هل غير بوتين أهدافه في أوكرانيا؟

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (إ.ب.أ)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (إ.ب.أ)
TT
20

هل غير بوتين أهدافه في أوكرانيا؟

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (إ.ب.أ)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (إ.ب.أ)

يقول المفكّر الفرنسي بيار كونيزا في كتابه «فبركة العدو»، والمقصود كيف نُحضّر عدواً للقضاء عليه: «يجب شيطنة العدو ووصفه بالخطير على الأمن القومي. يجب تحضير الداخل والخارج. كما يجب تحضير الخطاب المناسب».
ويسأل كونيزا: «هل العدو ضروري؟». وهنا يقتبس عن جنرال فرنسي قوله: «يتمتّع العدو السوفياتي بكل الصفات ليكون عدواً جيّداً. فهو صلب، وثابت، وعسكريّ يُشبهنا، كما يُمكن توقّع سلوكه. غيابه يضرب روابطنا، ويجعل قوّتنا واهية». وهذا الأمر يأخذنا إلى الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر الذي يعتبر أننا بحاجة إلى الآخر كي نكّون الذات، حتى ولو كان هذا الآخر هو الجحيم في حدّ ذاته.
في الحرب العالميّة الثانية، ساهمت هوليوود بإنتاج أفلام تُشيطن العدو الياباني. حتى إن الكاتب الأميركي من أصل لبناني جاك شاهين، درس وحلّل حوالي ألف فيلم هوليوودي، واستنتج أن هوليوود تسعى دائماً إلى شيطنة صورة العربي في أفلامها (هو دائما الشرّير).
سمّى الرئيس بوش الابن بعض الدول «محور الشرّ».
https://twitter.com/aawsat_News/status/1504421035331837952?t=QZQozrPwXjSKHUIaTRYaWg&s=09
أخيرا وليس آخرا، نعت الرئيس فلاديمير بوتين حكّام أوكرانيا بـ«النازيين»، لما لهذه التسمية من وقع سلبي في الذاكرة الجماعيّة الروسيّة. وقبل هذا، كان قد حضّر المنصّة التاريخيّة لمحو أوكرانيا كدولة، حتى حاول الدخول إلى عقول الأوكرانيين لإقناعهم بأن بلدهم مجرّد وهم لا وجود له.
ولأن الحرب تخدم الأهداف السياسيّة، فقد حدّد بوتين الأهداف التالية: تغيير النظام في كييف، والاعتراف الأوكراني بسيادة روسيا على شبه جزيرة القرم، واعتراف أوكرانيا باستقلال إقليم دونباس، وحياد أوكرانيا وعدم انضمامها إلى حلف الناتو.
هذه الأهداف ترتبط بمدى التقدّم على أرض المعركة. وكلّ إنجاز ميداني سيُدعّم موقف الرئيس بوتين حول طاولة المفاوضات، إذا وجدت. كما أن أداء الجيش الروسي في الحرب، هو تحت المجهر العالمي ككل، وليس الغربي فقط، وضمناً الحليف الصيني بسبب القرب الجغرافي وتاريخ الصراع بينهما على الحدود. فالعالم، وخاصة الغربيّ، سيدرس الجيش الروسي في عدّة مجالات منها: الاستراتيجيّة ككلّ، وهرميّة القيادة من السياسة إلى العسكر والعكس، والقيادة والسيطرة، والعمل القتالي الميداني المُشترك بين مختلف الأسلحة (Combined Arms)، والقوّة الناريّة، وفعالية القوة الجوية، والأسلحة الجديدة المُستعملة، والقدرة اللوجستيّة لتموين حرب بهذا الحجم، والابتكارات الجديدة إن كان في طريقة القتال أو في كيفيّة تكامل المستوى التكتيكي مع العملاني. أيضاً قد يختبر الغرب الخطوط الحمر لروسيا، أي متى تنتقل من التقليدي إلى استعمال أسلحة الدمار الشامل. والأهم، أو الأخطر، هو كيف سيؤمّن الغرب الجسر الذهبي، حسب تعبير صان تسو، لبوتين في حال فشله للخروج من المأزق مع حفظ ماء الوجه.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1503764207526834180
غيّر الجيش الروسي استراتيجيّته، بعد أن صرّح مدير العمليات العسكرية في الأركان الروسيّة أن الجيش حقّق أهداف المرحلة الأولى، ألا وهي: خفض قدرة الجيش الأوكراني، وتشتيت قواه العسكريّة. أما صورة المرحلة المقبلة فستكون عبر تحرير إقليم دونباس.
بعض الأسئلة المُحيّرة في التغيير الاستراتيجي الروسي:
* التغيير عادة لا يأتي من المستوى الاستراتيجيّ، بل من المستوى السياسيّ، كون الاستراتيجي هو عادة في خدمة السياسيّ.
* هل غيّر بوتين الأهداف الكبرى المذكورة أعلاه؟ وإذا غيّرها، وهي كبيرة جدّا، فهل يكفي أن يُحرّر إقليم دونباس ليُبرر الحالة التي وصلت إليها روسيا تجاه العالم؟
* وإذا حرّر إقليم دونباس، فهل هذا المكسب يتوازى مع الأثمان المدفوعة حتى الآن؟ وهل هذا الجيش العظيم الذي حضّره بوتين لم يعد قادراً إلا على تحرير دونباس؟ وماذا عن صورة هذا الجيش مقابل الجيوش الأخرى، وهو الممرّ الأساسي للرئيس الروسي لكي يجلس مع القوى العظمى في المرتبة نفسها؟
* هل وصل الجيش الروسي إلى حائط مسدود؟ وهل هذا جُلّ ما يمكن تنفيذه؟ هل وصل الأداء إلى مفهوم «تناقص العوائد» (Diminishing Return)؟ بكلام آخر، هل أصبحت تكلفة الحرب تفوق الأرباح كثيراً؟
* ويبقى السؤال، هل تحرير دونباس يُجبر الآخر على التفاوض بعد أن دفع هذا الآخر أثماناً كبيرة أيضاً، وبعد أن تكّونت الأحلاف الكونيّة ضدّ بوتين وهو جزء أساسي منها؟ إذاً إلى أين من هنا؟



«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT
20

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)

دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرار غير ملزم صدر بغالبية ساحقة وصوّتت ضدّه خصوصا الولايات المتحدة وإسرائيل إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في قطاع غزة.

والقرار الذي صدر بغالبية 158 دولة مؤيدة في مقابل 9 دول صوّتت ضدّه و13 دولة امتنعت عن التصويت، يدعو إلى "وقف لإطلاق النار فوري وغير مشروط ودائم" وكذلك أيضا إلى "الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن"، وهي صيغة مشابهة لتلك التي وردت في مشروع قرار استخدمت ضدّه واشنطن في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الفيتو في مجلس الأمن الدولي.

واستخدمت الولايات المتحدة يومها حق النقض لحماية إسرائيل التي تشن منذ أكثر من سنة هجوما عسكريا في قطاع غزة ردا على هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس على جنوب الدولة العبرية. وعطّل الأميركيون في حينها صدور قرار في مجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق نار "فوري وغير مشروط ودائم" في غزة، مشترطين من أجل إقرار أي هدنة إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في القطاع منذ هجوم حماس.

وقبيل التصويت على النصّ، قال نائب السفيرة الأميركية في الأمم المتّحدة روبرت وود إنّه سيكون من "المخزي" تبنّي مشروع القرار لأنّه "قد يوجّه إلى حماس رسالة خطرة مفادها أنّ لا حاجة للتفاوض أو لإطلاق سراح الرهائن"، في وقت تحدّثت فيه وزارة الدفاع الإسرائيلية عن "فرصة" لإبرام اتفاق لاستعادة الرهائن.

بدوره قال السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون إنّ "تصويت اليوم ليس تصويت رحمة، بل هو تصويت تواطؤ" و"خيانة" و"تخلّ" عن الرهائن المحتجزين في القطاع الفلسطيني.