العراق: البرلمان يفشل في انتخاب الرئيس للمرة الثالثة... والصدر يرفض مبادرة المالكي

البرلمان العراقي يفشل في إكمال نصاب جلسة انتخاب الرئيس أمس (إ.ب.أ)
البرلمان العراقي يفشل في إكمال نصاب جلسة انتخاب الرئيس أمس (إ.ب.أ)
TT

العراق: البرلمان يفشل في انتخاب الرئيس للمرة الثالثة... والصدر يرفض مبادرة المالكي

البرلمان العراقي يفشل في إكمال نصاب جلسة انتخاب الرئيس أمس (إ.ب.أ)
البرلمان العراقي يفشل في إكمال نصاب جلسة انتخاب الرئيس أمس (إ.ب.أ)

للمرة الثالثة يفشل البرلمان العراقي في انتخاب رئيس جديد للجمهورية بسبب عدم القدرة على تأمين أغلبية الثلثين اللازمة لانتخاب الرئيس. وكانت المحاولة الأولى في السابع من شهر فبراير (شباط) الماضي حين قاطعت الكتل السياسية الرئيسية الجلسة المقررة لانتخاب الرئيس بسبب عدم التوافق على آلية الإنتخاب. وفيما بدأت القوى السياسية مفاوضات مكثفة من أجل تخطي الانسداد السياسي الذي تمر به البلاد فإنها لم تتمكن من تحقيق أي تقدم في أي ملف من الملفين المهمين، وهما انتخاب رئيس للجمهورية بسبب الخلاف الكردي - الكردي حول المرشح لمنصب الرئيس، واختيار رئيس للوزراء بسبب الخلاف الشيعي - الشيعي حول الكتلة الأكثر عددا. ونتيجة لعدم التوصل الى اتفاق فقد بدأ الطرفان المتخاصمان تحالف (إنقاذ وطن) بزعامة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ويضم تحالف السيادة السني والحزب الديمقراطي الكردستاني، والإطار التنسيقي والاتحاد الوطني الكردستاني، التحشيد لجلسة السبت الماضي السادس والعشرين من شهر مارس (آذار) 2022 لغرض انتخاب رئيس جمهورية بالنسبة لتحالف إنقاذ وطن وذلك بتأمين 220 نائبا وهم أغلبية الثلثين، فيما حشد الإطار التنسيقي كل قواه من أجل تعطيل عملية الانتخاب من خلال الثلث المعطل. وعلى الرغم من كل ما بذله الصدر من جهود على صعيد التحرك على النواب المستقلين حيث وجه لهم ثلاث رسائل عبر ثلاث تغريدات فإنه تمكن من جمع 202 نائب خلال جلسة السبت، بينما العدد المطلوب 220. وفيما عد الإطار التنسيقي ما حصل انتصارا له فإن الطرفين المتخاصمين بدءا حملة تحشيد من أجل جلسة أمس الأربعاء التي انتهت بنكسة كبيرة لتحالف إنقاذ وطن. وطبقا لمجريات الجلسة فإن النصاب القانوني للجلسة لم يكتمل إلا بعد مرور ثلاث ساعات على بدء عقدها. وفيما لاينفع النصاب القانوني إلا في عقد جلسة عادية تناقش القضايا المطروحة على جدول الأعمال وليس انتخاب الرئيس الذي يتطلب أغلبية الثلثين فإن العدد الكلي للجلسة ارتفع إلى نحو 175 نائبا وهو أقل بكثير مما حشده تحالف إنقاذ وطن خلال الجلسة الماضية. وحيال هذا الفشل الذي تكرر ثلاث مرات ومع اقتراب نهاية آخر مهلة دستورية وهي السادس من شهر أبريل (نيسان) 2022 فإنه في الوقت الذي أعلن الإطار التنسيقي عن طرح مبادرة للحل بعد أن عد نفسه منتصرا في المنازلة مع الصدر، فإن الأخير أعلن مقدما رفضه لأي مبادرة بهذا الشأن. وردا على ما أعلنه زعيم ائتلاف دولة القانون والقيادي البارز في الإطار التنسيقي نوري المالكي أن الإطار وبعد أن وصلت الأمور في البلاد الى حالة الاختناق الكامل ولكي لا تمضي الأوضاع نحو الهاوية يعمل الآن على إنضاج مبادرة لحل الأزمة أعلن الصدر رفضه المسبق لها. وقال الصدر في تغريدة له «لن أتوافق معكم، فالتوافق يعني نهاية البلد، لا للتوافق بكل أشكاله». وأضاف الصدر أن «ما تسمونه بالانسداد السياسي أهون من التوافق معكم وأفضل من اقتسام الكعكة معكم، فلا خير في حكومة توافقية محاصصاتية». كما تساءل الصدر «كيف ستتوافقون مع الكتل وأنتم تتطاولون ضد كل المكونات وكل الشركاء الذين تحاولون كسبهم إلى فسطاطكم». وخاطب زعيم التيار الصدري العراقيين قائلا «لن أعيدكم لمأساتكم السابقة، وذلك وعد غير مكذوب، فالوطن لن يخضع للتبعية والاحتلال والتطبيع والمحاصصة، والشعب لن يركع لهم إطلاقا». وفيما أكد المالكي أن الإطار التنسيقي سوف يطرح مبادرته اليوم الخميس وأن الحوارات سوف تبدأ بشأنها فورا فإن رفض الصدر المسبق لها يعني بقاء الانسداد السياسي على حاله في وقت رفع البرلمان جلسته الى إشعار آخر. وفي الوقت الذي تخشى فيه كل القوى السياسية الفائزة في الانتخابات بصرف النظر عن حجومها الانتخابية فكرة حل البرلمان لأنه سيتسبب بخسارة للجميع، لكنها غير قادرة في الوقت نفسه على إيجاد حل. ومما ضاعف مأزقها هو رفض الصدر للحوار الأمر الذي يعني مواجهة الجميع للمجهول القادم لاسيما في حال فشلوا للمرة الرابعة في موعد أقصاه السادس من أبريل (نيسان) القادم انتخاب رئيس للجمهورية.



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».