ادعاءات روسيا بسحب قواتها من محيط كييف تضاعف التدابير الأمنية

عجوز لحظة وصولها إلى خارج إربين (الشرق الأوسط)
عجوز لحظة وصولها إلى خارج إربين (الشرق الأوسط)
TT

ادعاءات روسيا بسحب قواتها من محيط كييف تضاعف التدابير الأمنية

عجوز لحظة وصولها إلى خارج إربين (الشرق الأوسط)
عجوز لحظة وصولها إلى خارج إربين (الشرق الأوسط)

لم تؤدِّ التصريحات الروسية حول سحب القوات من بعض المناطق في محيط العاصمة الأوكرانية كييف إلى حالة ارتياح أو استرخاء، بل على العكس تماماً، ازدادت التدابير الأمنية، كما اشتد القصف الروسي في بعض المناطق، حيث أبلغ السكان أقاربهم بأن الأوضاع الإنسانية في المجمعات السكنية القريبة من كييف تزداد صعوبة، وأن أصوات الاشتباكات باتت أقوى من ذي قبل، كما ازدادت التحذيرات الحكومية على الهواتف الخليوية تواتراً، وبقيت أصوات صفارات الإنذار مهيمنة في فضاء المدينة.
بات الدخول إلى كييف يتطلب الخضوع لتفتيش دقيق، الآتون عبر القطارات أو عبر الطرق البرية الآن سيُدقق بأوراقهم الثبوتية، وتُفتش حقائبهم من قبل الشرطة، قبل أن يُتركوا لمتابعة طريقهم نحو وسط المدينة. هذه الإجراءات المستجدة يشرف عليها ضباط في الشرطة، بينما كانت قبل أيام مجرد إجراءات روتينية يقوم بها عناصر حديثة العهد في التطوع.
ومن ناحية أخرى، لا تزال مراكز التدريب العسكري تعد المتطوعين بغية المشاركة قريباً في المعارك الدائرة أو في حماية المناطق الخلفية. أحد المراكز في محيط كييف لا يزال يعمل على مدار الساعة لإعداد عناصر مقاتلة تنضم مباشرة للجبهات.
تصريحات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بأن الأوكرانيين ليسوا سذجاً لتصديق المقولات الروسية، أصبحت تترجم على الأرض بالمزيد من الانتشار والتحصين في المواقع القتالية، كما في الطرق الرئيسية. والآن، يمكن القول إن أغلب الطرق التي تصل العاصمة بالمناطق الغربية جهة إربين، والشرقية نحو بروفاري وشيفشنكوف، قد أزيلت عنها لوحات المسافات وأسماء المناطق في إجراء دفاعي، كما وُضعت آليات ثقيلة أغلبها معطل في وسط الطرق، وحولها سواتر إسمنتية وتلال رملية.
باتت العاصمة الآن تزداد استعداداً لموجة جديدة من الهجمات الروسية، على عكس ما تقوله التصريحات التي تلت الجولة الأخيرة من المفاوضات في إسطنبول التركية.
الجيش الأوكراني يقول إن الإعلان الروسي عن سحب بعض الوحدات لإثبات حسن النوايا ما هو إلا عملية إعادة انتشار في روسيا أو بيلاروسيا لوحدات تعرضت لخسائر كبيرة في المعارك. يمكنك الوقوف على مدخل إربين، حيث النقطة الأخيرة التي يسمح للصحافيين بالوجود فيها بعد مقتل صحافية أوكرانية وأخرى روسية مقيمة في أوكرانيا ومصور أميركي منذ أسبوعين. من هذه النقطة التي يفصلها عن جسر إربين نحو خمسة كيلومترات يمكن مشاهدة القصف الروسي الذي يستهدف الطريق والجسر لمنع تقدم المزيد من القوات، وكذلك القصف الأوكراني الذي يستهدف بوتشا، بعد أن استعادت القوات الأوكرانية السيطرة على إربين.
«لن نسمح لكم بالدخول»، يقول ضابط في الجيش، دون أن يعرف اسمه، مضيفاً: «لقد صدرت الأوامر منذ مقتل الصحافيين هنا، ولم تتغير إلى الآن. الصحافيون ممنوعون من الدخول إلى مناطق القتال». وبينما يسمح الجيش بالتقاط بعض الصور، لكن لا تظهر آثار المعارك على جوانب الطرق. انتظرت فرق من الشرطة توقف القصف للقيام بعملية تبديل لتلك المجموعات الموجودة في داخل بلدة إربين، التي تشرف على إجلاء السكان وتنظيم وضع الباقين في المنازل. فرق الشرطة هذه، كما القوات التابعة لوزارة الداخلية، تعمل كقوات مقاتلة ولا تقوم فقط بالحماية المدنية. وجزء منها يسهم في عمليات رصد الألغام والقذائف غير المنفجرة وتأمين الطرق البديلة.
أولكسندر ماركوشين، عمدة إربين يتعهد بأن يتم السماح بدخول الصحافيين إلى بلدته عندما تصبح الطرق آمنة ويخف الخطر، ولكن مع استمرار العمليات العسكرية في بوتشا المتاخمة، مع استمرار الهجمات المتبادلة للجيشين الأوكراني والروسي، فإن عملية تأمين إربين ستكون بعيدة المنال، إلا أن العمدة متفائل بقرب السيطرة على بوتشا أيضاً.
في المجمع السكني المطل على شارع هنيرالا نوموفا خلف هذه النقطة الأخيرة، يعيش بضع مئات من السكان تحت رحمة القذائف، إذ يشاهدون ليل نهار عمليات القصف والقصف المضاد. أغلبهم نفدت نقودهم، خاصة أن الأسعار بدأت بالارتفاع في الأيام الأخيرة، وبات من الصعب تلبية الاحتياجات الحياتية في ظل توقف الأعمال وغلاء كلفة المعيشة. ومع ذلك فإنهم يستمرون بالسكن هنا، مفضلين منازلهم على التشتت في أنحاء البلاد أو خارجها. «أبناء الكثير من هذه العائلات في الجيش، أو تطوعوا في منظمات هنا (كييف)»، يقول رومان (32 عاما) متحدثاً عن السكان في هذا المجمع كما في غيره، ويضيف أن البعض منهم لم يعد يملك كلفة النزوح، وأصبح خيار البقاء أقل كلفة بالنسبة لهم. ربما يكون البقاء أقل كلفة مالياً، لكن ثمة كلفة أخرى يدفعها الموجودون هنا، هي الرعب الدائم.

عمدة إربين متحدثاً لـ«الشرق الأوسط»

- عمدة إربين: لدينا شهود على جرائم حرب ارتكبتها روسيا
يقف عمدة إربين أولكسندر ماركوشين بين ثلة من الجنود ورجال الشرطة، متحدثاً عن وضع مدينته، بينما ينتظر المزيد من سيارات الإسعاف لإجلاء الجرحى ومَن انقطعت بهم السبل في المدينة. يؤكد ماركوشين أن المدينة وقعت بالكامل تحت سيطرة القوات الأوكرانية، وأن عملية تطهيرها من الألغام هي مسألة وقت قصير نسبياً، وأن القوات الروسية لن تتمكن من العودة إليها. ويؤكد ماركوشين أن القوات الروسية ارتكبت جرائم حرب في مدينته، مضيفاً: «لدينا معلومات مؤكدة، كما لدينا شهود عيان، شاهدوا بأعينهم ما قامت به هذه القوات، سواء من اغتصاب نساء وعمليات قتل متعمد».

آليات وعناصر الشرطة ينتظرون هدوء القصف لدخول إربين (الشرق الأوسط)

يضع ماركوشين يديه على مخزن البندقية في جعبته المحمولة على الصدر، ويقول إن الكثير من سكان المدينة قُتلوا بالقصف أو انفجارات سببتها الألغام.
ورغم تعرض المدينة للقصف الروسي المتواصل، فإن قوات الجيش والشرطة تواصل عملية تطهير المدينة وتأمينها. ويختم بالقول: «وطبعاً نحن سنقوم بالتقدم ونأخذ مدناً أخرى من يد الروس».


مقالات ذات صلة

صدمة في الرأس وكدمات ونزيف... مراهقة عائدة من أوكرانيا تضرب جدتها حتى الموت

يوميات الشرق المراهقة تواجه تهمة القتل غير العمد وهي حالياً قيد الاحتجاز الوقائي (رويترز)

صدمة في الرأس وكدمات ونزيف... مراهقة عائدة من أوكرانيا تضرب جدتها حتى الموت

وُجهت اتهامات لفتاة أوكرانية تبلغ من العمر 14 عاماً انتقلت مؤخراً إلى ولاية فلوريدا الأميركية بصفتها شخصاً بالغاً بعدما ضربت جدتها البالغة من العمر 79 عاماً حتى

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا مبنى الكرملين في موسكو (رويترز)

 روسيا: المواجهة الحالية مع الغرب لم يسبق لها مثيل في التاريخ

قال دبلوماسي روسي كبير اليوم الخميس إن المواجهة الحالية بين بلاده والغرب بشأن أوكرانيا لم يسبق لها مثيل في التاريخ وإن أي خطأ قد يؤدي إلى كارثة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا 
ستولتنبرغ مع روته في بروكسل خلال حفل التنصيب (أ.ب)

القائد الجديد لـ«الناتو» يحدد أوكرانيا «أولوية قصوى»

أكد مارك روته الذي تولى، أمس (الثلاثاء)، رسمياً قيادة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، استمرار الدعم العسكري لأوكرانيا، عاداً ذلك «أولوية قصوى».وقال رئيس الوزراء.

شوقي الريّس (بروكسل)
آسيا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع بالفيديو مع أعضاء مجلس الأمن في موسكو الجمعة (رويترز)

الرئيس الروسي يأمر بتجنيد 133 ألف فرد إضافي

أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتجنيد 133 ألف فرد جديد في حملة تجنيد تستمر من الأول من أكتوبر (تشرين الأول) حتى نهاية العام.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال ترؤسه اجتماعاً عبر خدمة «الفيديو كونفرنس» الاثنين (أ.ف.ب)

روسيا تزيد الإنفاق على الدفاع 23 في المائة

بينما قدمت الحكومة الروسية الاثنين، مشروع قانون ميزانيتها لعام 2025 إلى مجلس «الدوما»، أظهرت الأرقام أن الإنفاق الحكومي على الدفاع سيزيد بنسبة 23 في المائة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

«سي آي إيه» تسعى لتجنيد مخبرين في الصين وإيران وكوريا الشمالية

المبنى الرئيسي لوكالة المخابرات المركزية الأميركية في ولاية فيرجينيا (أرشيفية - رويترز)
المبنى الرئيسي لوكالة المخابرات المركزية الأميركية في ولاية فيرجينيا (أرشيفية - رويترز)
TT

«سي آي إيه» تسعى لتجنيد مخبرين في الصين وإيران وكوريا الشمالية

المبنى الرئيسي لوكالة المخابرات المركزية الأميركية في ولاية فيرجينيا (أرشيفية - رويترز)
المبنى الرئيسي لوكالة المخابرات المركزية الأميركية في ولاية فيرجينيا (أرشيفية - رويترز)

دشنت وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، اليوم (الأربعاء)، مسعى جديداً لتجنيد مخبرين في الصين وإيران وكوريا الشمالية، لتضيف إلى ما تقول إنه جهد ناجح في تجنيد مواطنين روس.

وقال متحدث باسم الوكالة، في بيان، إن الوكالة نشرت إرشادات بلغة الماندرين الصينية والفارسية والكورية على حساباتها على منصات «إكس» و«فيسبوك» و«إنستغرام» و«تلغرام» و«لينكد إن» والويب المظلم (دارك ويب) حول كيفية التواصل معها بصورة آمنة.

وأضاف المتحدث: «جهودنا في هذا الصدد نجحت في روسيا، ونريد التأكد من أن إبلاغ أفراد في أنظمة استبدادية أخرى أننا نتيح العمل»، لافتاً إلى أن الوكالة تتأقلم مع تزايد قمع الدول والمراقبة العالمية.

ووردت إرشادات مكتوبة في مقطع فيديو بلغة الماندرين على «يوتيوب» تنصح الأفراد بالتواصل مع «سي آي إيه» عبر موقعها الرسمي باستخدام الشبكات الخاصة الافتراضية أو شبكة تور المشفرة الموثوقة.

وقالت الوكالة: «أمنكم وسلامتكم هما اعتبارنا الأول».

وطلبت الوكالة من الأفراد أسماء ومواقع وبيانات تواصل غير مرتبطة بهوياتهم الحقيقية، بالإضافة إلى معلومات قد تكون محل اهتمام للوكالة، وحذرت من أن الردود غير مضمونة وقد تستغرق وقتاً.

ويتزايد طلب «سي آي إيه» للمعلومات المخابراتية في ظل توسيع الصين تعاونها مع روسيا وإيران واستعراض قدراتها العسكرية بالمنطقة.

وتُعرف روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية داخل مجتمع المخابرات الأميركي بأنها «أهداف صعبة»، وذلك لأنها دول يصعب اختراق حكوماتها.

وتواجه واشنطن أيضاً صعوبات في صراع إيران مع إسرائيل وكذلك برنامج طهران النووي وتزايد صلاتها بروسيا ودعمها لوكلاء مسلحين.

ولم ترد السفارتان الروسية والصينية في واشنطن وبعثة إيران لدى الأمم المتحدة بعد على طلبات للتعليق.