إريكسون عن تجربته في الدوري الإيطالي: كانت أفضل فترة في مسيرتي

بعد عقدين من رحيله عن إيطاليا يستعيد المدرب السويدي ذكريات السنوات الذهبية هناك

إريكسون... مسيرة تدريبية شهدت الكثير من التنقل (الشرق الأوسط)
إريكسون... مسيرة تدريبية شهدت الكثير من التنقل (الشرق الأوسط)
TT
20

إريكسون عن تجربته في الدوري الإيطالي: كانت أفضل فترة في مسيرتي

إريكسون... مسيرة تدريبية شهدت الكثير من التنقل (الشرق الأوسط)
إريكسون... مسيرة تدريبية شهدت الكثير من التنقل (الشرق الأوسط)

كان المدير الفني السويدي سفين غوران إريكسون لا يعرف سوى القليل عن كرة القدم الإيطالية عندما تولى القيادة الفنية لنادي روما في صيف عام 1984، لقد نشأ إريكسون في السويد، وكان بإمكانه مشاهدة كرة القدم الإنجليزية فقط. ومع ذلك، كانت لديه معرفة مسبقة بروما، حيث كان نادي بنفيكا قد لعب تحت قيادته أمام روما في الدور ربع النهائي لكأس الاتحاد الأوروبي عام 1983. يقول إريكسون ضاحكا: «ذهبنا للتجسس عليهم أثناء الاستعدادات للمباراة». ومن الواضح أن هذه الحيلة قد نجحت، حيث فاز بنفيكا بمباراة الذهاب على ملعب الأولمبيكو في روما، قبل أن يتعادل في مباراة العودة في البرتغال ويتأهل إلى نصف النهائي. خسر بنفيكا بقيادة إريكسون المباراة النهائية أمام آندرلخت البلجيكي، لكنه ترك انطباعاً رائعا في روما.

أمضى إريكسون في سامبدوريا وقتاً طويلاً وفاز معه بكأس إيطاليا في عام 1994 (غيتي)

تولى إريكسون قيادة روما بعد هزيمة الفريق الساحقة أمام ليفربول في نهائي كأس أوروبا على ملعبه. يقول المدير الفني السويدي: «كان من الصعب تحفيز اللاعبين بعد ذلك النهائي. كان الكثيرون من اللاعبين قد فازوا بكل شيء مع النادي، وكان هناك تراجع في الطموحات والدوافع. وخلال الأشهر الستة الأولى تساءلت عما إذا كنت قد اتخذت القرار الصحيح بتولي قيادة الفريق!» كما كان يتعين على إريكسون أيضا التعامل مع نجم الفريق روبرتو فالكاو، الذي غاب عن معظم مباريات الموسم بسبب الإصابة. يقول إريكسون: «لقد لعب سبع أو ثماني مباريات فقط في ذلك الموسم. كان يعاني من مشكلة في الركبة، وكان باقي لاعبي الفريق ينظرون إليه على أنه القائد. لقد قالوا لي إنه لا يمكنهم اللعب من دون فالكاو. وعندما عاد للعودة والمشاركة في المباريات كان الفارق واضحا للغاية».

إريكسون لم يستطع رفض تدريب المنتخب الإنجليزي فرحل عن لاتسيو فساءت نتائجه

يتذكر إريكسون إحدى المباريات التي شارك فيها فالكاو، وهي المباراة التي فاز فيها روما على نابولي بهدفين مقابل هدف وحيد. ويقول: «لقد كان أفضل حتى من مارادونا في ذلك اليوم، وهو ما يعكس مدى روعته. لقد كان لاعبا استثنائيا». وواجه إريكسون أسطورة كرة القدم الأرجنتينية والعالمية دييغو أرماندو مارادونا عدة مرات عندما كان المدير الفني السويدي يتولى قيادة روما وفيورنتينا، فكيف يستيعد ذلك؟ يرد إريكسون قائلا: «لقد كان الأمر صعباً للغاية. يمكنك الاعتماد على دفاع المنطقة، لكن إذا أعطيته مساحة فسوف يدمرك. وإذا خصصت لاعبا معينا لمراقبته، فسوف يدمرك أيضاً. وإذا خصصت لاعبين أو ثلاثة أو أربعة لاعبين لمراقبته، فلا يهم أيضا، فالنتيجة كانت واحدة دائما».
يتذكر إريكسون مواجهتين أمام مارادونا في يناير (كانون الثاني) 1988 عندما لعب فريقه فيورنتينا أمام نابولي في كأس إيطاليا وفي الدوري في نفس الأسبوع. فاز فيورنتينا في مباراة الكأس بنتيجة ثلاثة أهداف مقابل هدفين. يقول إريكسون: «لم يكن مارادونا مهتماً حقاً بكأس إيطاليا. لم يقدم الكثير في تلك المباراة، لكن بعد الصافرة جاء إلي وقال لي مازحا إن الوضع سيكون مختلفا تماما يوم الأحد. وبالفعل عندما جاء يوم الأحد، قدم مستويات مذهلة وكان من المستحيل إيقافه وقاد فريقه للفوز علينا برباعية نظيفة».

يعتقد إريكسون أنه كان من الممكن الفوز بدوري الأبطال مع لاتسيو في وجود إنزاغي وفيرون (رويترز)

ويضيف: «لقد كان رجلاً بسيطاً، بطريقة إيجابية. تناولت العشاء معه عدة مرات - آخرها عندما كان يعيش في دبي. أعتقد أنه تأثر بأشخاص سيئين طوال حياته. أما كلاعب، فربما يكون الأفضل على الإطلاق». لكن كيف كان إريكسون سيدربه لو أتيحت له الفرصة لذلك؟ يقول المدير الفني السويدي: «مارادونا هو مارادونا. بعض اللاعبين يحتاجون فقط إلى منحهم الحرية، ومارادونا من هذه النوعية».
ترك إريكسون روما في عام 1987 لتولي قيادة فيورنتينا، الذي كان يضم آنذاك اللاعب الإيطالي الصاعد روبرتو باجيو البالغ من العمر 20 عاماً. فهل يعد أكثر لاعبا موهوبا تولى إريكسون تدريبه على الإطلاق؟ يقول إريكسون: «نعم، هو وروني. لقد كان باجيو يمتلك كل شيء: تقنية مذهلة، ورؤية ثاقبة، وسرعة فائقة. أتذكر واحدة من أولى مبارياتنا خارج ملعبنا أمام ميلان بقيادة أريغو ساكي. لم نتجاوز خط المنتصف سوى مرتين فقط، لكننا سجلنا هدفين صنع باجيو أحدهما وسجل الآخر. ولم نكن نلعب أمام دفاع عادي، حيث كان دفاع ميلان يتكون في تلك الفترة من باريزي ومالديني وكوستاكورتا وتاسوتي».


ميهايلوفيتش أفضل مسدد للكرات الثابتة في التاريخ (غيتي)

ابتعد إريكسون عن كرة القدم الإيطالية لمدة ثلاث سنوات في صيف عام 1989، وعاد إلى بنفيكا وقاده للوصول إلى المباراة النهائية لكأس أوروبا في موسمه الأول، لكن النادي البرتغالي خسر المباراة النهائية أمام ميلان. وأقنعه مالك نادي سامبدوريا الأسطوري باولو مانتوفاني بالعودة إلى إيطاليا عام 1992، وكان مانتوفاني يتعامل مع اللاعبين بطريقة رائعة وخلق أجواء عائلية بامتياز داخل النادي. ووثق النجم الإيطالي جيانلوكا فيالي في مانتوفاني لدرجة أنه عندما باعه سامبدوريا إلى يوفنتوس في صيف 1992، طلب فيالي من مانتوفاني التفاوض على أجره مع يوفنتوس نيابة عنه لأنه لم يكن لديه وكيل أعمال. وكتب فيالي: «كان هناك تضارب في المصالح. فكلما قل الراتب الذي سيدفعه يوفنتوس لي، زاد المبلغ المتبقي الذي سيدفعه النادي لهم كرسوم لانتقالي. ومع ذلك، وعدني مانتوفاني بأنه سيحصل لي على أفضل صفقة ممكنة».
ويشيد إريكسون أيضاً بمانتوفاني، قائلا: «لقد غير رأيه بشأن المكان الذي يمكن أن يصل إليه النادي بعد أن وافقت على تولي قيادة الفريق. لقد أخبرني مانتوفاني أن سامبدوريا لم يعد بإمكانه منافسة يوفنتوس أو ميلان أو إنتر ميلان مالياً، وأنه على وشك أن يبيع فيالي ليوفنتوس. لكنه أخبرني أن هذا لم يكن ما اتفقنا عليه، لذا يمكنني الرحيل إذا كنت أريد ذلك. لكنني أعجبت بصدقه، ولذا قبلت استكمال المهمة. لقد بنينا فريقا جيدا، بلاعبين مثل خوليت وبلات، وركزنا على اللاعبين الشباب، مثل سيدورف وكييزا وفيرون».
كما التقى إريكسون بروبرتو مانشيني في سامبدوريا. وبحلول عام 1992، كان مانشيني يلعب هناك منذ عقد من الزمن وكان بالفعل أحد أساطير النادي. يقول إريكسون: «كان مانشيني يدير النادي. كان يخبر اللاعبين بموعد تناول الوجبات في المطبخ ويخبرهم بأننا سنتأخر ويجب أن تكون المعكرونة دافئة. وكان يستدعي الرجل المسؤول عن معدات التدريب، ويتأكد من أن كل شيء جاهز للاستخدام. كان يشارك في كل شيء. لقد كان مثل أحد أبناء مانتوفاني. وكان مانشيني وفيالي يتناولان الطعام في منزل مانتوفاني بانتظام». ويصف إريكسون مانشيني في سيرته الذاتية بأنه «محطم الكرات». ويقول: «لقد كانت لديه معايير عالية جداً، وكان يطالب الجميع بالالتزام بها. كان يتجادل طوال الوقت مع الحكام ومع زملائه في الفريق. لكنه كان لاعبا موهوبا للغاية ويمكنه فعل كل شيء على أرض الملعب».
لعب مانشيني 36 مباراة دولية فقط مع منتخب إيطاليا، وهو الأمر الذي يثير السخرية، وكانت آخر مباراة دولية له في مارس (آذار) 1994 عندما كان عمره 29 عاماً فقط. في الواقع، كان مانشيني سيئ الحظ تماما لأن أفضل سنوات مسيرته الكروية تزامنت مع فترة وجود الأسطورة روبرتو باجيو في الملاعب. يقول إريكسون عن ذلك: «نعم، لقد كان سيئ الحظ. كان كل منهما يلعب في مركز صانع الألعاب، وربما كان بإمكان ساكي أن يعتمد عليهما معا مع منتخب إيطاليا». وبالفعل دفع ساكي بكل من باجيو ومانشيني معا في العديد من المباريات في التصفيات المؤهلة لكأس العالم 1994 بالولايات المتحدة الأميركية، لكن نظراً لحبه للنظام واستيائه من اللعب الفردي قرر في نهاية المطاف استبعاد مانشيني من الفريق.
وأثناء الحديث عن سامبدوريا، تحولت المحادثة من اللاعبين المبدعين والعباقرة إلى فن الدفاع والقدرات الهائلة للمدافع العملاق بيترو فييرجوود. كان فييرجوود يلعب في سامبدوريا منذ 12 عاماً - آخر ثلاث سنوات له تحت قيادة إريكسون - ويعتبر أحد أفضل المدافعين الإيطاليين في التاريخ. لقد أكد كل من مارادونا، وغابرييل باتيستوتا، وماركو فان باستن، وفابريزيو رافانيلي، وغاري لينيكر أن فييرجوود كان أصعب مدافع واجهوه. وخلال مسيرة تدريبية شهدت الكثير من التنقل، أمضى إريكسون في سامبدوريا وقتا أطول من الوقت الذي قضاه في أي نادٍ آخر. لقد فاز بكأس إيطاليا في عام 1994 - آخر بطولة حصل عليها النادي حتى الآن - قبل أن يرحل في نهاية موسم 1996 - 1997 لتولي القيادة الفنية لنادي لاتسيو، الذي كان ينفق بسخاء على التعاقدات الجديدة.
لم يكن لاتسيو قد فاز بأي بطولة منذ لقب الدوري الأول والوحيد الذي فاز به في عام 1974، وكانت مهمة إريكسون الأولى تتمثل في تغيير العقلية في النادي، والتي شعر أنها تتجسد في المهاجم بيبي سيغنوري، الذي كان معتاداً على الشكوى من كل شيء. يقول إريكسون إن سيغنوري كان كثيرا ما يردد عبارة: «هذا لا يمكن أن يحدث في يوفنتوس أو ميلان».
يقول إريكسون، الذي أرسل سيغنوري على سبيل الإعارة إلى سامبدوريا في يناير عام 1998: «لم يكن بإمكاني الإبقاء عليه في النادي. إنه مهاجم جيد للغاية، لكن سلوكه كان سيئا». ولم يتأثر لاتسيو برحيل سيغنوري، حيث وصل النادي إلى نهائي كأس إيطاليا ونهائي كأس الاتحاد الأوروبي في موسم إريكسون الأول بالنادي. فاز لاتسيو في المباراة الأولى على ميلان وحصل على كأس إيطاليا، لكنه خسر أمام إنتر ميلان في نهائي كأس الاتحاد الأوروبي بثلاثية نظيفة.
ويتم تذكر تلك المباراة على أنها شهدت عرضا مذهلا من جانب الظاهرة البرازيلية رونالدو. وقال أليساندرو نيستا في ذلك الوقت إنه ألقى باللوم على نفسه في تلك الليلة، لكن بعد مشاهدة المباراة مرة أخرى، أدرك أنه كان عاجزاً عن إيقاف رونالدو. تحسنت العقلية في لاتسيو تدريجياً، وكان التعاقد مع سينيسا ميهايلوفيتش حاسما للغاية في هذا الصدد. كان ميهايلوفيتش مشهورا بقدمه اليسرى الرائعة ومزاجه الحاد بنفس القدر، وكان يتمتع بثقة كبيرة في النفس. يقول عنه إريكسون: «كان يعتقد أنه الأفضل في كل شيء: أفضل قدم يسرى، وأفضل قدم يمنى، وأفضل تسديدة، وأسرع لاعب. وحتى إذا لم يكن الأفضل في بعض هذه الأشياء، فإنه كان يؤمن بأنه الأفضل، وهذا شيء جيد».
ويعد ميهايلوفيتش هو أكثر اللاعبين تسجيلا للأهداف من الضربات الحرة في تاريخ الدوري الإيطالي الممتاز. وبسؤاله عما إذا كان ميهايلوفيتش هو أفضل مسدد للكرات الثابتة في التاريخ، رد إريكسون قائلا: «ربما يكون كذلك. كان لدي أفضل لاعب للكرات الثابتة بالقدم اليسرى وهو ميهايلوفيتش، وأفضل مسدد للكرات الثابتة بالقدم اليمنى وهو بيكهام». واصل لاتسيو التحسن تحت قيادة إريكسون وفاز أخيراً بلقب الدوري الإيطالي الممتاز – ثاني بطولة للدوري في تاريخ النادي، ولم يحصل النادي على لقب الدوري منذ ذلك الحين - في اليوم الأخير من موسم 1999 – 2000، كما فاز لاتسيو بلقب كأس إيطاليا في ذلك العام، وسجل بافيل نيدفيد ودييغو سيميوني في مرمى إنتر ميلان في النهائي الذي انتهى بهدفين مقابل هدف وحيد في مجموع مباراتي الذهاب والعودة. وكان أحد أهم أسباب الفوز يتمثل في خوان سيباستيان فيرون الذي كان النادي قد تعاقد معه في الصيف السابق.
لقد كان فيرون لاعباً مهماً للغاية في لاتسيو، فلماذا عانى لاحقاً عندما انتقل إلى مانشستر يونايتد؟ يقول إريكسون: «لقد سألت نفسي هذا السؤال مرات عديدة. أعتقد لأنه كان قائداً في لاتسيو، لكن عندما ذهب إلى مانشستر يونايتد لم يكن كذلك. أعتقد أنه كان بحاجة إلى أن يكون القائد حتى يتمكن من تقديم مستوياته المعروفة. كان فيرون عبقريا. كان هو ومانشيني متشابهين للغاية، ويمكنهما فعل كل شيء على أرض الملعب، وكانا يمتلكان صفقات القيادة».
عزز لاتسيو صفوفه بعد الفوز بلقب الدوري، وتعاقد مع كلاوديو لوبيز من فالنسيا، كما تعاقد مع هيرنان كريسبو في صفقة قياسية بلغت 35 مليون جنيه إسترليني. يقول إريكسون: «عندما تعاقدنا مع كريسبو ولوبيز، كنت أرغب في محاولة الفوز بدوري أبطال أوروبا». ومع ذلك، فإن المباراة التي خسرها المنتخب الإنجليزي أمام نظيره الألماني بهدف دون رد في لندن في أكتوبر (تشرين الأول) 2000 في التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم غيرت مسيرة إريكسون إلى الأبد. لقد استقال كيفن كيغان من تدريب المنتخب الإنجليزي بعد هذه المباراة مباشرة، وفجأة بدأ الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم يبحث عن مدير فني جديد.
يقول إريكسون: «لو رفضت تدريب المنتخب الإنجليزي كنت سأندم على ذلك بكل تأكيد. عندما عرض علي تدريب المنتخب الإنجليزي ووافقت على ذلك، تغيرت الأجواء تماما داخل نادي لاتسيو. أتذكر أن نيستا جاء إلي وطالبني بالبقاء». وبعد أن أعلنت إنجلترا أن إريكسون سيكون مديرها الفني الجديد، لم يحقق لاتسيو الفوز إلا في ست مباريات من 14 مباراة لعبها بعد ذلك. يقول إريكسون: «أردت أن أحاول القيام بكلتا الوظيفتين حتى نهاية ذلك الموسم، لكن نتائج لاتسيو بدأت في التراجع، وأدركت أنه ليس من الممكن القيام بذلك، لذا قدمت استقالتي».
وبحلول الوقت الذي رحل فيه بعد هزيمة لاتسيو على ملعبه بهدفين مقابل هدف أمام نابولي الصاعد حديثاً في أوائل يناير، كان الفريق متأخراً بفارق 11 نقطة كاملة عن متصدر جدول الترتيب روما. لم يكن إريكسون يعرف أن لاتسيو سوف يبدأ مرحلة صعبة للغاية، فبحلول الوقت الذي كان يقود فيه المنتخب الإنجليزي في نهائيات كأس العالم عام 2002، كان لاتسيو يبيع أفضل لاعبيه، وكان مالك النادي، سيرجيو كراغنوتي، قد طُرد من النادي وفي طريقه إلى السجن لمدة أربع سنوات بسبب جرائم مالية. ولم يقترب لاتسيو من الحصول على لقب الدوري الإيطالي الممتاز منذ ذلك الحين.
وكانت أفضل فترة في مسيرة إريكسون التدريبية هي تلك التي قضاها مع لاتسيو في مطلع الألفية الجديدة. يقول المدير الفني السويدي: «كانت أفضل فترة في حياتي المهنية، فقد حصلت على سبع بطولات في أقل من أربع سنوات».



من الشغف إلى الاحتراف... الألعاب الإلكترونية في المغرب تلفت الانتباه

الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)
الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)
TT
20

من الشغف إلى الاحتراف... الألعاب الإلكترونية في المغرب تلفت الانتباه

الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)
الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)

 

انتشرت الألعاب الإلكترونية في المغرب، لا سيما بين الشبان، كوسيلة للترفيه، وقضاء الوقت، لكن سرعة تطور هذه الألعاب شكلت لدى الدولة والمؤسسات المعنية رؤية أوسع بشأن أهمية هذا القطاع، وسبل الاستفادة منه، وتحويله لقطاع جاذب للاستثمار.

ومن بين النماذج الواعدة التي حققت خطوات ملموسة في هذا المجال أنس موسى (21 عاماً) ابن مدينة الحسيمة الساحلية الذي بدأ هاوياً قبل سنوات قليلة حتى استطاع أن يصل إلى نهائي كأس العالم لكرة القدم الإلكترونية 2024 في الرياض.

كذلك نجحت ابتسام فرحان، التي نشأت في حي شعبي بالدار البيضاء، في تحقيق منجز مغربي بمجال الألعاب الإلكترونية حين فازت بالمركز الأول في بطولة البحر المتوسط للرياضات الإلكترونية التي أقيمت في ليبيا شهر أغسطس (آب) الماضي.

وقالت ابتسام لوكالة (رويترز) للأنباء: «قرار الاحتراف جاء بشكل طبيعي بعدما لاحظت أنني قادرة على المنافسة في مستويات عالية، كنت دائماً أبحث عن التحديات، وعندما بدأت في تحقيق نتائج جيدة في البطولات، شعرت بأن هذا المجال يمكن أن يكون أكثر من مجرد هواية».

هذا الشغف المتزايد تردد صداه في أروقة المؤسسات والوزارات المعنية التي شرعت في وضع القواعد التنظيمية، وإقامة البطولات المحلية، وتأسيس منتخبات وطنية، مع الانفتاح على الاستثمار في البنى التحتية لتحويل المغرب إلى مركز إقليمي وعالمي للألعاب الإلكترونية، ليس على مستوى الممارسة فحسب، بل في مجال الابتكار، والبرمجة.

وفي هذا الصدد، تقول نسرين السويسي، المسؤولة عن تطوير صناعة الألعاب الإلكترونية بوزارة الشباب والثقافة والتواصل: «هذا الشغف ليس مجرد ظاهرة مؤقتة كما يعتقد البعض، بل هو تعبير عن جيل يبحث عن هوية رقمية خاصة به، سواء من خلال اللعب التنافسي الذي يجمع الملايين، أو من خلال الإبداع في تطوير الألعاب». وأضافت: «دورنا هو تحويل هذا الحماس إلى فرص عمل، وإنجازات ملموسة من خلال توفير البنية التحتية، والتدريب اللازم لهم ليصبحوا جزءاً من هذه الصناعة».

مبادرات حكومية

وتشيد نسرين بالمبادرات التي أطلقتها الدولة لدعم القطاع الناشئ، ومنها مشروع (مدينة الألعاب الإلكترونية) في الرباط الذي بدأ في الآونة الأخيرة بالشراكة مع فرنسا بهدف توفير منصات تدريبية وإبداعية حديثة، وخلق بيئة متكاملة لدعم صناعة وتطوير الألعاب.

وتستطرد قائلة: «نحن لا نبني مدينة الألعاب على أنه مجرد مبنى، أو مشروع عقاري، بل إنه جزء من استراتيجية متكاملة لتحويل المغرب إلى مركز إقليمي وعالمي في صناعة الألعاب الإلكترونية، حيث ستكون هذه المدينة فضاء شاملاً يضم استوديوهات تطوير متطورة، ومساحات عمل مشتركة للمبرمجين، وورش عمل لمصممي الغرافيكس، وكتاب السيناريوهات، بهدف خلق 6000 فرصة عمل بحلول 2030، وإنتاج ألعاب بجودة عالمية تنافس في الأسواق الدولية، وتضع المغرب على الخريطة العالمية».

وتشرف نسرين أيضاً على (معرض المغرب لصناعة الألعاب الإلكترونية) الذي انطلق لأول مرة العام الماضي وجذب 250 مشاركاً في نسخته الأولى، لكن هذا العدد ارتفع إلى أربعة أمثال في النسخة الثانية، مما عكس اهتماماً متزايداً من المطورين المحليين والشركات الدولية.

قاعدة أوسع

تعمل الجامعة الملكية المغربية للألعاب الإلكترونية على تعزيز الجانب التنافسي بقيادة حسناء الزومي التي تقول إن «الاهتمام بالرياضات الإلكترونية في المغرب شهد تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، حيث لاحظنا زيادة كبيرة في عدد اللاعبين، والمسابقات، والجمهور الذي يتابع هذه الفعاليات، سواء بشكل مباشر، أو عبر الإنترنت».

وأوضحت أن بطولات مثل «البطولة» و«الدوري» نمت بشكل كبير، حيث ارتفع عدد المشاركين في «الدوري» من 180 لاعباً و21 جمعية إلى أكثر من 1200 لاعب و51 جمعية، مع زيادة الألعاب من اثنتين إلى سبع.

كما ترى اللاعبة ابتسام فرحان أن الألعاب الإلكترونية تتيح الفرصة للفتيات لإبراز إمكاناتهن، إذ تقول إن «مستقبل الرياضات الإلكترونية للنساء في المغرب واعد جداً، خاصة مع تزايد عدد اللاعبات المشاركات في البطولات المحلية والدولية».

وتعتبر أن فوزها ببطولة البحر المتوسط للرياضات الإلكترونية لم يكن مجرد إنجاز شخصي، بل بداية لتحفيز جيل جديد من اللاعبات إذ تسعى إلى تغيير الصورة النمطية للمرأة في الألعاب وتصبح نموذجاً يلهم الفتيات الأخريات لاقتحام هذا المجال.

الجانب الثقافي للألعاب

ولا تجذب الألعاب الإلكترونية اللاعبات في المغرب فحسب، بل اقتحمت الفتيات مجال البرمجة، والتصميم، ومنهن سلمى محضر التي تحلم بصنع ألعاب تعكس الروح والهوية المغربية.

وقالت سلمى: «لدينا اهتمام العديد من الشبان المغاربة الذين يريدون تحويل شغفهم إلى مهنة في تطوير الألعاب، أو ببساطة تعلم مهارات إنشاء ألعاب الفيديو، مما دفعهم للانضمام إلى مجتمعات تطوير الألعاب المخصصة، مثل مجموعة (مطوري الألعاب المغاربة)، مما أظهر أن المزيد من الشبان مهتمون بصناعة الألعاب، وليس فقط لعبها». وأضافت: «من تجربتي الشخصية، تمكنت من التعرف أكثر على جغرافية وتاريخ العديد من الدول، وأرى كيف يمكن للألعاب المغربية أن تتناسب مع هذه الصورة باستخدام ثقافتنا الجميلة، وتاريخنا الغني، وجمالنا المحلي في الألعاب».

وتابعت قائلة: «لماذا لا ننشئ لعبة عن عمارتنا في المدن القديمة مثل مراكش وفاس المعروفة بتصاميمها التفصيلية، والأسواق الملونة، والمعالم التاريخية، حيث يتبع اللاعب قصة جيدة بينما يزور أماكن تاريخية مثل مسجد الكتبية، ساحة جامع الفنا، قصر الباهية في مراكش، وجامعة القرويين، المدينة، والمدرسة البوعنانية في فاس».

وختمت بالقول: «لضمان نجاح عالمي للعبة... يجب أن تتابع اتجاهات الألعاب الحديثة، ما هو جديد في الصناعة، وتستمع إلى آراء اللاعبين في كل مراجعة للعبة لفهم ما حدث من خطأ، أو ما حدث بشكل صحيح... ببساطة، يجب أن تكون شخصاً مبدعاً، تحليلياً، صبوراً ومتفهماً».

سوق واعد

وبحسب التقديرات الرسمية تبلغ قيمة سوق الألعاب المغربية 2.24 مليار درهم (نحو 230 مليون دولار)، مع التطلع لمضاعفة هذه القيمة إلى خمسة مليارات درهم بحلول 2023.

ورغم التطور السريع، والانتشار الواسع للألعاب الإلكترونية في المغرب، فإن ثمة تحديات تواجه القطاع الواعد من وجهة نظر المتخصصين.

ويقول الإعلامي المتخصص في الألعاب والرياضات الإلكترونية الطيب جبوج إن البنية التحتية للإنترنت في المغرب شهدت تطوراً كبيراً في السنوات القليلة الماضية، لا سيما في المدن الكبرى، مثل الدار البيضاء، والرباط، ومراكش، لكن لا تزال هناك تفاوتات في المناطق الريفية، أو الأقل تطوراً.

وأضاف أنه من أجل تحقيق نتائج أفضل مستقبلاً يحتاج الأمر إلى تعزيز البنية التحتية الرقمية، وتشجيع تدريب المواهب، والاستثمار في التدريب، والبحث، وإقامة أحداث رياضية إلكترونية منظمة تسمح بتوحيد مجتمع يتزايد عدده باستمرار.