السعودية تخلي مسؤوليتها عن أي نقص في إمدادات البترول

بعد الاعتداءات المتكررة على منشآتها الحيوية من قبل الحوثي المدعوم من إيران

جانب من الأضرار التي خلّفها الهجوم العدائي الحوثي الذي استهدف منشأة «أرامكو» في جازان جنوب السعودية (واس)
جانب من الأضرار التي خلّفها الهجوم العدائي الحوثي الذي استهدف منشأة «أرامكو» في جازان جنوب السعودية (واس)
TT

السعودية تخلي مسؤوليتها عن أي نقص في إمدادات البترول

جانب من الأضرار التي خلّفها الهجوم العدائي الحوثي الذي استهدف منشأة «أرامكو» في جازان جنوب السعودية (واس)
جانب من الأضرار التي خلّفها الهجوم العدائي الحوثي الذي استهدف منشأة «أرامكو» في جازان جنوب السعودية (واس)

أعلنت السعودية إخلاء مسؤوليتها عن أي نقص في إمدادات البترول للأسواق العالمية، وحذّرت من أنّ الهجمات المتكررة للميليشيات الحوثية المدعومة من إيران على منشآتها النفطية تشكّل تهديداً مباشراً لأمن الإمدادات النفطية، ودعت المجتمع الدولي إلى الوقوف بحزم ضد الحوثيين وهجماتهم التخريبية، التي تفضي إلى أضرار وخيمة، وتؤثر على قدرة المملكة الإنتاجية وعلى الوفاء بالتزاماتها.
وشدد مصدر مسؤول في وزارة الخارجية، أمس (الاثنين)، على أنّ «السعودية لن تتحمل مسؤولية أي نقص في إمدادات البترول للأسواق العالمية في ظل الهجمات التي تتعرض لها منشآتها النفطية من الميليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران»، واعتبر أن هذه «الهجمات التخريبية تشكل تهديداً مباشراً لأمن الإمدادات البترولية في هذه الظروف بالغة الحساسية التي تشهدها أسواق الطاقة العالمية».
وحثّت السعودية المجتمع الدولي على الاضطلاع بمسؤولياته، والوقوف بحزم ضد ميليشيا الحوثيين، وردع إيران عن تزويدهم بتقنيات الصواريخ الباليستية والطائرات المتطورة دون طيار، التي تستهدف بها مواقع إنتاج البترول والغاز ومشتقاتهما في المملكة.
ويأتي تحذير السعودية بشأن الهجمات المستمرة للميليشيات الحوثية على المنشآت النفطية، في الوقت الذي تشهد فيه أسعار النفط ارتفاعاً كبيراً، وبعد مرور 3 أسابيع من الحرب الروسية - الأوكرانية، ما تسبب في توتر أسواق الطاقة، وسعت الدول الصناعية المتأثرة إلى حث الدول المنتجة على تعديل سياسات الإنتاج لديها، المرتبطة بتحالف «أوبك بلس»، وضخ مزيد من الكميات لتهدئة الأسواق العالمية.
وزادت الميليشيات الحوثية من استهدافها الممنهج للمنشآت النفطية والمدنية داخل السعودية، ما خلّف تأثيراً محدوداً على أداء المنشآت الحيوية، وانخفاض مؤقت في قدراتها الإنتاجية، في ظل التزام السعودية بتعويض الانخفاض من مخزونها، ودعم استقرار الأسواق العالمية للطاقة. وحذّرت الرياض مؤخراً من أن استمرار إيران في دعم الميليشيات الحوثية المخالف للقرارات الدولية الأممية سيفضي لآثار وخيمة، ويهدد أمن المنطقة وأمن واستقرار إمدادات الطاقة عالمياً.
وقال الدكتور عبد العزيز بن صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث، إن هنالك ربطاً بين أمن الطاقة وأمن إنتاجها. وأضاف: «كما أن مسؤولية الملاحة البحرية مسؤولية دولية، فإن مسؤولية الاعتداء على المنشآت النفطية هي مسؤولية دولية كذلك، اليوم لا يمكنك أن تحملني مسؤولية نقص الإمدادات، وهناك اعتداء خارجي، والمجتمع الدولي لم يقم بمسؤولياته».
واعتبر بن صقر إعلان السعودية بعدم تحمل المسؤولية تجاه أي نقص في إمدادات البترول للأسواق العالمية رسالة قوية وغير مسبوقة، متوقعاً أن تكون لها آثار وردود فعل، خاصة على أسعار النفط، وتابع: «السعودية تريد أن تؤكد على أن المسؤولية دولية، وعلى حماية المنشآت النفطية من اعتداءات خارجية من قبل دول لم تلتزم بقرارات مجلس الأمن، وإذا ما حصل أي نقص في الإنتاج فنحن غير مسؤولين؛ حيث وفرنا الإنتاج، هناك أمن للأنابيب وموانئ الشحن وأمن الشاحنات والمصافي والمنصات البحرية، كل هذه الأمور مجتمعة، ولا يمكن الفصل بين الإمداد والأمن».
وذكر الدكتور فواز العلمي رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لـ«دار الاستشارات التجارية العالمية» أن البيان السعودي دليل على مراعاة السعودية لمصالح الدول والشعوب، وليس مصالحها فقط، وأضاف: «لا شك أن موضوع الطاقة يهم العالم، خاصة في هذا التوقيت الحساس، والسعودية جزء لا يتجزأ من العالم، وهي تراعي مصالح الدول، لكن في المقابل على الدول أن تقوم بتنفيذ التزاماتها، وتشجب ما يحدث من جماعة الحوثي الإرهابية المدعومة إيران». وبحسب العلمي، فإن المجتمع الدولي مطالب بإعادة النظر في تصنيف جماعة الحوثي كجماعة إرهابية، خاصة الولايات المتحدة التي أزالت الجماعة من قائمة المنظمات الإرهابية. وتابع: «اليوم أميركا تعاني من ارتفاع أسعار النفط، وربما تعاني أكثر لو حصلت أي مشكلة في إحدى المنشآت النفطية بالمملكة بفعل هذه الاعتداءات الحوثية».
فيما قال عبد الله القحطاني المتخصص في القانون الدولي إن أمن إمدادات الطاقة ركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد العالمي، وإنه من غير المعقول أن يترك لمثل جماعة الحوثي العبث بأمن الطاقة دون اتخاذ إجراءات ملائمة ضدهم لأن ذلك يعتبر تهديداً لاستقرار نمو الاقتصاد العالمي وفرص تعافيه، في وقت تتصاعد فيه التوترات الجيوسياسية بشكل كبير في العالم، ولهذا فإن مثل هذه الأعمال التخريبية تتطلب استجابة مختلفة وعاجلة وحازمةً من المجتمع الدولي كله.
وأضاف القحطاني: «يعلم المجتمع الدولي بأكمله أن إيران هي من تدعم الحوثي وتزوده بالأسلحة وأنظمة الدعم التي تسمح لهذه الميلشيات بتنفيذ الهجمات» مشدداً على ضرورة أن يدرك المجتمع الدولي أن المفاوضات مع إيران حول ملفها النووي لا تؤدي إلا إلى تشجيع هذه الأعمال التخريبية القاتلة والمدمرة والخطيرة، ومحاولة إيرانية لفصل ما تقوم به من دور تخريبي في المنطقة وتزويد الميليشيات بصواريخ بعيداً عن مفاوضات الملف النووي، وهذا هو الأخطر بأن تقوم إيران بفصل دورها التخريبي في المنطقة عن ملف برامجها النووي، لأنه بذلك تطلق يدها التخريبية مقابل وقف برنامجها النووي.
وذكر القحطاني أن البيان السعودي الصادر أمس من وزارة الخارجية هو رسالة سياسية واضحة تحمل جميع الأبعاد للتطور الحاصل، وخطورة غضّ العالم الطرف عن الاستهدافات المُمنهجة التي تتعرض لها منشآتها النفطية، مشيراً في ذات السياق إلى كيف تعاملت السعودية بكل التزام واتزان في إطار تحالف دعم الشرعية، بكل القواعد والقوانين الدولية المرعية أثناء مواجهاتها مع الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، واحترامها لجميع الأعراف والضوابط الدولية، إلا أن ذلك لم يقابل من المجتمع الدولي بردع كافٍ، لتضطر إلى تحمُّل تهديدات هذه الميليشيا الإرهابية التي تدعمها إيران، لسنوات؛ ولكن الأمر بات مختلفاً تماماً، وعلى العالم أن يتحمل مسؤولياته في هذا الملف وألا يطلب أو يتوقّع من السعودية أن تتحمّل تبعاته وحدها، بل على العالم كله الوقوف صفاً واحداً لردع المخربين الإرهابيين ومن يقفون وراءهم ويدعمونهم. وأشار القحطاني إلى أن السعودية مع كل الظروف التي شهدتها أثبتت للعالم الوفاء بالتزاماتها تجاه الإمدادات البترولية ولم تتأخر عن تزويد العالم بالطاقة لمعرفتها أنها سلعة حيوية وعالمية.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

ولي العهد السعودي يُعلن تأسيس الهيئة العليا لاستضافة كأس العالم 2034

القطاع الرياضي السعودي يلقى دعماً غير مسبوق من القيادة (واس)
القطاع الرياضي السعودي يلقى دعماً غير مسبوق من القيادة (واس)
TT

ولي العهد السعودي يُعلن تأسيس الهيئة العليا لاستضافة كأس العالم 2034

القطاع الرياضي السعودي يلقى دعماً غير مسبوق من القيادة (واس)
القطاع الرياضي السعودي يلقى دعماً غير مسبوق من القيادة (واس)

أعلن الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، الأربعاء، تأسيس «الهيئة العليا لاستضافة كأس العالم 2034»، وذلك عقب إعلان الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) فوز المملكة؛ باستضافة البطولة.

ويرأس ولي العهد مجلس إدارة الهيئة؛ الذي يضم كلّاً من: الأمير عبد العزيز بن تركي بن فيصل وزير الرياضة، والأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف وزير الداخلية، والأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة، ومحمد آل الشيخ وزير الدولة عضو مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وماجد الحقيل وزير البلديات والإسكان، ومحمد الجدعان وزير المالية، والمهندس عبد الله السواحة وزير الاتصالات وتقنية المعلومات، والمهندس أحمد الراجحي وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، والمهندس صالح الجاسر وزير النقل والخدمات اللوجيستية، وأحمد الخطيب وزير السياحة، والمهندس فهد الجلاجل وزير الصحة، والمهندس إبراهيم السلطان وزير الدولة رئيس مجلس إدارة مركز دعم هيئات التطوير، وتركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة هيئة الترفيه، وياسر الرميان محافظ صندوق الاستثمارات العامة، والدكتور فهد تونسي المستشار بالديوان الملكي، وعبد العزيز طرابزوني المستشار بالديوان الملكي، وياسر المسحل رئيس مجلس إدارة الاتحاد السعودي لكرة القدم.

ويأتي إعلان تأسيس الهيئة تأكيداً على عزم السعودية على تقديم نسخة استثنائية من المحفل الأكثر أهمية في عالم كرة القدم بوصفها أول دولة عبر التاريخ تستضيف هذا الحدث بوجود 48 منتخباً من قارات العالم كافة، في تجسيد للدعم والاهتمام غير المسبوق الذي يجده القطاع الرياضي من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد.

وتُشكِّل استضافة البطولة؛ خطوة استراتيجية نوعية، ستُساهم مباشرةً في تعزيز مسيرة تحول الرياضة السعودية، ورفع مستوى «جودة الحياة»، الذي يُعد أحد أبرز برامج «رؤية 2030» التنفيذية، والساعية إلى تعزيز مشاركة المواطنين والمقيمين بممارسة الرياضة، فضلاً عن صقل قدرات الرياضيين، وتحسين الأداء للألعاب الرياضية كافة؛ ما يجعل البلاد وجهة عالمية تنافسية في استضافة أكبر الأحداث الدولية.

وينتظر أن تُبرز السعودية نفسها من خلال استضافة كأس العالم 2034 كوجهة اقتصادية واستثمارية ورياضية وسياحية واقتصادية، علاوة على الثقافية والترفيهية، حيث سيتعرف الملايين من الزوار على إرثها وموروثها الحضاري والتاريخي، والمخزون الثقافي العميق الذي تتميز به.