الإعداد لتعاون عسكري أميركي ـ خليجي غير مسبوق لإقراره في قمة «كامب ديفيد»

كيري في الرياض .. و«القيادة المركزية» الاميركية لـ {الشرق الأوسط}: ندعم شركاءنا في الخليج

جون كيري لدى وصوله إلى قاعدة الرياض الجوية مساء أمس (أ.ب)
جون كيري لدى وصوله إلى قاعدة الرياض الجوية مساء أمس (أ.ب)
TT

الإعداد لتعاون عسكري أميركي ـ خليجي غير مسبوق لإقراره في قمة «كامب ديفيد»

جون كيري لدى وصوله إلى قاعدة الرياض الجوية مساء أمس (أ.ب)
جون كيري لدى وصوله إلى قاعدة الرياض الجوية مساء أمس (أ.ب)

من المرتقب أن تشهد العلاقات الأميركية - الخليجية تطورا استراتيجيا الأسبوع المقبل عندما يستقبل الرئيس الأميركي باراك أوباما قادة دول مجلس التعاون الخليجي في واشنطن ومنتجع «كامب ديفيد» الرئاسي. وستكون هذه القمة الخليجية - الأميركية محطة في توسيع التعاون الأمني والعسكري بين الجهتين بحسب مصادر مطلعة على الإعداد للقمة. وعلمت «الشرق الأوسط» من مسؤول أميركي مطلع أنه على الرغم من التقارب الأمني والعسكري بين الطرفين منذ سنوات فإن هناك مجالا لتحسين ذلك التعاون، وهذا ما يتطلع المسؤولون الأميركيون إلى تحقيقه من القمة المقبلة. ومن بين الخطوات غير المسبوقة المتوقع طرحها على القادة للمصادقة عليها منظمة دفاع صاروخي، كشفت عنها وكالة «رويترز»، إلا أنها تشمل تعاونا أوسع مبنيا على «العمليات التوافقية» العسكرية بين الطرفين، بالإضافة إلى حماية حدود الدول الخليجية ومكافحة الإرهاب بالإضافة إلى حماية خطوط الملاحة والخطوط البحرية.
وبدوره، أفاد ناطق باسم القيادة المركزية الأميركية لـ«الشرق الأوسط» بأن «القيادة المركزية ملتزمة بالعمل مع شركائها الخليجيين لدعم القضايا ذات الاهتمام المشترك مثل مواجهة التطرف وإبقاء خطوط التواصل البحري مفتوحة وحماية أراضيها».
وبعد وصوله إلى الرياض مساء أمس للاجتماع بالقيادة العسكرية، من المرتقب أن يعقد وزير الخارجية الأميركية كيري اجتماعا مع نظرائه الخليجيين في باريس اليوم للإعداد للقمة التاريخية يومي 13 و14 مايو (أيار) الحالي. وتعد وزارتا الدفاع والخارجية الأميركية المفاوضات الضرورية لتطبيق نظام دفاع صاروخي محتمل في الخليج، بالإضافة إلى طرح مجالات أخرى لتوثيق التعاون. وهناك حرص أميركي على ضمان أن القيادات الخليجية تكون منسجمة في التطلع مع الإدارة الأميركية حول هذا التعاون والتنسيق.
ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤولين أميركيين قولهم إن العرض قد تصحبه التزامات أمنية متطورة ومبيعات أسلحة جديدة ومزيد من المناورات العسكرية المشتركة في إطار مساعي أوباما لطمأنة دول الخليج العربية أن واشنطن لم تتخلَّ عنها. ويبحث مساعدو الرئيس الخيارات المتاحة في لقاءات تسبق القمة مع الدبلوماسيين العرب.
وقالت المصادر المطلعة على سير المناقشات إن من المرجح أن يحث أوباما دول الخليج على بذل مزيد لتحقيق التكامل بين جيوشها المتباينة والعمل من أجل إقامة درع مضادة للصواريخ طرحت فكرتها منذ مدة طويلة للتصدي لخطر الصواريخ البالستية الإيرانية. وقال أحد المصادر إن هذه الفكرة قد تتبلور في صورة مجموعة عمل مشتركة جديدة على مستوى عالٍ تحت قيادة وزارة الدفاع الأميركية.
وسبق أن اشترت دول خليجية نظما دفاعية صاروخية أميركية مثل نظام صواريخ «باتريوت» التي تصنعها شركة «ريثيون»، وكذلك نظام «تي إتش إيه إيه دي» من تصنيع شركة «لوكهيد مارتن».
ويسمح هذا البرنامج لمجلس التعاون الخليجي بشراء عتاد كتكتل واحد والبدء في ربط شبكات الرادار وأجهزة الاستشعار وشبكات الإنذار المبكر بمساعدة أميركية، غير أن مشاعر ارتياب بين بعض الدول الخليجية عرقلت هذا البرنامج.
وأوضحت مصادر أميركية أن النظام الصاروخي يعتمد على تنسيق وثيق بين الأطراف الخليجية على الصعيد العسكري. ويذكر أن الولايات المتحدة سعت منذ سنوات إلى إقامة هذا النظام في الخليج. وكانت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون قد بحثت هذه المنظومة في مارس (آذار) 2012، مشددة خلال اجتماع مع مجلس التعاون الخليجية على أنه «من الممكن أن نقوم بمزيد لحماية الخليج من خلال التعاون على نظام دفاع صاروخي»، موضحة: «علينا أن نعمل على آلية العمليات التوافقية» لتنسجم العمليات العسكرية في هذا الإطار. وهذا ما حدث تدريجيا خلال السنوات الثلاث الماضية، وما كرسته عمليات «عاصفة الحزم» خلال الأسابيع الماضية.
وبدوره شدد ناطق باسم «القيادة المركزية» الأميركية لـ«الشرق الأوسط» أمس على أن «القيادة المركزية ملتزمة بالعمل مع شركاءنا في الخليج لدعم القضايا ذات الاهتمام المشترك مثل مواجهة الإرهاب وإبقاء خطوط التواصل البحرية مفتوحة وحماية سلامة أراضيها».
وأكد الناطق باسم «القيادة المركزية» أن «قوات البحرية الأميركية تواصل عمليات الأمن البحرية داخل مضيق هرمز وفي محيطه».
ومن جهة أخرى، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أمس أنها أنهت مهمة حماية السفن المدنية التي ترفع العلم الأميركي في مضيق هرمز. وكانت مهمة الحماية بدأت الأسبوع الماضي بعد أن اعترض الحرس الثوري الإيراني حاملة حاويات تحمل علم جزر المارشال، وتعرض سفينة أخرى ترفع العلم الأميركي للمضايقة.
وأعلنت الوزارة انتهاء المهمة أمس، إذ أوضح المتحدث الكولونيل ستين وارن أن هذه المهمة انتهت أول من أمس، موضحا أن بوارج حربية أميركية لا تزال منتشرة في المنطقة في إطار «عمليات أمن بحري روتينية».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.