد، بما يعكس عمق العلاقات بين البلدين».
كما تناول اللقاء كذلك «التباحث بشأن شؤون الجالية السودانية في مصر، حيث أعرب الجانب السوداني في هذا الإطار عن التقدير للرعاية الكريمة التي تحظى بها»، في حين أكد الجانب المصري على الترحيب الدائم بالجالية السودانية الشقيقة في بلدهم الثاني مصر، وشمولهم بجميع أوجه الرعاية في ظل صلة الدم والرحم الممتدة في أعماق التاريخ بين شعبي وادي النيل.
أما في الشأن الليبي، فقد شدد الجانبان على ضرورة الحفاظ على استقرار ليبيا ووحدة وسلامة أراضيها، وأكدا على دعم جميع الجهود الرامية للتوصل إلى حل سياسي (ليبي - ليبي)، وأن تتفق جميع الأطراف الليبية على الانطلاق نحو المستقبل، بما يحقق مصلحة ليبيا وشعبها دون أي إملاءات أو تدخلات خارجية، فضلاً عن أهمية دعم دور مؤسسات الدولة الليبية واضطلاعها بمسؤولياتها. كما أكد الجانبان على ضرورة خروج القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب في مدى زمني محدد، تنفيذاً للقرارات الأممية والدولية والإقليمية ذات الصلة، بالإضافة إلى ضرورة استمرار لجنة 5+5 العسكرية المشتركة في عملها، والتزام جميع الأطراف بوقف الأعمال العسكرية حفاظاً على أمن واستقرار ليبيا ومقدرات شعبها.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.