روسيا تفادت مؤقتاً تصنيفها «دولة عاجزة»

وسط صعوبات فنية للدفعات التالية

وزارة المال الروسية
وزارة المال الروسية
TT
20

روسيا تفادت مؤقتاً تصنيفها «دولة عاجزة»

وزارة المال الروسية
وزارة المال الروسية

تفادت روسيا مؤقتاً، خطر تصنيفها كدولة عاجزة عن سداد ديونها، بعدما نجحت في دفع فوائد مستحقة عن ديون بقيمة 117.2 مليون دولار في المهلة المحددة. وأعلنت وزارة المال الروسية في بيان، أن «أمر الدفع الخاص بالفوائد على السندات، بقيمة إجمالية تبلغ 117.2 مليون دولار، قد تم تنفيذه»، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وتصاعدت المخاوف من احتمال فشل روسيا في سداد ديونها الخاصة والسيادية، على خلفية العقوبات الغربية القاسية المفروضة عليها، وكان من المفترض أن تسدد هذا المبلغ عن سندين مستحقين في 16 مارس (آذار) الجاري.
وتلقى المصرف الأميركي «جي بي مورغان» دفعة من البنك المركزي الروسي، وفق مصدر مطلع على الملف، من دون أن يعطي تفاصيل عن المبلغ الذي تسلمه المصرف. وتشاور المصرف مع السلطات الأميركية للتأكد من أنه لم ينتهك العقوبات المفروضة في أعقاب غزو أوكرانيا.
وفور تلقيه الضوء الأخضر، سلم الأموال إلى المصرف الأميركي «سيتي غروب»، الذي بات مسؤولاً عن توزيع المبالغ المطلوبة على حَمَلة السندات. ولديه مهلة 30 يوماً للقيام بذلك، قبل اعتبار روسيا متخلفة عن سداد ديونها الخارجية. وفيما لم يعلق المصرفان على الموضوع، خفضت وكالة التصنيف «ستاندرد آند بورز» أول من أمس (الخميس)، مجدداً، تصنيف الديون الروسية، من «سي سي سي سلبي» إلى «سي سي» ما يجعلها الآن على بُعد درجتين من تصنيف البلدان المتخلفة عن السداد. وبررت الوكالة خفض التصنيف بالقول إن المستثمرين لم يتسلموا دفعاتهم بالدولار المستحقة (الأربعاء)، «بسبب صعوبات تقنية تتعلق بالعقوبات الدولية». وأكدت الوكالة أن الحكومة حاولت إجراء التحويلات وأن لديها فترة سماح مدتها 30 يوماً.
ولكن حتى لو تم في نهاية المطاف سداد الفائدة المستحقة (الأربعاء)، فمن المتوقع حدوث صعوبات فنية مماثلة للدفعات التالية، ما سيجعل روسيا في وضع «شديد الضعف لناحية عدم سداد الديون». وتسببت العقوبات الغربية التي فُرضت، رداً على الهجوم الروسي على أوكرانيا، في شلل جزء من النظام المصرفي والمالي في روسيا وفي انهيار الروبل، العملة الروسية. وشملت العقوبات تجميد الاحتياطيات الروسية في الخارج التي تصل قيمتها إلى نحو 300 مليار دولار. ويثير هذا مخاوف من أن موسكو لن تكون قادرة بعد الآن على الوفاء بالكثير من المواعيد النهائية لسداد الديون بالعملات الأجنبية خلال الفترة من مارس إلى أبريل (نيسان)، وبالتالي فهي عملياً في وضع التخلف عن السداد. وهو ما دفع بعدد من كبار رجال الأعمال الروس إلى تحذير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من أن سياساته تعيد البلاد إلى حقبة عام 2017 عندما نجحت الثورة البلشفية في الإطاحة بالقيصر، وأعلن الحكام الجدد امتناعهم عن تسديد ديون القيصرية، الأمر الذي أدى إلى عزل البلاد عن النظام المالي العالمي، وتسبب في حالة من المجاعة.
وحذرت وكالة التصنيف المالي «فيتش» الأسبوع الماضي من أن خطر تخلف روسيا عن سداد ديونها بات «وشيكاً»، خصوصاً أنها احتاجت إلى 12 عاماً لتتمكن من العودة إلى الاقتراض من الأسواق بعد تخلفها عن سداد ديونها الداخلية عام 1998 عندما أدى انهيار أسواق آسيا خلال الأزمة الاقتصادية التي ضربت أسواقها النامية إلى زعزعة اقتصاد روسيا. ومنذ ذلك الحين سعت موسكو جاهدة إلى بناء اقتصاد قوي مع نسبة دين منخفضة جداً واحتياطيات تزيد على 600 مليار دولار بفضل عائدات النفط.
وقالت وزارة المال الروسية إنها أرسلت الأموال المطلوبة إلى «مصرف أجنبي»، الاثنين، وهي نظرياً 73 مليون دولار لفوائد مرتبطة بسند يُستحق في 2023، و44 مليوناً مرتبطة بسند يُستحق سداده في 2043.
وشددت الحكومة الروسية على أن السداد تم بالدولار وليس بالروبل. وهذا التوضيح مهم لأن روسيا هددت مراراً بسداد ديونها الخارجية بالعملة الروسية، ما يشير إلى فشل ادعاءاتها مع أطراف أخرى، على رأسها الصين، بالعمل على محاولة كسر هيمنة الدولار، عبر إقامة نظام دفع مستقل عنه، في ظل شكوك كبيرة بقدرة عملات أخرى شديدة التقلب كاليوان الصيني، على الحلول مكان العملة الأميركية.
وقال المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف إن: «روسيا لديها كل الوسائل والإمكانات اللازمة لتجنب التخلف عن السداد، ولا يمكن أن يحدث تقصير. وإذا حدث تقصير، فسيكون «مصطنعاً بطبيعته». وأفاد مصرف «جي بي مورغان» الأميركي، في بيان، بأن الدفعة التالية للفائدة المستحقة من موسكو مقررة بعد غد يوم الاثنين 21 من الشهر الجاري، بقيمة 66 مليون دولار. لكن لروسيا هذه المرة الحق التعاقدي في الدفع بعملات أخرى غير الدولار، بما في ذلك الروبل.



صندوق النقد الدولي يطالب مصر بتطبيق 5 إصلاحات ضرورية

تطوير وإنشاء مبانٍ حديثة بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
تطوير وإنشاء مبانٍ حديثة بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT
20

صندوق النقد الدولي يطالب مصر بتطبيق 5 إصلاحات ضرورية

تطوير وإنشاء مبانٍ حديثة بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
تطوير وإنشاء مبانٍ حديثة بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

طالب صندوق النقد الدولي مصر بتطبيق إصلاحات أكثر حسماً لضمان نمو قوي ومستدام، مشيراً إلى أهمية الاستمرار في رفع الدعم عن الوقود نهائياً بنهاية العام الحالي.

وقال صندوق النقد الدولي في معرض حديثه عن الموافقة على موافقته على صرف شريحة قدرها 1.2 مليار دولار لمصر بعد استكمال المراجعة الرابعة لبرنامجها للإصلاح الاقتصادي، إنه «سيكون من الضروري تطبيق إصلاحات أكثر حسماً لضمان نمو مستدام وقوي... وتشمل الأولويات: تعزيز الإيرادات المحلية، وتحسين بيئة الأعمال، وتسريع وتيرة تخارج الدولة من الأصول، وتحقيق تكافؤ الفرص، مع تعزيز الحوكمة والشفافية».

ومع تلقي هذه الشريحة والمتوقع لها خلال أيام، تكون مصر قد حصلت على ما يزيد قليلاً على 3.2 مليار دولار (119 في المائة من حصتها) من أصل 8 مليارات دولار.

وأعلن الصندوق، مساء الثلاثاء، استكمال المجلس التنفيذي المراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري المدعوم من ترتيب تسهيل الصندوق الممدد، واختتام مشاورات المادة الرابعة لعام 2025.

وأشارت إيفانا هولار مديرة بعثة الصندوق في مصر، خلال مؤتمر صحافي، الأربعاء، إلى سماح الصندوق لمصر بالتخلي عن هدف الفائض الأولي للميزانية، وهو ما سمح باستكمال المراجعة الرابعة والموافقة على صرف الشريحة الثالثة.

وقالت هولار إن مصر حققت أداءً كبيراً في اقتصادها رغم الاضطرابات الإقليمية المحيطة بها، خصوصاً ما يشهده البحر الأحمر، حيث أدى ذلك إلى توقف حركة المرور في قناة السويس، الرافض المهم للنقد الأجنبي.

وأشارت إلى نمو الاقتصاد الكلي، وتراجع التضخم، وأداء قطاع السياحة القوي، مع المرونة الذي يسير بها سعر الصرف، وهو ما «ساعد مصر على عدم تكرار أزمة النقد الأجنبي ووجود سعرين في السوق».

ووافق الصندوق على «طلب السلطات للتنازل عن عدم التقيد بمعايير الأداء وتعديلها...»، بالإضافة إلى «إعادة تقويم مسار الضبط المالي».

ومن المتوقع أن تحقق مصر فائضاً أولياً قدره 4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي المقبل، بانخفاض يبلغ 0.5 نقطة مئوية عن التقديرات السابقة، على أن ترتفع هذه النسبة إلى 5 في المائة في العام المالي 2026 - 2027.

التحديات

رغم إقرار المجلس التنفيذي للصندوق بالتقدم الذي أحرزته السلطات في تحقيق الاستقرار الاقتصادي وإعادة بناء ثقة السوق، ورغم التحديات الخارجية الصعبة، مع تحسن النشاط الاقتصادي والتقدم في استعادة احتياطيات النقد الأجنبي إلى مستويات كافية، فإنه أشار إلى أن «المشهد الاقتصادي في مصر لا يزال هشاً، متأثراً بالصراعات الإقليمية والاضطرابات التجارية في البحر الأحمر، في حين أن الديون واحتياجات التمويل الإجمالية مرتفعة، وتمثل تحديات مالية كبيرة على المدى المتوسط».

وفي ظل تفاوت الأداء العام، دعا الصندوق إلى «تكثيف التطبيق والمراقبة الدقيقة لالتزامات البرامج المالية». وأكد على «ضرورة الالتزام القوي بالإصلاحات الهيكلية لتهيئة الظروف المواتية لنمو مستدام وشامل، والحد من مواطن الضعف».

وقال الصندوق إن التقدم المحرز في تنفيذ أجندة الإصلاح الهيكلي «متفاوت»، مع تأخيرات ملحوظة في الإصلاحات الجوهرية المتعلقة بالتخارج من الاستثمارات الحكومية، وتحقيق تكافؤ الفرص.

وأضاف الصندوق أن جهود الحكومة المصرية لتنفيذ إصلاحات اقتصادية كلية متوسطة الأجل لمواجهة تغير المناخ موضع ترحيب. وفي هذا الصدد، وافق المجلس التنفيذي للصندوق على طلب مصر الحصول على 1.3 مليار دولار بموجب «تسهيل المرونة والاستدامة».

وأوضحت هولار، في هذا الصدد، أن «صرف هذه الشريحة سيكون على فترة زمنية مرتبطة بتطبيق أهدافها حتى خريف 2026».

وعن التضخم قالت هولار، إن تراجع معدل التضخم خلال فبراير (شباط) بشكل حاد، والمرتبط بسنة الأساس، يضع على الحكومة التحول إلى مرحلة استهداف التضخم ليكون من ضمن الإصلاحات الهيكلية المطلوبة من الحكومة خلال الفترة المقبلة.

وأشارت إلى أهمية الحد من الحوافز الضريبية، وذلك للوصول إلى هدف توازن الموازنة العامة.

ولفت الصندوق في بيانه إلى اختيار شركة استشارية دولية لإعداد دراسة حول ممارسات الحوكمة المتعلقة بالبنوك العامة؛ «لزيادة كفاءة وشفافية القطاع المالي».