لماذا يتأخر «النواب» الليبي عن المشاركة في «القاعدة الدستورية»؟

صورة من لقاء سابق لرئيس مجلس النواب الليبي مع المستشارة الأممية (المكتب الإعلامي لرئيس المجلس)
صورة من لقاء سابق لرئيس مجلس النواب الليبي مع المستشارة الأممية (المكتب الإعلامي لرئيس المجلس)
TT

لماذا يتأخر «النواب» الليبي عن المشاركة في «القاعدة الدستورية»؟

صورة من لقاء سابق لرئيس مجلس النواب الليبي مع المستشارة الأممية (المكتب الإعلامي لرئيس المجلس)
صورة من لقاء سابق لرئيس مجلس النواب الليبي مع المستشارة الأممية (المكتب الإعلامي لرئيس المجلس)

تباينت آراء سياسيين ليبيين بخصوص أسباب عدم تقدم مجلس النواب الليبي بقائمته للمشاركة في اللجنة المقترحة من المستشارة الأممية، ستيفاني ويليامز، لتتولى صياغة قاعدة الانتخابات الدستورية.
ففيما أكد البعض أن «تعاطي البرلمان مع هذه اللجنة قد يضعف، حال حدوثه، موقف حكومة فتحي باشاغا، التي سبق أن قام بتكليفها، ويقوي من موقف حكومة غريمه عبد الحميد الدبيبة بقبول استمرارها في مهامها لحين إجراء الانتخابات، استبعد البعض الآخر هذا الطرح من منطلقات عدة».
ورأى رئيس اللجنة التشريعية بمجلس النواب، رمضان شمبش، أن المبادرة الأممية «تتعلق بوضع قاعدة دستورية، وأيا كان المدى الزمني المطلوب لوضعها، فالانتخابات لن تُجرى خلال شهرين كما يتوقع أو يروج البعض».
وقال شمبش لـ«الشرق الأوسط» إن «أقل مدة للإعداد للانتخابات هو نهاية العام الحالي، وخلال هذه المدة ستكون حكومة الاستقرار، برئاسة باشاغا، هي المسؤولة عن إدارة البلاد»، لافتاً إلى عدم تكرار استنزاف الوقت، الذي شهدته البلاد منذ الإعلان عن فتح باب التقدم للانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وأضاف شمبش موضحا أنه «لا يمكن لأي مسؤول أن يضغط لتقليل الفترة الزمنية المطلوبة لإجراء الانتخابات، ويلزم السلطة التشريعية بما يطرحه». وأرجع حرص مجلسه على المشاركة في المبادرة الأممية «للتأكيد على ضرورة تزامن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، تجنبا لاحتمال أن يقدم البرلمان الجديد، الذي لا يمكن التنبؤ بهويته، على إلغاء الانتخابات الرئاسية»، لكنه استدرك بالقول إن «طموحات الشعب الليبي تتضمن تزامن انتخاب رئيس للبلاد مع السلطة التشريعية جديدة».
في سياق ذلك، أوضح شمبش أن «القرار الرسمي بتشكيل الوفد لم يصدر بعد، لكن يتوقع أن يضم 12 عضواً، وليس ستة كما دعت المبادرة»، مبرزا أنه «سيكون هناك ستة نواب ممثلين للأقاليم الليبية الثلاثة، وباقي الأعضاء من الخبراء الدستوريين»، ونفى أي نية لدى مجلسه برهن «استمرار مشاركة وفده في المبادرة بقضية تسلم حكومة باشاغا لمقاليد السلطة».
في المقابل، عبر عضو مجلس النواب، محمد لينو، عن خشيته من أن تسفر «الخيارات المنفردة»، التي دأب رئيس مجلس النواب على اتخاذها، حسب قوله، عن «تشكيل وفد لا يسهم في التوافق المطلوب لإيجاد القاعدة الدستورية، وبالتالي لا يمكن إجراء الانتخابات في أجل قريب».
وربط لينو لـ«الشرق الأوسط» ما سماه «عدم المساهمة الجدية من قبل الوفد البرلماني» بالمشهد الراهن، وقال إن «حظوظ حكومة باشاغا في تسلم السلطة باتت أكثر تعقيدا وفقا للمتغيرات الأخيرة».
معتبرا أن مشاركة البرلمان بمبادرة تدعو إلى التسريع في الانتخابات «يعني فعليا أن الحكومة المدعومة منه لن ترى النور»، ورأى أن باشاغا «لن يقبل أن يكون رئيسا لحكومة موازية تدير الوضع من المنطقة الشرقية».
من جهتها، اعتبرت عضو مجلس النواب، ربيعة أبو رأس، أن حظوظ حكومة «الاستقرار» في دخول العاصمة لتسلم السلطة «باتت صعبة بعد مضي كل الأطراف في تصحيح المسار الدستوري لعقد انتخابات في أقرب وقت ممكن».
وتوقعت في تصريح أن يتم إنجاز الانتخابات خلال تسعة أشهر من تاريخ وضع القاعدة الدستورية، قائلة: «سيتم إقرار القاعدة الدستورية خلال أسبوعين، ويمكن القول إن مخرجات المبادرة ستسهم بدرجة كبيرة في قدرة المفوضية الوطنية العليا في الإعداد مجددا لإجراء الانتخابات خلال تسعة أشهر، وبالتالي لا داعي لإيجاد حكومة جديدة خلال تلك المدة القصيرة نسبيا».
بدوره، قال عضو المجلس الأعلى للدولة، سعد بن شرادة: «أيا كان المدى الزمني الذي يتطلبه وضع القاعدة الدستورية، ومن ثم التمهيد لإجراء الانتخابات خلال مدة زمنية قد لا تقل عن عام كامل، فهذا يعني بالضرورة إيجاد حكومة جديدة لإدارة البلاد». موضحا أن «الجميع لم ينس أنه عندما ترشح رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، للرئاسة كان أحد أسباب عرقلة الاستحقاق الانتخابي هو شعور باقي المتنافسين بعدم التكافؤ في الفرص معه، في ظل تحكمه بمقدرات الدولة».
واعتبر شرادة أن «أغلبية الأعضاء بالمجلس الأعلى للدولة توافقت بالفعل مع مجلس النواب حول خريطة طريق، ومسار دستوري يفضي إلى إجراء الانتخابات بأسرع وقت ممكن»، متابعا: «هذا إنجاز لم يشد به مع الأسف أي طرف دولي، باعتباره أول توافق سياسي ليبي - ليبي، وكان يجب أن يتم دعمه لتشجيع وجود دور رئيسي لليبيين في حل أزمتهم، بدلا من أن يتم إعادة تدويرها من قبل أطراف خارجية».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.