الراعي يرفض تحويل لبنان إلى «استبدادي بوليسي»

انتقد تسييس القضاء وحذر من تطيير الانتخابات النيابية

الراعي مترئسا قداس الأحد (الوكالة الوطنية)
الراعي مترئسا قداس الأحد (الوكالة الوطنية)
TT

الراعي يرفض تحويل لبنان إلى «استبدادي بوليسي»

الراعي مترئسا قداس الأحد (الوكالة الوطنية)
الراعي مترئسا قداس الأحد (الوكالة الوطنية)

انتقد البطريرك الماروني بشارة الراعي «تسييس» القضاء اللبناني، متحدثا عن «تلفيق اتهامات ودعاوى مسيسة وانتقائية» وعن استغلال «السلطة لبعض القضاة». وفيما حذر من أن يكون الهدف تطيير الانتخابات النيابية، أمل أن يقوم رئيس الجمهورية المقبل بمهمة النهوض بالبلاد وانتشالها من المحاور إلى الحياد. كما رفض من جهة أخرى المس بحق التعبير عن الرأي ونقل البلاد إلى جو استبدادي وبوليسي شبيه بالأنظمة الشمولية البائدة.
وتوجه الراعي إلى المسؤولين في عظة الأحد قائلاً: «ماذا تفعلون أيها المسؤولون السياسيون، أكنتم في الحكم أم خارجه؟ أما لليل الأزمات والفتن والأحقاد أن ينجلي؟ أما لليل الانهيار وتسيب الحدود ومداخيل جمارك المطار والمرافئ والضرائب والفواتير والفلتان الأمني أن ينجلي؟ أما لليل الفقر والجوع والبطالة أن ينجلي؟ أما لليل القضاء الانتقائي والانتقامي والانتخابي والمسيس والمركبة ملفاته مسبقاً أن ينجلي؟ أما لليل تلفيق الاتهامات والدعاوى والسكوت عن أخرى ساطعة أن ينجلي؟ أما لليل تجميد التحقيق في جريمة تفجير مرفأ بيروت أن ينجلي؟ أما لليل الخروج عن الدولة والشرعية والجيش أن ينجلي؟ أما لليل الهيمنة والباطل وتعطيل الدستور والنظام والميثاق أن ينجلي؟ أما لليل ضرب المؤسسات الأساسية والمصارف وحجز أموال المودعين وضرب الاقتصاد الحر أن ينجلي؟ أما لليل تلوين كل شيء بالطائفية والمذهبية أن ينجلي؟ أما لليل طمس حقيقة مرض لبنان السياسي القتال أن ينجلي؟ أما لليل مفهوم الدولة أن ينجلي بمكوناتها الثلاثة: أرض وشعب ومؤسسات، وبوظائفها الأربع: وحدة القوة المنظمة، ووحدة العلاقات الدبلوماسية، ووحدة فرض الضرائب وجبايتها، ووحدة إدارة السياسات العامة؟».
وتابع الراعي سائلاً: «إلى متى أيها المسؤولون والمتعاطون الشأن السياسي تمعنون في قهر شعبنا، وتمنعونه من التعبير والشكوى والمعارضة ورفع الرأس، وتنسفون الحلول، للإطباق على لبنان؟»، مؤكدا أن «حق التعبير عن الرأي يولد مع الإنسان ويضمنه الدستور عندنا في لبنان»، ومحذرا «من المس به ونقل البلاد إلى جو استبدادي وبوليسي شبيه بالأنظمة الشمولية البائدة. هذه الأساليب القمعية لا تشبه لبنان الذي أمضى تاريخه في الدفاع عن الحريات، وهي رسالته، إن التمادي في القمع يؤسس لانتفاضة شعبية لا أحد يستطيع التنبؤ بمداها ونتائجها».
ووصف حالة القضاء في لبنان بـ«المحزنة والخطرة»، متسائلاً: «أين القضاة الشرفاء؟ وأين المرجعيات القضائية لا تقوم بواجباتها الناهية حماية للجسم القضائي؟ وأين السلطة لا تردع ذاتها عن استغلال بعض القضاة ولا تردع المتطاولين على دورها؟ هل الهدف من بعض الإجراءات الصادمة خلق واقع يؤدي إلى تطيير الانتخابات النيابية في موعدها، وتحميل مسؤولية هذه الجريمة الوطنية للطرف الذي يريد حصولها حقا. يجب أن يتم هذا الاستحقاق الدستوري وأن يعقبه انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل شهرين من نهاية ولاية الرئيس الحالي بموجب المادة 73 من الدستور. من شأن الرئيس الجديد أن ينهض بالبلاد وينتشلها من المحاور إلى الحياد، ويضع حدا لهذا الانهيار والدمار. لبنان ليس ملك فئة. إنه ملك الشعب والتاريخ والمستقبل».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.