لا نهاية قريبة لظاهرة التشدد الهندوسي الشعبوي في الهند

في ضوء انتصارات «بهاراتيا جاناتا» الانتخابية الأخيرة

لا نهاية قريبة لظاهرة التشدد الهندوسي الشعبوي في الهند
TT

لا نهاية قريبة لظاهرة التشدد الهندوسي الشعبوي في الهند

لا نهاية قريبة لظاهرة التشدد الهندوسي الشعبوي في الهند

تمكّن حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم في الهند من الخروج منتصراً في أربع ولايات هندية من أصل خمس شهدت الانتخابات المحلية في الفترة الأخيرة. وكان ينظر إلى هذه الانتخابات باعتبارها اختباراً لشعبية رئيس الوزراء القومي اليميني ناريندرا مودي قبل الانتخابات العامة المقرّرة في 2024، عندما يسعى للحصول على فترة ولاية ثالثة.
حزب بهاراتيا جاناتا، رأس اليمين القومي الهندوسي الهندي، احتفظ بالسلطة في أربع ولايات - أوتار براديش (أكبر ولايات الهند من حيث عدد السكان) وأوتارانتشال وغوا ومانيبور. ونال الحزب أكبر عدد من الأصوات داخل الولايات الأربع من بين الأحزاب السياسية المشاركة في السباق الانتخابي. وبالنظر إلى العوامل التي بدا أنها تقف ضد الحزب خلال العامين الماضيين، ولقد تنوعت ما بين حركات مناهضة لمودي ومظاهرات جماهيرية تعترض على ظروف اقتصادية صعبة، اكتسب هذا الفوز أهمية كبيرة. بل، جاء ميل الناخبين تجاه التصويت لصالح مَن يشغل السلطة ليثير حيرة علماء السياسة.
وفي حين رأى البعض أن الانتصارات الانتخابية التي حققها بهاراتيا جاناتا «شهادة على إيجابية السياسات التي انتهجها مودي»، واعتبروا أن النتائج تُعد بمثابة استفتاء في منتصف فترة الولاية الثانية لرئيس الوزراء، قلل آخرون - في المقابل - من شأن فوزه، معتبرين أنه جاء نتيجة طبيعية لحالة الاستقطاب التي تسود البلاد.
ومن ثم، كيف تغيّر هذه النتائج الديناميكيات السياسية والاجتماعية على أرض الواقع؟ وما تداعياتها لعام 2024 عندما تعقد الهند انتخابات عامة؟

خلال السنوات الأخيرة، اكتسبت الحركات القومية المستوحاة من الدين مكانة بارزة في العديد من البلدان حول العالم، ولم تكن الهند – كبرى ديمقراطيات العالم – بمنأى عن هذه الظاهرة.
والحقيقة، أنه كثيراً ما شهدنا التركيز على مصطلح «القومية الهندوسية» في كل من وسائل الإعلام الهندية والغربية، وكثيراً ما وصف رئيس الوزراء ناريندرا مودي وحزبه اليميني القومي الحاكم بأنهم يروّجون لأجندة قومية هندوسية.
لقد كانت العقيدة المميزة لحزب بهاراتيا جاناتا منذ عام 1989 «هندوتفا»، وهي آيديولوجية سياسية تروّج لما تعتبره «قيم» الديانة الهندوسية باعتبارها حجر الزاوية للمجتمع الهندي وثقافته. وبالطبع، تنسجم شخصية مودي للغاية مع آيديولوجية «هندوتفا» الأساسية لحزب بهاراتيا جاناتا. ونتيجة لاعتماد حزب بهاراتيا جاناتا المستمر على آيديولوجية «هندوتفا» العدوانية، تمكن من تحقيق نجاحاته الانتخابية في الماضي.
ومع أن استطلاع رأي أجراه معهد «بيو» عام 2021 حول «الدين في الهند»، أظهر أن التسامح تجاه الأديان الأخرى ما زال قوياً داخل المجتمع الهندي، غدا واضحاً الآن أن عدداً أكبر من الغالبية (الهندوس) يرون الآن أن الدين يشكل جوهر هويتهم، ويدعمون الدعوات لـ«دولة هندوسية».

- أديتياناث... وجه التطرف الجديد
الجدير بالذكر هنا، أن ولاية أوتار براديش، أكبر ولاية هندية وقلب ما يسمّى بـ«الحزام الهندي»، تعدّ موطناً لأكثر عن 220 مليوناً من سكان الهند البالغ عددهم 1.32 مليار نسمة. ويخرج من هذه الولاية أكبر عدد من أعضاء البرلمان الوطني (80) على مستوى البلاد. كذلك، تجدر الإشارة إلى أن حاكم الولاية، يوغي أديتياناث، الذي فاز للتو بولايته الثانية في المنصب، راهب هندوسي تحوّل إلى سياسي. ويرى بعض النقاد السياسيين، أن أديتياناث «خليفة» محتمل لمودي على الصعيد الوطني. وللعلم، تشير الأرقام إلى أن 80 في المائة من سكان ولاية أوتار براديش من الهندوس، مقابل نحو 20 في المائة من المسلمين، وهو ما يشبه تقريباً التركيبة السكانية في باقي الهند.
انتصار حزب بهاراتيا جاناتا داخل ولاية أوتار براديش يوصف بأنه «تاريخي»، وخاصة أنه يأتي معززاً بفوز حاكم الولاية أديتياناث بفترة ولاية ثانية على التوالي، وهذه هي المرة الأولى التي يحقق فيها حاكم للولاية هذا الإنجاز منذ 36 سنة.
وتعليقاً على ما حصل، صرح رافيش كومار، كبير المحرّرين لدى شبكة «إن دي تي في» التلفزيونية الهندية، بأنه «ظهر أديتياناث بمثابة الوجه المعبّر عن اليمين الهندوسي. وخلال فترة ولايته، اتبع سياسات تروّج لفكرة التفوّق الهندوسي، وغيّر أسماء المدن والبلدات التي تحمل طابعاً إسلامياً بأسماء هندوسية، ووجّه بمراجعة الكتب المدرسية لتبييض تاريخ المغول ووافق على قانون يحظر «جهاد الحب» - الممارسة المزعومة المتمثلة في تحويل النساء الهندوسيات إلى الإسلام من خلال الزواج برجال مسلمين. وتمثل هذه الأمور عناصر صورته السياسية. ثم إن أوتار براديش تمثّل قلب هندوتفا باعتبارها موطناً للعديد من المواقع الهندوسية المقدسة، والتي عملت من نواحٍ كثيرة كمركز للسياسة الهندوسية لحزب بهاراتيا جاناتا. ولقد عزّز احتفاظ حزب بهاراتيا جاناتا بهذه الولاية، المستقبل السياسي الشخصي لأديتياناث، مع التزام الولاية نوعاً حازماً للغاية من القومية الهندوسية.
وأضاف كومار، أنه منذ إعادة انتخاب مودي المفاجئة عام 2019، ضاعف أديتياناث من جهوده لخدمة مشروع الغالبية الهندوسية لإعادة صياغة جمهورية الهند العلمانية لتصبح دولة هندوسية... وهو أمر يطرح التساؤل الآن: ما الاستنتاجات الأولية التي يمكن استخلاصها من هذه الانتخابات؟
ما زال ناريندرا مودي السياسي الأكثر شعبية في الهند، وهو يُعد وجه حزبه وصوته، بل يعدّ المحرك الأساسي وراء الكثير من الجاذبية التي يتمتع بها الحزب. وبطريقة ما، فإن جزءاً من أي تصويت لصالح أي مرشح من حزب بهاراتيا جاناتا يأتي بمثابة تصويت له. وللعلم، هذه المرة الأولى التي يكون فيها للقوميين الهندوس زعيم معروف بهذا الشكل؛ ولذا فهم حريصون جداً على إبقائه رئيساً للوزراء، والواضح أنه سيظل زعيماً رئيسياً للحزب لسنوات عديدة مقبلة.
من ناحية أخرى، كتب سلمان خورشيد، وزير الخارجية الهندي الأسبق، وهو عضو في حزب المؤتمر الهندي، الذي هو الآن حزب المعارضة الرئيس، في كتابه «(شروق الشمس فوق أيوديا): القومية في عصرنا»، عن تراجع العلمانية في الهند. وعقد مقارنة بين هندوتفا - القومية الهندوسية - التي ازدهرت في عهد مودي و«الجماعات المتطرفة» مثل «داعش». ولكن على الفور جرى رفع دعوى قانونية من قبل رئيس «هندوسينا»، فيشو جوبتا، لوقف نشر الكتاب وبيعه وتوزيعه.
في أي حال، يمكن إرجاع جذور الصراع الديني المعاصر في الهند إلى عام 1947 عندما أعادت بريطانيا - تحت ضغط القادة السياسيين المسلمين الذين أرادوا دولة ذات غالبية مسلمة - ترسيم حدود مستعمرتها. ومن رحم هذا التقسيم لشبه القارة الهندية، ولدت دولة باكستان. إلا أنه نظراً لأن رسم الحدود الجديدة جرى على عجل، تركت هذه العملية العديد من المسلمين والهندوس على الجانب «الخطأ» من الحدود؛ ما أدى إلى موجة من أعمال العنف والإرهاب والتهجير المتبادل أودت بحياة مليون شخص وشردت 14 مليوناً آخرين.
ومع ذلك، بقي ملايين المسلمين يعملون من أجل بناء الهند كدولة مستقلة، وحرص رئيس وزراء الهند الأول جواهر لال نهرو على كبح جماح القومية الهندوسية لصالح رؤية أكثر مساواة للبلاد. وحقاً، لم تبدأ العلمانية في التآكل حتى ثمانينات القرن الماضي، إبان فترات حكم رئيسة الوزراء أنديرا غاندي (ابنة نهرو) وابنها راجيف اللذين اغتيلا على يد مسلحين من الأقليات الدينية والعرقية - السيخ والتاميل على التوالي - الأمر الذي مهّد الطريق أمام حزب بهاراتيا جاناتا لاستغلال التوترات الدينية في البلاد.

- استقطاب الأقليات
باحثون سياسيون يرون، أن الصعود السياسي لحزب بهاراتيا جاناتا يمثل اتجاهاً مثيراً للقلق، ويعبّر عن نهج جديد وقوي من القومية الهندوسية يؤدي إلى اضطهاد الأقليات في أكبر دولة ديمقراطية في العالم. ويقول منتقدو حزب بهاراتيا جاناتا، إن الحزب تعمّد خلق حالة من الاستقطاب داخل المشهد السياسي على أسس طائفية وتهميش الأقليات، مستشهدين بقوانين «المواطَنة الجديدة» المثيرة للجدل، وحظر الحجاب، بل لقد وصل الأمر حد إطلاق سياسيين خطابات يهاجمون خلالها المسلمين.
من ناحيته، يزعم بهاراتيا جاناتا أنه صادق مع شعاره الشامل «دعم الجميع، وتنمية الجميع»، وأنه ليس ثمة مكان لسياسات الاسترضاء. ومن ثم، يتهم بهاراتيا جاناتا، خصمه حزب المؤتمر - وهو الحزب العلماني الجامع الذي أنجز استقلال الهند - بمعاملة المسلمين «كبنك للأصوات الانتخابية، وليس كمواطنين في الهند».
وهنا يلاحَظ أنه جرى استقبال التصريح الأخير لرئيس الوزراء ناريندرا مودي بأن على الحكومة أن تكسب ثقة الأقليات وتخرق «أسطورة الخوف» بطريقتين مختلفتين. إذ إنه لا يزال قسم من المراقبين السياسيين غير مقتنعين بهذا التأكيد، وهم يجادلون بأن سياسة الهندوتفا العدوانية قد همشت الأقليات بالفعل. ويرون أنه إذا كانت حكومة مودي جادة حقاً بشأن انعدام الثقة هذا، فعليها فعل المزيد من الجهود.
في المقابل، استقبل البعض تصريح مودي بروح متفائلة، ورأى أن على الأقليات، وبخاصة المسلمون، «تقدير» لفتة مودي «الإيجابية»، و«العمل على استكشاف إمكانيات الحوار البنّاء». غير أن هذا الكلام يأتي بينما تتحدث المنظمات اليمينية في البلاد، صراحة، عن رؤيتها لتحويل الهند العلمانية إلى دولة هندوسية. ويخشى النشطاء أن يسمح بهاراتيا جاناتا، في هدوء، للأمور بالتحرك في هذا الاتجاه؛ ما قد يعني تقليص حقوق المسلمين وتفاقم أعمال العنف الطائفي.
في هذه الأثناء، وجدت المحكمة العليا في الهند نفسها مضطرة إلى التدخل خلال العام الماضي في ديسمبر (كانون الأول)، عندما وجه رجال دين هندوس متشددون دعوة مفتوحة ضد الأقليات. وفتحت المحكمة العليا تحقيقاً حول خطاب الكراهية ضد الأقليات. وفي هذا الصدد، قال عالم الاجتماع البارز شيف فيزفاناثان معلقاً «إن خطر نظام الغالبية يكمن في أن الغالبية في الأصوات تصبح غالبية في صياغة القانون والنظام. وبالتالي، عندما تقوم بهذا الانتقال، فإنك بهذا تنتقل إلى الاستبداد».

- مخاطر التجييش الديني
في هذا الإطار، ينبغي التذكير بأن الهند موطن لأكثر عن 200 مليون مسلم. ويعتقد باحثون أن الصعود السياسي لحزب بهاراتيا جاناتا «يمثل اتجاهاً يثير القلق حيال وجود نمط قوي من القومية الهندوسية يسفر عن اضطهاد المسلمين في أكبر ديمقراطية في العالم». في المقابل، من المثير للاهتمام، أن رئيس الوزراء الهندي مودي التقى البابا فرنسيس، رأس الكنيسة المسيحية الكاثوليكية ودعاه لزيارة الهند، الدولة التي تضم ثاني أكبر عدد من المسيحيين داخل آسيا. وبينما غرّد عمر عبد الله، رئيس الوزراء السابق لجامو وكشمير التي تديرها الهند، في وقت قريب، قائلاً «لقد أكدت دوماً أنه ليس لدى بهاراتيا جاناتا أي نية لخوض أي انتخابات بأجندة أخرى غير الطائفية الصارخة والكراهية، مع كل السم الموجه إلى المسلمين»، وجه موهان بهاجوات، زعيم منظمة «راشتريا سوايامسيفاك سانغ» اليمينية الهندوسية المتطرفة، الذي يعتبره كثيرون «المرشد الآيديولوجي» لحزب بهاراتيا جاناتا، الهندوس من التحولات الدينية و«التغييرات الديموغرافية» المزعومة في الولايات الشمالية الشرقية للهند، والتي تضم أعداداً كبيرة من المسيحيين. وهذا مع الإشارة إلى أن تسع ولايات هندية على الأقل تخطط لسن قوانين مناهضة للتحول من دين إلى دين آخر. والواقع، أن العديد من المعارضين السياسيين لبهاراتيا جاناتا يؤمنون بأن خطاب الحزب القومي المتطرف القائم على إعلاء شأن القومية الهندوسية، يهدد بإزاحة العلمانية كأساس لدستور الهند. ويعزز هذا الأمر أنه صاحب مساعي بهاراتيا جاناتا لـ«تسييس» الدين الهندوسي في السنوات الأخيرة، انتهاجه - كحزب حاكم - سياسات أشد عدوانية يشكو أبناء الجالية المسلمة في الهند إنها تعاملهم كمواطنين من الدرجة الثانية.

- التشدد الإسلامي المعاكس
ولكن، في الضفة المقابلة، يرى نفر من المحللين السياسيين يعتبرون خطابات بعض القادة المسلمين في السنوات الأخيرة بمثابة تأجيج للانقسام في الهند. وفي هذا المجال، يشير بعضهم إلى أنه في فبراير (شباط) الماضي، لجأ وارث باتان، رئيس مجلس اتحاد المسلمين في الهند والمشرع السابق المثير للجدل، إلى توجيه تهديد علني للهندوس. وحرض المسلمين بالقول «إن الوقت قد حان لمسلمي البلاد لكي يتحدوا ويحققوا الحرية». وأضاف، أنه «على الرغم من أن عدد المسلمين في البلاد يبلغ 200 مليون فقط، فإنه لا يزال بإمكانهم السيطرة على أكثر عن مليار هندوسي». وكان باتان قد حذر الهندوس علناً إزاء ضرورة الخوف من المسلمين، وذكرهم بـ«العواقب» إذا ما أقدموا على مواجهة المسلمين.
أيضاً، قال أوما عبد السلام، رئيس «الجبهة الشعبية الهندية» المتشددة، في بيان له بعد فوز بهاراتيا جاناتا في الانتخابات الأخيرة «جاء نتيجة الاستقطاب الطائفي الواسع النطاق المعتاد» الذي قام به الحزب، مضيفاً «اعتمد حزب بهاراتيا جاناتا بشدة على الطائفية لجذب الأصوات الانتخابية، وبهذا نجحوا في التغلب على مواجهة قضايا المعيشة والسياسة القائمة على القضايا التي نوقشت خلال الانتخابات. وهكذا حوّل بهاراتيا جاناتا انتباه الناس عن سوء الإدارة والقضايا التنموية الأساسية من خلال توحيد عقول الناخبين ونشر دعاية كراهية تستهدف ديانات الأقليات». وتابع سلام «ومن ناحية أخرى، أخفقت الأحزاب العلمانية في تقييم ومعالجة خطورة الوضع، بينما يشكل الاستقطاب الطائفي والكراهية والإبادة الجماعية تهديداً خطيراً لوجودنا كدولة. يجب على هذه الأحزاب العلمانية الآن أن تمعن النظر في الوضع القائم، وأن تتعلم الدروس من فشلها، وأن تعد لتغيير جذري في النهج الذي تتبعه فيما يتعلق بالعلمانية التي يتخيلها ويمارسها». وشدد على أنه ينبغي على هذه الأحزاب الآن على الأقل اتخاذ موقف هادف تجاه إنقاذ بلدنا وقيمه الدستورية من هجمة هندوتفا.
وما يستحق التنويه في هذا الاتجاه، أنه في عام 2019، حمّلت قناة إسلامية على «يوتيوب» تدعى «إم كيه» خطاب داعية متشدد، ظهر فيه يهدد علانية بشن «الجهاد» داخل الهند. وكان داعية متشدد آخر قد طلب من الدول الإسلامية في جميع أنحاء العالم جمع بيانات عن غير المسلمين في الهند الذين ينتقدون الإسلام ويقبضون عليهم عندما يصلون إلى بلادهم ويحاكمونهم بموجب قوانين مكافحة التجديف.


مقالات ذات صلة

آراء متشائمة إزاء مستقبل التسامح والتعددية

حصاد الأسبوع آراء متشائمة إزاء مستقبل التسامح والتعددية

آراء متشائمة إزاء مستقبل التسامح والتعددية

> يرى العالم السياسي الهندي سوهاس بالشيكار، أن ثمة جوانب رئيسة للتحوّل الجاري على صعيد الثقافة السياسية للهند المعاصرة، أبرزها: أولاً، أن الناخب الهندوسي العادي اليوم يميل، على ما يبدو، أكثر عن أي وقت مضى ليصبح جزءاً من كتلة الناخبين المؤيدة للهندوتفا، والتي جرت تعبئتها سياسياً. وأظهر حزب بهاراتيا جاناتا، على مدى العقد الماضي، مراراً وتكراراً قدرته على استقطاب فعّال للناخبين على أساس الهوية الدينية.

أولى «الشعبوية»... من شعار إلى برنامج حكم

«الشعبوية»... من شعار إلى برنامج حكم

بعدما بدأت شعاراً فقط، باتت «الشعبوية» الآن برنامج حكم يتسع على امتداد عدد من الدول الغربية المؤثرة، ويمتد صداه إلى دول أخرى. وتمثل آخر الحصاد الشعبوي بوصول بوريس جونسون إلى منصب رئيس الحكومة البريطانية مؤخراً، رغم أن حدثاً كهذا كان يبدو مستبعداً قبل عقد من الزمان؛ فأن يصل سياسي بمواصفات جونسون إلى قيادة إحدى أعرق الديمقراطيات الغربية لم يكن في الحسبان، فلا حزبه، حزب المحافظين، كان يتيح ذلك، نظراً لميل تقليدي في صفوفه إلى الاعتدال واتساع مساحة النقاش الداخلي، ولا بريطانيا كانت تُعرف عنها مسايرتها لسياسات هي أقرب إلى العنصرية والتماهي مع اليمين المتطرف، كما هي اليوم. وقبل وصوله إلى لندن، كان هذ

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم منظمة حقوقية متفائلة باتساع «مقاومة» الشعبوية

منظمة حقوقية متفائلة باتساع «مقاومة» الشعبوية

اعتبرت «هيومن رايتس ووتش» في تقريرها السنوي لعام 2018، أن فوز الفرنسي إيمانويل ماكرون يشكل «المثال الأوضح لنجاح مقاومة الشعبوية» التي انتشرت في الكثير من دول العالم.

«الشرق الأوسط» (باريس)

معظم رؤساء الحكومات التونسية ولدوا في منطقة «الساحل»

الحبيب الصيد (الشرق الاوسط)
الحبيب الصيد (الشرق الاوسط)
TT

معظم رؤساء الحكومات التونسية ولدوا في منطقة «الساحل»

الحبيب الصيد (الشرق الاوسط)
الحبيب الصيد (الشرق الاوسط)

يتحدّر أغلب رؤساء الحكومات في تونس منذ أواسط خمسينات القرن الماضي من منطقة «الساحل» (وسط الشاطئ الشرقي لتونس)، موطن الرئيسين الأسبقين الحبيب بورقيبة (1957 - 1987) وزين العابدين بن علي (1987 - 2011) وكبار المسؤولين في الدولة. وفي المقابل، جاء 3 منهم فقط من مواليد العاصمة تونس، هم الباجي قائد السبسي ويوسف الشاهد وإلياس الفخفاخ.

الرئيس السابق الراحل الباجي قائد السبسي، سياسي مخضرم تولّى رئاسة الحكومة عام 2011 في عهد «الرئيس المؤقت» رئيس البرلمان السابق فؤاد المبزّع ثم انتخب رئيساً للجمهورية لمرحلة ما بين 2014 و2019. وفي حين ترأس يوسف الشاهد الحكومة من صيف 2016 إلى أوائل 2020، تولّى إلياس الفخفاخ المنصب عندما ترأس الحكومة الأولى في عهد قيس سعيّد لمدة 6 أشهر في 2020، وهو بالمناسبة، وإن كان من مواليد تونس العاصمة فإنه أصلاً من صفاقس، العاصمة الصناعية والتجارية في الساحل الشرقي الجنوبي للبلاد.

محمد الغنوشي (آ ف ب)

هيمنة «الساحل»

بما يخصّ منطقة «الساحل» الواقعة على بعد 150 كيلومتراً جنوب شرقي العاصمة، وكبرى مدنها مدينة سوسة، فقد تعاقب منها على رئاسة الحكومة نخبة من كبار رجال السياسة في البلاد، هم على التوالي:

الحبيب بورقيبة، من مدينة المنستير (1955 - 1957)، وتولّى عملياً رئاسة الحكومة حتى 1969. وللعلم، رسمياً كان المنصب شاغراً (بين 25 يوليو - تموز 1957 و7 نوفمبر - تشرين الثاني 1969)، إذ في مطلع النظام الجمهوري تولى الرئيس إدارة الحكومة، وبعدها تعاقب «فعلياً» على المنصب كل من:

الباهي الأدغم، بلدة منزل النور المجاورة لمدينة المنستير، (1969 - 1970)

أحمد بن صالح، مدينة المكنين، (1960 - 1970)

الهادي نويرة، المنستير، (1970 - 1980) – أول رئيس حكومة يحمل المسمّى رسمياً.

محمد مزالي، المنستير، (1980 - 1986)

رشيد صفر، من المهدية، (1986 - 1987)

زين العابدين بن علي، مدينة حمام سوسة، (1987)

الهادي البكّوش، حمام سوسة، (1987 - 1989)

حامد القَروي، مدينة سوسة، ( 1989 - 1999 )

محمد الغنّوشي، سوسة، (1999 - 2011)

حمّادي الجبالي، سوسة، (2012 - 2013)

المهدي جمعة، المهدية، (2014)

الحبيب الصيد، سوسة، (2015 - 2016).

حامد القروي (الشرق الاوسط)

في المقابل، من خارج منطقة «الساحل» وتونس العاصمة، تولّى المهندس علي العريّض، القيادي السابق في حزب حركة النهضة رئاسة الحكومة في عام 2013، فكان السياسي الوحيد الذي يصل إلى هذا المنصب من «الجهات المهمشة» في أقصى الجنوب الشرقي الصحراوي، وهو من مواليد مدينة مدنين.

كذلك، تولّى وزير الداخلية السابق هشام المشيشي رئاسة الحكومة بين سبتمبر (أيلول) 2020 و25 يوليو 2021، فكان أول رئيس للحكومة من مدينة بوسالم في محافظة جندوبة في الشمال الغربي الزراعي و«المهمّش».

وبين 2021 و2023 صارت الدكتورة نجلاء بودن، من مواليد مدينة القيروان، أول سيدة تشغل منصب رئاسة الحكومة في تونس.

أخيراً، ما يستحق الذكر أن الدكتور محمد المنصف المرزوقي، ابن الجنوب الصحراوي التونسي، صار بين عامي 2012 و2014 الشخصية الوحيدة التي تولت رئاسة الدولة (رئاسة الجمهورية) من غير أبناء «الساحل» وتونس العاصمة.