قال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي يوم الخميس إن مصر أجرت محادثات مع صندوق النقد الدولي بشأن تمويل محتمل، كإجراء وقائي من آثار الأزمة الروسية الأوكرانية على اقتصادها في حال استمرار الصراع لفترة طويلة.
وأضاف مدبولي أن مصر تجري محادثات مع الصندوق منذ صيف عام 2021 عندما أبرمت اتفاقية تمويل بقيمة 5.2 مليار دولار، لكن المناقشات كانت تدور فقط حول تقديم الدعم الفني. وقال إنه عقب الأحداث الأخيرة في أوكرانيا، ومن أجل الاستعداد لأسوأ الاحتمالات، طلبت مصر من صندوق النقد مكونا تمويليا تطلبه حال الحاجة إليه.
ومساء الأربعاء، أعلن صندوق النقد أن مصر التي تضررت بشدة من ارتفاع أسعار السلع الأساسية الناجم عن الغزو الروسي لأوكرانيا ستقدم إليه طلباً للحصول على قرض جديد.
وقالت رئيسة بعثة الصندوق إلى مصر سيلين آلار في بيان إن «التغير السريع في البيئة العالمية وتأثير التداعيات المرتبطة بالحرب في أوكرانيا يفرضان تحديات مهمة على البلدان في مختلف أنحاء العالم، ومنها مصر». وأضافت أنه «في هذا السياق، طلبت السلطات المصرية دعم صندوق النقد الدولي في تنفيذ برنامجها الاقتصادي الشامل».
ومصر التي تعتمد بشكل كبير على واردات القمح وزيت دوار الشمس من روسيا وأوكرانيا تضررت بشدة من الارتفاع الراهن في أسعار السلع الأساسية. وبلغ معدل التضخم في مصر 10 في المائة على أساس سنوي في فبراير (شباط)، في ارتفاع يعزوه الخبراء بشكل أساسي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 20 في المائة.
وفي بيانها قالت آلار إن «من شأن اتخاذ مجموعة من الإجراءات على صعيد السياسات الاقتصادية الكلية والهيكلية أن يسهم في التخفيف من أثر هذه الصدمة على الاقتصاد المصري، وحماية الفئات الضعيفة، والحفاظ على صلابة مصر وآفاق نموها على المدى المتوسط». وأضافت أن «الإجراءات التي اتخذتها السلطات المصرية مؤخراً تمثل خطوات جديرة بالترحيب بما تحققه من توسع في الحماية الاجتماعية الموجهة لمستحقيها وتطبيق للمرونة في حركة سعر الصرف». ولفتت إلى أن «استمرار مرونة سعر الصرف سيكون عاملاً ضرورياً لاستيعاب الصدمات الخارجية وحماية هوامش الأمان المالية أثناء هذه الفترة من عدم اليقين».
وشدد البيان على أن اتباع القاهرة «منهجاً حذراً في السياستين المالية والنقدية سيكون أمراً ضرورياً أيضاً للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي». وأضافت آلار أن «خبراء الصندوق يعملون عن كثب مع السلطات المصرية استعداداً لإجراء مناقشات حول برنامج يدعم أهدافنا المشتركة لمصر، والتي تتمثل في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والنمو الاحتوائي المُستدام والغني بالوظائف على المدى المتوسط».
ولا ينفك معدل التضخم يرتفع في مصر منذ أطلقت القاهرة برنامجاً اقتصاديا إصلاحيا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016 برعاية صندوق النقد الدولي. وبناء على هذا البرنامج منح الصندوق القاهرة قرضاً بحوالي 11 مليار يورو مقابل إجراءات تقشفية صارمة، بما في ذلك خفض قيمة الجنيه وإعادة النظر في نظام دعم المواد الغذائية الأساسية.
وفي 2020 وافق صندوق النقد على برنامج بقيمة 5.4 مليار دولار لمساعدة مصر على مواجهة تداعيات كوفيد، الجائحة التي تضررت منها مصر بشدة من جراء التوقف المفاجئ في حركة السياحة والنقل الجوي. وحصلت القاهرة على الدفعة الأخيرة من هذا البرنامج في يونيو (حزيران) 2021.
وسمحت الحكومة المصرية يوم الاثنين بأن تنخفض قيمة الجنيه المصري حوالي 16.5 في المائة، بعدما ظل بلا تغير يذكر منذ نوفمبر 2020 وارتفع الجنيه قليلا يوم الأربعاء إلى 18.32 مقابل الدولار، من حوالي 18.50 يوم الثلاثاء.
كما أعلنت الحكومة المصرية يوم الاثنين عن حزمة بقيمة 130 مليار جنيه (7.5 مليار دولار) لتخفيف الضغوط الاقتصادية، وهو تحرك قال محللون إنه يهدف فيما يبدو لكسب دعم من صندوق النقد. وأشاد صندوق النقد في البيان «بإجراءات اتخذتها السلطات مؤخرا لتوسيع مستهدفات الحماية الاجتماعية».
ومصر مؤهلة للحصول على نسخة جديدة من أي من برامج التمويل الثلاثة، وفقا لمصدر مطلع على مناقشاتها مع صندوق النقد الدولي. لكن نظرا لتجاوزها حصة الاقتراض العادية، سيتعين عليها الالتزام بمعايير استثنائية للحصول على تمويل، مما يعني أنها ستخضع لمستوى أكبر من التدقيق، على حد قول المصدر.
وفي سياق مواز، دعا رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي الشركات الأميركية إلى ضخ مزيد من الاستثمارات في السوق المصرية، خلال لقائه مساء الأربعاء مع وفد من أعضاء غرفة التجارة الأميركية.
وقال مدبولي إن الحكومة المصرية تعمل بكامل طاقتها لخلق بيئة جاذبة للاستثمار، كما تتطلع إلى جذب استثمارات جديدة في القطاعات ذات الأولوية في ظل الخطوات التي اتخذتها للتحول نحو الاقتصاد الأخضر والتوجه نحو تحقيق التنمية المستدامة. وأكد أن الحكومة ستركز خلال المرحلة المقبلة على تعزيز الشراكات وجذب الاستثمارات في عدد من المجالات المهمة، وهي الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والصناعة والطاقة الجديدة والمتجددة والبنية التحتية والنقل ومعالجة وتحلية المياه.
مصر على طريق «برنامج شامل» مع «النقد الدولي»
المباحثات تشمل «قرضاً تحوطياً»
مصر على طريق «برنامج شامل» مع «النقد الدولي»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة