عبد الله الثاني: لا أمن في المنطقة من دون قيام الدولة الفلسطينية

ناقش مع عباس في رام الله كبح التصعيد المحتمل خلال رمضان

الرئيس الفلسطيني محمود عباس والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في رام الله أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في رام الله أمس (أ.ف.ب)
TT

عبد الله الثاني: لا أمن في المنطقة من دون قيام الدولة الفلسطينية

الرئيس الفلسطيني محمود عباس والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في رام الله أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في رام الله أمس (أ.ف.ب)

قال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إن المنطقة لا يمكن أن تنعم بالأمن والاستقرار دون حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين، الذي يجب أن يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية. وأضاف الملك عبد الله أثناء لقائه الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مقره في رام الله في الضفة الغربية «الأردن سيبقى دائماً مع الأشقاء الفلسطينيين وحقوقهم، رغم كل التحديات».
وزيارة عبد الله الثاني لرام الله، هي الأولى من نوعها منذ 5 أعوام، وجاءت في خضم حراك سياسي مكثف في المنطقة ركز على قضايا أمنية متعددة.
والتقى العاهل الأردني بعباس بعد لقاء جمع الأخير بوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي قاد اجتماعاً وزارياً في إسرائيل ضم نظراءه المصري والإماراتي والبحريني والمغربي والإسرائيلي وهو لقاء انتقده الفلسطينيون على خجل.
وقال رئيس الوزراء محمد أشتية إن «لقاءات التطبيع العربي دون إنهاء الاحتلال ما هي إلا وهم وسراب ومكافأة مجانية لإسرائيل»، في أول انتقاد لمسؤول فلسطيني رسمي لقمة النقب التي عقدت في إسرائيل.
ولم يسم أشتية الاجتماع الوزاري باسمه أو أسماء الدول المشاركة فيها امتثالاً لتوجه فلسطيني سابق بعدم إثارة المزيد من الخلافات مع المحيط العربي.
وركز أشتية هجومه على إسرائيل، وقال إنها مهما حاولت «تجاهل حقوقنا وتدمير كل فرص السلام، فإن ذلك لا يزيدنا إلا إصراراً على مواجهة هذه الماكينة الإسرائيلية التدميرية لأرضنا وأهلنا ومقدساتنا».
وأضاف في كلمة له بمستهل جلسة الحكومة الاثنين: «سنبقى أوفياء لأرضنا ولمقدساتنا ولأمتنا العربية، ولتاريخنا وحاضر أمتنا وحرية شعبنا البطل القادر على إفشال كل المخططات الرامية للنيل من حقنا في الاستقلال والسيادة والحرية».
ولم يشارك الفلسطينيون في الاجتماع الوزاري ولم يلتقوا إلا بلينكن الذي ركز على الوضع الأمني.
وفيما قال عباس لبلينكن إن الأولوية دائماً يجب أن تكون لحل سياسي ينهي الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، وطالب بالعمل على حل جميع قضايا الوضع الدائم، شدد بلينكن على ضرورة أن يمر شهر رمضان المبارك، وعيد الفصح المسيحي، وعيد الفصح اليهودي، بسلام ودون أي أعمال عنف، وتحدث عن إعادة بناء العلاقة مع السلطة الفلسطينية ومع الشعب الفلسطيني، وتحسين جودة ونوعية الحياة للفلسطينيين، وتقديم مساعدات وعلى الحقوق المدنية للفلسطينيين وحقوق الإنسان، ودعم المجتمع المدني ووجود حوكمة مسؤولة ثم أكد أنهم ملتزمون بحل الدولتين.
وهاجم مسؤول فلسطيني بلينكن، وقال إنه جاء إلى رام الله لبيع الوهم من جديد. وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بسام الصالحي إن وزير الخارجية الأميركي «كرر إعادة بيع الوهم».
والوضع الأمني الذي بحثه عباس وبلينكن وكان محل نقاش مستفيض ومكثف بين مسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين وأميركيين ومصريين في الأسابيع القليلة الماضية بما في ذلك لقاء جمع العاهل الأردني ووزير الخارجية الإسرائيلية لبيد في عمان قبل نحو أسبوعين، حضر بقوة في قمة رام الله أمس.
وأكد الملك عبد الله وعباس ضرورة الحفاظ على الهدوء الشامل، وتعزيز الاستقرار خصوصاً خلال شهر رمضان المبارك، واحترام حق المسلمين بممارسة شعائرهم الدينية في الحرم القدسي الشريف، دون أي استفزازات أو تدخل.
وركزت المباحثات على أهمية العمل مع جميع الأطراف لتفادي أي تصعيد من شأنه إضعاف فرص إحلال السلام والتأثير سلباً على جهود تحقيقه.
وقال العاهل الأردني إنه يجب وقف كل الإجراءات الأحادية، خصوصاً في القدس والحرم الشريف، والتي تعوق فرص تحقيق السلام الشامل الدائم في المنطقة، والذي هو هدفنا جميعا لتعيش الدولة الفلسطينية المستقلة بسلام وأمان إلى جانب إسرائيل.
وإضافة إلى مسؤولين من البلدين، اصطحب العاهل الأردني معه مدير المخابرات العامة اللواء أحمد حسني، فيما حضر مدير المخابرات الفلسطينية اللواء ماجد فرج.
والأردن هو المسؤول عن المقدسات في القدس ولا يرغب في توتر آخر يشبه التوتر الذي حدث العام الماضي، وقاد في نهاية المطاف إلى حرب في قطاع غزة ومواجهات غير مسبوقة في الداخل.
وقال الملك عبد الله إن «الأردن مستمر بجهوده للحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي القائم في القدس، وحماية ورعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية فيها، بموجب الوصاية الهاشمية عليها». وأكد للرئيس الفلسطيني أنه يريد أن يسمع منه ما هو مطلوب من الأردن لتخفيف التحديات والمعوقات أمام الفلسطينيين مضيفاً: «نحن في نفس الخندق».
وأعرب الملك الأردني كذلك عن سعادته بوجوده في رام الله للقاء الرئيس عباس، وأشاد بكرم الضيافة وحسن الاستقبال.
وكان عباس قد استقبل العاهل الأردني وولي عهده الأمير الحسين بن عبد الله، قائلاً له إنه «شرف كبير لنا». وأضاف: «نحن وأنتم جلالة الملك واحد، وفعلاً الأردن وفلسطين واحدة، والمصلحة واحدة والهموم واحدة والآمال واحدة، وهي زيارة مهمة جداً للتشاور والحديث حول ما يحصل». وتابع: «لا ننسى أبداً أن الموقف الأردني من القضية الفلسطينية هو موقف فلسطيني، بدنا كل مرة تزورنا، لا تطول الزيارات علينا، وأنا بعرف تعليمات صاحب الجلالة، كل شيء يتعلق بفلسطين يقول لا تراجعوني».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».