فرنسي حارب في سوريا يستعد للقتال في كييف مع الأوكرانيين

يرغب في الذهاب إلى «خط المواجهة»

جندي أوكراني أمس بمدينة أوديسا التي تستعد لهجوم روسي (إ.ب.أ)
جندي أوكراني أمس بمدينة أوديسا التي تستعد لهجوم روسي (إ.ب.أ)
TT

فرنسي حارب في سوريا يستعد للقتال في كييف مع الأوكرانيين

جندي أوكراني أمس بمدينة أوديسا التي تستعد لهجوم روسي (إ.ب.أ)
جندي أوكراني أمس بمدينة أوديسا التي تستعد لهجوم روسي (إ.ب.أ)

يستعد مقاتل فرنسي شاب حارب في سوريا، للعودة إلى الجبهة و«مساعدة الأوكرانيين في الحفاظ على حريتهم»، فبعدما واجه «الجهاديين» سيقاتل هذه المرة الجيش الروسي في كييف. قبل خمسة أيام، وصل إلى العاصمة الأوكرانية التي لم يكن يعرفها، وينتظر معرفة المكان حيث سيتم نشره قريباً. ويقول إنه سيكون على الأرجح في محيط المدينة، حيث يخشى الأوكرانيون أن تحاصرهم القوات الروسية في نهاية المطاف.
يضيف الفرنسي البالغ 28 عاماً أن اسمه بيار ويتحدر من نورماندي في شمال غربي فرنسا، من دون أن يعطي مزيداً من التفاصيل. يأمل أن يُرسَل إلى حيث سيكون «أكثر فائدة» أي إلى «خط المواجهة»، حتى يتمكن من استخدام المهارات التي اكتسبها في السنوات الأخيرة في سوريا، ضد الروس، مثل «إطلاق النار بـ(رشاشات) 12.7 و14.5 ملم، وببنادق كلاشينكوف، وقاذفات صواريخ».
يصل بيار المتوسط الطول ذو الجسم النحيف والرشيق بخطوات ساكنة إلى حديقة هادئة في كييف حيث حدد موعداً مع وكالة الصحافة الفرنسية ينتعل حذاءً عسكرياً لونه بيج، ويرتدي بزة عسكرية لونها كاكي مثل لون وشاح يُخفي أسفلَ وجهه. كان بيار، الذي عادة ما يعمل في ورش بناء، في منزله في 24 فبراير (شباط)، عندما غزت روسيا أوكرانيا. لدى رؤيته الصور «انتفض». في اليوم التالي، عندما استيقظ، كان لا يزال «غاضباً».
وقال: «بعد الظهر، قلت لنفسي: حسناً، سأخرج. لم أستطع البقاء جالساً على أريكتي أشاهد ما يحصل».
بعدما استقل قطارات وسيارات لمدة عشرة أيام وصل إلى أوكرانيا حيث دعا الرئيس فولوديمير زيلينسكي المتطوعين الأجانب للانضمام إلى مقاومة الغزو الروسي. ووصل نحو 20 ألفاً وفق الحكومة الأوكرانية، وهو رقم يستحيل التحقق منه من مصدر مستقل. وجه جنود أوكرانيون بيار إلى الفيلق الأجنبي الجورجي، وهو وحدة عسكرية أنشأها جنود سابقون من البلد القوقازي في 2014 لمساعدة أوكرانيا في محاربة موسكو.
ويدرك بيار حالياً أن المعركة ستكون طويلة. وينوي البقاء «حتى نهاية الحرب إذا لزم الأمر»، من منطلق «الالتزام» و«التضامن» مع الأوكرانيين الذين «يقاتلون للحفاظ على حريتهم» مُهدَّدين من «الطاغي» الروسي.
وقال إنه واجه «طغاة» آخرين في سوريا بين عامي 2014 و2020 هم جهاديو تنظيم (داعش). وبقي على قيد الحياة بعد مشاركته في معارك ضارية في منبج والرقة ودير الزور في شمال سوريا وشرقها.
أمضى هناك أربع سنوات على ثلاث مراحل، ولامس الموت عدة مرات، لا سيما في الرقة، العاصمة السابقة لتنظيم داعش، التي استولى عليها الأكراد من الجهاديين في 2017 بدعم من طيران التحالف الدولي. وزرع الجهاديون قبل فرارهم ألغاماً في أحياء بأكملها.
وانفجر لغم مخبأ تحت أنقاض قرب درج، بأحد رفاقه بينما كان يفتش مبنى مع وحدته. صادف وجود بيار حينها في زاوية قرب الدرج، فلم يصب. لكن قتل أربعة أمامه، وأصيب آخر بجروح خطرة. ويقول: «هذا صادم بعض الشيء». التقى بيار في أوكرانيا كما في سوريا، بمتطوعين من جنسيات مختلفة «إيطاليون، وألمان، ونروجيون، وإسبان، وأشخاص من جميع أنحاء أوروبا، وحتى من الهند».
وأكد مصدر داخلي، أن الفيلق الأجنبي الجورجي في أوكرانيا يضم حالياً عشرات إلى بضع مئات من المتطوعين الأجانب، بينهم ثلاثة فرنسيين على الأقل. ويشيد بيار بشجاعة الأوكرانيين ووحدتهم. ويقول: «جميع المدنيين مستعدون للقتال»، متناسياً أنّ في كييف وحدها، فر نصف السكان منذ بداية الغزو، باعتراف بلدية المدينة نفسها.
ويرى أن أوكرانيا مثل «كرة في مباراة كرة قدم» بين روسيا والولايات المتحدة. ويقول مندداً: «في نهاية المطاف وُجد الأوكرانيون أنفسهم في حالة يرثى لها. عندما ساءت الأوضاع، لم يبق أحد لمساعدتهم، يقدمون لهم فقط أسلحة على وجه السرعة». ويضع فرنسا في صف الدول الأوروبية «المنافقة»، التي تغضب لكنها «تدع المجازر تحصل» في أوكرانيا، كما في «كردستان، واليمن، وبورما».
عندما كان أصغر سناً، اهتم بيار جداً بالانضمام إلى الجيش في فرنسا. لكنه لمح إلى قيامه «ببعض الحماقات»، أغلقت أبواب الثكنات في وجهه، من دون أن يرغب في إعطاء مزيد من التفاصيل. ويعلم أن إقامته الطويلة في سوريا، المشبوهة في نظر السلطات الفرنسية، لن تساعد في إعادة فتحها. إلا أنه يقول اليوم: «شكراً للذين أبعدوه عن الجيش في فرنسا، لأنه من الأفضل الذهاب بمفردك إلى كردستان أو هنا إلى أوكرانيا، بدلاً من لعب لعبة السياسات المنافقة».


مقالات ذات صلة

روسيا: وجّهنا ضربات مكثفة للقوات الأوكرانية في منطقة كورسك

أوروبا رجال إنقاذ في موقع مبنى سكني ضربته غارة جوية روسية على أوكرانيا بمنطقة سومي 4 يناير 2025 (رويترز)

روسيا: وجّهنا ضربات مكثفة للقوات الأوكرانية في منطقة كورسك

قالت وزارة الدفاع الروسية إن قواتها وجّهت ضربات مكثفة لوحدات أوكرانية في منطقة كورسك غرب روسيا، وأفاد الجيش الأوكراني بتصعيد القتال خلال اﻟ24 ساعة الماضية.

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)
أوروبا دبابة روسية مدمرة في منطقة كورسك (أ.ب)

زيلينسكي: مقتل 15 ألف جندي روسي خلال القتال في كورسك

أكد مسؤول عسكري أوكراني، الاثنين، أن قواته تكبّد قوات موسكو «خسائر» في كورسك بجنوب روسيا، غداة إعلان الأخيرة أن أوكرانيا بدأت هجوماً مضاداً في هذه المنطقة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يلقي كلمته أمام السفراء الفرنسيين 6 يناير 2025 بقصر الإليزيه في باريس (رويترز)

ماكرون يدعو أوكرانيا لخوض «محادثات واقعية» لتسوية النزاع مع روسيا

قال الرئيس الفرنسي ماكرون إن على الأوكرانيين «خوض محادثات واقعية حول الأراضي» لأنهم «الوحيدون القادرون على القيام بذلك» بحثاً عن تسوية النزاع مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا جندي روسي خلال تدريبات عسكرية في الخنادق (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

روسيا تعلن السيطرة على «مركز لوجيستي مهم» في شرق أوكرانيا

سيطرت القوات الروسية على مدينة كوراخوف بشرق أوكرانيا، في تقدّم مهم بعد شهور من المكاسب التي جرى تحقيقها بالمنطقة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا صورة تظهر حفرة بمنطقة سكنية ظهرت بعد ضربة صاروخية روسية في تشيرنيهيف الأوكرانية (رويترز)

روسيا تعلن اعتراض 8 صواريخ أميركية الصنع أُطلقت من أوكرانيا

أعلن الجيش الروسي اليوم (السبت)، أنه اعترض 8 صواريخ أميركية الصنع أطلقتها أوكرانيا في اتجاه أراضيه.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.