البرهان: كسرت طوق «اللاءات الثلاث» لمصلحة بلدي... ولا زيارات سرية إلى تل أبيب

أكد لـ أن زعزعة أمن المملكة نسف لاستقرار المنطقة... و{نستعد لاستقبال استثمار سعودي كبير}

الفريق البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني (تصوير: بشير صالح)
الفريق البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني (تصوير: بشير صالح)
TT

البرهان: كسرت طوق «اللاءات الثلاث» لمصلحة بلدي... ولا زيارات سرية إلى تل أبيب

الفريق البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني (تصوير: بشير صالح)
الفريق البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني (تصوير: بشير صالح)

كشف الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، عن مبادرة سعودية استثمارية ضخمة سيعمل السودان على تهيئة البيئة المناسبة لاستيعابها قريباً، مشدداً على أن هجمات الحوثيين المتكررة على المملكة، تتجاوز زعزعة أمن واستقرار المملكة إلى كل المنطقة، مؤكداً وقوف الخرطوم إلى جانب الرياض، واستمرار تعاونهما الاستخباراتي والأمني والسياسي لدرء أي عمل إرهابي وتأمين ملاحة البحر الأحمر.
وأقرّ البرهان في حوار مع «الشرق الأوسط» في الرياض بالاختلالات والتشوهات السياسية والاقتصادية والأمنية التي استطالت مع تمدد الحكومة الانتقالية، لكنه عزاها إلى التشاكس والتشظي السياسي، مؤكداً: «إننا منذ 25 أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، مددنا أيدينا للإخوة في القوى السياسية والقوى الوطنية بمختلف أطيافها من أجل الجلوس معاً، بهدف وضع خريطة طريق لإكمال المرحلة الانتقالية»، معرباً عن التزامه التام بعملية التحول الديمقراطي وإكمال عملية الانتقال إلى المرحلة الانتخابية بالتعاون مع كل الشركاء «الوطنيين الحادبين على مصلحة السودان».
وحول الإجراءات التي اتخذتها حكومته بشأن الضالعين في قتل الشباب بالشارع، قال البرهان: «هناك إجراءات تجري على قدم وساق، إذ إن هناك عدداً من المتحفظ عليهم سواء من الأجهزة الرسمية ومن غيرها من المشتبه بأنهم نفذوا عمليات قتل لبعض الضحايا من الجهات الأخرى، ومن المؤكد أن هناك طرفاً ثالثاً في عمليات قتل بعض المتظاهرين في الشارع السوداني، سواء كان ذلك بقصد أو من خلال عمليات الدفع المختلفة عند الاشتباك بين المتظاهرين وأطراف أخرى»، مؤكداً أن السلطات التنفيذية والسيادية لن تتدخل في العمل القضائي، لافتاً إلى أن الإجراءات القضائية والعدلية تسير بالصورة العادية.
وعن جمود العلاقة بين الحكومة الانتقالية الحالية والمكون المدني، قال: «ليس هناك أمام القوى السياسية خيارات كثيرة للحلول، إما نتوافق أو ننتظر حتى انطلاق الانتخابات، ومتى ما جلست هذه القوى معاً ووصلت إلى تفاهم وتوافق بينها، حينها سنعلن استعدادنا للجلوس والتفاهم معها أو نقدم لها كل ما يعينها من قبل المكون العسكري»، مبيناً أن مقترح بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، أكثر مقبولية لكثير من شرائح المجتمع السوداني، ما يعني أنه يمكن الاجتماع حولها، والدفع بها نحو رؤية شاملة للأزمة.
ومع أنه قطع بعدم نيته في الترشح في الانتخابات المزمعة، التي زعم أن 80 في المائة من استحقاقات مؤسساتها اكتملت، فإن البرهان أقرّ بأن عمل حكومته من دون رأس تسبب في مشكلات كثيرة، مستبعداً عودة حمدوك لموقعه الذي غادره منذ شهور، معرباً عن اعتقاده بأن بلاده تتعرض لتشويش وتضليل إعلامي ممنهج ومتعمد من قبل بعض الجهات، مدافعاً عن اتفاقية جوبا للسلام، التي لا يرى أي رابط بينها وبين ما يحدث في شرق السودان، مشيراً إلى أن موقف بلاده من الأزمة الروسية - الأوكرانية يقف عند الحوار والتفاوض.
ومع إقراره بأنه تجرأ على كسر قيد لاءات الخرطوم الثلاث أمام تل أبيب، فإنه عزا ذلك إلى تقديم مصلحة السودان وشعبه في ظل متغيرات الأحداث ما بين زمن اللاءات الثلاث التي صعدت في سماء الأمة العربية العنوان الأبرز لقمة الخرطوم الشهيرة في 29 أغسطس (آب) 1967 على خلفية هزيمة عام 1967، رافضاً توصيف الزيارات المتبادلة بين الخرطوم وتل أبيب بالسرية، إذ لا تخرج عن كونها زيارات تهدف لتبادل المعلومات الاستخباراتية والمعلوماتية ولا تحتاج إلى إعلان ولا إخفاء، متفائلاً بحلّ لأزمة سد النهضة، مشدداً على أنه ليس هناك ما يعكر صفو العلاقة بين الخرطوم وجوبا على خلفية ملف أبيي.
والآتي نص الحوار:
> في زيارتكم للعاصمة الرياض... كيف لمستم أجواء العلاقات السعودية - السودانية؟
- أحيي القيادة السعودية على وقفتها إلى جانب السودان في كل الظروف الصعبة التي مر بها. فالمملكة دولة محورية في المنطقة بشكل عام وعلى المستوى السوداني، وهي دولة شقيقة وصديقة وبيننا علاقة تاريخية طيبة. ولنا أن نفخر بأن الجالية السودانية في أرض الحرمين تتجاوز المليون، حملوا معهم كل الصفات الطيبة، والملك سلمان أثنى عليها بأنها جالية متميزة وتمتعت طيلة وجودها على أرض المملكة بالصدق والأمانة والإخلاص، وهذه شهادة نعتز بها جميعاً.
> حفلت الزيارة بلقاءين مع خادم الحرمين وولي عهده... ماذا بحثتم خلال هذين اللقاءين؟
- الهدف من الزيارة أولاً، كان إطلاع القيادة في المملكة على مجريات الأحداث في السودان، و«إعلان تضامننا الكامل مع المملكة ضد هجمات الحوثيين المتكررة على البلاد. ونحن بطبيعة الحال ندين هذه الهجمات، لأننا على يقين بأن زعزعة أمن المملكة زعزعة لأمن السودان وأرق أمني لدول الإقليم.
خلال اللقاءين، أطلعنا خادم الحرمين وولي العهد على أحوال السودان، وطلبنا منهما استمرار الدعم لبلادنا وللفترة الانتقالية، إذ للمملكة حضور قوي فاعل في المجتمع الدول، من خلال الرباعية (الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة والسعودية والإمارات)، فضلاً عن فاعليتها في محيطها الإقليمي، ولما لها من أيادٍ بيضاء دوماً نحو السودان.
> ألم يشتمل برنامج اللقاءات على أي مبادرات سياسية واقتصادية واستثمارية تخاطب الحالة السودانية الحالية؟
- المملكة مستعدة دوماً للاستثمار في السودان، فقط مطلوب مننا في السودان أن نعمل على تهيئة البيئة المناسبة لاستيعاب الاستثمار السعودي وتوفير الضمانات الكافية لحمايته، خصوصاً أن رأس المال يحتاج إلى بيئة آمنة حتى يستطيع أن يعمل بشكل يعظم عوائده وفوائده. ولكن على الرغم من الظروف الصعبة في السودان فإن القيادة السعودية أبدت استعدادها لإطلاق استثمار في السودان بمبالغ لا سقف لها. والتزم ولي العهد بتقديم خدمات للشعب السوداني يستفيد منها بشكل مباشر من خلال مشاريع مختلفة.
> في ظل التهديدات الأمنية للملاحة البحرية، هل تطرقت المحادثات إلى بلورة تعاون محدد لتفعيل اتفاقية الدول المشاطئة للبحر الأحمر؟
- هناك تعاون مستمر بين السودان والمملكة بشأن تأمين البحر الأحمر، ونعمل معاً من خلال توظيف أجهزتنا الاستخباراتية والأمنية، حيث سبق أن تعاونّا معاً في إحباط كثير من العمليات الإرهابية التي كانت موجهة ضد البلدين. لذا هذا الأمر طروح للنقاش على الدوام لأهميته من خلال التواصل والتعاون بصورة جيدة.
> الشعب السوداني ما زال يعاني تردياً اقتصادياً وخللاً أمنياً في كثير من المناطق. ما أدواتكم للتعاطي مع هذا الوضع؟ وما خطتكم لمعالجة هذه الاختلالات؟
- كل هذه الاختلالات السياسية والاقتصادية والأمنية، التي تتحدث عنها حالياً، ليست وليدة الصدفة، بل نتاج تراكمات قديمة زادت خلال الأعوام الثلاثة الماضية. ففي طبيعة الحال، إن أي دولة غير مستقرة سياسياً ستعاني حتماً اختلالاً في وضعها الاقتصادي والأمني. ولذلك فإننا منذ 25 أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، مددنا أيدينا للإخوة في القوى السياسية والقوى الوطنية بمختلف أطيافها من أجل الجلوس معاً، بهدف وضع خريطة طريق لإكمال المرحلة الانتقالية.
ومن هذا المنبر، نؤكد التزامنا بعملية التحول الديمقراطي، ونعلن التزامنا بإكمال عملية الانتقال إلى المرحلة الانتخابية، وبأن نعمل على عبور السودان فترة انتقالية تعقبها عملية انتخابات بالشراكة والتعاون مع كل الشركاء الوطنيين الحادبين على مصلحة البلد.
> هناك شبه جمود في العلاقة بين الحكومة الانتقالية الحالية والمكون المدني، الذي يضم قوى الحرية والتغيير. هل هناك مستجدات لتجسير العلاقة بين المكونين لقيادة الفترة الانتقالية إلى الانتخابات بسلام؟
- كنا وما زلنا ندعو إلى التوافق بين مختلف المكونات. وقلنا أكثر من مرة إن التوافق هو الطريق الوحيدة للخروج من الأزمة الحالية، إذ ليست هناك خيارات كثيرة للحلول، إما نتوافق أو ننتظر حتى تقوم الانتخابات. ونحن نرى أن التوافق المطلوب هو التوافق بين كل القوى المدنية على الجلوس معاً. ومتى ما جلست هذه القوى معاً ووصلت إلى تفاهم وتوافق بينها، سنكون مستعدين للجلوس والتفاهم معها أو نقدم لها كل ما يعينها من قبل المكون العسكري.
> إلى أي حدّ أحدث مقترح بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي اختراقاً لعملية لمّ الشمل السوداني؟
- بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، لديهما مبادرة محددة بهدف جمع الصف الوطني. وبالمقابل نحن أيضاً في الحكومة الانتقالية ندعو إلى جمع الصف الوطني، إذ إن هناك تباعداً بين القوى السياسية وفقداناً للثقة بين المكونات السياسية. أعتقد أن للمنظمتين الأممية والأفريقية مقبولية أكبر لدى كثير من شرائح المجتمع السوداني، ما يعني إمكان الاجتماع حولها، والدفع بها نحو رؤية شاملة للأزمة لإيجاد مخرج لها.
> هل من محاولات جارية لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المختلفة؟
- في الأساس، هذه المحاولات لم تنقطع يوماً وما زالت مستمرة. ونحن دوماً نبادر لإحداث أي شكل من أشكال التقارب مع أي جهة كانت، خصوصاً إذا كانت لديها الرغبة للعمل من أجل مصلحة السودان.
> السودان حالياً من دون رئيس حكومة... كيف تواجهون هذه المعضلة؟
- إن عدم اكتمال تشكيل الحكومة سبّب كثيراً من المشاكل. نحن نتطلع إلى التوافق وننتظر قدوم رئيس وزراء للمرحلة المقبلة، يكون قد حصل ولو على الحد الأدنى من توافق القوى المدنية والسياسية. نحن لا نريد العمل بمفردنا لذلك أعلنا منذ الأيام الأولى أننا لا نريد أن نعمل بمعزل عن القوى السياسية والوطنية.
> هل تم تحديد شخصية معينة لتولي رئاسة الوزراء؟
- ليس بعد.
> هل اقتربتم من ذلك؟
- نعتقد أننا متى تمكنا من الجلوس معاً سنتجاوز هذه المعضلة.
> ما صحة الإشاعة عن عودة الدكتور عبد الله حمدوك لموقعه رئيساً للوزراء؟
- لم نناقش هذا الأمر لأننا لسنا في موقف يجعلنا نقرر لوحدنا، بل نسعى لنقرر جميعاً مع كل القوى السياسية والوطنية.
> إلى متى ستقودون الحكومة الانتقالية من دون رئيس وزراء؟
- نتمنى أن ينتهي هذا الأمر قريباً.
> نسمع عن انتخابات، هل هناك استعداد لإقامة انتخابات؟ هل تم تكوين مؤسسات للعملية الانتخابية؟ وماذا فعلتم حتى تصل الحكومة الانتقالية بالفترة الحالية إلى الانتخابات بشكل سليم؟
- فيما يتعلق بالانتخابات، فإن الأجهزة المعنية بها موجودة أصلاً، كما أن هناك جزءاً كبيراً من اللوجيستيات ذات الصلة متوافر حالياً، حيث إن 80 في المائة من مطلوباتها محفوظة لدى مفوضية الانتخابات، ونعني بها المفوضية السابقة. لذلك يقيني أنه متى حصل شكل من التوافق الوطني بين القوى السياسية، فإنها لا تحتاج إلى أكثر من عام أو عام ونصف العام. لكن نظراً إلى وجود رؤى أخرى مطروحة من قبل بعض الأصوات وبعض القوى السياسية تتحدث عن ضرورة تغيير نظام الحكم في السودان، فلو حدث توافق وطني من القوى السياسية على ذلك واختارت نظاماً رئاسياً، فإنه حتماً سيكون الجهد المطلوب لتنفيذ الانتخابات أقل وأسرع.
> هل لديك رغبة للترشح في الانتخابات المنتظرة؟
- أنا شخصياً ليست لدي رغبة للترشح في الانتخابات.
> الشارع السوداني ما زال يضج بحركة الشباب والثوار ويطالب بإزالة الحكم القائم بينما يواجهون بالرصاص القاتل... ما تعليقكم؟
- أولاً أحب أن أؤكد أن الشباب الذين يخرجون في المظاهرات هم القوى الحقيقية التي خلقت التغيير، القوى الحقيقية المفترض أن تكون صاحبة الصوت الأعلى لبناء المرحلة الانتقالية، لأنهم يعملون لوحدهم ولفترات طويلة من دون أن يروا مستقبلاً للسودان مختلفاً عما كان عليه في الماضي.
> هل أنتم تتحملون مسؤولية سقوط ضحايا المظاهرات؟ أم أن هناك جهات معينة تحملونها المسؤولية؟
- كثيراً ما جلسنا مع أعداد من هؤلاء الشباب، ونحن نقدر الجهد الذي يبذلونه من أجل صناعة التغيير، كما أننا نتطلع إلى أن ينالوا حقهم وحظهم بأن يكونوا موجودين في هذه المرحلة الانتقالية بفاعلية، ونتأسف بشأن الضحايا الذين سقطوا في مظاهرات الشعب السوداني. ويقيننا أنه في نهاية الأمر المسؤولية هي مسؤولية الدولة إذا كان الفاعل من القوات النظامية أو من أي طرف. على الدولة أن تقوم بواجبها نحو ذلك بالعمل على اعتقال أولئك الذين يزهقون الأرواح.
> ماذا تم حتى الآن بشأن الضالعين في قتل الشباب بالشارع السوداني؟
- هناك إجراءات تجري على قدم وساق، وهناك عدد من المتحفظ عليهم من الأجهزة الرسمية ومن غيرها من المشتبه بأنهم نفذوا عمليات قتل لبعض الضحايا.
> ما حيثيات اشتباهكم بطرف ثالث لاختراق صفوف المتظاهرين في الشارع؟
- من المؤكد هناك طرف ثالث في عمليات قتل بعض المتظاهرين في الشارع السوداني، سواء كان ذلك بقصد أو من خلال عمليات الدفع المختلفة عند الاشتباك بين المتظاهرين وأطراف أخرى.
> ما زال الشعب ينتظر محاكمات معلنة ونتائج مقبولة للمحاكمات لبعض رمز النظام السابق... ما تعليقكم؟
- السودان يتمتع بإرث قضائي قديم مشهود له باستقلاليته، حيث إن السلطات التنفيذية والسيادية لن تتدخل في العمل القضائي على الإطلاق، ولذلك فإن الإجراءات القضائية والعدلية تسير بالصورة العادية.
> ما مبررات تحفظكم على لجنة التمكين المنحلّة؟
- هناك لجنة راجعت ملف لجنة التمكين المنحلة، ووجدت مخالفات يجري التحقيق بشأنها الآن.
> كيف تبرر للشعب السوداني إقدامك على كسر طوق لاءات الخرطوم الثلاث مع تل أبيب؟
- أبرر للشعب السوداني بأن مصلحة السودان في تلك الفترة، التي رفعت فيها الخرطوم لاءاتها الثلاث في وجه إسرائيل، كانت مختلفة عما عليه مصلحة السودان اليوم، إذ إن مصلحة السودان اليوم واضحة للعيان، حيث إننا نبحث عن مصالح من أجل مستقبل البلاد.
> لماذا تتسم الجولات والزيارات المتبادلة بين الخرطوم وتل أبيب بالسرّية؟
- ليست هناك زيارات على مستويات عالية، إذ إن كل الزيارات التي تتم حالياً لا تخرج عن كونها زيارات تهدف لتبادل المعلومات الاستخباراتية والمعلوماتية ولا تحتاج إلى إعلان أو إخفاء.
> هل يمكن القول إن الخرطوم وتل أبيب وصلتا إلى مرحلة التطبيع؟
- حالياً العلاقة بين الخرطوم وتل أبيب في طور التشكل.
> هل يعني أن التطبيع قائم لا محالة؟
- ربما الحكومة المقبلة تستطيع القيام بذلك.
> هل تعتقدون أن الحكومة الانتقالية بشكلها الحالي حظيت برضا دولي، وعلى وجه التحديد رضا أميركي وأوروبي؟
- حالياً أصبح معلوماً للجميع أن السودان يتعرض إلى عملية تشويش وتضليل إعلامي ممنهج ومتعمد من قبل بعض الجهات، التي ترى مصلحة السودان بعين ربما حزبية ضيقة لتحقيق مصالح شخصية، ولكن من المؤكد أن السودان حتماً سيعود وسينطلق وسيرى أبناؤه وشبابه المستقبل زاهراً.
> بعض المراقبين يرون أن اتفاقية جوبا للسلام لم تأتِ بسلام للسودان... ما تعليقكم؟
- أعتقد أن اتفاقية جوبا للسلام حققت كثيراً من استحقاقات السلام في السودان، وتبقى هناك استحقاقات. ونحن نعمل مع الجمبع لتحقيق ما تبقى لاكتمال عملية السلام.
> أليس ما يحصل في شرق السودان من قطع للطرق بسبب خلل في اتفاقية السلام؟
- ما حدث في شرق السودان لم يكن له صلة باتفاقية جوبا، وإنما كان ذلك نتاج مطالب رفعها أهالي المنطقة، ومعظم هذه المطالب تعد مشروعة. وتم التحاور مع كثير من المجموعات التي ترفع هذه المطالب، ونحن نتفق على أن حقوقهم يجب أن تجد طريقها للتنفيذ.
> زرتم جوبا قبل أيام قليلة. ماذا كان لملف أبيي والحدود وأزمة ضخ النفط عبر الشمال من نصيب في المحادثات؟
- طبعاً جنوب السودان تعد دولة شقيقة، وبالتالي علاقتنا معها لا تحتاج إلى حديث. فنحن في الشمال والجنوب إخوة، ولذلك لا ننظر إلى الخلافات الحدودية أو قضية أبيي على أنها نواة لمشكلات معطلة للعلاقات بين الخرطوم وجوبا، بل ننظر إليها كواقع يحدونا للتكامل والتلاحم والوحدة. ولذلك كل المطروح عن خلافات في البلدين بسبب الحدود أو منطقة أبيي هي أحاديث لا تحمل التوصيف الصحيح لوضع العلاقة بين البلدين، إذ إننا نعمل في البلدين على معالجة واحتواء بعض الأفكار لنخرج بواقع يعزز تكاملنا ووحدتنا.
> ماذا عن ملف سد النهضة ومستجدات القضية؟
- بدأت عملية التشاور تدور من جديد حول المشكلات العالقة حول سدّ النهضة، ونتمنى أن تكلل بنجاح ونصل إلى توافق يرضي الأطراف ذات المصلحة.
> أديس أبابا اتهمت الحكومة الانتقالية السودانية بدعم التيغراي في حربهم الأخيرة. إلامَ أفضت المفاوضات التي جرت أخيراً بين البلدين؟
- إثيوبيا دولة شقيقة وجارة وبيننا امتدادت تاريخية وإثنية وتداخل من قديم الزمان، ولذلك نسعى بكل ما أوتينا من قوة إلى جعل الحوار والتوافق منهجاً لحل المشكلات في العلاقة بين الخرطوم وأديس أبابا.
> بخصوص الأزمة الروسية - الأوكرانية، ما موقفكم منها؟ وهل لمستم من أثر اقتصادي وسياسي مباشر على السودان؟
- في السودان، نحن دائماً مع السعي إلى حلول الأزمات عبر الحوار والتفاوض. وبطبيعة الحال فإن السودان كغيره من الدول التي تقع ضمن المنظومة العالمية والإقليمية، سينال حتماً نصيبه من انعكاسات الأزمة الروسية - الأوكرانية ضمن محيطه الجغرافي الجيوسياسي.
> أوروبا تتحدث عن احتمال وقوع مجاعة ونقص في الغذاء والطاقة والوقود... إلى أي حد يشكل ذلك وضعاً جديداً تجاه القارة الأفريقية؟
- بطبيعة الحال، فإن أفريقيا تعد مستودعاً لكنز من الخيرات والموارد الطبيعية والطاقات البشرية والإمكانات التأهيلية، لذا ستكون محط أنظار العالم بعد اندلاع الأزمة الروسية - الأوكرانية، وبالتالي فإن الوضع الحالي بشكل عام، يوفر فرصة جديدة للاتحاد الأفريقي ليطلق مبادرة تتمحور حول كيفية توظيف موارد دوله والاستثمار فيها، بشكل يحقق المصلحة للجميع اقتصادياً وسياسياً.



العليمي يطلب تدخل تحالف دعم الشرعية عسكرياً لحماية حضرموت

العليمي مجتمعاً في الرياض مع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)
العليمي مجتمعاً في الرياض مع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)
TT

العليمي يطلب تدخل تحالف دعم الشرعية عسكرياً لحماية حضرموت

العليمي مجتمعاً في الرياض مع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)
العليمي مجتمعاً في الرياض مع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)

توالت التطورات الميدانية والسياسية في المحافظات الشرقية من اليمن، على وقع التصعيد العسكري الذي ينفذه المجلس الانتقالي الجنوبي، ما دفع رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي إلى طلب تحالف دعم الشرعية في اليمن للتدخل عسكرياً لحماية حضرموت.

وتقول مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط» إن المجلس الانتقالي الداعي للانفصال عن شمال اليمن يستغل الظروف الناجمة عن وساطة التهدئة السعودية - الإماراتية للتوسع عسكرياً، على الرغم من أن الوساطة مستمرة، وهدفها إنهاء الصراع سلماً من خلال انسحاب قوات المجلس الانتقالي من حضرموت والمهرة، وعودتها إلى معسكراتها خارج المحافظتين، وتسليم المعسكرات لقوات «درع الوطن» والسلطة المحلية.

وفي هذا السياق، صرّح مصدر مسؤول في الحكومة اليمنية أن رئيس مجلس القيادة الرئاسي، القائد الأعلى للقوات المسلحة، رشاد العليمي، أُطلع، إلى جانب عدد من أعضاء المجلس وأعضاء مجلس الدفاع الوطني، على مجمل الأوضاع في محافظة حضرموت، بما في ذلك العمليات العسكرية التي وصفها بـ«العدائية» التي نفذها المجلس الانتقالي خلال الساعات الأخيرة، وما رافقتها من انتهاكات جسيمة بحق المدنيين.

العليمي طلب تدخلاً عسكرياً من تحالف دعم الشرعية لحماية حضرموت (سبأ)

واعتبر المصدر أن هذا التصعيد، المستمر منذ مطلع الشهر الحالي، يمثل خرقاً صريحاً لمرجعيات المرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض، فضلاً عن كونه تقويضاً مباشراً لجهود الوساطة التي تقودها السعودية والإمارات، بالتنسيق مع المجتمع الدولي، بهدف خفض التصعيد وانسحاب قوات المجلس الانتقالي من محافظتي حضرموت والمهرة.

وبناءً على هذه التطورات، تقدم العليمي - وفق المصدر الحكومي - بطلب رسمي إلى قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن، لاتخاذ كافة التدابير العسكرية اللازمة لحماية المدنيين في محافظة حضرموت، ومساندة القوات المسلحة اليمنية في فرض التهدئة، وحماية جهود الوساطة السعودية - الإماراتية، مجدداً دعوته لقيادة المجلس الانتقالي إلى تغليب المصلحة العامة ووحدة الصف، والامتناع عن مزيد من التصعيد غير المبرر.

المجلس الانتقالي الجنوبي اتخذ إجراءات عسكرية أحادية في حضرموت والمهرة (إ.ب.أ)

وفي السياق ذاته، قالت المصادر الرسمية اليمنية إن العليمي رأس اجتماعاً طارئاً لمجلس الدفاع الوطني، بحضور 3 من أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، ورئيسي مجلسي النواب والشورى، ورئيس الحكومة، وقيادات عسكرية وأمنية، إلى جانب محافظ حضرموت، لمناقشة تداعيات الإجراءات الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي، وانعكاساتها الخطيرة على الأمن الوطني والإقليمي.

واطلع الاجتماع - بحسب الإعلام الرسمي - على تقارير ميدانية بشأن الانتهاكات التي طالت المدنيين في حضرموت والمهرة، وصولاً إلى الهجمات الأخيرة في وادي نحب، التي عدّها المجلس «مخالفة صريحة» لجهود التهدئة، وتمرداً على مؤسسات الدولة الشرعية.

وأكّد مجلس الدفاع الوطني دعمه الكامل للوساطة التي تقودها السعودية، مشدداً على ضرورة عودة قوات المجلس الانتقالي إلى مواقعها السابقة خارج المحافظتين، وتسليم المعسكرات لقوات «درع الوطن» والسلطات المحلية، وفق ترتيبات منظمة وتحت إشراف التحالف.

تحذير من العواقب

على وقع هذه التطورات، كانت السعودية أعادت رسم خطوط التهدئة شرق اليمن، عبر بيان واضح صادر عن وزارة الخارجية، شدّد على رفض التحركات العسكرية الأحادية، والمطالبة بعودة قوات المجلس الانتقالي إلى مواقعها السابقة.

وأكدت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن هذا الموقف تُرجم ميدانياً بتوجيه ضربة جوية تحذيرية في حضرموت، حملت رسالة مباشرة بعدم السماح بفرض وقائع جديدة بالقوة.

وأوضحت المصادر أن الضربة جاءت في إطار الردع الوقائي، محذرة من أن أي تصعيد إضافي سيقابل بإجراءات أكثر صرامة، في مؤشر على انتقال الرياض من سياسة الاحتواء السياسي إلى ضبط ميداني حاسم لحماية الاستقرار.

من جهته، أصدر المجلس الانتقالي بياناً حاول فيه تبرير تحركاته، معتبراً أنها جاءت استجابة لـ«دعوات شعبية»، ومعلناً انفتاحه على التنسيق مع السعودية، رغم وصفه الضربة الجوية بأنها «مستغربة».

ويرى مراقبون أن أي تنسيق محتمل لن يكون مقبولاً إقليمياً ما لم يبدأ بإنهاء التصعيد، وخروج القوات، وتسليم المعسكرات، والعودة إلى طاولة الحوار، دون فرض الأمر الواقع بالقوة.

منطق الوهم

يحذر سياسيون يمنيون من أن تعنت المجلس الانتقالي وإصراره على عسكرة حضرموت، رغم الجهود الصادقة التي تبذلها السعودية والإمارات، يلحق ضرراً فادحاً بالقضية الجنوبية العادلة نفسها، عبر اختزالها في المدرعات والنقاط العسكرية، بدل تحويلها إلى مشروع سياسي قابل للحياة.

ويستدعي هذا السلوك مقارنات إقليمية مؤلمة، أبرزها تجربة حميدتي وميليشيات الجنجويد في السودان، التي اعتمدت السلاح والإرهاب لتنفيذ أجندات خارجية، وكانت النتيجة خراب المدن وانهيار الدولة. كما يستحضر نموذج جنوب السودان، الذي وُلد من رحم الصراع المسلح، لينتهي إلى دولة منهارة وصراعات داخلية مفتوحة.

رغم إقرار اليمنيين بعدالة القضية الجنوبية فإن المجلس الانتقالي يحاول أن يستغلها للتصعيد شرقاً (أ.ب)

ويؤكد خبراء أن المجتمع الدولي لا يعترف إلا بالدول والمؤسسات، لا بالميليشيات، وأن تجربة «أرض الصومال» مثال واضح على عزلة المشاريع التي تُفرض بالقوة، مهما طال أمدها. كما أن فشل محاولات انفصال كتالونيا عن إسبانيا يبرهن أن العالم لا يشرعن الانفصال الأحادي خارج الدولة والدستور.

ويجمع محللون على أن حضرموت أكبر من أن تكون غنيمة لميليشيا مناطقية (إشارة إلى هيمنة مناطق بعينها على قرار المجلس الانتقالي)، وأعمق من أن تُدار بالعنف والسلاح، وأن أي محاولة لجرّها إلى الفوضى تمثل جريمة بحق مكاسب الجنوب وفرصه السياسية.

ويرى مراقبون أن عسكرة حضرموت خطوة غير عقلانية، تعكس إصراراً على فرض الأمر الواقع بأدوات الترهيب ذاتها، التي يدّعي المجلس الانتقالي محاربتها، في تحدٍّ صريح لرغبات المجتمع الدولي الداعية إلى ضبط النفس، والحفاظ على استقرار الجنوب واليمن عموماً.

وكان البيان السعودي شدّد على أن معالجة القضية الجنوبية العادلة لا تكون عبر القوة، بل من خلال حوار سياسي شامل، ضمن المرجعيات المتفق عليها، وفي مقدمتها اتفاق الرياض وإعلان نقل السلطة، بما يحفظ وحدة اليمن ومركزه القانوني، ويمنع انزلاق المحافظات الشرقية إلى مسار يهدد جهود السلام.


تحذيرات مصرية من عرقلة «مسار اتفاق غزة» وتجزئة الإعمار

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)
TT

تحذيرات مصرية من عرقلة «مسار اتفاق غزة» وتجزئة الإعمار

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)

تتواصل جهود الوسطاء للدفع بالمرحلة الثانية في اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط مخاوف وتحذيرات مصرية، من عرقلة ذلك المسار المرتقب أن يدخل حيز التنفيذ بعد أقل من أسبوع في يناير (كانون الثاني) المقبل.

ذلك الموقف المصري، الرافض لتجزئة الإعمار أو تقسيم قطاع غزة أو وضع شروط إسرائيلية بشأن قوات الاستقرار في القطاع، يحمل رسائل مهمة للضغط على إسرائيل قبل لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وفق تقديرات خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، وتوقعوا أن تضغط واشنطن لبدء المرحلة الثانية في ضوء تلك الرسائل المصرية.

وأعلن وزير الخارجية الألماني، يوهان فاديفول، في تصريحات، الجمعة، أن ألمانيا لن تشارك في المستقبل المنظور في قوة دولية للاستقرار في غزة ضمن خطة السلام الخاصة بالقطاع المتوقع أن تنتشر الشهر المقبل.

هذه الخطوة تعزز مخاوف مصرية، تحدث بها رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، متهماً نتنياهو بأنه «يحاول إعادة صياغة المرحلة الثانية وحصرها في مطلب نزع سلاح المقاومة، وهو ما لا ينص عليه الاتفاق، وتدركه الولايات المتحدة جيداً»، مشيراً إلى مساعٍ إسرائيلية لإقحام قوة حفظ الاستقرار في أدوار لا تتعلق بتكليفها، مثل نزع السلاح، وهو أمر لن توافق عليه الدول المشاركة.

وأكد رشوان، الخميس، وفق ما أوردت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، أن «محاولات نتنياهو قد تؤدي إلى تأجيل أو إبطاء التنفيذ، لكنها لن تنجح في إيقاف المرحلة الثانية»، مشيراً إلى أن «نتنياهو يسعى بكل السبل لتجنب الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، ودفع واشنطن إلى مواجهة مع طهران، بما قد يعيد إشعال غزة ويُفشل المرحلة الثانية من الاتفاق».

والخميس، نقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر عسكري قوله إن نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية خلال اجتماعهما المرتقب قبل نهاية العام الحالي، لافتاً إلى أن بلاده قد تضطر لمواجهة إيران إذا لم تتوصل أميركا لاتفاق يكبح جماح برنامج الصواريخ الباليستية - الإيرانية.

أمين عام «مركز الفارابى للدراسات السياسية»، الدكتور مختار غباشي، قال إن التصريحات المصرية واضحة وصريحة، وتحمل رسائل للكيان الإسرائيلي وواشنطن قبل الزيارة المرتقبة، مؤكداً أن الغضب المصري عندما يصل لهذه المرحلة من الرسائل المباشرة، تضع واشنطن في حساباتها الوصول لنقطة تقارب بين القاهرة وتل أبيب.

وأكد المحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، أن التصريحات المصرية تحمل في طياتها رسائل ومخاوف حقيقية من ترسيخ إسرائيلي للوضع القائم من منظور أمني وليس سياسياً، على أمل أن تتحرك واشنطن بجدية لوضع نهاية له.

منازل مدمرة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا يتوقف الموقف المصري عند مجرد المخاوف، بل يحمل تحذيرات واضحة، وقال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، الخميس، في مقابلة مع التلفزيون المصري، إن «هناك خطين أحمرين في غزة، الخط الأحمر الأول يتمثل في عدم الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، هذا مستحيل، المنطقتان تشكلان وحدة واحدة لا تتجزأ للدولة الفلسطينية القادمة، والخط الأحمر الثاني عدم تقسيم قطاع غزة».

وأضاف أن «الكلام اللغو الذي يقال عن وجود تقسيم القطاع إلى مناطق حمراء وخضراء أو أن الأماكن التي تقع تحت سيطرة إسرائيل مباشرة تأكل وتشرب وترى إعماراً، بينما الـ90 في المائة من الفلسطينيين الموجودين في الغرب تحت دعاوى أن (حماس) موجودة لا يأكلون ولا يشربون، هذا عبث ولن يتم ولن يتم التوافق عليه».

وفي ضوء ذلك، شدد مختار غباشي على أن مصر عندما تعلن خطوطاً حمراء، فهذا حد فاصل، وثمة مخالفات على أرض الواقع غير مقبولة، للقاهرة، مشيراً إلى أن القاهرة تتعمد هذه الرسائل في هذا التوقيت على أمل أن تعزز مسار الوسطاء نحو بدء المرحلة الثانية قريباً، خاصة أنه «إذا أرادت واشنطن فعلت ما تريد، خصوصاً إن كان الأمر يتعلق بضغط على الكيان لوقف مساراته المعرقلة للاتفاق».

وذكرت صحيفة «إسرائيل اليوم»، الخميس، أن لقاء نتنياهو وترمب المرتقب سيختتم ببيان عن التقدم المحرز نحو المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة.

وأكد رشوان أن جميع الشواهد تؤكد أن الإدارة الأميركية حسمت موقفها من بدء المرحلة الثانية مطلع يناير المقبل، لافتاً إلى أن استقبال ترمب لرئيس الوزراء الإسرائيلي في 29 ديسمبر الحالي يرجح أن يكون إشارة الانطلاق الفعلية للمرحلة الثانية دون لبس.

ويتوقع نزار نزال أن يحاول نتنياهو في مقابلة ترمب، تمرير سردية بقاء إسرائيل في الخط الأصفر وتقسيم غزة وبدء الإعمار في الجزء الذي يقع تحت سيطرتها، موضحاً: «لكن الرسائل المصرية التحذيرية خطوة استباقية لتفادي أي عراقيل جديدة أو تناغم أميركي إسرائيلي يعطل مسار الاتفاق».


ضربة سعودية تحذيرية في حضرموت... والانتقالي «منفتح على التنسيق»

قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)
قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)
TT

ضربة سعودية تحذيرية في حضرموت... والانتقالي «منفتح على التنسيق»

قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)
قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)

فيما أعاد البيان الصادر عن وزارة الخارجية السعودية رسم المسار المطلوب للتهدئة، شرق اليمن، إذ شدد على وقف التحركات العسكرية الأحادية، مع المطالبة بعودة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي إلى مواقعها السابقة خارج حضرموت والمهرة، أكدت الرياض موقفها ميدانياً عبر توجيه ضربة جوية تحذيرية، وفق ما أكدته مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط».

وأوضحت المصادر أن الضربة جاءت لإيصال رسالة مفادها عدم السماح بفرض وقائع جديدة بالقوة أو تجاوز الأطر المؤسسية التي تحكم الملف الأمني في المحافظات الشرقية، محذرةً من أن أي تصعيد إضافي سيقابل بإجراءات أشد صرامة.

الخارجية السعودية كانت وصفت تحركات «الانتقالي» بأنها أحادية وأضرت بمسار التهدئة، داعيةً إلى خروج عاجل ومنظم للقوات وتسليم المعسكرات تحت إشراف التحالف وبالتنسيق مع مجلس القيادة الرئاسي والسلطات المحلية.

من جهته، أصدر المجلس الانتقالي الجنوبي بياناً، الجمعة، حاول فيه تبرير تحركاته العسكرية، معتبراً أنها جاءت استجابةً لـ«دعوات شعبية جنوبية» لمواجهة التهديدات الإرهابية وقطع خطوط تهريب الحوثيين.

وأكد «الانتقالي»، في بيانه، أنه منفتح على أي تنسيق أو ترتيبات مع السعودية، معتبراً الضربة الجوية «قصفاً مستغرباً» لا يخدم مسارات التفاهم.

وقال مراقبون لـ«الشرق الأوسط» إن التنسيق والترتيبات سيكون مرحباً بهما من قبل السعودية إذا كانت تصب في إنهاء التصعيد وخروج قوات «الانتقالي الجنوبي» واستلام قوات «درع الوطن» الجنوبية والسلطة المحلية المعسكرات والأمن في محافظتي حضرموت والمهرة. والجلوس للتشاور والحوار من دون الحاجة لاستخدام القوة.

ويتوقع مراقبون أن تؤدي الضربة التحذيرية إلى توصيل رسالة واضحة بأن الرياض قد تضطر للانتقال من سياسة الاحتواء الهادئ إلى فرض خطوط حمر لمنع أي تصعيد بالقوة.

وتشير مصادر «الشرق الأوسط» إلى أن أي تسوية مستقبلية ستقوم على عودة الأوضاع إلى ما قبل التصعيد، مدخلاً أساسياً للحفاظ على وحدة الصف اليمني، ومنع انزلاق المحافظات الشرقية إلى مسار يهدد جهود السلام.

كان البيان السعودي أكد على دعم الرياض الكامل لوحدة اليمن وأمنه واستقراره، مشدداً على أن معالجة القضية الجنوبية العادلة لا تتم عبر القوة، بل من خلال حوار سياسي شامل، ضمن المرجعيات المتفق عليها، وفي مقدمتها اتفاق الرياض وإعلان نقل السلطة.

وكشف البيان عن تنسيق سعودي - إماراتي لإرسال فريق عسكري مشترك إلى عدن، لوضع آلية لإعادة انتشار القوات ومنع تكرار التصعيد، في خطوة عدها مراقبون انتقالاً من التحذير السياسي إلى الضبط التنفيذي الميداني.