بلينكن في المنطقة لمناقشة حرب أوكرانيا وملف إيران واتفاقات السلام

TT

بلينكن في المنطقة لمناقشة حرب أوكرانيا وملف إيران واتفاقات السلام

يبدأ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اليوم السبت رحلة إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تستمر أياماً عدة، وتشمل إسرائيل وأراضي السلطة الفلسطينية قبل أن ينتقل إلى المغرب والجزائر، وتركز بشكل أساسي على إجراء مشاورات في شأن تداعيات غزو روسيا لأوكرانيا، وعواقب التوصل إلى تفاهمات محتملة مع إيران للعودة إلى الاتفاق النووي، والجهود المبذولة لتوسيع نطاق اتفاقات إبراهام للسلام.
ووفقاً لوزارة الخارجية الأميركية، فإن المحادثات، التي تبدأ غداً الأحد بضيافة وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد، ستشمل الدول التي وقعت على اتفاقات لإقامة علاقات دبلوماسية عام 2020، وهي الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب.
وبالإضافة إلى لبيد، من المقرر أن يلتقي بلينكن رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت ووزير الدفاع بيني غانتس والرئيس إسحاق هرتسوغ.
وأفادت وكيلة وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى يائيل ليمبرت بأن بلينكن سيناقش جهود بنيت للتوسط لإنهاء الحرب بين أوكرانيا وروسيا. وقالت: «خلال زيارته إلى إسرائيل والضفة الغربية، سيؤكد الوزير على التزام الولايات المتحدة الصارم بأمن إسرائيل، والتنسيق بشأن أوكرانيا وإيران، والعمل على البناء على المكاسب التي تحققت من اتفاقات إبراهام».
وأثناء وجوده في الشرق الأوسط، يتوقع أن يتطرق بلينكن إلى الهواجس لدى حلفاء الولايات المتحدة في شأن إيران، ونشاطاتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة، بالإضافة إلى برامجها لتطوير الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، فضلاً عن التداعيات الدبلوماسية والاقتصادية لغزو روسيا لأوكرانيا.
ودفعت اتفاقات التطبيع مع الدول العربية، واحتمال عودة إيران إلى أسواق النفط العالمية، إسرائيل إلى القيام بجهود دبلوماسية إضافية في الشرق الأوسط.
ويخطط بلينكن للاجتماع مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس وممثلين عن المجتمع المدني الفلسطيني في الضفة الغربية. وقالت ليمبرت: «خلال الزيارة، سيؤكد الوزير بلينكن التزام الولايات المتحدة بحل الدولتين وبمزيد من الحرية والأمن والازدهار للفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء».
وأكدت ليمبرت أن بلينكن سيطرح أيضاً موضوع القنصلية الفلسطينية في القدس - وهو ما تعارضه الحكومة الإسرائيلية - مع كل من القادة الإسرائيليين والفلسطينيين.
ثم يتوجه بلينكن إلى المغرب، حيث يلتقي المسؤولين المغاربة الكبار. ويعقد اجتماعاً هناك مع ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لمناقشة المسائل المتعلقة بغزو روسيا لأوكرانيا وملف إيران والعلاقات الثنائية بين البلدين، حسب الخارجية الأميركية. وأوضحت ليمبرت أن النقاش سيشمل القضايا الأمنية والاقتصادية الإقليمية، مثل إيران واليمن وسوريا وإثيوبيا وأسواق الطاقة العالمية وتعزيز اتفاقات إبراهام.
وتتوج رحلة بلينكن في الجزائر، حيث سيجري محادثات مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ووزير الخارجية رمضان العمامرة. كما سيفتتح جناح الولايات المتحدة في معرض الجزائر التجاري الدولي (أكبر معرض تجاري في أفريقيا) ويلتقي مع الشركات الأميركية.
وشددت ليمبرت على أن بلينكن سيؤكد في كل المحطات خلال هذه الرحلة على أن الولايات المتحدة تقف متضامنة مع حكومة وشعب أوكرانيا وتدعمهما، وكذلك على الحاجة إلى التنديد بقرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «الدخول في حرب مع سبق الإصرار وغير المبررة على أوكرانيا».
واعتبرت أن «المنطقة على دراية بالآثار المدمرة للعمل العسكري الروسي في أماكن مثل سوريا وليبيا ومالي»، حيث قالت إن «القوات العسكرية وشبه العسكرية الروسية استغلت الصراعات» من أجل «مصالح موسكو الأنانية، ما يشكل تهديداً كبيراً للاستقرار الإقليمي والتجارة العالمية».
أضافت: «نحن نعلم أن هذا الألم محسوس بشدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تستورد معظم البلدان ما لا يقل عن نصف قمحها». ورأت أن «حرب بوتين الطائشة ستستمر فقط في زيادة أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل الخبز في المنطقة، وتأخذ الأموال من جيوب العائلات التي تعمل بجد والأكثر ضعفاً بينما يغزو دولة ذات سيادة من دون استفزاز. يجب أن تتوقف هذه الحرب وسنعمل يداً بيد مع شركائنا في جميع أنحاء العالم لتحقيق ذلك».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.