الحرب في أوكرانيا تعمق المأزق الليبي

خبير يرى أن فرصة «الحوار السياسي» تظلّ ممكنة عبر تقديم بعض «التنازلات»

المرشح الرئاسي الليبي ووزير الداخلية السابق فتحي باشاغا (يسار) ورئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة (أ.ف.ب)
المرشح الرئاسي الليبي ووزير الداخلية السابق فتحي باشاغا (يسار) ورئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة (أ.ف.ب)
TT

الحرب في أوكرانيا تعمق المأزق الليبي

المرشح الرئاسي الليبي ووزير الداخلية السابق فتحي باشاغا (يسار) ورئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة (أ.ف.ب)
المرشح الرئاسي الليبي ووزير الداخلية السابق فتحي باشاغا (يسار) ورئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة (أ.ف.ب)

مع تركز أنظار العالم على الحرب في أوكرانيا، يخشى أطراف دوليون أن يؤدي المأزق الحالي في ليبيا الناتج عن محاولة الحكومة برئاسة فتحي باشاغا تسلم السلطة وسط رفض الحكومة السابقة التنحي، إلى تصعيد ومعارك جديدة في البلاد.
وشهدت ليبيا منذ إسقاط نظام معمر القذافي في 2011 فوضى ناتجة عن انقسامات ونزاعات على السلطة وتصاعد نفوذ مجموعات مسلحة وتدخلات خارجية. في مارس (آذار) 2021، شكلت حكومة انتقالية برئاسة عبد الحميد الدبيبة بعد حوار بين الأطراف الليبيين رعته الأمم المتحدة في جنيف، وحددت لها مهمة بتولي المرحلة الانتقالية حتى إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، لكن الانتخابات لم تحصل بسبب عقبات أمنية وقضائية وسياسية.
في بداية مارس، منح البرلمان الليبي الذي يتخذ من الشرق مقرا، حكومة جديدة برئاسة فتحي باشاغا، الثقة، لكن حكومة الدبيبة ترفض تسليمها المؤسسات في طرابلس بحجة أن الحكومة الجديدة يجب أن تشكل بعد إجراء انتخابات. وبذلك، تجد ليبيا نفسها مرة أخرى كما بين 2014 و2021 بين سلطتين متنافستين، ما يعيد شبح الاقتتال.
وشكل باشاغا حكومته بعد تحالفه مع الرجل القوي في شرق ليبيا خليفة حفتر الذي تدعمه موسكو عسكرياً.

ويرى أستاذ العلاقات الدولية في جامعات ليبيا خالد المنتصر أن «باشاغا راهن على سياسة الأمر الواقع، وظن أنه بمجرد نيل حكومته ثقة البرلمان، سيكون المخول تشريعياً تغيير الحكومة، فيزيح حكومة طرابلس المدعومة دولياً بسهولة، لكن تبين سريعاً عدم صواب هذا الاتجاه». ويرى أن فرصة «الحوار السياسي» تظل ورقةً ممكنة عبر تقديم بعض «التنازلات».
واحتشدت مجموعات مسلحة موالية لباشاغا في ضواحي غرب وشرق طرابلس مطلع الشهر الجاري، ما أثار مخاوف من وقوع اشتباكات مع قوات موالية للدبيبة.
بعد أقل من 24 ساعة، أعلن باشاغا سحب المجموعات المسلحة المحتشدة، بعد دعوات إلى التهدئة من الأمم المتحدة وواشنطن تحديداً، مؤكدا استعداده للحوار، ومطمئناً سكان طرابلس بأنه «لن تكون هناك حرب».
ويقول المحلل السياسي فرج الدالي إن الخلاف بين الحكومتين أظهر نوعا من التضامن الدولي تجاه الأزمة الليبية، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية. ويضيف «واشنطن والبعثة الأممية تقودان بوتيرة عالية مفاوضات بين الدبيبة وباشاغا، ما يدل بشكل قاطع على عدم رغبة المجتمع الدولي والولايات المتحدة برؤية مشهد الحرب يتكرر في ليبيا، خصوصاً مع التطورات العالمية المرتبطة بالحرب الروسية الأوكرانية».
وتحركت الولايات المتحدة لمنع صدام مسلح بين الحكومتين، ويقول مراقبون إنها نجحت في وقف محاولة تقدم قوات باشاغا صوب طرابلس خلال الأيام الماضية.
وقال سفير واشنطن في ليبيا ريتشارد نورلاند إنه أجرى محادثات هاتفية مع باشاغا والدبيبة الخميس في اليوم الذي شهد تحركات عسكرية حول طرابلس. وأثنى في تغريدات عبر «تويتر»، على استعداد باشاغا «لنزع فتيل التوتر، وسعيه إلى حل الخلافات من خلال التفاوض وليس بالقوة».
كما أعرب عن تقديره للدبيبة، ولالتزامه «حماية الأرواح» و«استعداده لدخول مفاوضات بهدف إيجاد حل».

ويشير المحلل السياسي الليبي إلى أن الأمم المتحدة تدرك جيداً بأن «الخلاف القائم بين الحكومتين، يمكن حله عبر التفاوض ومنح كل طرف مكاسب، وبالتالي خيار الحوار ربما يكون متفوقاً على خيار الحرب».
ويعتبر أن «المجتمع الدولي على يقين بأن الدبيبة وباشاغا مستعدان للحوار، لكن بشروط تضمن تواجدهما في السلطة، وبالتالي لن يكون هناك عائق أمام التسوية، والمتبقي تفاصيل وخارطة سياسية تجعل التنازل مقابل مكاسب محددة قابلاً للتطبيق».
وعقد مجلس الأمن اجتماعا الأسبوع الماضي حول ليبيا التزمت خلاله القوى الكبرى والأمم المتحدة حذرا كبيرا حيال الأزمة السياسية التي تهز البلاد، من دون أن تنحاز لأي من الطرفين، باستثناء روسيا التي أعلنت صراحة دعمها لباشاغا.
ويخشى أن تستخدم نفوذها هذا لتعطيل الإنتاج النفطي في ليبيا المقدر اليوم بـ1.2 مليون برميل يوميا، ما من شأنه، إذا حصل، أن يبقي السوق النفطي المضطرب بسبب الحرب في أوكرانيا، تحت الضغط.
وطالبت مجموعات في شرق البلاد موالية لحفتر بمغادرة عبد الحميد الدبيبة السلطة، وهددت الأسبوع الماضي بإغلاق موانئ النفط في الشرق.
وتسعى الدول الأوروبية والولايات المتحدة إلى زيادة إنتاج الغاز والنفط في العالم لتجنب أزمة نتيجة توقف الإمدادات الروسية بسبب الحرب والعقوبات.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1475805983418970115
ويقول الخبير في شؤون ليبيا وولفرام لاتشر في معهد «أس دبليو بي» الألماني للأبحاث في العلاقات الدولية (SWP) «مثل هذا الحصار سيخدم بالتأكيد مصالح روسيا لأنه سيرفع أسعار النفط أكثر».
وتقول الخبيرة القانونية والأستاذة الجامعية إيمان جلال «رغم تراجع باشاغا عن خياره العسكري لدخول طرابلس، إلا أن ذلك لا يعني عدم إعادة الكرة مستقبلاً. في حال استمرت حالة الجمود السياسي (...)، قطعا لن يرضى باستمرار إبعاد الدبيبة له عن مركز القرار السياسي في العاصمة».
ويرى خالد المنتصر أن الحكومة الجديدة تمتلك خيارين: القوة العسكرية لإزاحة حكومة الدبيبة، أو التفاوض والحوار السلمي. ويضيف «الخيار العسكري ممكن نظرياً مع دعم من بعض المجموعات المسلحة القوية في غرب ليبيا، لكن واقعيا سيوقع استخدامه القوة على مراسم جنازة حكومته، بدخولها في صراع مسلح ربما يستمر أشهراً بل أعواماً».



مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الخارجية المصرية، السبت، أن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ستشهد إطلاق حركة «حماس» سراح 33 محتجزاً إسرائيلياً مقابل 1890 فلسطينياً.

وعبرت الوزارة، في بيان، عن أملها في أن يكون الاتفاق البداية لمسار يتطلب تكاتف الجهود الإقليمية والدولية لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني.

ودعت مصر المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة، لدعم وتثبيت الاتفاق والوقف الدائم لإطلاق النار، كما حثت المجتمع الدولي على تقديم كافة المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، ووضع خطة عاجلة لإعادة إعمار غزة.

وشدد البيان على «أهمية الإسراع بوضع خارطة طريق لإعادة بناء الثقة بين الجانبين، تمهيداً لعودتهما لطاولة المفاوضات، وتسوية القضية الفلسطينية، في إطار حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس».

وأشارت الخارجية المصرية إلى التزامها بالتنسيق مع الشركاء: قطر والولايات المتحدة، للعمل على التنفيذ الكامل لبنود اتفاق وقف إطلاق النار من خلال غرفة العمليات المشتركة، ومقرها مصر؛ لمتابعة تبادل المحتجزين والأسرى، ودخول المساعدات الإنسانية وحركة الأفراد بعد استئناف العمل في معبر رفح.

وكانت قطر التي أدت مع مصر والولايات المتحدة وساطة في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، أعلنت أن 33 رهينة محتجزين في غزة سيتم الإفراج عنهم في إطار المرحلة الأولى من الاتفاق.

وكانت وزارة العدل الإسرائيلية أعلنت أن 737 معتقلا فلسطينيا سيُطلق سراحهم، إنما ليس قبل الساعة 14,00 ت غ من يوم الأحد.

ووقف إطلاق النار المفترض أن يبدأ سريانه الأحد هو الثاني فقط خلال 15 شهرا من الحرب في قطاع غزة. وقُتل أكثر من 46899 فلسطينيا، معظمهم مدنيون من النساء والأطفال، في الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، وفق بيانات صادرة عن وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.

وأعربت الخارجية المصرية في البيان عن «شكرها لدولة قطر على تعاونها المثمر»، كما ثمّنت «الدور المحوري الذي لعبته الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإنهاء الأزمة إلى جانب الرئيس الأميركي جو بايدن».