كائنات المناطق الباردة تُلهم باحثي صناعة الآيس كريم

الآيس كريم يحتوي على بلورات ثلجية صغيرة
الآيس كريم يحتوي على بلورات ثلجية صغيرة
TT

كائنات المناطق الباردة تُلهم باحثي صناعة الآيس كريم

الآيس كريم يحتوي على بلورات ثلجية صغيرة
الآيس كريم يحتوي على بلورات ثلجية صغيرة

يحتوي الآيس كريم الطازج على بلورات ثلجية صغيرة، ولكن أثناء التخزين والنقل، يذوب الجليد وينمو من جديد. وأثناء هذه العملية من إعادة التبلور، تذوب البلورات الأصغر، وينتشر الماء لينضم إلى أكبرها، ما يؤدي إلى نموها، وإذا أصبحت هذه البلورات أكبر من 50 ميكرومتراً - أو تقريباً قطر الشعرة - فإن الحلوى تأخذ قواماً يقلل من جاذبيتها لدى المستهلك، وبالتالي فإن التحكم في تكوين ونمو بلورات الثلج هو المفتاح للحصول على «آيس كريم» عالي الجودة.
ولحل هذه المشكلة، استلهم باحثون من جامعة تينيسي الأميركية من كائنات المناطق الباردة، بعض الحلول، حيث يمكن لبعض الأسماك والحشرات والنباتات، أن تعيش في درجات حرارة دون الصفر لأنها تنتج بروتينات مضادة للتجمد تكافح نمو بلورات الجليد.
لكن البروتينات المضادة للتجمد أغلى من الذهب ومحدودة العرض، لذلك من غير العملي إضافتها إلى الآيس كريم، ويتم استخدام السكريات المتعددة مثل صمغ القوار أو صمغ الخروب بدلاً من ذلك، وهذه المثبتات ليست فعالة للغاية ويتأثر أداؤها بالعديد من العوامل، بما في ذلك درجة حرارة التخزين والوقت، وتركيب المكونات الأخرى وتركيزها، بالإضافة إلى ذلك، فإن آلية عملها غير مؤكدة، وهو ما دفع الباحثين من جامعة تينيسي إلى تطوير بدائل أفضل.
وخلال دراسة تم عرضها، أول من أمس، في اجتماع الربيع للجمعية الكيميائية الأميركية، تم الإعلان عن بديل رخيص وعملي، وهو بلورات السليلوز النانوية. ويقول تاو وو، الباحث الرئيسي بالمشروع في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجمعية الكيميائية الأميركية: «البروتينات المضادة للتجمد، هي بروتينات برمائية، ما يعني أن لها سطحاً محباً للماء، وآخر كارهاً لها، ولأني أعرف أن بلورات السليلوز بحجم النانو هي أيضاً برمائية، لذلك اعتقدت أن الأمر يستحق التحقق، حول ما إذا كان بإمكانها إيقاف نمو بلورات الثلج في الآيس كريم، وتُستخرج هذه البلورات من جدران الخلايا النباتية للمنتجات الثانوية الزراعية والحرجية، لذا فهي رخيصة الثمن ومتوافرة ومتجددة». وكشفت اختبارات الباحثين أن بلورات السليلوز مثل البروتينات المضادة للتجمد، حيث تلتصق بأسطح بلورات الجليد، ما يمنعها من التماسك والانصهار.
ومع مزيد من البحث، يمكن استخدام بلورات السليلوز لحماية جودة الأطعمة الأخرى، مثل العجين والأسماك المجمدة، أو ربما للحفاظ على الخلايا والأنسجة والأعضاء في الطب الحيوي، كما يؤكد تاو.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».