أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي جو بايدن سيتحدث مع نظيره الصيني شي جين بينغ اليوم الجمعة حول الغزو الروسي لأوكرانيا. وقالت جين ساكي، المتحدثة باسم البيت الأبيض، في بيان: «هذا جزء من جهودنا المستمرة للحفاظ على خطوط اتصال مفتوحة بين الولايات المتحدة وجمهورية الصين الشعبية. سيناقش الزعيمان إدارة المنافسة بين بلدينا، وكذلك حرب روسيا ضد أوكرانيا... وغيرهما من القضايا ذات الاهتمام المشترك».
وتأتي هذه المكالمة بعد أيام قليلة من مواجهة ساخنة بين مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان مع يانغ جيتشي، كبير خبراء السياسة الخارجية في الصين، خلال اجتماع متوتر استمر 7 ساعات في روما، حاول خلاله سوليفان تحذير الجانب الصيني من تقديم مساعدة عسكرية واقتصادية لروسيا خلال غزوها أوكرانيا. وقد عُقد هذا الاجتماع الأميركي - الصيني في روما عقب تقرير لمسؤولين أميركيين بأن روسيا طلبت من الصين معدات عسكرية وأنواعاً أخرى من الدعم في الوقت الذي تواجه فيه عقوبات دولية متزايدة. ورفض المسؤولون الإفصاح عن نوع المعدات التي طلبتها روسيا، أو كيف استجابت الصين.
ومنذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، تجنبت الصين إدانة هجوم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أوكرانيا أو وصفه بأنه غزو، ووصفت علاقاتها المتنامية مع موسكو بأنها «صلبة للغاية». وبينما أعربت بكين عن قلقها بشأن الوضع الإنساني ودعت إلى حل سلمي، ألقت باللوم على الولايات المتحدة في أزمة أوكرانيا وقالت إن على الدول الغربية احترام «المخاوف الأمنية المشروعة لروسيا». كما قامت بتضخيم نظرية المؤامرة الروسية القائلة إن الولايات المتحدة تمول نشاط الأسلحة الكيماوية والبيولوجية في أوكرانيا.
كانت طبيعة العلاقات الصينية - الروسية موضع تركيز كبير منذ بداية فبراير (شباط) الماضي، عندما التقى بوتين والرئيس الصيني شي جين بينغ في بكين، وأشادا بالعلاقة «اللامحدودة» بين بلديهما. وأعلنا في بيان مشترك معارضة أي توسع لـ«حلف شمال الأطلسي» الذي أعربت أوكرانيا عن رغبتها في الانضمام إليه.
ويقول المحللون إن ما يبدو أنه «صمت الصين»، أو حتى «دعمها أفعال روسيا»، يخفي الحسابات المعقدة التي تواجهها بشأن الأزمة الأوكرانية، والتي لم تسر بالطريقة التي توقعتها. وقالت سون صن، مديرة «برنامج الصين» في «مركز ستيمسون» بواشنطن، إنه حتى مع حشد القوات الروسية على حدود أوكرانيا، لم تكن الصين على الأرجح على دراية بأن بوتين يعتزم الغزو. لكنها أضافت أن بكين ليست على وشك الاعتراف بذلك، وأوضحت: «إذا قالوا إنهم يعرفون، فهم متواطئون، وإذا قالوا إنهم لا يعرفون، فهذا يعني أن روسيا تلاعبت بهم، لذا؛ فإن أياً منهما ليس خياراً قابلاً للتطبيق».
وقالت سون إن أحد الأسباب التي تجعل بكين قد فوجئت على حين غرة بتصرفات روسيا هو أنها لا تتوافق مع الطريقة التي تنظر بها الصين إلى الحرب. قالت إن بكين تفضل انتزاع التنازلات من خلال الإكراه على استخدام القوة، ومع تهديد أوكرانيا من قبل عشرات الآلاف من القوات الروسية على طول حدودها، لم تتوقع الصين أن يغزو بوتين؛ «لأنهم لم يعتقدوا أنه بحاجة إلى ذلك». وأضافت سون أن بكين كانت ستتشكك أيضاً في المعلومات الاستخبارية حول خطط بوتين للغزو التي قيل إن الولايات المتحدة تشاركها على أمل أن يثنيه شي عن ذلك. وقالت إن العلاقات بين الولايات المتحدة والصين في أدنى مستوياتها منذ عقود، «ربما كانت بكين تشتبه في أن واشنطن تحاول دق إسفين بينها وبين موسكو». وأشارت إن «أقوى دليل على خطأ بكين في الحسابات هو الإجلاء (المحموم والفوضوي) للمواطنين الصينيين في أوكرانيا، الذين بلغ عددهم نحو 6000 شخص في وقت متأخر للغاية، على عكس الحكومات الأجنبية الأخرى، لم تنصح الصين مواطنيها بمغادرة أوكرانيا في الأيام التي سبقت الهجوم العسكري الروسي، بينما لم تبدأ السفارة الصينية حتى في تسجيلهم حتى اليوم الثاني من الغزو».
ويشير المحللون إلى أنه على الصين أن تفكر في الآثار المترتبة على تايوان في صياغة ردها وموقفها من الغزو الروسي لأوكرانيا؛ «فإذا أيدت الصين صراحة خطط الانفصاليين ضد السيادة الأوكرانية، فمن المنطقي أن اليابانيين والأميركيين وآخرين يمكنهم تقديم ادعاءات مماثلة في تايوان. وإذا حدث غزو عسكري لتايوان على المنوال نفسه، فإن الصين ستكون في ورطة كبيرة. للصين أيضاً حسابات اقتصادية كبيرة في علاقاتها مع روسيا وأوكرانيا، وكلاهما شريك تجاري مهم. وكلاهما جزء من (برنامج الحزام والطريق) الصيني للاستثمارات العالمية في البنية التحتية، وتعدّهما بكين من بوابات الأعمال في جميع أنحاء أوروبا. وتعتمد الصين بشكل متزايد على روسيا في استيراد الطاقة والغذاء، ووافقت مؤخراً على رفع جميع القيود المفروضة على واردات القمح الروسي، مما أثار انتقادات بأنها تمنح موسكو شريان حياة اقتصادياً بينما تفرض دول أخرى عقوبات».
وبينما حذر البيت الأبيض من أن الصين ستواجه «عواقب وخيمة» إذا قدمت لروسيا المساعدة التي تنتهك العقوبات أو تدعم المجهود الحربي، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، يوم الأربعاء، إن بكين ستعارض بشدة أي جهود أميركية «للإضرار بالحقوق والمصالح المشروعة للصين»، منتقداً تصريحات الحكومة الأميركية ووصفها بأنها «تنمر وإكراه». وبينما أعربت الصين عن معارضتها العقوبات، يقول محللون إنها لا تبدو حريصة على مساعدة روسيا في التهرب منها. وأفادت وكالة «بلومبرغ» بأن اثنين من أكبر البنوك المملوكة للدولة في الصين يقيدان تمويل مشتريات السلع الروسية. وفي بداية الشهر الحالي، قال «البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية»، (وهو بنك تنمية مقره بكين ومن بين أعضائه روسيا)، إن جميع الأنشطة المتعلقة مع روسيا وحليفتها بيلاروسيا عُلقت. ونقلت «رويترز» عن وكالات أنباء روسية قولها إن الصين ترفض أيضاً تزويد روسيا بقطع غيار طائرات بعد أن قطعت «بوينغ» و«إيرباص» الإمدادات.
من الجانب الدبلوماسي، أدلت بكين بتصريحات تشير إلى أنها يمكن أن تلعب دور الوساطة، على الأقل في التفاوض على وقف إطلاق النار قبل محادثات أوسع. ولكن إذا عدّت الولايات المتحدة وحلفاؤها أن الصين متواطئة في تسهيل الغزو الروسي، فمن غير المرجح أن يعدّوها وسيطاً نزيهاً.
واشنطن تضغط لكسر علاقات بكين وموسكو
بايدن يتحدث مع شي اليوم
واشنطن تضغط لكسر علاقات بكين وموسكو
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة