رئيس اللجنة العسكرية الأوروبية يحذّر من لجوء روسيا إلى حرب استنزاف

غرازيانو استبعد التوصل إلى حل دبلوماسي قريباً

دبابات روسية استولت عليها القوات الأوكرانية في منطقة سومي في 7 مارس (رويترز)
دبابات روسية استولت عليها القوات الأوكرانية في منطقة سومي في 7 مارس (رويترز)
TT

رئيس اللجنة العسكرية الأوروبية يحذّر من لجوء روسيا إلى حرب استنزاف

دبابات روسية استولت عليها القوات الأوكرانية في منطقة سومي في 7 مارس (رويترز)
دبابات روسية استولت عليها القوات الأوكرانية في منطقة سومي في 7 مارس (رويترز)

نهاية الشهر الماضي، وبعد مرور ثلاثة أيام على بداية الهجوم الروسي على أوكرانيا، صرّح رئيس اللجنة العسكرية في الاتحاد الأوروبي الجنرال الإيطالي كلاوديو غرازيانو بقوله: «يجب أن نضع في حساباتنا أن مقاومة طويلة الأمد للقوات الأوكرانية ضد الجيش الروسي من شأنها أن تحدث تغييراً عميقاً في ميزان القوى بين الطرفين. الأوكرانيون بحاجة ماسّة إلى المعدات، والاتحاد الأوروبي بإمكانه أن يقدّم لهم هذا الدعم».
بعد ثلاثة أسابيع على عبور القوات الروسية الحدود مع أوكرانيا فيما تصرّ موسكو على تسميته «العملية العسكرية الخاصة»، وفيما يتبيّن كل يوم بوضوح أن صمود المقاومة الأوكرانية هو العامل الرئيسي الذي سيحدد مصير هذه الحرب، وربما أيضاً شروط إنهائها، تحدّث غرازيانو إلى أربع صحف، من بينها «الشرق الأوسط»، عن تقييمه لهذه الحرب التي تهدّد بإشعال القارة الأوروبية وتوقعاته حول مآلها.
يقول غرازيانو الذي سبق أن قاد القوات الدولية في لبنان ورأس هيئة أركان القوات المسلحة الإيطالية خلال حرب أفغانستان والتدخل العسكري في ليبيا، وهو أقدم الجنرالات الأوروبيين في الخدمة حالياً: «اعتقد بوتين أن هذه الحملة العسكرية ستكون سريعة، وسهلة، وستحقق أهدافها على الفور من غير خسائر تذكر. لكن ما حصل هو العكس تماماً، والقوات الروسية اليوم بحاجة ماسة إلى الإمدادات، وإذا لم تحصل على دعم قريباً قد تنفد مواردها في غضون أشهر قليلة».
عن توقعاته بشأن نهاية هذه الحرب، يقول غرازيانو: «منذ خمسين عاماً في السلك العسكري لم أشهد الحرب بهذا القرب والخطر الذي يهدد أوروبا. هذه حرب حقيقية بكل الوسائل التقليدية المتاحة، أعادت عقارب الساعة سبعين سنة إلى الوراء. مضت ثلاثة أسابيع على بدايتها، ومن المستحيل اليوم التنبؤ بمصيرها بعد أن فشلت الخطة الروسية الأولى، رغم عدم التكافؤ الصارخ بين الطرفين». ويضيف: «هذا الفشل دفع موسكو إلى تغيير خطتها، واستخدام وسائل وأسلحة مختلفة في قتال عشوائي لكنه محدود، بعد أن تعرّضت القوات الروسية لخسائر كبيرة في الأرواح والدعم اللوجستي والإمدادات، وأصبحت مضطرة لتجميد تحركاتها وانتشارها ريثما تعيد تنظيم صفوفها».
ويرى غرازيانو أن الجيش يتحاشى الآن الدخول إلى المدن، ويكتفي بحرب استنزاف كسباً للوقت في انتظار وصول الإمدادات، «وربما أن القوات الروسية ليست بالقوة الكافية لشن مثل هذا الهجوم الواسع على بلد مثل أوكرانيا، وليست مجهزة بالمعدات التكنولوجية اللازمة». ويقارن غرازيانو بين الحرب في أوكرانيا والحرب في أفغانستان، فيقول: «الجيش الأفغاني ذاب مثل الثلج تحت الشمس. كان قوياً نسبياً، لكن حظوظه كانت معدومة وتشتّت بعد أن هرب رئيسه. في المقابل، نرى أن الرئيس الأوكراني وأعضاء حكومته ما زالوا في مواقعهم، والقوات المسلحة الأوكرانية أظهرت استعداداً كبيراً للقتال والدفاع. هذا كان الخطأ الأكبر في التقديرات الروسية، الذي أجبرهم الآن على تجميد تحرّك القوات، وربما اضطرهم إلى تعديل التعليمات والتوجيهات إلى الجنود والقيادات».
ويعتبر غرازيانو أن العامل النفسي بات أساسياً في هذه الحرب، ليس فقط على صعيد أوروبا التي أصبحت تتحدث بصوت واحد، والحلف الأطلسي الذي استعاد وحدة صف غير مسبوقة، «بل أيضاً بالنسبة للمعتدي، الذي أدرك أنه معتدٍ كما يتبيّن من لجوئه إلى المرتزقة الأجانب الذين أخشى أن تؤدي مشاركتهم في المعارك إلى المزيد من التصعيد الخطر لأنهم لا يحترمون القواعد والضوابط الدولية للحرب».
ولا يبدي رئيس اللجنة العسكرية الأوروبية تفاؤلاً كبيراً بالتوصل إلى حل دبلوماسي قريباً، «لأن المفاوضات مشروطة بسير العمليات العسكرية وتوفر المعدات والأسلحة والجنود، والإرادة السياسية التي ليست موجودة في الوقت الراهن. أخشى أن هذه الحرب، عندما تنتهي، ستستمر بأشكال أخرى اعتقدنا أننا تجاوزناها. قد لا ينجح الروس في تحقيق أهدافهم، لكن يجب ألا ننسى أنها روسيا، وأنها قد تلجأ إلى كل ما لديها من موارد».
عن القدرات العسكرية الروسية، يذكّر غرازيانو بأن موازنة الدفاع الروسية لا تتجاوز 70 مليار يورو سنوياً، أي أقل من ثلث الإنفاق العسكري في بلدان الاتحاد الأوروبي، «والموارد المالية التي تخصصها موسكو لقواتها المسلحة، ليست بالتأكيد كافية للحفاظ على قدراتها النووية وتطوير أسلحة حديثة بمستوى الدول الغربية ودعم حرب طويلة الأمد. لا شك عندي في أنهم إذا لم يحصلوا على دعم في الأشهر المقبلة ستنفد مواردهم».
في ختام الجلسة، استبعد غرازيانو أن تلجأ موسكو إلى استخدام السلاح النووي الذي لم يذكره المسؤولون الروس حرفياً، مكتفين بالتلميح إليه من باب الردع، وأعرب عن اعتقاده الشخصي بأن الرئيسين الروسي والصيني تحادثا قبل الغزو وخلاله، وأن «موقف الصين من هذه الحرب سيكون بالغ الأهمية، لأن هدفها ليس مقصوراً على أن تصبح القوة الاقتصادية الأولى في العالم، بل أيضاً القوة العسكرية الأولى بحلول منتصف هذا القرن».


مقالات ذات صلة

13 قتيلاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

أوروبا رجال الإطفاء يعملون في موقع مبنى إداري تضرر جراء الغارات الجوية والصاروخية الروسية في زابوريجيا (رويترز) play-circle 00:36

13 قتيلاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

قُتل 13 شخصاً اليوم (الأربعاء) في ضربة روسية على مدينة زابوريجيا الأوكرانية، وفق ما أعلن حاكم المنطقة، في حصيلة تعد من الأعلى منذ أسابيع لضربة جوية واحدة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الخليج الأمير محمد بن سلمان والرئيس فولوديمير زيلينسكي (الخارجية السعودية)

محمد بن سلمان وزيلينسكي يبحثان جهود حل الأزمة الأوكرانية - الروسية

بحث ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، جهود حل الأزمة الأوكرانية - الروسية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية- رويترز)

ترمب عن الـ«ناتو»: يدفعون أقل مما ينبغي لكي تحميهم الولايات المتحدة

حضّ ترمب أعضاء حلف «الناتو» على زيادة إنفاقهم الدفاعي إلى 5 % من إجمالي ناتجهم المحلي، مقابل «حماية الولايات المتحدة».

«الشرق الأوسط» (مارالاغو (الولايات المتحدة))
أوروبا رجال إنقاذ في موقع مبنى سكني ضربته غارة جوية روسية على أوكرانيا بمنطقة سومي 4 يناير 2025 (رويترز)

روسيا: وجّهنا ضربات مكثفة للقوات الأوكرانية في منطقة كورسك

قالت وزارة الدفاع الروسية إن قواتها وجّهت ضربات مكثفة لوحدات أوكرانية في منطقة كورسك غرب روسيا، وأفاد الجيش الأوكراني بتصعيد القتال خلال اﻟ24 ساعة الماضية.

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)
أوروبا دبابة روسية مدمرة في منطقة كورسك (أ.ب)

زيلينسكي: مقتل 15 ألف جندي روسي خلال القتال في كورسك

أكد مسؤول عسكري أوكراني، الاثنين، أن قواته تكبّد قوات موسكو «خسائر» في كورسك بجنوب روسيا، غداة إعلان الأخيرة أن أوكرانيا بدأت هجوماً مضاداً في هذه المنطقة.

«الشرق الأوسط» (كييف)

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
TT

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

قدّم مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان للرئيس جو بايدن خيارات لـ«هجوم أميركي محتمل» على المنشآت النووية الإيرانية، إذا «تحرك الإيرانيون نحو امتلاك سلاح نووي» قبل موعد تنصيب دونالد ترمب في 20 يناير (كانون الثاني).

وقالت ثلاثة مصادر مطّلعة لموقع «أكسيوس» إن سوليفان عرض تفاصيل الهجوم على بايدن في اجتماع - قبل عدة أسابيع - ظلت تفاصيله سرية حتى الآن.

وقالت المصادر إن بايدن لم يمنح «الضوء الأخضر» لتوجيه الضربة خلال الاجتماع، و«لم يفعل ذلك منذ ذلك الحين». وناقش بايدن وفريقه للأمن القومي مختلف الخيارات والسيناريوهات خلال الاجتماع الذي جرى قبل شهر تقريباً، لكن الرئيس لم يتخذ أي قرار نهائي، بحسب المصادر.

وقال مسؤول أميركي مطّلع على الأمر إن اجتماع البيت الأبيض «لم يكن مدفوعاً بمعلومات مخابراتية جديدة ولم يكن المقصود منه أن ينتهي بقرار بنعم أو لا من جانب بايدن».

وكشف المسؤول عن أن ذلك كان جزءاً من مناقشة حول «تخطيط السيناريو الحكيم» لكيفية رد الولايات المتحدة إذا اتخذت إيران خطوات مثل تخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء 90 في المائة قبل 20 يناير (كانون الثاني).

وقال مصدر آخر إنه لا توجد حالياً مناقشات نشطة داخل البيت الأبيض بشأن العمل العسكري المحتمل ضد المنشآت النووية الإيرانية.

وأشار سوليفان مؤخراً إلى أن إدارة بايدن تشعر بالقلق من أن تسعى إيران، التي اعتراها الضعف، إلى امتلاك سلاح نووي، مضيفاً أنه يُطلع فريق ترمب على هذا الخطر.

وتعرض نفوذ إيران في الشرق الأوسط لانتكاسات بعد الهجمات الإسرائيلية على حليفتيها حركة «حماس» الفلسطينية وجماعة «حزب الله» اللبنانية، وما أعقب ذلك من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وقال سوليفان لشبكة «سي إن إن» الأميركية: «القدرات التقليدية» لطهران تراجعت؛ في إشارة إلى ضربات إسرائيلية في الآونة الأخيرة لمنشآت إيرانية، منها مصانع لإنتاج الصواريخ ودفاعات جوية. وأضاف: «ليس من المستغرب أن تكون هناك أصوات (في إيران) تقول: (ربما يتعين علينا أن نسعى الآن لامتلاك سلاح نووي... ربما يتعين علينا إعادة النظر في عقيدتنا النووية)».

وقالت مصادر لـ«أكسيوس»، اليوم، إن بعض مساعدي بايدن، بمن في ذلك سوليفان، يعتقدون أن ضعف الدفاعات الجوية والقدرات الصاروخية الإيرانية، إلى جانب تقليص قدرات وكلاء طهران الإقليميين، من شأنه أن يدعم احتمالات توجيه ضربة ناجحة، ويقلل من خطر الانتقام الإيراني.

وقال مسؤول أميركي إن سوليفان لم يقدّم أي توصية لبايدن بشأن هذا الموضوع، لكنه ناقش فقط تخطيط السيناريو. ورفض البيت الأبيض التعليق.