دواء فموي يزيد مناعة كبار السن ضد «كوفيد ـ 19»

TT

دواء فموي يزيد مناعة كبار السن ضد «كوفيد ـ 19»

يتدهور جهاز المناعة مع تقدم العمر، مما يجعل «كوفيد-19» مميتاً بشكل خاص عند كبار السن. وحتى الآن، لا يوجد دواء متوفر سريرياً يعالج هذا الخطر الرئيسي؛ لكن دراسة منشورة أول من أمس في دورية «نيتشر» حملت أخباراً إيجابية في هذا الصدد. وأظهرت الدراسة في التجارب قبل السريرية على الفئران، أن الدواء الفموي «أسابيبرانت»، والمعروف علمياً باسم «BGE-175»، يعالج بشكل فعال بعض التدهور المناعي بسبب الشيخوخة، مما يشير إلى أنه يمكن استخدام الدواء لحماية المرضى كبار السن الذين هم أكثر عرضة لخطر الوباء.
وفي الدراسة، تحمي الجرعات اليومية من الدواء الفئران المسنة من جرعة قاتلة من فيروس «كورونا» المستجد؛ حيث نجت 90 في المائة من الفئران التي تلقت الدواء، في حين ماتت جميع الفئران غير المعالجة.
وبدأ تطبيق العلاج بعد يومين من الإصابة، عندما كانت الفئران مريضة بالفعل، وهو إطار زمني يتعلق بالحالات السريرية الواقعية التي لا يتلقى فيها المرضى الدواء إلا بعد ظهور الأعراض عليهم.
ويعكس نموذج الفأر المستخدم في الدراسة عن كثب التقدم المرضي لـ«كوفيد-19» البشري؛ حيث تسببت سلالة الفيروس عند الفئران في عديد من السمات المرضية التي تم تسجيلها في البشر، مثل تراكم السوائل في الأكياس الهوائية للرئتين، وتسلل الخلايا المناعية إلى أنسجة الرئة على نطاق واسع، ومستويات عالية من العوامل المؤيدة للالتهابات تسمى السيتوكينات. ويخضع هذا الدواء حالياً للمرحلة الثانية من التجربة السريرية، لاختبار ما إذا كان بإمكانه منع تطور المرض والوفيات لدى المرضى الأكبر سناً في المستشفى، بسبب «كوفيد-19».
تم تطوير هذه الدواء سريرياً من قبل «بايو إيج لابز BioAge Labs»، وهي شركة تكنولوجيا حيوية مقرها كاليفورنيا، لابتكار عقاقير تعالج الأمراض البشرية وتطيل فترة الصحة من خلال استهداف الآليات الجزيئية للشيخوخة.
تقول كريستين فورتني، الرئيسة التنفيذية للشركة، والباحثة الرئيسة بالدراسة، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للشركة بالتزامن مع الدراسة: «دمرت جائحة (كوفيد-19) المسنين في جميع أنحاء العالم، وتُظهر البيانات قبل السريرية الواعدة في هذه الدراسة، أن الدواء يحمي بشكل شبه كامل الفئران المسنة من الوفاة، فمن خلال علاج مشكلات المناعة المرتبطة بالعمر، يمكن أن يمنح العلاج المرضى الأكبر سناً قدرة على محاربة هذا المرض بشكل فعال».
ومع التقدم في العمر، يصبح المسار الكيميائي الحيوي الذي يشتمل على جزيء الإشارة «PGD2» أكثر نشاطاً، مما يضعف المناعة بطريقتين رئيسيتين: أولاً، تهاجر الخلايا العارضة للمستضد والتي تسمى الخلايا المتغصنة بشكل أقل كفاءة، مما يؤدي إلى إبطاء استجابة الخلايا التائية التكيفية والأجسام المضادة، وثانياً، فإن خلايا الدم البيضاء التي تسمى «العدلات» تتسلل إلى الأنسجة المصابة بشكل أقوى، مما يؤدي إلى التهاب ضار، وبالتالي فإن الجهاز المناعي المتقدم في السن يكون أبطأ في الاستجابة للعدوى الجديدة، ومن المرجح أن يبالغ في رد فعله بمجرد حدوث استجابة.
ويثبط الدواء هذا المسار عن طريق منع التفاعل بين جزيء «PGD2» ومستقبله، وهو بروتين يسمى «DP1»، مما يزيد -وفق الدراسة المنشورة- هجرة الخلايا المتغصنة من الرئتين إلى العقد الليمفاوية، ويقلل من مستويات العدلات في أنسجة الرئة، أي أنه يعيد جهاز المناعة إلى حالة أكثر شباباً.
وكما هو الحال مع الحيوانات المعالجة بالعقاقير، فإن الفئران المعدلة وراثياً التي لم تكن قادرة على تصنيع الجزيء «PGD2» أو تفتقر إلى بروتين «DP1»، كانت تحمل حمولات فيروسية أقل، وأظهرت التهاباً أقل وتلفاً في الأنسجة، وكانت أقل عرضة للموت من العدوى الفيروسية، مما يؤكد فاعلية علاج «أسابيبرانت».
يقول ستانلي بيرلمان، أستاذ علم الأحياء الدقيقة، وطبيب المناعة، وطبيب الأمراض المعدية في جامعة أيوا، والباحث المشارك في الدراسة، إن التأثير الوقائي للدواء في الفئران يدعم فكرة أنه يصحح الانخفاض في المناعة المرتبطة بالعمر، مما يوفر أساساً منطقياً قوياً للاختبار على المرضى الأكبر سناً الذين يدخلون المستشفى مع «كوفيد-19».
وتختبر المرحلة الثانية من التجارب السريرية التي بدأت في مارس (آذار) 2021، ما إذا كان علاج «أسابيبرانت» يمكنه أن يمنع فشل الجهاز التنفسي والوفيات لدى المرضى الأكبر سناً في المستشفى بسبب «كوفيد-19».
ونظراً لأن بعض حالات «كوفيد-19» مرتبطة بالتهاب غير منضبط، مما يزيد من شدة المرض، فإن التجربة ستقيس أيضاً تأثير العلاج على مستويات علامات الالتهاب، مما يوفر نظرة ثاقبة لقدرته على استعادة التنظيم الطبيعي لجهاز المناعة.
وترتبط الأدوية المضادة للفيروسات المستخدمة حالياً مع «كوفيد-19»، وكذلك الأجسام المضادة التي تفرزها اللقاحات، ببروتينات فيروسية معينة لممارسة تأثيرها، وبالتالي يمكن أن تفقد فعاليتها إذا استمر الفيروس في التحور. ونظراً لأن دواء «أسابيبرانت» يستهدف الجهاز المناعي المضيف بدلاً من الفيروس الغازي، فإن لديه القدرة على الاحتفاظ بفعاليته ضد السلالات الناشئة التي يمكنها مقاومة الأدوية المضادة للفيروسات، أو التهرب من المناعة القائمة على اللقاح، كما يؤكد إريك فيردين، الباحث المشارك في الدراسة.
ويضيف: «نظراً لأن آلية عمله ليست خاصة بـ(كوفيد-19)، يمكن أن يساعد الدواء المرضى الأكبر سناً على محاربة الفيروسات الأخرى».
وتعتزم شركة «بايو إيج لابز» متابعة التطبيقات السريرية الواسعة للدواء، لتشمل أمراضاً مثل الإنفلونزا والالتهاب الرئوي الفيروسي، بعد انتهاء التجارب السريرية التي تجرى حالياً مع مرضى «كوفيد-19».


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الأمطار الغزيرة تقطع الكهرباء عن آلاف الأستراليين

شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)
شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)
TT

الأمطار الغزيرة تقطع الكهرباء عن آلاف الأستراليين

شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)
شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)

انقطعت الكهرباء عن عشرات الآلاف من الأشخاص في ولاية نيو ساوث ويلز الأسترالية اليوم (السبت) بعد أن جلب نظام ضغط منخفض رياحاً مدمرة وأمطاراً غزيرة، مما أثار تحذيرات من حدوث فيضانات، وفقاً لوكالة «رويترز».

وقالت شركة الكهرباء «أوسجريد» على موقعها الإلكتروني صباح اليوم إن الكهرباء انقطعت عن نحو 28 ألف شخص في سيدني، عاصمة الولاية وأكبر مدينة في أستراليا، كما انقطعت الكهرباء عن 15 ألف شخص في مدينة نيوكاسل القريبة ومنطقة هانتر.

وكشف جهاز خدمات الطوارئ بالولاية على موقعه الإلكتروني أنه تلقى ألفين و825 اتصالاً طلباً للمساعدة منذ أمس (الجمعة)، معظمها يتعلق بأشجار متساقطة وممتلكات تضررت بسبب الرياح.

وذكرت هيئة الأرصاد الجوية في البلاد أن تحذيرات من الفيضانات والرياح المدمرة والأمطار الغزيرة صدرت في العديد من أجزاء الولاية، مضيفة أن من المحتمل أن تهب رياح تصل سرعتها إلى 100 كيلومتر في الساعة فوق المناطق الجبلية.

وأشارت وسائل إعلام محلية إلى أن هذه التحذيرات تأتي بعد أن تسببت العواصف في الأسبوع الماضي في سقوط الأشجار وخطوط الكهرباء وتركت 200 ألف شخص من دون كهرباء في نيو ساوث ويلز.