القضاء الجزائري يأمر بمصادرة أملاك وجهاء نظام بوتفليقة

جانب من مظاهرة بعض عمال شركة خنينف أمس وسط العاصمة الجزائرية (الشرق الأوسط)
جانب من مظاهرة بعض عمال شركة خنينف أمس وسط العاصمة الجزائرية (الشرق الأوسط)
TT

القضاء الجزائري يأمر بمصادرة أملاك وجهاء نظام بوتفليقة

جانب من مظاهرة بعض عمال شركة خنينف أمس وسط العاصمة الجزائرية (الشرق الأوسط)
جانب من مظاهرة بعض عمال شركة خنينف أمس وسط العاصمة الجزائرية (الشرق الأوسط)

تجمع أمس في أحد أحياء العاصمة الجزائرية حوالي 20 شخصاً أمام مبنى شركة رجال الأعمال الإخوة خنينف، المعروفين إعلامياً بـ«كونيناف»، تعبيراً عن قلقهم من مصادرة كل عتاد الشركة وفروعها بقرار من «المحكمة العليا»، الذي شمل أيضاً كامل أملاك وودائع الإخوة رجال الأعمال عوالمي، المسجونين أيضاً بتهم فساد، تعود إلى فترة حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة (1999 - 2019).
وأكد محمد، وهو سائق بشركة «خنينف» منذ 10 سنوات، بنبرة غضب أن المئات من العمال المنتمين إلى فروع المجموعة الاقتصادية الضخمة أحيلوا على البطالة منذ سجن الإخوة رجال الأعمال الأربعة قبل عامين. مبرزاً أنهم لم يحصلوا على تعويضات من طرف مصفي الشركة، الذي عينته المحكمة لجرد عتادها تمهيداً لتأميمها. وتم تشميع مقر الشركة بحكم من أعلى هيئة في القضاء المدني، وبات من الصعب على عمالها وموظفيها إيجاد جهة ينقلون إليها مطالبهم. ومنذ عام يلتقي المنتسبون للشركة والمتعاملون معها لبحث مصيرهم، ثم ينصرفون من دون الاهتداء إلى حل لمشكلتهم.
وأفاد مصدر قضائي مسؤول، رفض نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، بأن قرار مصادرة أملاك عائلة خنينف طال مصنعاً للزيوت الغذائية، ومصنعا للحديد والصلب. كما خص شققا ويخوتا وقطعا أرضية شاسعة، ومئات السيارات، وأموالاً مودعة في البنوك. وقدر المصدر القضائي قيمة المحجوزات بأربعة مليارات دولار أميركي. مشيراً إلى أن حجوزات للعائلة تمت في سويسرا، حيث يقيم أحد أفرادها وفي فرنسا أيضاً.
وأوقفت الشرطة الأشقاء خنينف بداية 2020، وفي مايو (أيار) من العام الموالي أدانهم القضاء بعدة أحكام في قضايا فساد مختلفة، بالسجن ما بين 10 سنوات و20 سنة مع التنفيذ، زيادة على غرامات مالية كبيرة. ووجهت النيابة لهم تهم «تعارض المصلحة وممارسة النفوذ بغرض التربح، وغسل أموال والتمويل الخفي لحملة الولاية الخامسة (لم تتم) للرئيس بوتفليقة، والحصول على مزايا خارج القانون». وجرت محاكمة رئيسي الوزراء سابقا أحمد أويحيى وعبد المالك سلال ووزراء سابقين في «قضية خنينف»، ضمن قضايا فساد أخرى. وأمرت «المحكمة العليا» أيضاً بمصادرة أملاك الأخوين عولمي، وهم من كبار رجال الأعمال، وتتمثل خاصة في شركة بيع سيارات تنتمي لخمس علامات تجارية أوروبية، ألمانية أساساً. وتم حجز ودائع العائلة المالية في بنوك محلية، وأرسلت المحاكم في وقت سابق إنابات قضائية إلى إسبانيا وفرنسا وكندا للتعاون مع سلطات هذه البلدان، قصد مصادرة عقارات وودائع عائلة عولمي بها.
وأكد مصدر قضائي أن قيمة أملاك عولمي تفوق 3 مليارات دولار، جرى جمع معظمها، حسبه، بفضل مشروعات وصفقات رست على الأخوين، بحكم قربهما من عائلة الرئيس السابق، وخاصة شقيقه ومستشاره سعيد بوتفليقة، الذي يوجد في السجن بتهمة فساد. وقد أدان القضاء الأخوين العام الماضي بأحكام ثقيلة بالسجن، وطالب عمال الشركة المصفي، الذي عينته المحكمة لجرد الأملاك، بأجورهم المتأخرة منذ أشهر، ونظموا احتجاجاً بمنطقة «الرياح الكبرى» غربي العاصمة، حيث مكاتب الأخوين، للتعبير عن سخطهم من المصير الذي أصبحوا يواجهونه بعد سقوط «إمبراطورية عولمي».
وأطلقت السلطات، الشهر الماضي مساعي لدى القضاء الفرنسي لمنع وزير الصناعة السابق، عبد السلام بوشوارب، من بيع شقة في باريس بقيمة مليوني يورو، على أساس شبهة فساد تخص مصدر شرائها. وأدانت محكمة الجنايات بوشوارب، المقيم بفرنسا بالسجن 20 سنة، وأصدرت مذكرة اعتقال دولية بحقه. ويرتقب أن تصدر قرارات قضائية أخرى بالمصادرة بحق رجال الأعمال المسجونين أحمد معزوزي، ومحيي الدين طحكوت وعلي حداد، الذين تفوق قيمة ثرواتهم 10 مليارات دولار، حسب وسائل إعلام.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، شدد الرئيس عبد المجيد تبون أثناء اجتماع بسفراء وقناصلة الجزائر على متابعة مصير الإنابات القضائية، التي أطلقها القضاء في 2020، بهدف استعادة ما يسمى «أموالاً منهوبة»، تم تحصيلها بطرق غير قانونية من طرف وجهاء في النظام السابق.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.