«الشارقة الثقافية»: من هي الروائية الفيلسوفة... عربياً؟

«الشارقة الثقافية»: من هي الروائية الفيلسوفة... عربياً؟
TT

«الشارقة الثقافية»: من هي الروائية الفيلسوفة... عربياً؟

«الشارقة الثقافية»: من هي الروائية الفيلسوفة... عربياً؟

صدر أخيراً العدد 66 لشهر أبريل (نيسان) (2022) من مجلة «الشارقة الثقافية» التي تصدر عن دائرة الثقافة بالشارقة.
في مقالته «الخروج من الهامش والدخول إلى المتن»، تساءل مدير التحرير نواف يونس: «هل الأدب والسرد النسوي موازٍ أم مكمل أم مماثل للأدب والسرد الرجالي، خصوصاً أننا أصبحنا ندرك اتساع مساحة السرد، الذي يسمى بالنسوي، في المشهد الثقافي العربي؟».
وفي تفاصيل العدد، تناول يقظان مصطفى عَلماً من علماء العرب والمسلمين هو أحمد بن داود الدينوري، الذي جمع بين الحكمة والبيان، وكتب أحمد أبو زيد عن الشاعر والكاتب الأميركي دانيال مور، وجال د. خالد عزب في ربوع مدينة عكا التي أسسها الكنعانيون قبل الميلاد وأحبطت حلم نابليون، وتوقفت آية الفلاح عند المدينة التي تحول اسمها من سيرين إلى شحات، وتعد من أجمل المدن الأثرية في ليبيا.
أما في باب «أدب وأدباء»؛ فنتعرف إلى الأديب أنطون الجميل الذي «عاش حياته مولعاً بالثقافة والصحافة، وترأس (الأهرام) في عصرها الذهبي» للدكتور د. محمد صابر عرب، ونرصد تأملات راشد عيسى و«ثلاثية السيرة الأدبية»، وتساءل نبيل سليمان في مقال له «من هي الروائية الفيلسوفة عربياً؟»، ونقرأ مقالاً عن سيرة د. أحمد درويش لأنور الدشناوي، وتناول وليد رمضان روايات أحمد خالد توفيق، وتوقف عبد الرحمن الهلوش عند سيرة الشاعر بول شاؤول.
كما تضمن العدد «نافذة على المغربي محمد خير الدين»، الذي يتميز بجدارة في الكتابة بالفرنسية بشهادة سارتر ومالرو وبيكيت لحسونة المصباحي، ونشرت د. بهيجة إدلبي مقالاً عن الإرث الثقافي لكامل زهيري، إضافة إلى مقال عن تجربة الشاعرة والباحثة مباركة بنت البراء لثراء هاني، وحوار مع الشاعر معين شلبية.
وفي باب «فن. وتر. ريشة» كتب محمد العامري عن الفنان إبراهيم غزالة، وحاور حجاج سلامة التشكيلية رجاء غالي، كما نشر ضياء حامد حواراً مع المسرحي بوسلهام الضعيف، وكتبت زمزم السيد عن الفنانة منى واصف «التي تعد علامة فارقة في الدراما والمسرح»، وتطرق فرحان بلبل إلى المسرح والموسيقا، وتناول محمود الغيطاني فيلم «الموجة»، وتوقف محمد حسين طلبي عند تجربة المخرج الجزائري عبد العزيز طلبي.
وفي باب «تحت دائرة الضوء» قراءات وإصدارات: «الواقعية في أدب اليافعين» لثريا عبد البديع، «السيميائية والدلالات وتأويلها شعرياً» لأبرار الآغا، و«ظاهرة العنف ومدلولاتها في الرواية العربية» لناديا عمر، و«رواية مايا... عن الإنسان والعالم» لشعيب ملحم، وقراءة في المجموعة القصصية «مجازاً سميناه ربيعاً» للقاصة سارة عدلي لانتصار عباس، و«الشخصية في الرواية» للكاتبة لور هيلم لسعيد عبيدي.
وأفرد العدد مساحة للقصص القصيرة لمجموعة من الكتاب العرب: عادل عطية (هذا الرقم لأمي!)، ود. أماني محمد ناصر، وعبد العليم حريص (تواصل...)، خالد ماضي (أفراح «غزل البنات»)، ورفعت عطفة (سمعة)، قصة مترجمة.
وتضمن العدد مجموعة من المقالات الثابتة.



الفن بوصفه وسيلة للتعريف بقضايا المناخ

الفن بوصفه وسيلة للتعريف بقضايا المناخ
TT

الفن بوصفه وسيلة للتعريف بقضايا المناخ

الفن بوصفه وسيلة للتعريف بقضايا المناخ

يعد التغير المناخي من المواضيع المُقلقة والمهمة عالمياً، وهو من الملفات الرئيسية التي توليها الدول أهمية كبرى، حيث تظهر حاجة عالمية وشاملة واتفاق شبه كُلِّي من دول العالم على أهمية الالتزام بقضايا التغير المناخي والاستدامة لحماية كوكبنا للأجيال القادمة.

هذه القضية المهمة عبَّر عنها بعض الفنانين الذين استخدموا الفن لرفع الوعي بالقضايا البيئية. حيث كان الفن إحدى وسائل نشطاء البيئة للتعريف والتأثير في قضايا المناخ والاحتباس الحراري، لاعتقادهم أن الحقائق العلمية وحدها قد تكون غير كافية، ولأهمية التأثير في العاطفة، وهو ما يمكن للفن عمله.

ومن فناني البيئة العالميين الفنان الدنماركي أولافور إيلياسون، الذي عيَّنه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سفيراً للنوايا الحسنة للطاقة المتجددة والعمل المناخي عام 2019م، حيث تركز أعماله المعاصرة والتفاعلية على التعبير عن ظواهر الاحتباس الحراري، وكان أحد أشهر أعماله «مشروع الطقس» الذي عُرض في متحف «تيت مودرن» في لندن، وجذب أعداداً هائلة من الجماهير، إذ هدف هذا العمل التفاعلي إلى الإيحاء للمشاهدين باقترابهم من الشمس، ولتعزيز الرسالة البيئية لهذا العمل ضمِّن كتالوج المعرض مقالات وتقارير عن أحداث الطقس المتغيرة.

المناخ والبيئة

إن التعبير عن قضايا المناخ والبيئة نجده كذلك في الفن التشكيلي السعودي، وهو ليس بمستغرب، حيث يعد هذا الاهتمام البيئي انعكاساً لحرص واهتمام حكومة المملكة بهذه القضية، والتزامها الراسخ في مواجهة مشكلة التغير المناخي، حيث صادقت المملكة على اتفاقية باريس لتغير المناخ في عام 2016، وهو أول اتفاق عالمي بشأن المناخ. كما أطلقت المملكة مبادرتَي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، لتسريع العمل المناخي وحماية البيئة وتعزيز التنمية المستدامة. وهو ما يجعل الفرصة مواتية للفنانين السعوديين للمشاركة بشكل أكبر في التعبير عن القضايا البيئية، مما يسهم في عكس جهود المملكة تجاه هذه القضايا ومشاركة الجمهور في الحوار حولها.

فعلى سبيل المثال، عبَّرت الفنانة التشكيلية منال الضويان عن البيئة في عمل شهير أنتجته عام 2020م، في معرض DESERT-X في مدينة العلا، بعنوان «يا تُرى هل تراني؟»، حيث كان العمل عبارة عن منصات تفاعلية للقفز في صحراء العلا، في إيحاء غير مباشر بالواحات الصحراوية والبِرَك المائية التي تتكون في الصحراء بعد موسم الأمطار، لكنها اختفت نتيجة للتغير المناخي والري غير المسؤول، وتأثيره البيئي في الطبيعة من خلال شح المياه واختفاء الواحات في المملكة.

الفن البيئي

كما نجد الفن البيئي بشكل واضح في أعمال الفنانة التشكيلية زهرة الغامدي التي ركزت في تعبيرها الفني على المواضيع البيئية من خلال خامات الأرض المستمدة من البيئة المحلية؛ مثل الرمال والأحجار والجلود والنباتات المأخوذة من البيئة الصحراوية كالشوك والطلح، وكيفية تحولها نتيجة العوامل المؤثرة فيها كالجفاف والتصحر والتلوث البيئي، كما في عملها «كوكب يختنق؟» الذي استخدمت فيه أغصان الأشجار المتيبسة وبقايا خامات بلاستيكية، لمواجهة المتلقي والمشاهد بما يمكن أن تُحدثه ممارسات الإنسان من تأثير بيئي سلبي، وللتذكير بالمسؤولية المشتركة لحماية كوكب الأرض للأجيال القادمة.

إن الفن البيئي لدى زهرة الغامدي يتمثل في نقل المكونات الطبيعية للأرض والبيئة المحلية وإعادة تشكيلها في قاعة العرض بأسلوب شاعري يستدعي المتلقي للانغماس في العمل الفني والطبيعة والشعور بها والتفاعل معها لتعزيز الارتباط بالأرض، فمن خلال إعادة تشكيل هذه الخامات البيئية يتأكد التجذر بالأرض والوطن والارتباط به.

وقد نجد التعبير عن المواضيع البيئية أكثر لدى التشكيليات السعوديات من زملائهن من الرجال، وقد يكون ذلك طبيعياً نتيجة حساسية المرأة واهتمامها بمثل هذه القضايا. وهو ما يثبته بعض الدراسات العلمية؛ إذ حسب دراسة من برنامج «ييل» للتواصل بشأن التغير المناخي، بعنوان «اختلافات الجنسين في فهم التغير المناخي» تظهر المرأة أكثر ميلاً إلى الاهتمام بالبيئة، كما أن للنساء آراء ومعتقدات أقوى مؤيدة للمناخ وتصورات أعلى للمخاطر الناتجة عن التغيرات المناخية، وقد فسر الباحثون هذه الاختلافات بأنها نتيجة اختلافات التنشئة الاجتماعية بين الجنسين، والقيم الناتجة عن ذلك كالإيثار والرحمة وإدراك المخاطر.

ومع أن الفن استُخدم كثيراً للتوعية بالقضايا البيئية، إلا أن بعض نشطاء البيئة حول العالم استخدموه بطريقة مختلفة للفت النظر حول مطالبهم، مثل أعمال الشغب والتخريب لأهم الأعمال الفنية في المتاحف العالمية، وقد استهدف بعض هؤلاء الناشطين أشهر الأعمال الفنية التي تعد أيقونات عالمية كلوحة «دوار الشمس» لفان غوخ، ولوحتي «الموناليزا» و«العشاء الأخير» لدافنشي. تخريب هذه الأعمال ليس لأنها مناهضة للبيئة بقدر ما هي محاولة لفت النظر نحو قضاياهم، لكن لتحقيق التغيير المطلوب، أيهما أجدى، التعبير الإيجابي من خلال الفن، أم السلبي من خلال تخريبه؟

إن الفن التشكيلي ليس مجرد وسيلة للتعبير، بل له دور حاسم ومؤثر في تشكيل الوعي بالقضايا البيئية، فهو يدعو لإعادة التفكير في علاقتنا بها، والعمل معاً لمستقبل أكثر استدامة. إضافةً إلى دوره بصفته موروثاً ثقافياً للأجيال المقبلة، إذ يسجل تجربتنا في مواجهة هذا التحدي العالمي.

* كاتبة وناقدة سعودية