السعودية: «معذب الكلب» في قبضة الأمن... و«رحمة» تروي تفاصيل الحادثة والعقوبات

الطريف لـ«الشرق الأوسط»: الغرامة المالية أو التشهير عقوبتان تنتظران المسيء

لقطة شاشة من الفيديو المتداول
لقطة شاشة من الفيديو المتداول
TT

السعودية: «معذب الكلب» في قبضة الأمن... و«رحمة» تروي تفاصيل الحادثة والعقوبات

لقطة شاشة من الفيديو المتداول
لقطة شاشة من الفيديو المتداول

ألقت شرطة منطقة الرياض، القبض على شخص ظهر في مقطع فيديو يقوم بالاعتداء على «كلب» بالضرب.
وأثار مقطع الفيديو الذي وصف بـ«المؤلم»، غضباً لدى شريحة واسعة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، ومهتمين ومختصين في الرفق بالحيوان.
وأكد المتحدث الإعلامي لشرطة منطقة الرياض، أن شرطة المنطقة قبضت على مواطن ظهر في مقطع فيديو متداول يعتدي على حيوان بالضرب في أحد الشوارع العامة بمدينة الرياض، ولفت إلى أنه جرى إيقاف المواطن، واتخذت بحقه الإجراءات النظامية وإحالته إلى النيابة العامة.
https://twitter.com/security_gov/status/1508527487889854474?s=20&t=c7w6ybxbMO8KYMAkPldqLw
وبعد تداول مقطع التعذيب، طالبت «جمعية رحمة للرفق بالحيوان»، ومغردون آخرون، بالقبض على الشخص الذي قام بضرب الحيوان بشكل قاسٍ، في حي لبن بالرياض، مطالبين بتوقيع العقوبات بحقه.
وشاركت «جمعية رحمة للرفق بالحيوان»، مقطع الفيديو، وعلقت قائلة: «إن ازدياد حالات الإساءة للحيوان في السعودية يتعارض مع الجهود المبذولة لحماية الحيوان، وفق نظام الرفق بالحيوان لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، تطالب جمعية رحمة للرفق بالحيوان بالقبض وإنفاذ النظام وإيقاع العقوبة على المسيء عاجلاً».
https://twitter.com/Rahmah_ksa/status/1508028224432967680?s=20&t=1UkZLKgpi9AvpfXDgJeU3g
من جهته، قال بدر الطريف، المشرف العام على «جمعية رحمة للرفق بالحيوان»، في منطقة الرياض: «كما الجميع، ساءنا ما تم توثيقه ونشره لهذه الحادثة، التي تظهر تعنيف أحد الأشخاص لكلب أليف لا حول له ولا قوة في حي لبن بالرياض، وهو كلب زينة من إحدى الفصائل الصغيرة جداً، التي لا يمكن أن يصدر منها أي أذى للأطفال أو الماشية وغير ذلك من أنواع الأذى، مما لا يدع هناك أي مجال لتبرير التصرف الذي قام به هذا الرجل تجاه هذا الحيوان الضعيف».
وأضاف في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، أن «استهجان واستنكار الحادثة أجمع عليهما معظم المرتادين في وسائل التواصل الاجتماعي، وأصبحت الحادثة (ترند) الساعة بسرعة كبيرة، حيث ما ظهر من إساءة للحيوان في المقطع هو أمر مستهجن ومستغرب في مجتمع مسلم محافظ ورحيم وإنساني».
وحول دور «رحمة»، أكد الطريف، أن «جمعية رحمة للرفق بالحيوان قامت بدورها بإبلاغ الجهات المختصة، وسعت لمتابعة مستجدات الحادثة، وكانت على تواصل مع إحدى المتطوعات، التي ذهبت لشراء هذا الكلب بهدف تخليصه من المزيد من الأذى الذي قد يواجهه».
وتابع المشرف العام على جمعية الرفق بالحيوان، قائلاً: «تم تسلم الكلب عند الذهاب لموقع الحادثة، وإحضاره لعيادة جمعية رحمة للرفق بالحيوان للفحص وتلقي العلاج اللازم، ولله الحمد تم الاطمئنان على صحة الكلب، الذي اتضح وجود إصابات في عينيه ورضوض في اليد وسوائل في تجويف الصدر مسببة ضيقاً للتنفس لدى الحالة، وجارٍ تقديم الرعاية البيطرية له وخطة تأهيل سلوكي».
وقال بدر الطريف لـ«الشرق الأوسط»، إن ما حدث هو انتهاك صارخ لحقوق الحيوان وينافي نظام الرفق بالحيوان لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وقد تظافرت الجهود وقامت الجهات الأمنية مشكورة بمتابعة البلاغ، والتقصي عن الحادثة والفاعل، وقد أعلن الأمن العام ليلة البارحة عن إلقاء القبض على المسيء، وبذلك تم تحقيق ما طالبت به الجمعية في تغريدتها، وطالب به الجميع حول ضرورة إلقاء القبض على المسيء.
وأشاد الطريف بما يقوم القطاع الحكومي والقطاع غير الربحي والمتطوعون والمتطوعات بجهود كبيرة في رفع مستوى الوعي المجتمعي تجاه حماية ورعاية الحيوان والرفق به، وقال، «نأمل أن تتوج هذه الجهود بتلاشي مثل هذه الأحداث، وإن كانت فردية، ولا تشكل ظاهرة أو عادة في مجتمعنا الرحيم».
وحول العقوبات التي تنتظر المقبوض عليه في الحادثة المؤسفة، أوضح الطريف، أن العقوبات التي قد تواجه كل مسيء للحيوان بشكل عام تنقسم إلى قسمين: الغرامة المالية، أو التشهير، فالغرامات المالية تصل في المرة الأولى إلى 50 ألف ريال، تتضاعف هذه الغرامة في حال تكرار المخالفة، وفي حال ارتكاب أكثر من إساءة في الوقت نفسه، كضرب الحيوان، وسحله، ثم قتله على سبيل المثال، فيتم إيقاع العقوبة والغرامة على كل فعل من هذه الأفعال، وإن كانت حادثة واحدة».
يذكر أن نطاق العمل الجغرافي لجمعية رحمة للرفق بالحيوان، منطقة الرياض ومقرها الرئيسي مدينة الرياض، وهي جمعية مرخصة لدى وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية برقم 1908، وتسعى للتوسع وافتتاح فروع في مناطق مختلفة في السعودية، وذلك وفق إمكاناتها، لإيمانها التام بأهمية رسالة الرفق بالحيوان ونشر الوعي حول ذلك.



غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
TT

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

عاد إلى ذاكرة مُؤسِّسة غاليري «آرت أون 56»، نهى وادي محرم، مشهد 4 أغسطس (آب) 2020 المرير. حلَّ العَصْف بذروته المخيفة عصر ذلك اليوم المشؤوم في التاريخ اللبناني، فأصاب الغاليري بأضرار فرضت إغلاقه، وصاحبته بآلام حفرت ندوباً لا تُمحى. توقظ هذه الحرب ما لا يُرمَّم لاشتداد احتمال نكئه كل حين. ولمّا قست وكثَّفت الصوتَ الرهيب، راحت تصحو مشاعر يُكتَب لها طول العُمر في الأوطان المُعذَّبة.

رغم عمق الجرح تشاء نهى وادي محرم عدم الرضوخ (حسابها الشخصي)

تستعيد المشهدية للقول إنها تشاء عدم الرضوخ رغم عمق الجرح. تقصد لأشكال العطب الوطني، آخرها الحرب؛ فأبت أن تُرغمها على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية. تُخبر «الشرق الأوسط» عن إصرارها على فتحه ليبقى شارع الجمّيزة البيروتي فسحة للثقافة والإنسان.

تُقلِّص ساعات هذا الفَتْح، فتعمل بدوام جزئي. تقول إنه نتيجة قرارها عدم الإذعان لما يُفرَض من هول وخراب، فتفضِّل التصدّي وتسجيل الموقف: «مرَّت على لبنان الأزمة تلو الأخرى، ومع ذلك امتهنَ النهوض. أصبح يجيد نفض ركامه. رفضي إغلاق الغاليري رغم خلوّ الشارع أحياناً من المارّة، محاكاة لثقافة التغلُّب على الظرف».

من الناحية العملية، ثمة ضرورة لعدم تعرُّض الأعمال الورقية في الغاليري لتسلُّل الرطوبة. السماح بعبور الهواء، وأن تُلقي الشمس شعاعها نحو المكان، يُبعدان الضرر ويضبطان حجم الخسائر.

الفنانون والزوار يريدون للغاليري الإبقاء على فتح بابه (آرت أون 56)

لكنّ الأهم هو الأثر. أنْ يُشرّع «آرت أون 56» بابه للآتي من أجل الفنّ، يُسطِّر رسالة ضدّ الموت. الأثر يتمثّل بإرادة التصدّي لِما يعاند الحياة. ولِما يحوّلها وعورةً. ويصوّرها مشهداً من جهنّم. هذا ما تراه نهى وادي محرم دورها في الأزمة؛ أنْ تفتح الأبواب وتسمح للهواء بالعبور، وللشمس بالتسلُّل، وللزائر بأن يتأمّل ما عُلِّق على الجدران وشدَّ البصيرة والبصر.

حضَّرت لوحات التشكيلية اللبنانية المقيمة في أميركا، غادة جمال، وانتظرتا معاً اقتراب موعد العرض. أتى ما هشَّم المُنتَظر. الحرب لا تُبقى المواعيد قائمة والمشروعات في سياقاتها. تُحيل كل شيء على توقيتها وإيقاعاتها. اشتدَّت الوحشية، فرأت الفنانة في العودة إلى الديار الأميركية خطوة حكيمة. الاشتعال بارعٌ في تأجيج رغبة المرء بالانسلاخ عما يحول دون نجاته. غادرت وبقيت اللوحات؛ ونهى وادي محرم تنتظر وقف النيران لتعيدها إلى الجدران.

تفضِّل نهى وادي محرم التصدّي وتسجيل الموقف (آرت أون 56)

مِن الخطط، رغبتُها في تنظيم معارض نسائية تبلغ 4 أو 5. تقول: «حلمتُ بأن ينتهي العام وقد أقمتُ معارض بالمناصفة بين التشكيليين والتشكيليات. منذ افتتحتُ الغاليري، يراودني هَمّ إنصاف النساء في العرض. أردتُ منحهنّ فرصاً بالتساوي مع العروض الأخرى، فإذا الحرب تغدر بالنوايا، والخيبة تجرّ الخيبة».

الغاليري لخَلْق مساحة يجد بها الفنان نفسه، وربما حيّزه في هذا العالم. تُسمّيه مُتنفّساً، وتتعمّق الحاجة إليه في الشِّدة: «الفنانون والزوار يريدون للغاليري الإبقاء على فتح بابه. نرى الحزن يعمّ والخوف يُمعن قبضته. تُخبر وجوه المارّين بالشارع الأثري، الفريد بعمارته، عما يستتر في الدواخل. أراقبُها، وألمحُ في العيون تعلّقاً أسطورياً بالأمل. لذا أفتح بابي وأعلنُ الاستمرار. أتعامل مع الظرف على طريقتي. وأواجه الخوف والألم. لا تهمّ النتيجة. الرسالة والمحاولة تكفيان».

الغاليري لخَلْق مساحة يجد بها الفنان نفسه وربما حيّزه في العالم (آرت أون 56)

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها: الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع، الإسعاف والصراخ... لـ9 أشهر تقريباً، أُرغمت على الإغلاق للترميم وإعادة الإعمار بعد فاجعة المدينة، واليوم يتكرّر مشهد الفواجع. خراب من كل صوب، وانفجارات. اشتدّ أحدها، فركضت بلا وُجهة. نسيت حقيبتها في الغاليري وهي تظنّ أنه 4 أغسطس آخر.