كبار قادة الميليشيات الحوثية يعززون طرق التخفي خشية استهدافهم

TT

كبار قادة الميليشيات الحوثية يعززون طرق التخفي خشية استهدافهم

كشفت مصادر يمنية مطلعة في صنعاء عن أن كبار قادة الميليشيات الحوثية من الصفين الأول والثاني لجأوا أخيراً إلى تعزيز طرق تخفيهم عبر إجراءات أمنية مشددة بإيعاز من خبراء إيرانيين ومن «حزب الله» اللبناني؛ حيث قاموا بتغيير أماكن إقامتهم في صنعاء وغيرها من المدن المحتلة من قبلهم، تحسباً لاندلاع انتفاضة شعبية من جهة، وتخوفاً من استهدافهم من قبل تحالف دعم الشرعية.
وعقب إعلان تحالف دعم الشرعية قبل أسابيع وضع كبار قادة الجماعة كأهداف مشروعة، وبالتزامن مع موجة السخط الشعبية ضد فساد الميليشيات، قالت المصادر إن معظم القادة الحوثيين سارعوا بموجب تلك التعليمات الصادرة عن خبراء مستقدمين من إيران و«حزب الله» اللبناني إلى اتخاذ تدابير احترازية بهدف تأمين تحركاتهم وتوفير الحماية الكاملة لهم.
وكشفت المصادر ذاتها لـ«الشرق الأوسط» عن أن قادة حوثيين بارزين، بينهم القيادي مهدي المشاط رئيس مجلس حكم الانقلاب، ومدير مكتبه أحمد حامد، ورئيس هيئة استخبارات الجماعة أبو علي الحاكم، وابن عم زعيم الجماعة محمد علي الحوثي، وعم زعيمها عبد الكريم الحوثي، وغيرهم، لجأوا بعد أن دبّ فيهم الخوف والهلع إلى تغيير استراتيجيتهم لحظة التنقل بين المناطق والأحياء في العاصمة وضواحيها.
وبحسب المصادر، تضمن الجزء الأهم من تلك الاستراتيجية بتغيير أماكن وجودهم التي كانت تتركز في السابق ببعض المنازل التاريخية بصنعاء القديمة والانتقال إلى أماكن أكثر تحصيناً، منها مباني سفارات، بعضها تتبع دولاً كبرى.
وأكد مصدر مقرب من دائرة حكم الجماعة بصنعاء استمرار قادة الانقلاب الالتزام والتقيد بكل ما تم تحديده مسبقاً من استراتيجية التحركات التي وضعها خبراء طهران الذين تم استقدامهم إلى صنعاء وبعض المدن لتولي مهام الإشراف المباشر على الجانبين الأمني والعسكري.
وأشار المصدر، الذي اشترط حجب اسمه لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن هناك قيادات ميليشياوية كبيرة باتت اليوم تتخذ من بعض الفنادق والمستشفيات والمؤسسات الحكومية والأهلية والمساجد وغيرها من المرافق الخدمية التي يتفادي طيران التحالف استهدافها مكاناً للإقامة فيها وعقد الاجتماعات السرية.
وكشف المصدر عن تحويل الجماعة لبعض الملحقات وبدرومات صالات أعراس ومنازل، تتبع مسؤولين وقادة عسكريين وشخصيات اجتماعية معارضة لها، كانت الجماعة قد اقتحمتها وصادرتها في صنعاء خلال فترات سابقة، إلى مخابئ جديدة للإقامة. ومن ضمن تلك الأساليب المتبعة لدى كبار قيادات الجماعة أثناء التخفي، عدم بقائهم في أي مكان سري يبيتون فيه لأكثر من 24 ساعة؛ حيث يتطلب منهم الانتقال مباشرة فور انتهاء المدة إلى مواقع أخرى محددة من قبل جهاز الأمن والمخابرات التابع لهم.
وتضطر بعض القيادات بين فينة وأخرى - بحسب المصدر - للخروج بصورة سرية من العاصمة إلى مناطق ريفية بمحافظة صنعاء وفي مدن أخرى بهدف ضمان سلامتهم.
وأشار المصدر إلى أن قادة الصفين الأول والثاني للجماعة باتوا حالياً في حالة من الرعب لدرجة إجراء بعضهم تغييرات شبة كاملة لجميع أفراد حراستهم وحاشيتهم والطاقم الإعلامي التابع لهم من وقت لآخر، في حين لجأ آخرون إلى تقليل طواقم الحراسة واتباع أسلوب بسيط خلال تحركات مواكبهم حتى لا يتم التعرف على هويتهم.
وأوضح المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن قادة بارزين في الجماعة باتوا يبدون قلقهم الكبير من قيادات حوثية أخرى تخوفاً من تسريب إحداثيات أماكن إقامتهم، في سياق ما يشهده رأس الهرم من تصدعات وصراع على الأموال المنهوبة.
وبحسب شهود في صنعاء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، باتت صنعاء شبه خالية أكثر من أي يوم مضى من تلك المواكب التابعة للقيادات الحوثية التي اعتادوا على رؤيتها في السابق باستمرار وكانت تجوب بحرية معظم الطرقات والشوارع الرئيسية في صنعاء تحت حماية وحراسة كبيرة ومشددة. وعلى صلة بذات الموضوع، تحدثت مصادر مطلعة بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» عن أن قادة حوثيين مسؤولين عن الجانب الأمني لجأوا أخيراً إلى التنقل مرات كثيرة برفقة بعض أجهزتهم ومعداتهم بين أحياء مأهولة بالسكان شمال العاصمة.
وكشفت المصادر عن تلقيها معلومات تفيد بأن داخلية الانقلابيين التي يديرها عبد الكريم الحوثي (عم زعيم الجماعة) لجأت في غضون 3 أشهر الماضية إلى استئجار نحو 14 شقة في مبانٍ سكنية داخل الأحياء شمال العاصمة كمقرات لأهم الإدارات التابعة لها، لتتمكن من خلالها مواصلة أعمالها القمعية والتجسسية ضد السكان.
ومن بين العقارات التي قام الانقلابيون باستئجارها قبل فترة، وسط الأحياء المأهولة بالسكان في صنعاء وتحويلها إلى مقار أمنية وعملياتية، نحو 4 شقق ضمن مبنى سكني واقع في جولة «سبأ» شمال العاصمة، قبل إخلائها أخيراً إثر خلافات مع مالك العقار.
وكان الميليشيات عمدت خلال فترات ماضية، وبحجة تأمين الحماية لقادتها، إلى إجراء عمليات إقصاء وظيفي، طالت مئات الضباط والقيادات الأمنية في وزارة الداخلية وجهازي الأمن السياسي والأمن القومي.
وفيما يتعلق باستمرار تنقل قادة الجماعة بشكل سري في العاصمة، ذكر مصدر إعلامي لـ«الشرق الأوسط» أنه تفاجأ قبل أقل من شهر خلال فعالية أقامتها الميليشيات بالمركز الثقافي في صنعاء بحضور غير متوقع للقيادي في الجماعة محمد علي الحوثي مشياً على الأقدام، وبرفقة مسلح واحد، إلى الفعالية واعتلائه على عجالة منصة القاعة، بعد ترحيب مقدم الفعالية به، ليلقي كلمة راعي الحفل، التي لم تتجاوز مدتها نحو 3 دقائق.
وذكر أن الميليشيات قامت بإدراج اسم عبد العزيز بن حبتور رئيس حكومة الانقلاب على رأس قائمة برنامج الفعالية كراعٍ رسمي لها، لكن ما حدث في الواقع كان مغايراً؛ حيث ألقى محمد علي الحوثي، بحضور ابن حبتور، كلمة راعي الحفل بصورة مستعجلة.
وتطرق المصدر إلى مغادرة القيادي الحوثي عقب الانتهاء من إلقاء كلمته قاعة الفعالية؛ حيث كانت تنتظره في باحة المركز 3 سيارات فارهة، إحداهن مصفحة ومدججة بعدد من المسلحين.
وكشف المصدر عن توجيهات كان أصدرها القيادي الحوثي وزير إعلام الانقلاب ضيف الله الشامي إلى المؤسسات والهيئات كافة في العاصمة، تحضّهم على استبعاد أسماء الصحافيين والإعلاميين التابعين لبعض الأحزاب الخاضعة للميليشيات، والاكتفاء بدعوة الصحافيين العقائديين العاملين في وسائل إعلام الجماعة، في سياق الإجراءات الوقائية المشددة، للحفاظ على حياة كبار القادة الحوثيين الذين يحضرون لتدشين أي فعاليات تدشنها بعض المؤسسات.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.