الصين ترعى «أول مؤتمر سلام» في القرن الأفريقي

أعلنت عزمها على تسوية صراعات المنطقة عبر المفاوضات

وزير خارجية إثيوبيا خلال لقائه المبعوث الخاص لوزارة الخارجية الصينية لشؤون القرن الأفريقي (فيسبوك)
وزير خارجية إثيوبيا خلال لقائه المبعوث الخاص لوزارة الخارجية الصينية لشؤون القرن الأفريقي (فيسبوك)
TT

الصين ترعى «أول مؤتمر سلام» في القرن الأفريقي

وزير خارجية إثيوبيا خلال لقائه المبعوث الخاص لوزارة الخارجية الصينية لشؤون القرن الأفريقي (فيسبوك)
وزير خارجية إثيوبيا خلال لقائه المبعوث الخاص لوزارة الخارجية الصينية لشؤون القرن الأفريقي (فيسبوك)

أعلن المبعوث الصيني الخاص للقرن الأفريقي شيويه بينغ، عزم بلاده رعاية «أول مؤتمر سلام في النصف الأول من هذا العام»، في محاولة لتسوية الصراعات بالمنطقة. وتسعى الصين إلى لعب دور أكثر نشاطاً داخل منطقة القرن الأفريقي التي تتمتع بأهمية استراتيجية كبيرة، وتشهد اضطرابات عدة.
وعيّنت بكين، مطلع العام، الدبلوماسي المخضرم شيويه بينغ، سفير الصين لدى غينيا الجديدة سابقاً، مبعوثاً خاصاً لشؤون القرن الأفريقي. وزار السفير شيويه إريتريا وإثيوبيا وجيبوتي والصومال وكينيا، على مدار الأيام الماضية، كما يعتزم مواصلة جولته بزيارة أوغندا وجنوب السودان.
وفي مؤتمر صحافي بنيروبي، قال السفير الصيني إن مؤتمر سلام للقرن الأفريقي «سيوفر منبراً لدول المنطقة لتسوية خلافاتها سلمياً من خلال المفاوضات». وأضاف بحسب ما نشرته وكالة الأنباء الإثيوبية، أمس، أن «كينيا وإثيوبيا عرضتا استضافة المؤتمر». وكشف المبعوث الخاص خلال زيارته لإثيوبيا، أن الصين تريد دعم دول القرن الأفريقي لمواجهة تحديات الأمن والتنمية، واتباع طريق الوحدة وتحسين الذات، كما تحدث عن مبادرة التنمية السلمية في القرن الأفريقي التي تم اقتراحها خلال زيارة عضو مجلس الدولة وانغ يي لأفريقيا.
وشدد المبعوث الصيني على أن مهمته ستتمثل في العمل على تعزيز خطة التنمية السلمية للمنطقةـ والتي تهدف إلى مساعدة دول المنطقة على تحقيق الاستقرار والتنمية والازدهار على المدى الطويل.
وتشهد المنطقة اضطرابات عدة، أبرزها الصراع في إقليم تيغراي بشمال إثيوبيا، والذي تسبب في مقتل آلاف المدنيين وتشريد الملايين، فضلاً عن أعمال العنف في الصومال، والخلافات الكينية الإثيوبية.
وتعمل الصين منذ سنوات على توسيع نفوذها في أفريقيا؛ حيث دشنت في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2000 منتدى التعاون الصيني - الأفريقي، لتعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية بين الصين والبلدان الأفريقية. كما أنشأت في منطقة القرن الأفريقي قاعدة عسكرية لحماية مصالحها، مقرها جيبوتي، قوامها نحو 10 آلاف جندي.
وتتمتع منطقة القرن الأفريقي بموارد طبيعية عدة، تجعلها بيئة مميزة للاستثمارات الهائلة، ما جعلها ساحة للتنافس وتصارع النفوذ بين الصين والولايات المتحدة.
وكان نائب رئيس الوزراء الإثيوبي ووزير الخارجية دمقي مكونن، قد استقبل المبعوث الصيني الخاص للقرن الأفريقي، الثلاثاء الماضي. وأعربت إثيوبيا عن تقديرها لخطة الصين لتنشيط الاقتصادات الأفريقية، كما تم التعبير عنها في منتدى داكار حول التعاون الصيني الأفريقي. وطالبت الصين كذلك بالموافقة على مقترحات إثيوبيا لتجسيد مجالات التعاون ذات النقاط التسع التي اقترحها الرئيس الصيني في المنتدى.



للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.