«الاستثمارات العامة» يعلن عن أول اتفاق طوعي لتداول الائتمان الكربوني بالمنطقة

جانب من حفل توقيع الاتفاقيات الذي أعلن فيه عن المشروع (الشرق الأوسط)
جانب من حفل توقيع الاتفاقيات الذي أعلن فيه عن المشروع (الشرق الأوسط)
TT

«الاستثمارات العامة» يعلن عن أول اتفاق طوعي لتداول الائتمان الكربوني بالمنطقة

جانب من حفل توقيع الاتفاقيات الذي أعلن فيه عن المشروع (الشرق الأوسط)
جانب من حفل توقيع الاتفاقيات الذي أعلن فيه عن المشروع (الشرق الأوسط)

أعلن صندوق الاستثمارات العامة السعودي، اليوم (الثلاثاء)، عن توقيع خمس مذكرات تفاهم غير ملزمة مع كيانات وطنية رائدة، تمثل أولى الشراكات المرتقبة للسوق الطوعية لتداول الائتمان الكربوني في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ويأتي توقيع المذكرات بعد إعلان الصندوق مع مجموعة تداول السعودية عن مبادرة السوق الطوعية لتداول الائتمان الكربوني في سبتمبر (أيلول) 2021، الذي أشاد فيه الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة، بالدور الرائد للسعودية في المنطقة لمواجهة تحديات تغيّر المناخ وتحفيز المؤسسات على تقليل انبعاثاتها الكربونية، وامتداداً لجهودها في هذا المجال الرامية إلى المساهمة في تحسين البيئة وتقليل الآثار السلبية الناجمة من التطور الحضري. إضافة إلى ما أعلنه ولي العهد خلال منتدى مبادرة السعودية الخضراء، عن استهداف المملكة للوصول للحياد الصفري في عام 2060، من خلال نهج الاقتصاد الدائري للكربون بما يتوافق مع خطط البلاد التنموية، وتمكين تنوُّعها الاقتصادي، مما يسهم في تنمية الاقتصاد الأخضر، وخلق فرص عمل نوعية، وتوفير فرص استثمارية ضخمة للقطاع الخاص، وفق «رؤية 2030».
وجاء الإعلان عن الاتفاقيات خلال حفل توقيع أقامه صندوق الاستثمارات العامة اليوم، شمل كلاً من أرامكو السعودية، والخطوط السعودية، وشركة أكوا باور، وشركة معادن، وشركة «إنوا» التابعة لنيوم. وتتضمن المذكرات مساهمة الكيانات إلى جانب الصندوق لتطوير سوق طوعية لتداول الائتمان الكربوني، عبر توريد وشراء وتداول أرصدة الكربون، وذلك بمجرد تأسيس السوق الذي من المتوقع أن يكون في 2023. ومن المتوقع انضمام المزيد من الشركاء خلال الفترة القادمة قبل جولة أولية من المزادات بحلول الربع الأخير من العام الحالي.
من جانبه، أوضح ياسر الرميان، محافظ الصندوق، أن «مساهمة تلك الكيانات الوطنية الرائدة تأتي دليلاً قوياً على القدرات المرتقبة التي سيتميز بها هذا السوق»، مضيفاً: «يساهم صندوق الاستثمارات العامة في دعم جهود السعودية لتعزيز الاستثمار والابتكار لمواجهة تأثير التغير المناخي، وتحقيق الحياد الكربوني الصفري في المملكة بحلول عام 2060».
بدوره، قال المهندس أمين بن حسن الناصر، رئيس أرامكو وكبير إدارييها التنفيذيين، إن «أرامكو السعودية تعتز بكونها شريكاً في هذه المبادرة الرائدة، التي تتماشى مع طموحنا لتحقيق الحياد الصفري للنطاقين (1 و2) في الانبعاثات الكربونية، وذلك في مرافق أعمالنا التي نملكها ونديرها بالكامل بحلول عام 2050»، مبيناً أن «أرصدة الكربون تمثّل أداة مهمة وفعالة لتحقيق أهداف خفض الانبعاثات الكربونية ضمن الجهود العالمية الرامية لمواجهة التغيّر المناخي».
إلى ذلك، بيّن إبراهيم العُمر، مدير عام مجموعة الخطوط السعودية، أن «الخطوط السعودية تقوم بدورٍ محوري في مبادرة تعويض الكربون وتساهم في جهود الاستدامة البيئية»، مشيراً إلى أن مشاركتها في هذا السوق تعد حدثاً بارزاً في مسيرتها، متطلعاً للتعاون مع السوق الجديد الذي «يعد من المبادرات المبتكرة لصندوق الاستثمارات، وسيسهم في ازدهار مستقبلنا».
من ناحيته، قال محمد أبو نيان، رئيس مجلس إدارة أكوا باور: «لتحقيق هدف الحياد الكربوني على المستوى العالمي، يجب اتخاذ إجراءات حازمة من أجل الحد من الانبعاثات الكربونية. ولا شك أن إطلاق هذا السوق سيمارس دوراً مهماً في تحقيق هذا الهدف إلى جانب معالجة تحديات تغير المناخ، مع السماح للمستثمرين من القطاع الخاص والشركات والمنظمات غير الحكومية بتعويض انبعاثاتهم الكربونية، وتحويل السعودية إلى مركز عالمي لتجارة الكربون»، متابعاً: «انطلاقاً من دورنا في دفع مسيرة تحول الطاقة من خلال التوسع في مشاريع الطاقة المتجددة وتحلية المياه والهيدروجين الأخضر، لدينا في هذا الإطار دور مهم نسعى إلى القيام به. ومن هذا المنطلق، يشرفنا أن نكون من أوائل الشركاء الذين يساهمون في تنفيذ خارطة الطريق التي تسعى من خلالها رؤية المملكة إلى إنجاز جهودها الطموحة نحو تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060».
من جهته، قال روبرت ويلت، الرئيس التنفيذي لمعادن: «نحرص دائماً على مواكبة الرؤية الطموحة لقيادة المملكة العربية السعودية، في أن نكون الرواد في حماية البيئة ليس محلياً وحسب، ولكن إقليمياً وعالمياً من خلال مبادرة السعودية الخضراء وغيرها من المشروعات الرامية للحد من الاحتباس الحراري وخفض انبعاثات الكربون»، لافتاً إلى أن «من أهم هذه المبادرات، الشراكة الاستراتيجية بين معادن وصندوق الاستثمارات العامة، لإطلاق هذه السوق الطوعية، ما يعد خطوة مهمة نحو تمكين السعودية والمنطقة من المساهمة في معالجة التحديات التي يفرضها تغير المناخ العالمي التي تهدف لرفع جودة الهواء وتعزيز صحة الكوكب».
وأضاف: «سنواصل العمل بشكل وثيق مع صندوق الاستثمارات العامة وندعم المبادرة من خلال توفير أرصدة الكربون؛ لدعم طموحات المملكة المناخية وتحقيق هدفنا المتمثل في الوصول بالانبعاثات الناتجة عن عملياتنا إلى مستويات صفرية بحلول عام 2050».
فيما أكد بيتر تيريوم الرئيس التنفيذي لشركة «إنوا» ENOWA التابعة لشركة نيوم، على أن «نيوم منذ لحظة تأسيسها تحافظ على الالتزام بمبادئ الاستدامة البيئية التي تعزز الممارسات المستدامة والمتجددة»، مشيراً إلى أن عملية التخلص من الانبعاثات باستخدام التقنيات الحالية تشكل عبئاً مالياً كبيراً، خاصة عندما لا يكون القضاء على مصادر معينة للانبعاثات بشكل كامل أمراً محسوماً على المدى القريب؛ مما يستدعي الحاجة إلى إيجاد حل عملي على المدى المتوسط.
وقال بيتر: «في نيوم، تعمل جميع القطاعات بتناغمٍ تام لتسريع وتيرة التقدم في ابتكار تقنيات الحد من الكربون وإزالته، ودعم جهود المملكة العربية السعودية للوصول إلى الحياد الكربوني، وهو ما سيكون له تأثير بالغ الإيجابية على البيئة. ولتعزيز هذا التوجه أعلنا مؤخراً عن إنشاء شركة (إنوا) ENOWA المتخصصة في الطاقة والمياه، حيث تتولى إدارة هذا المسار في الشركة». وخلُص إلى القول: «إن إعلاننا اليوم عن أول شراكة للحد من الانبعاثات الكربونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يتكامل مع أهداف أعمالنا ورؤيتنا للاستدامة، ونحن نتطلع إلى أن تكون هذه المبادرة الرائدة مصدر إلهام للقيادات الأخرى في محيطنا الإقليمي».
وبجانب إطلاق السوق الطوعية لتداول الائتمان الكربوني، ستعمل على ربط أرصدة الكربون بطلبات الشراء من المستثمرين والشركات والمؤسسات التي ترغب في خفض انبعاثات الكربون، عبر تعويض الانبعاثات التي تولدها، وبالتالي مساهمة السوق بشكل فعال للوصول إلى الحياد الصفري الكربوني. وسيسعى السوق الطوعي لتداول الائتمان الكربوني للحصول على أرصدة ذات درجات عالية من الجودة.
وتتمتع الشركات والمؤسسات في السعودية بمكانة فريدة تؤهلها لتوريد وشراء أرصدة الكربون المعتمدَة عالية الجودة، حيث من المتوقع أن يمكن السوق الطوعي لتداول الائتمان الكربوني المستثمرين والشركات في كل أنحاء المنطقة من تحقيق طموحاتهم لتقليل أو تحييد أثرهم الكربوني.
وشهدت أسواق الكربون نمواً سريعاً في السنوات الأخيرة في مختلف أنحاء العالم، حيث سجلت معدل نموٍ سنوي مركب يزيد على 30 في المائة، مما رفع قيمة هذه الأسواق لأكثر من مليار دولار وفقاً لبيانات شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، ويتوقع أن تصل إلى 15 مليار دولار بحلول عام 2030.
وتماشياً مع رؤية 2030، أطلق صندوق الاستثمارات العامة مؤخراً إطاره التنظيمي للتمويل الأخضر، الذي يشمل عدداً من المبادرات التي تدعم هذا التوجه، بما في ذلك تأسيس سوق طوعية لتداول الائتمان الكربوني.


مقالات ذات صلة

الميزانية السعودية... استدامة مالية واستمرار في الإصلاحات

الاقتصاد ولي العهد في أثناء توقيعه على الميزانية العامة للدولة لعام 2025 (واس)

الميزانية السعودية... استدامة مالية واستمرار في الإصلاحات

أقر مجلس الوزراء السعودي برئاسة الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء أمس (الثلاثاء)، ميزانية عام 2025 بإيرادات متوقعة عند 1.184 تريليون ريال.

مساعد الزياني (الرياض) عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد ولي العهد مترئساً جلسة مجلس الوزراء المخصصة لإقرار ميزانية عام 2025 (واس) play-circle 00:51

الميزانية السعودية 2025... نمو مستدام مدعوم بالإصلاحات الاقتصادية

جاء إعلان السعودية عن ميزانية العام المالي 2025 التي أقرّها مجلس الوزراء السعودي ليظهر مدى توسع الاقتصاد السعودي.

مساعد الزياني (الرياض) عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد ولي العهد يوقِّع على الميزانية العامة للعام المالي 2025 (واس) play-circle 00:51

محمد بن سلمان: ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد السعودية

قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، إن ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد المملكة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد وزير الاستثمار متحدثاً إلى الحضور خلال «المبادرة العالمية لمرونة سلسلة التوريد» (الشرق الأوسط)

السعودية توسّع صفقاتها للمشاركة في سلاسل التوريد العالمية

تتجه السعودية إلى زيادة الوصول للمواد الأساسية، وتوفير التصنيع المحلي، وتعزيز الاستدامة، والمشاركة في سلاسل التوريد العالمية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)

خاص وزير الصناعة السعودي: هيئة المساحة ستلعب دوراً محورياً في السنوات الـ25 المقبلة في التعدين

تلعب هيئة المساحة الجيولوجية في السعودية دوراً حيوياً في الكشف عن مخزونات الأرض من الفلزات، التي تشمل الذهب والزنك والنحاس.

سعيد الأبيض (جدة)

وزير الاقتصاد الألماني يطالب بتغيير قواعد ديون الاتحاد الأوروبي

وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)
وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)
TT

وزير الاقتصاد الألماني يطالب بتغيير قواعد ديون الاتحاد الأوروبي

وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)
وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)

قال وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، إنه يسعى لتغيير قواعد الديون التي تم التفاوض عليها بشق الأنفس داخل الاتحاد الأوروبي، واصفاً إياها بـ«الخطر الأمني» لأنها تمنع الإنفاق الضروري على الدفاع وغيرها من الأولويات.

وأضاف المرشح عن حزب «الخضر» لمنصب المستشار في مؤتمر صناعي في برلين يوم الثلاثاء: «هذه القواعد لا تتناسب مع متطلبات العصر»، وفق «رويترز».

وأشار هابيك إلى أن الحكومة الائتلافية تفاوضت بشكل غير صحيح على إصلاحات القواعد الأوروبية، دون أن يذكر كريستيان ليندنر، وزير المالية السابق المسؤول عن تلك المفاوضات.

وأدى نزاع حول الإنفاق إلى انهيار الائتلاف الحاكم في ألمانيا في وقت سابق من هذا الشهر، بعدما قام المستشار أولاف شولتز بإقالة ليندنر، المعروف بتوجهاته المتشددة في مجال المالية العامة، ما فتح الباب لإجراء انتخابات مبكرة في فبراير (شباط) المقبل.

وفي إشارة إلى مطالبات بإعفاء الإنفاق الدفاعي من القيود المفروضة على الاقتراض بموجب الدستور، قال هابيك: «لا يمكننا التوقف عند مكابح الديون الألمانية». وأضاف أن ألمانيا قد تضطر إلى تحقيق مزيد من المدخرات في موازنتها لعام 2025 للامتثال لقواعد الاتحاد الأوروبي المالية، حتى إذا التزمت بالحد الأقصى للاقتراض بنسبة 0.35 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي كما ينص دستور البلاد.

وبعد أشهر من النقاشات، وافق الاتحاد الأوروبي في نهاية عام 2023 على مراجعة قواعده المالية. وتمنح القواعد الجديدة، التي دخلت حيز التنفيذ في أبريل (نيسان) الدول أربع سنوات لترتيب شؤونها المالية قبل أن تواجه عقوبات قد تشمل غرامات أو فقدان التمويل الأوروبي. وإذا اقترن مسار خفض الديون بإصلاحات هيكلية، يمكن تمديد المهلة إلى سبع سنوات.

وأشار هابيك إلى أن القواعد الجديدة قد تسمح بزيادة الاقتراض إذا أسهم ذلك في زيادة النمو المحتمل.

وردّاً على انتقادات هابيك، قال ليندنر إن الدول الأوروبية بحاجة إلى الالتزام بحدود إنفاقها، مشيراً إلى «قلقه الشديد» بشأن مستويات الديون المرتفعة في فرنسا وإيطاليا. وأضاف ليندنر لـ«رويترز»: «الوزير هابيك يلعب باستقرار عملتنا». وأكد قائلاً: «إذا شككت ألمانيا في قواعد الاتحاد الأوروبي المالية التي تفاوضت عليها بشق الأنفس أو خالفتها، فإن هناك خطراً في انفجار السد».