وزير خارجية المغرب يدعو لوقف «الهشاشة» في صفوف المهاجرين

ناصر بوريطة (ماب)
ناصر بوريطة (ماب)
TT

وزير خارجية المغرب يدعو لوقف «الهشاشة» في صفوف المهاجرين

ناصر بوريطة (ماب)
ناصر بوريطة (ماب)

دعا وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، أمس، في الرباط، إلى تشجيع الهجرة النظامية، والحد من الهشاشة في صفوف المهاجرين.
وشدد بوريطة في كلمة له خلال افتتاح أشغال الاجتماع الوزاري الأول للبلدان الرائدة في تنزيل ميثاق مراكش حول الهجرة، على ضرورة النهوض بالمجتمعات الدامجة، وتشجيع الهجرة النظامية، والحد من الهشاشة في صفوف المهاجرين، وذلك بالموازاة مع تعزيز التبادل، والتعاون والشراكات، وكذا تفاعل أكبر بين ميثاق مراكش وأجندة 2030. مشدداً على أن الحاجة إلى إطار للتعاون في مجال الهجرة «أضحت أمراً بدهياً أكثر من أي وقت مضى».
وفي معرض تطرقه لتعيين المملكة كبلد رائد في تنزيل ميثاق مراكش، قال بوريطة إن المغرب يجد نفسه في وضع مريح ومنسجم مع ذاته، مبرزاً أن «التزامنا هو بالفعل تطبيق منسجم مع موقفنا بشأن الهجرة والمبادئ التي ندافع عنها». كما أعرب بوريطة عن أمله في «جعل هذا الاجتماع دعامة ومنطلقاً لإحداث تأثير أكثر شمولية في نطاقه وأهدافه وانعكاساته، قبل المنتدى الدولي لدراسة الهجرات». مضيفاً: «إننا نريد توسيع مجموعتنا لاحتضان بلدان أخرى، تتحدث مثلنا الخطاب نفسه، خطاب يستمد مرجعيته من مضمون ميثاق الهجرة».
كما أبرز الوزير بوريطة أنه بفضل الريادة الأفريقية للعاهل المغربي في مجال الهجرة، وتعيين المغرب كبلد رائد لتنفيذ ميثاق مراكش، فإن المملكة «تشعر بالارتياح كونها تمضي وفق نهج متسق».
وتُوِّجت أشغال هذا الاجتماع باعتماد «إعلان الرباط»، الذي ثمّن فيه المشاركون عالياً دور الملك محمد السادس كرائد أفريقي في مجال الهجرة، وجددوا تأكيد دعمهم الكامل للميثاق العالمي بشأن الهجرة بمراكش. وقالوا في «إعلان الرباط»: «نشيد عالياً بدور الملك محمد السادس بوصفه رائداً لأفريقيا في مجال الهجرة، وبالتزامه القوي من خلال الأجندة الأفريقية حول الهجرة، وهي خارطة طريق تتضمن رؤية واضحة للقارة،
وكذا عبر إحداث المرصد الأفريقي للهجرة، الذي يوجد مقره بالرباط». معربين عن قناعتهم بأن «التعاون الدولي وتقاسم الممارسات الفضلى في مجال الهجرة الدولية بمختلف أبعادها يجب أن يشكّل القاعدة وليس الاستثناء».
موضحين أن الميثاق، الذي تم اعتماده في المؤتمر الحكومي الدولي بمراكش في ديسمبر (كانون الأول) 2018 «يعد مساهمة وازنة للتعددية، والتزاماً جماعياً بتحسين التعاون من أجل رفع التحديات، والاستفادة من الفرص التي توفّرها الهجرات الدولية والحركية البشرية، وذلك بفضل إطار للتعاون الشامل راسخ في رؤيته ومبادئه التوجيهية». كما شددوا على أنه «في قلب التحولات الناشئة في سياق جائحة (كوفيد – 19) يجب تعزيز رؤية الميثاق من أجل تسهيل والاعتراف بمزايا الهجرة الآمنة، والمنظمة والمنتظمة للجميع».
وبعد أن أشار المشاركون إلى أن مبادرة البلدان الرائدة هي مجموعة مفتوحة تضم دول المنشأ والعبور والاستقبال والعودة، وملتزمة بالتنفيذ الفعلي للميثاق، دعوا في هذا الاجتماع باقي البلدان إلى الانضمام إلى هذه المبادرة الجماعية من أجل توسيع منصة البلدان الرائدة، التي تمثل مجموع حقائق الهجرة التي يعكسها الميثاق.
كما أشادوا بالدعم المتواصل لشبكة الأمم المتحدة للهجرة في شكل نصائح وأدوات عملية لتسريع تنفيذ الميثاق، فضلاً عن جهودها لتسهيل التعلم الجماعي، وتعزيز الإغناء المتبادل للأفكار، ونشر المعلومات، والسماح بتبادل الممارسات الفضلى.
وأشاد «إعلان الرباط» أيضاً بتقرير الأمين العام حول تنفيذ الميثاق، والذي يشكّل أداة توجيهية للحكومات، من أجل وضع قوانين وسياسات تتماشى مع الالتزامات والمبادئ التوجيهية للميثاق العالمي، حتى تكون مثالاً يُحتذى به من خلال إبراز «إنسانيتنا المشتركة لضمان هجرات آمنة ومنظمة ومنتظمة، والوفاء بوعد الميثاق، بما يتماشى مع رؤيته ومبادئه التوجيهية».
كما سجّل المشاركون في هذا الاجتماع بارتياح تنظيم الكثير من الاستعراضات الإقليمية الناجحة لتنفيذ الميثاق، مشيدين بتوصياتها ونتائجها، قائلين: «نتطلع إلى المنتدى الأول لاستعراض الهجرة الدولية، الذي سينعقد بنيويورك من 17 إلى 20 مايو (أيار) 2022 والذي يمثل فرصة نادرة لتعزيز أهمية وفرصة الميثاق العالمي، وتقييم آثاره إلى غاية اليوم، والتأكد من توظيفه لتهييء المجتمعات لتحديات المستقبل».
ودعا المشاركون في هذا الصدد البلدان وباقي الأطراف الفاعلة إلى مواصلة ريادتها، والتزامها من أجل ضمان شراكات كاملة ومندمجة، بما يتماشى مع المقاربات الحكومية والمجتمعية، والتي تمثل أحد العناصر الرئيسية لنجاح منتدى استعراض الهجرة الدولية.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.