محور عن الثقافة المغربية في مجلة وزارة الثقافة

محور عن الثقافة المغربية في مجلة وزارة الثقافة
TT

محور عن الثقافة المغربية في مجلة وزارة الثقافة

محور عن الثقافة المغربية في مجلة وزارة الثقافة

صدر أخيراً عن وزارة الشباب والثقافة والتواصل (قطاع الثقافة)، العدد الـ43 من مجلتها «الثقافة المغربية»، وضم محوراً كبيراً بعنوان: «الثقافة المغربية في وضعها الراهن».
ويغطي العدد الجديد مجالات الفكر والفن والإبداع، ومجالات النشر والتوزيع، والملاحق الثقافية والمجلات الثقافية والفنية، والثقافة في المواقع الإلكترونية. كما يشمل الشعر والرواية والقصة والمسرح، والسينما والترجمة والثقافة الأمازيغية، والأدب المغربي المكتوب بالفرنسية، والتراث الصحراوي، والثقافة الشعبية، والفلسفة، وعلم الاجتماع، والأنثروبولوجيا، والنحت والتشكيل والموسيقى.
وتضمن المحور قراءات في مسار الثقافة المغربية، خلال نصف قرن من الزمن، ساهمت فيه مجموعة من المفكرين، والنقاد، الباحثين من تجارب وأجيال مختلفة، مع «إتاحة الفرصة للأجيال الجديدة من الباحثين، ممن تميزوا بنوعية ما يقدمونه من بحث وقراءة وفكر وإبداع»، كما جاء في افتتاحية المجلة. ومن العناوين التي تضمنها العدد «فنون وتعبيرات الجمالية... قراءة أفقية نقدية في واقع الموسيقى بالمغرب» لنبيل بن عبد الجليل و«التشكيل المغربي... حفريات في طوبوغرافيا التشكيل المغربي» لمحمد الشيكر و«تاريخ التشكيل المغربي، إضاءات بعيون مغايرة» لشفيق الزكاري. وفي محور «فن النحت» نقرأ «خرائطية فن النحت بالمغرب» لعز الدين بركة و«فن الفوتوغرافيا ملاحظات عن الفوتوغرافيا المغربية» لجعفر عقيل. ونشرت في محور «السينما والمسرح» المقالات التالية: «المسرح المغربي ورهانات التشريع والإبداع مفارقات الراهن أو القاعدة والاستثناء» لمحمد بهجاجي و«السينما المغربية، الواقع وتحديات المستقبل» لمحمد شويكة. وفي محور «الأدب والنقد» كتب عبد الله شريق عن «الشعر المغربي المعاصر في المغرب». وساهم لمراد القادري في محور «الزجـل» بمقال «الانتماء إلى الشعر وحده لا غير» لمراد القادري. وفي محور «النقدي الأدبي»، نشر مقال «النشأة والتطور» لمحمد رمصيص. وفي محور «القصة القصيرة بالمغرب»، ساهم جمال بوطيب بمقال «النقد الأدبي المغربي» بـ«التفكير الإبداعي والاستراتيجية القرائية».
وتضمن محور الرواية المغربية «ملاحظات حول بعض خصوصيات الرواية المغربية الجديدة» لعبد اللطيف محفوظ، وفي محور «الثقافة الأمازيغية» تناول يوسف توفيق «موقع الأمازيغية في دينامية الحقل الثقافي بالمغرب، نظرة بانورامية». أما في محور «الأدب المغربي المكتوب بالفرنسية» فنقرأ: «إلى أين يتجه الأدب المغربي المكتوب بالفرنسية» لرشيد خالص (ترجمة محمد أيت العميم). ونشرت في محور «العلوم الإنسانية» المقالات التالية: «الإمكان والممكن في الثقافة الفلسفية المغربية» لإدريس كثير و«حقل السوسيولوجيا في المغرب (تشخيصات ومناولات) لأحمد شراك» و«تطور الأنثروبولوجيا في المغرب، من دراسة الدين والأمازيغ إلى الأدب والفنون» لعياد أبلال و«نحو معرفة علمية للتاريخ بالمغرب الإقامة في الحركة من أجل الوعي بالتاريخ» لجمال أماش و«الحياة في الصحراء المغربية، طقوس واحتفاليات اجتماعية» لإبراهيم الحيسن، وغير ذلك من المحاور. وتم إرفاق العدد الجديد بالجزء الثاني من كتاب «فواصل الجُمان في أبناء وزراء وكتاب الزمان» لمحمد غريط (1881 - 1945) كهدية. ويعد هذا الكتاب، الذي راجعه وقدم له الناقد محمد آيت العميم، من الكتب النادرة التي «تعمل المجلة على توفيرها للقراء لاكتشاف ومعرفة التراث الثقافي والإبداعي والفكري، والفني أيضاً، للثقافة المغربية، في إطار الصيرورة والامتداد».



الفن بوصفه وسيلة للتعريف بقضايا المناخ

الفن بوصفه وسيلة للتعريف بقضايا المناخ
TT

الفن بوصفه وسيلة للتعريف بقضايا المناخ

الفن بوصفه وسيلة للتعريف بقضايا المناخ

يعد التغير المناخي من المواضيع المُقلقة والمهمة عالمياً، وهو من الملفات الرئيسية التي توليها الدول أهمية كبرى، حيث تظهر حاجة عالمية وشاملة واتفاق شبه كُلِّي من دول العالم على أهمية الالتزام بقضايا التغير المناخي والاستدامة لحماية كوكبنا للأجيال القادمة.

هذه القضية المهمة عبَّر عنها بعض الفنانين الذين استخدموا الفن لرفع الوعي بالقضايا البيئية. حيث كان الفن إحدى وسائل نشطاء البيئة للتعريف والتأثير في قضايا المناخ والاحتباس الحراري، لاعتقادهم أن الحقائق العلمية وحدها قد تكون غير كافية، ولأهمية التأثير في العاطفة، وهو ما يمكن للفن عمله.

ومن فناني البيئة العالميين الفنان الدنماركي أولافور إيلياسون، الذي عيَّنه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سفيراً للنوايا الحسنة للطاقة المتجددة والعمل المناخي عام 2019م، حيث تركز أعماله المعاصرة والتفاعلية على التعبير عن ظواهر الاحتباس الحراري، وكان أحد أشهر أعماله «مشروع الطقس» الذي عُرض في متحف «تيت مودرن» في لندن، وجذب أعداداً هائلة من الجماهير، إذ هدف هذا العمل التفاعلي إلى الإيحاء للمشاهدين باقترابهم من الشمس، ولتعزيز الرسالة البيئية لهذا العمل ضمِّن كتالوج المعرض مقالات وتقارير عن أحداث الطقس المتغيرة.

المناخ والبيئة

إن التعبير عن قضايا المناخ والبيئة نجده كذلك في الفن التشكيلي السعودي، وهو ليس بمستغرب، حيث يعد هذا الاهتمام البيئي انعكاساً لحرص واهتمام حكومة المملكة بهذه القضية، والتزامها الراسخ في مواجهة مشكلة التغير المناخي، حيث صادقت المملكة على اتفاقية باريس لتغير المناخ في عام 2016، وهو أول اتفاق عالمي بشأن المناخ. كما أطلقت المملكة مبادرتَي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، لتسريع العمل المناخي وحماية البيئة وتعزيز التنمية المستدامة. وهو ما يجعل الفرصة مواتية للفنانين السعوديين للمشاركة بشكل أكبر في التعبير عن القضايا البيئية، مما يسهم في عكس جهود المملكة تجاه هذه القضايا ومشاركة الجمهور في الحوار حولها.

فعلى سبيل المثال، عبَّرت الفنانة التشكيلية منال الضويان عن البيئة في عمل شهير أنتجته عام 2020م، في معرض DESERT-X في مدينة العلا، بعنوان «يا تُرى هل تراني؟»، حيث كان العمل عبارة عن منصات تفاعلية للقفز في صحراء العلا، في إيحاء غير مباشر بالواحات الصحراوية والبِرَك المائية التي تتكون في الصحراء بعد موسم الأمطار، لكنها اختفت نتيجة للتغير المناخي والري غير المسؤول، وتأثيره البيئي في الطبيعة من خلال شح المياه واختفاء الواحات في المملكة.

الفن البيئي

كما نجد الفن البيئي بشكل واضح في أعمال الفنانة التشكيلية زهرة الغامدي التي ركزت في تعبيرها الفني على المواضيع البيئية من خلال خامات الأرض المستمدة من البيئة المحلية؛ مثل الرمال والأحجار والجلود والنباتات المأخوذة من البيئة الصحراوية كالشوك والطلح، وكيفية تحولها نتيجة العوامل المؤثرة فيها كالجفاف والتصحر والتلوث البيئي، كما في عملها «كوكب يختنق؟» الذي استخدمت فيه أغصان الأشجار المتيبسة وبقايا خامات بلاستيكية، لمواجهة المتلقي والمشاهد بما يمكن أن تُحدثه ممارسات الإنسان من تأثير بيئي سلبي، وللتذكير بالمسؤولية المشتركة لحماية كوكب الأرض للأجيال القادمة.

إن الفن البيئي لدى زهرة الغامدي يتمثل في نقل المكونات الطبيعية للأرض والبيئة المحلية وإعادة تشكيلها في قاعة العرض بأسلوب شاعري يستدعي المتلقي للانغماس في العمل الفني والطبيعة والشعور بها والتفاعل معها لتعزيز الارتباط بالأرض، فمن خلال إعادة تشكيل هذه الخامات البيئية يتأكد التجذر بالأرض والوطن والارتباط به.

وقد نجد التعبير عن المواضيع البيئية أكثر لدى التشكيليات السعوديات من زملائهن من الرجال، وقد يكون ذلك طبيعياً نتيجة حساسية المرأة واهتمامها بمثل هذه القضايا. وهو ما يثبته بعض الدراسات العلمية؛ إذ حسب دراسة من برنامج «ييل» للتواصل بشأن التغير المناخي، بعنوان «اختلافات الجنسين في فهم التغير المناخي» تظهر المرأة أكثر ميلاً إلى الاهتمام بالبيئة، كما أن للنساء آراء ومعتقدات أقوى مؤيدة للمناخ وتصورات أعلى للمخاطر الناتجة عن التغيرات المناخية، وقد فسر الباحثون هذه الاختلافات بأنها نتيجة اختلافات التنشئة الاجتماعية بين الجنسين، والقيم الناتجة عن ذلك كالإيثار والرحمة وإدراك المخاطر.

ومع أن الفن استُخدم كثيراً للتوعية بالقضايا البيئية، إلا أن بعض نشطاء البيئة حول العالم استخدموه بطريقة مختلفة للفت النظر حول مطالبهم، مثل أعمال الشغب والتخريب لأهم الأعمال الفنية في المتاحف العالمية، وقد استهدف بعض هؤلاء الناشطين أشهر الأعمال الفنية التي تعد أيقونات عالمية كلوحة «دوار الشمس» لفان غوخ، ولوحتي «الموناليزا» و«العشاء الأخير» لدافنشي. تخريب هذه الأعمال ليس لأنها مناهضة للبيئة بقدر ما هي محاولة لفت النظر نحو قضاياهم، لكن لتحقيق التغيير المطلوب، أيهما أجدى، التعبير الإيجابي من خلال الفن، أم السلبي من خلال تخريبه؟

إن الفن التشكيلي ليس مجرد وسيلة للتعبير، بل له دور حاسم ومؤثر في تشكيل الوعي بالقضايا البيئية، فهو يدعو لإعادة التفكير في علاقتنا بها، والعمل معاً لمستقبل أكثر استدامة. إضافةً إلى دوره بصفته موروثاً ثقافياً للأجيال المقبلة، إذ يسجل تجربتنا في مواجهة هذا التحدي العالمي.

* كاتبة وناقدة سعودية