يبدو الرباعي العربي الأفريقي، الجزائر وتونس ومصر والمغرب، على أبواب إنجاز تاريخي، عندما يخوض اليوم (الثلاثاء) إياب الدور الثالث الحاسم من التصفيات الأفريقية المؤهلة لنهائيات كأس العالم لكرة القدم 2022 في قطر.
وكان الرباعي خطا خطوة كبيرة لحجز بطاقة التأهل، خصوصاً تونس والجزائر اللتين عادتا بفوز ثمين خارج القواعد من مالي والكاميرون بنتيجة واحدة 1 - صفر، والمغرب المتعادل مع مضيفته الكونغو الديمقراطية 1 - 1، فيما حققت مصر الأهم بفوزها على ضيفتها السنغال بطلة القارة السمراء بهدف وحيد بالنيران الصديقة.
ويكفي المنتخبات الأربعة التعادل (سلبي للمغرب) لتضمن وجودها في قطر، في إنجاز تاريخي للمنتخبات العربية في القارة السمراء، حيث لم يسبق أن بلغ هذا العدد نهائيات نسخة واحدة من المونديال، وكانت النسخة الأخيرة في روسيا قبل أربعة أعوام أكبرها بوجود المغرب وتونس ومصر.
وفي حال تأهلها سيرتفع عدد المنتخبات العربية في النهائيات إلى ستة، بعد قطر المضيفة والسعودية، في إنجاز آخر للكرة العربية التي يبقى أكبر عدد لممثليها في النهائيات 4، وكان ذلك في النسخة الأخيرة في روسيا، وهي فضلاً عن تونس والمغرب ومصر، السعودية.
وتنتظر الفراعنة رحلة محفوفة بالمخاطر لتأكيد تفوقهم على السنغال وقائدها زميل محمد صلاح في ليفربول الإنجليزي ساديو ماني، على الملعب الجديد «عبدواللاي واد» في ديامنياديو على بعد 30 كلم من العاصمة داكار الذي يتسع لـ50 ألف مشجع.
صراع ماني وصلاح يتجدد في مواجهة الحسم بين السنغال ومصر اليوم (أ.ف.ب)
وكانت مصر ثأرت الجمعة لخسارتها أمام السنغال بالذات في المباراة النهائية للعرس القاري بالكاميرون مطلع العام الحالي بركلات الترجيح، لكن مهمتها لن تكون سهلة للعودة ببطاقة التأهل للمرة الرابعة في تاريخها إلى المونديال والثانية على التوالي، كون «أسود التيرانغا» ستكون مدعمة بجماهيرها الغفيرة في أول مباراة لها على أرضها منذ تتويجها القاري الثاني في تاريخها.
ويملك الفراعنة نقطة قوة تتمثل في خط الدفاع الذي حافظ على نظافة شباكه على مدار أكثر من 210 دقائق في مواجهة المنتخب السنغالي خلال مباراتين في غضون أقل من سبعة أسابيع، حيث تعادل الفريقان سلبياً في الوقتين الأصلي والإضافي بالمباراة النهائية لكأس الأمم الأفريقية في الكاميرون مؤخراً، ثم في لقاء الجمعة الذي انتزعت فيه مصر الفوز بهدف نظيف.
والآن، لم يعد الفريق المصري بحاجة إلى هز شباك المنافس بقدر حاجته إلى الحفاظ على نظافة شباكه لمدة 90 دقيقة أخرى في مباراة اليوم. ويعاني الفراعنة من غيابات مؤثرة في خط الدفاع بسبب إصابة مدافع اتحاد جدة السعودي أحمد حجازي الذي غاب عن مباراة الذهاب، ومحمد عبد المنعم الذي خضع لعملية جراحية لاصابته بكسر في أنفه بلقاء الجمعة، ومحمود حمدي (الونش) للإيقاف.
ووجه المدرب البرتغالي كارلوس كيروش رسالة تحفيزية للاعبيه، وكتب باللغة العربية عبر حسابه الشخصي على «تويتر»: «شباب مصر جاهزون للشوط الثاني، نمتلك طاقة أكثر من أي وقت مضى، بتواضعنا وروح فريقنا والعمل الجماعي فلن نكون بمفردنا لأننا نحمل في قلوبنا دعم جمهور مصر».
وأوضح أن فريقه «سيدافع بـ16 لاعباً. ما أعنيه بـ16 لاعباً هو أن كل لاعب يجب أن يبذل جهد لاعبين، وليس جهد لاعب واحد فقط»، مضيفاً: «لقد فزنا بجدارة في مباراة الذهاب ضد أفضل منتخب في أفريقيا، والآن نذهب إلى السنغال للقتال من أجل كل متر، كل كرة، يجب على كل مصري مضاعفة جهوده».
في المقابل، قال مدرب السنغال أليو سيسيه: «نسعى لمعالجة غياب الفاعلية الهجومية التي عانينا منها بالقاهرة»، مشيراً إلى أن منتخب بلاده ما زال يملك فرصة التأهل للمونديال، موضحاً: «لدينا القدرة على تعويض فارق الهدف، والتركيز لتعويض الخسارة، نثق في أنفسنا ونثق في قدرتنا على تحقيق الفوز من أجل التأهل».
بدورها، تسعى الجزائر إلى تأكيد نتيجتها اللافتة أمام الكاميرون عندما تستضيفها على ملعب «مصطفى تشاكر» بالبليدة، في سعيها لبلوغ النهائيات للمرة الخامسة بعد 1982 و1986 و2010 و2014.
وشهد محيط الملعب تهافتاً غير مسبوق على تذاكر المباراة، حيث احتشد الآلاف من المشجعين من أجل شرائها، لكن محاولات كثير منهم باءت بالفشل بسبب عددها المحدود، وشهدت العملية مناوشات بين الأنصار، ما اضطر الأمن إلى التدخل بحزم. وتبدو كفة الجزائر راجحة لإعادة البسمة إلى جماهيرها، بعد خيبة الأمل في العرس القاري بالكاميرون عندما فقدت لقبها بخروجها من الدور الأول.
وأكد قائد الجزائر نجم مانشستر سيتي الإنجليزي رياض محرز أن منتخب بلاده تخطى شوطاً فقط في طريقه لنهائيات كأس العالم، مشدداً على أن مباراة الإياب ستكون صعبة جداً.
وقال محرز: «فزنا بشوط أول فقط، مع كثير من الرغبة والإرادة، لكننا نعلم أن هناك مباراة ثانية بالجزائر ستكون قوية جداً... منتخب الكاميرون صعب الترويض، ونعلم أنه سيفعل المستحيل ليظهر ردة فعله في لقاء الإياب، لهذا سنعد العدة جيداً، وسنكون مستعدين لهذا اللقاء».
سليماني يحتفل بهدفه الذي منح الجزائر أفضلية على الكاميرون (أ.ف.ب)
ولا يختلف حال منتخب تونس (نسور قرطاج) عن جيرانهم الجزائريين عندما يستضيفون مالي على ملعب «حمادي العقربي» في رادس كونهم يدخلون المواجهة بأفضلية الفوز ذهاباً بهدف نظيف بالنيران الصديقة.
وحرم المنتخب التونسي نظيره المالي من عودة ناجحة إلى ملعبه في باماكو وتغلب عليه 1 - صفر ليضعف آماله في كتابة التاريخ والوصول إلى نهائيات كأس العالم للمرة الأولى في تاريخه. وعاد منتخب مالي للعب على هذا الاستاد بعد غياب لمدة عامين لعدم ملاءمته للمباريات الدولية.
ونفذت 35 ألف تذكرة مخصصة للمباراة في وقت قياسي، ما جعل الجماهير التونسية من مختلف مناطق البلاد تتذمر لعدم حصولها على فرصة لتشجيع الفريق في هذه المباراة المصيرية. وتطالب السلطات بزيادة العدد المسموح لدخول ملعب رادس، من أجل دعم نسور قرطاج ومشاركتهم فرحة التأهل السادس للمونديال.
وطالب مدرب تونس جلال القادري لاعبيه بعدم الاعتماد على نتيجة لقاء الذهاب، وقال: «علينا الثبات بقوة على أرجلنا، وألا نفرح كثيراً إلا بعد إنجاز المهمة في لقاء الإياب». وأضاف: «حققنا خطوة مهمة على درب التأهل لمونديال قطر 2022 لكننا لم نتأهل بعد، وأنا متأكد أن لقاء العودة سيكون أصعب من الذهاب، خصوصاً على مستوى التحضير الذهني، ونأمل في أن نعرف كيف نتعامل مع مجريات اللقاء مهما كان السيناريو من أجل بلوغ النهائيات للمرة السادسة في التاريخ»... بعد 1978 و2002 و2006 و1998 و2018.
في المقابل، أكد رئيس الاتحاد المالي ماماتو توري عند وصوله إلى تونس: «المباراة ستكون صعبة من دون شك، نتمنى من الجميع أن يكونوا جاهزين لكسب ورقة التأهل»، مضيفاً: «منتخب مالي سيلعب بمنطق - الكل في الكل - حيث لم يعد هناك شيء يخشى عليه من أجل تحقيق إنجاز تاريخي للكرة المالية التي لم تتذوق من قبل طعم الوجود في المونديال».
ويسعى المغرب إلى تكرار إنجازي عامي 1994 و1998 عندما تخطى منافسيه الزامبي والغاني على ملعب محمد الخامس في الدار البيضاء لبلوغ نهائيات الولايات المتحدة وفرنسا توالياً.
ويحتاج المغرب إلى التعادل السلبي مع الكونغو الديمقراطية بعد انتزاعه التعادل الإيجابي 1 - 1 ذهاباً لبلوغ النهائيات، كون القارة السمراء وخلافاً للقوانين الجاري بها العمل في أوروبا تحتسب قاعدة الأهداف المسجلة خارج القواعد بالضعف، وبالتالي فإن الاحتفاظ بنظافة الشباك سيمكن «أسود الأطلس» من حجز البطاقة المونديالية السادسة في تاريخهم.
وفرط المغرب في فوز في المتناول ذهاباً، حيث أهدر له المهاجم ريان مايي ركلة جزاء، وقد أعرب الأخير عن تصميمه على التعويض أمام أنصاره في الدار البيضاء.
وقال البوسني - الفرنسي وحيد خليلودزيتش مدرب المغرب الذي يواجه انتقادات كثيرة بسبب خططه التكتيكية واختياراته للتشكيلة: «مصر تعتمد بشكل كبير على صلاح والسنغال على ماني والجزائر على محرز. لكن المغرب يعتمد على 11 لاعباً».
وكان المنتخب المغربي أحرز جميع النقاط الـ18 المتاحة في مسيرته بدور المجموعات من تصفيات المونديال، حيث فاز بجميع المباريات الست، ولكنه خاض جميع هذه اللقاءات على ملعبه في الرباط والدار البيضاء، وهو ما قد يكون وراء سر الإخفاق في اختباره بكأس الأمم الأفريقية. والآن يمتلك المغرب الدليل على أنه قادر على اجتياز الاختبارات الصعبة. وفي المباراة الخامسة الأخيرة، تبقى حظوظ المنتخبين النيجيري والغاني متساوية عندما يلتقيان في أبوجا بعد تعادلهما سلباً في أكرا، وإن كانت الأفضلية نسبية لـ«نسور نيجيريا الممتازة» التي تلعب على أرضها وأمام جماهيرها.