تركيا ترفض مقترحاً أميركياً حول منظومة «إس 400»

أعلنت عن تقارب موسكو وكييف إزاء «نقاط مهمة» في المفاوضات

TT

تركيا ترفض مقترحاً أميركياً حول منظومة «إس 400»

فيما كشفت أنقرة عن تقارب بين موسكو وكييف في قضايا مهمة قد تقود إلى وقف دائم لإطلاق النار، أكدت مصادر دبلوماسية رفض أنقرة مقترحا أميركيا بشأن نقل منظومة الدفاع الجوي الصاروخي «إس 400»، التي حصلت عليها من روسيا صيف العام 2019 بموجب صفقة بين الجانبين وقعت نهاية العام 2017 إلى أوكرانيا لدعمها في مواجهة الغزو الروسي، مقابل إعادتها إلى برنامج إنتاج وتطوير المقاتلات الأميركية «إف 35» وتزويدها باحتياجاتها منها.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن تركيا تتبع موقفا متوازنا في الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، وتبذل مساعيها من أجل التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار وإحلال السلام في المنطقة، وإن الإقدام على مثل هذه الخطوة من شأنه تحويل تركيا إلى طرف غير محايد ودفع العلاقات التركية الروسية إلى دائرة الخطر.
وطرحت واشنطن على أنقرة فكرة تزويد تركيا أوكرانيا بنظام الدفاع الجوي الروسي «إس 400»، خلال مباحثات نائبة وزير الخارجية الأميركي ويندي شيرمان، مع المسؤولين أثناء زيارتها لتركيا قبل أسبوعين، بحسب ما ذكرت وكالة «إي خبر» التركية الليلة قبل الماضية.
ونقلت الوكالة عن مسؤول أميركي كبير، لم تحدده بالاسم، أنهم يعلمون أن إمداد تركيا أوكرانيا بأنظمة «إس - 400» سيثير غضب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومع ذلك، فإن إرسال تلك الصواريخ إلى أوكرانيا قد يمهد الطريق لعودة تركيا إلى برنامج مقاتلات «إف 35».
من جانبها، نقلت وكالة «رويترز»، أمس (الأحد)، عن ثلاثة مصادر مطلعة (لم تحددها) أن الولايات المتحدة أثارت بشكل غير رسمي مع تركيا، الاحتمال «غير المرجح» بإرسال أنظمة «إس 400» إلى أوكرانيا لمساعدتها في محاربة القوات الروسية الغازية، وأن المسؤولين الأميركيين طرحوا الاقتراح على نظرائهم الأتراك الشهر الماضي لكن لم يتم تقديم طلب محدد أو رسمي، وأن الاقتراح نوقش بشكل مقتضب خلال زيارة ويندي شيرمان نائبة وزير الخارجية الأميركي لتركيا في وقت سابق من هذا الشهر.
كانت إدارة الرئيس جو بايدن طلبت من الحلفاء، الذين يستخدمون معدات وأنظمة روسية الصنع، بما في ذلك صواريخ «إس 300» و«إس 400»، التفكير في نقلها إلى أوكرانيا مع محاولتها صد الهجوم الروسي الذي بدأ في 24 فبراير (شباط) الماضي. وقالت المصادر إن الأمر كان جزءا من مناقشة أوسع جرت بين شيرمان والمسؤولين الأتراك بشأن كيفية بذل الولايات المتحدة وحلفائها المزيد لدعم أوكرانيا وكيفية تحسين العلاقات الثنائية.
ولم تتطرق السلطات التركية أو تعلق على أي اقتراح أميركي بنقل أنظمة «إس 400»، التي لم تقم تركيا بتفعيلها حتى الآن، والتي كانت نقطة خلاف منذ فترة طويلة بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) (تركيا وأميركا)، إلى أوكرانيا.
وتطالب واشنطن أنقرة بالتخلي عن المنظومة الروسية، مقابل بحث تزويدها بمنظومة «باتريوت» الأميركية، بعد أن ألغت مشاركتها في برنامج إنتاج وتطوير أحدث مقاتلات «إف 35 »، بالإضافة إلى فرض عقوبات عليها في إطار قانون مكافحة خصوم أميركا بالعقوبات (كاتسا)، ورفضت أنقرة تقديم تنازلات مع تواصل المفاوضات بشأن دفعة إضافية من «إس400»، مذكرة بأن طلباتها المتكررة لحلفاء ناتو لتزويدها بمنظومة باتريوت لم تلق أي استجابة ما اضطرها للحصول على المنظومة الروسية.
وأكدت المصادر الدبلوماسية لـ«الشرق الأوسط» أن أي طلب أميركي للتخلي عن منظومة إس 400» أو نقلها إلى بلد ثالث لن يجد استجابة من أنقرة بسبب حرصها على الحفاظ على علاقاتها الجيدة مع موسكو من جانب، ولوجود شرط في الصفقة يمنعها من التنازل عن هذه الصواريخ إلى طرف ثالث.
في الوقت ذاته، أعلن وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، عن حدوث تقارب في مواقف روسيا وأوكرانيا إزاء عددٍ من القضايا المهمة في المفاوضات الجارية في بيلاروسيا، مؤكداً «ضرورة حل عدد من المسائل المتبقية على مستوى عال»، في إشارة إلى لقاء ضروري بين الرئيسين فلاديمير بوتين وفولوديمير زيلينسكي.
وقال جاويش أوغلو، في تصريحات في أنطاليا (جنوب تركيا) أمس: «تتقارب مواقف الجانبين إزاء القضايا المهمة، ونرى أنها تتفق بشكل كامل تقريباً فيما يخص النقاط الأربع الأولى من الاتفاقية بين الجانبين (لم يحددها)»، مشيراً إلى ضرورة تسوية بعض المسائل على مستوى الرئيسين بوتين وزيلينسكي.
في السياق ذاته، قال فلاديمير ميدينسكي، رئيس الوفد الروسي في المفاوضات مع الجانب الأوكراني، في وقتٍ سابق، إن «موقفي موسكو وكييف اقتربا قدر الإمكان بشأن موضوع الوضع المحايد لأوكرانيا، وإن موضوع الوضع المحايد وعدم انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو هو إحدى النقاط الرئيسية في المحادثات.
وقال جاويش أوغلو إن بلاده تسعى إلى تنظيم لقاء ثلاثي يجمع بوتين وزيلينسكي مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، مضيفا: «إذا تم تحقيق سلام والتوصل إلى اتفاق، فسوف يلتقي الرئيسان الروسي والأوكراني بالتأكيد... حتى اليوم، نرى أن لا أحد من الطرفين يعارض مبدئياً إجراء اللقاء في تركيا. ويبذل عدد من الدول الأخرى جهوداً أيضاً لتنظيم هذا اللقاء».
وفي مقابلة مع صحيفة «حرييت» التركية القريبة من الحكومة نشرت أمس، أكد جاويش أوغلو أن أنقرة ترغب في إجراء اللقاء في الشكل الثلاثي، مشيرا إلى أنه «قد يقع بطلب من الزعيمين. فقد جرى لقاء لوزراء الخارجية الروسي والأوكراني والتركي في أنطاليا في شكل ثلاثي، في وقت سابق من الشهر الحالي، بطلب من كلا الجانبين.
في السياق ذاته، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، إن أنقرة تعتقد بضرورة المحافظة على حوار مفتوح مع موسكو، و«محاولة فهم مخاوفها الأمنية». وأضاف كالين، في مقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ليس مستعداً لإجراء محادثات مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي دعاه، السبت، لإجراء مفاوضات مباشرة، لوقف العمليات العسكرية الروسية المستمرة في أوكرانيا منذ 24 فبراير الماضي. وتابع أن زيلينسكي مستعد للقاء، لكن بوتين يعتقد أن المواقف ليست قريبة بالدرجة الكافية لعقد اجتماع على مستوى القادة، وما نحتاجه الآن هو اجتماع استراتيجي بينهما.
وأشار كالين إلى أن جاويش أوغلو، ذهب أيضا إلى روسيا وأوكرانيا لإجراء محادثات مع نظيريه، وكان أحد وزراء الخارجية القلائل الذين ذهبوا إلى موسكو مؤخرا. وأضاف كالين: «في مرحلة ما سيكون هناك اتفاق سلام. بالطبع نريد جميعاً أن يحدث ذلك قريباً، لكن ربما يريد بوتين أن يكون في موقف قوي خلال الاجتماع، ولا يريد أن يبدو أضعف بفعل الخسائر العسكرية أو العقوبات الاقتصادية. رغم أننا نرفض الاحتلال الروسي، إلا أنه يجب الانتباه إلى اعتراضات الروس. لأنه بعد هذه الحرب، سيتم إنشاء نظام أمني جديد بين روسيا والكتلة الغربية. بطبيعة الحال، تقع المسؤولية الأكبر على عاتق روسيا هناد، ولكن في نهاية المطاف، فإن الرئيس بوتين هو الذي سينهي هذه الحرب. لا أعرف متى يريد القيام بذلك. لكنني أعتقد أننا نتحرك في هذا الاتجاه».



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.