استقالة الحكومة الموريتانية... وتجديد الثقة في الوزير الأول

الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني (أ.ف.ب)
الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني (أ.ف.ب)
TT

استقالة الحكومة الموريتانية... وتجديد الثقة في الوزير الأول

الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني (أ.ف.ب)
الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني (أ.ف.ب)

جدد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، أمس، الثقة في الوزير الأول محمد ولد بلال الذي قدم استقالته واستقالة حكومته قبل ذلك بأربع وعشرين ساعة، لكن ولد الغزواني عاد وكلف ولد بلال بتشكيل حكومة جديدة.
وفي تصريح صحفي عقب تجديد الثقة فيه، قال محمد ولد بلال (59 عامًا) إنه يشكر الرئيس على "الثقة"، وأضاف أن "الحكومة المقبلة ستكون قريبة من المواطن، وستعمل على تجسيد ما يطمح إليه فخامة رئيس الجمهورية لبلدنا العزيز".
واختتم ولد بلال تصريحه المقتضب بالقول إن اللقاء الذي جمعه بالرئيس "كان مناسبة لتقييم عمل الحكومة المستقيلة، وتشخيص وضعية البلاد، وتداعيات الأزمة التي يشهدها العالم حاليا"، في إشارة موجة غلاء الأسعار، التي وصلت إلى موريتانيا منذ فترة.
ومنذ وصول ولد الغزواني إلى الحكم في موريتانيا عام 2019، كان ولد بلال هو ثاني وزير أول يكلفه تشكيل الحكومة، واستمر في هذه المهمة 20 شهراً، لكن حكومته واجهت انتقادات لاذعة بسبب تأخر كثير من المشروعات، خصوصاً تلك المتعلقة بالبنية التحتية، بالإضافة إلى تعثر مشروعات أخرى ذات طابع اجتماعي وخدمي.
وجاء ارتفاع الأسعار ليعمق جراح الحكومة قبل استقالتها، بسبب موجة الغلاء التي تجتاح العالم، خصوصاً أن التجار ظلوا يرفضون الالتزام بقرارات الحكومة للحد من زيادة الأسعار، وبسبب ذلك بدأ الشارع يتهم الحكومة بالعجز أمام التجار ومستوردي المواد الغذائية.
وفي ظل الحديث عن تصاعد وتيرة ارتفاع الأسعار خلال الأشهر المقبلة، والأوضاع الاجتماعية المضطربة، والتوتر الأمني على الحدود مع دولة مالي المجاورة، تأتي استقالة حكومة ولد بلال لتثير بعض الارتياح في الشارع الموريتاني، لكنه ارتياح حذر في ظل التخوف من تجديد الثقة به، أو تعيين حكومة لا تختلف كثيراً عن سابقتها.
وتتزامن استقالة الحكومة مع انقضاء نصف مأمورية الرئيس ولد الغزواني، فيما يبدو أنه غير مرتاح لما تحقق حتى الآن من إنجازات، خصوصاً فيما يتعلق بالأمور التي تعهد بأنه سينفذها في ولايته الرئاسية الأولى، وقد بدا هذا الانزعاج واضحاً حين عقد نهاية العام الماضي اجتماعاً مع ولد بلال، ولجنة وزارية مصغرة، لمناقشة أسباب تأخر المشروعات.
وكانت الحكومة الموريتانية قد أطلقت في سبتمبر (أيلول) 2020 برنامجاً للإقلاع الاقتصادي بعد وباء «كورونا»، بتمويل يصل إلى 24.2 مليار أوقية (666 مليون دولار أميركي)؛ أي ما يمثل 8.5 من الناتج الداخلي الخام للبلد، ونسبة من هذا التمويل قدمها شركاء خارجيون. وكان البرنامج الاقتصادي مفصلاً ضمن حزمة من المشروعات المتنوعة، ستنفذ على مدى 30 شهراً، لكن المعطيات المتوفرة أشارت إلى أن كثيراً من مشروعات هذا البرنامج تعثرت، أو أنجزت منها نسبة ضئيلة جداً، رغم توفر التمويل.
وفسر خبراء هذا التعثر بمشكلات بنيوية في الإدارة الموريتانية، وذلك ما أكده ولد الغزواني في خطاب ألقاه الأسبوع الماضي، قال فيه إن الإدارة تعاني من «اختلالات كبيرة»، مشدداً على أنه «آن الأوان لأن نبني إدارة عصرية وفعالة، تتمحور حول خدمة المواطن، وتكون رافعة للتطور والنمو، ومن غير المقبول بعد الآن أن نتابع مثل هذه التصرفات التي لا تخدم المواطن». وفي ظل هذه التحديات الهيكلية، لا تشير التوقعات إلى أن الحكومة المقبلة ستكون مختلفة كثيراً عن سابقتها؛ إذ إن أغلب وزراء السيادة في الغالب سيحتفظون بمناصبهم، خصوصاً وزراء الدفاع والداخلية والخارجية، بينما ينصب اهتمام الموريتانيين على معرفة هوية الشخصية التي ستكلف تشكيل الحكومة، ومن ستسند إليهم حقائب الوزارات الخدمية.
وبغض النظر عن هوية أعضاء الحكومة، يبقى الأهم بالنسبة إلى الموريتانيين أن تكون الحكومة المقبلة قادرة على مواجهة ارتفاع الأسعار، خصوصاً أن موريتانيا تستورد أغلب حاجياتها الغذائية من الخارج، ومعرضة بشكل كبير لموجة غلاء خطيرة، في ظل انتشار الفقر والبطالة.
ويعلق الموريتانيون الآمال على إنتاج الغاز الطبيعي نهاية عام 2023 من أجل تغيير الأوضاع الاقتصادية للبلد، لكن مشروع إنتاج الغاز من حقل مشترك مع السنغال يواجه هو الآخر تحديات كبيرة، بسبب تداعيات وباء «كورونا»، والأزمة التي أثارتها الحرب الروسية في أوكرانيا.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.