غموض حول الحكومة الإسرائيلية المقبلة حتى اللحظة الاخيرة

نتنياهو سعى لضم حزب المستوطنين للتشكيلة الجديدة

غموض حول الحكومة الإسرائيلية المقبلة حتى اللحظة الاخيرة
TT

غموض حول الحكومة الإسرائيلية المقبلة حتى اللحظة الاخيرة

غموض حول الحكومة الإسرائيلية المقبلة حتى اللحظة الاخيرة

حتى آخر لحظة من مساء أمس، ظل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يلهث وراء حزب المستوطنين لكي يضمه إلى ائتلافه الحكومي، ويحول دون الفشل في تشكيل حكومة جديدة. وقد تابع جهوده في هذا الاتجاه حتى انتهاء المهلة المعطاة له منتصف ليلة الأربعاء - الخميس. فيما ظل رئيس حزب «البيت اليهودي»، يبتز نتنياهو، لدرجة الحصول على وزارة إضافية هي وزارة القضاء، متسببا في موجة غضب في حزب الليكود، الذي يشعر أعضاؤه أنهم خسروا أهم الوزارات والمناصب. وقال مصدر كبير في الحزب بأن نتنياهو يخشى من انتفاضة عليه، بعدما قدم التنازلات الكبرى للمستوطنين: «فقد أثبت أنه قابل للضغوط بشكل خطير، وإذا نجح في البقاء رئيسا للحكومة، فسيكون ضعيفا للغاية». فيما قال رئيس كتلة «يوجد مستقبل» المعارضة، عوفر شلح: «هذه الحكومة أفلست قبل أن تقوم».
وكان نتنياهو قد فشل في تحقيق غالبية له في الكنيست، وأقام تحالفا من 53 مقعدا فقط من مجموع 120. وبعدما أعلن أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب «إسرائيل بيتنا» تفضيله المعارضة، بات نتنياهو خاضعا لإرادة حزب المستوطنين «البيت اليهودي» برئاسة نفتالي بنيت. فاستغل هذا الحزب ضائقة نتنياهو وطرح أمامه مطلبا جديدا، هو أن يحصل على وزارة القضاء، لصالح النائبة المتطرفة أييلت شكيد. وقد ثارت ثائرة أحزاب الوسط واليسار عندما سمعوا عن رضوخ نتنياهو لهذا الطلب. فالمعروف عن شكيد أنها تطالب بفرض الإرادة السياسية على جهاز القضاء. وتطالب بضم المزيد من القضاة المحسوبين على اليمين إلى محكمة العدل العليا، وتقليص صلاحيات هذه المحكمة حتى لا تعود قادرة على إلغاء قوانين تتناقض مع القانون الأساسي، مثل القوانين العنصرية. كما نشأت إشكالية جديدة تتعلق بالقانون الذي يفرض ضم وزير القضاء إلى المجلس الوزاري الأمني المصغر.
وراح نتنياهو يقلص صلاحيات شكيد في هذا المنصب، لكي يخفف المعارضة. وراح البيت اليهودي يتمسك بمطالبه. واستمرت هذه المماحكات حتى ساعة متأخرة من ليلة أمس. وكشف مصدر مقرب من المستوطنين أن هناك مطالب كثيرة يطرحها وتتعلق في قضية توسيع الاستيطان وتهويد القدس وسن المزيد من القوانين العنصرية.
ويجمع المراقبون على أنه حتى لو نجح نتنياهو في تشكيل حكومة في آخر لحظة، فإن حكومته ستكون ضعيفة جدا، ليس لأنها تستند على 61 مقعدا فقط، فالضعف الذي أبداه نتنياهو خلال المفاوضات من جهة، وإساءته لرفاقه في حزب الليكود، الذين يتصارعون على ما سماه «فتات الوزارات الباقية»، ستنفجر في وجهه في أول يوم بعد المصادقة على الحكومة. وستكون لديه معارضة داخلية من «الزعلانين»، الذين يرون أن من حقهم أن يحصلوا على وزارات أفضل بصفتهم الحزب الفائز والأكبر (30 مقعدا).



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم