الداخلية التونسية تسجل 599 قضية إرهابية حتى بداية الشهر الحالي

حزب البناء الوطني المعارض يدعو إلى انتخابات برلمانية مبكرة

الداخلية التونسية تسجل 599 قضية إرهابية حتى بداية الشهر الحالي
TT

الداخلية التونسية تسجل 599 قضية إرهابية حتى بداية الشهر الحالي

الداخلية التونسية تسجل 599 قضية إرهابية حتى بداية الشهر الحالي

كشف محمد ناجم الغرسلي، وزير الداخلية التونسي، عن أن المصالح الأمنية في تونس سجلت 599 قضية إرهابية ما بين 6 فبراير (شباط) وبداية الشهر الحالي، كما أوقفت خلال نفس الفترة 154 متورطا في شبكات تسفير الشبان إلى بؤر التوثر، على حد قوله.
وأكد الغرسلي خلال مؤتمر صحافي، عقده أمس بمقر رئاسة الحكومة في العاصمة، على تحسن مؤشرات الوضع الأمني العام في البلاد، كاشفا عن إحالة 880 متشددا على القضاء بسبب قضايا إرهابية، وإحالة 551 ألفا و561 متابعا في قضايا الأمن العام خلال نفس الفترة. أما بخصوص العملية العسكرية الحالية في جبل السلوم في القصرين (وسط غرب)، فقد أشار إلى مواصلة الأمن تعقب المجموعات الإرهابية، ووصفها بأنها «عمليات ليست بسيطة كما قد يتبادر إلى الذهن، بل كبيرة جدا».
وكانت المواجهات بين العناصر الإرهابية وقوات الجيش قد أسفرت، وفق تقارير عسكرية، عن تصفية 10 عناصر متطرفة، فيما قتل ثلاثة عسكريين منذ بدء المواجهات المسلحة قبل نحو ثلاثة أسابيع.
وكان مصدر أمني أكد أمس خبر إيقاف 700 مقاتل تونسي على مستوى معبر رأس الجدير الحدودي مع ليبيا، كانوا يحاولون السفر إلى سوريا انطلاقا من ليبيا. وذكرت وزارة الداخلية في تصريحات سابقة أنها منعت على المستوى الوطني نحو 12 ألف تونسي من التوجه إلى الخارج، والمشاركة في العمليات الإرهابية.
وبخصوص التحذير الإسرائيلي من التوجه إلى تونس بسبب وجود تهديدات إرهابية، قال الغرسلي إن تصريحات نتنياهو غير بريئة، وإن الغاية من ورائها «الإساءة إلى سمعة تونس وإلى كفاءاتها الأمنية والعسكرية».
وعلى صعيد غير متصل، تطرق وزير الداخلية إلى أولويات عمل الوزارة خلال مائة يوم من عمر الحكومة، التي يرأسها الحبيب الصيد، وجاء في مقدمتها مشروع قانون زجر الاعتداءات على القوات المسلحة، الذي قال إنه قابل للتعديل تبعا لملاحظات كل الأطراف. كما أشار إلى البدء في تجسيد اللامركزية على مستوى هياكل الوزارة، وإعادة النظر في تركيبة المجالس البلدية، وتطوير 81 حيا شعبيا.
من ناحية أخرى، دعا رياض الشعيبي، رئيس حزب البناء الوطني، الذي تأسس بعد الثورة، إلى انتخابات برلمانية مبكرة بعد انتقاده أداء الحكومة خلال أول مائة يوم من عملها، وقال في مؤتمر صحافي عقده أمس بمقر الحزب في العاصمة، إن «الرباعي الحاكم في تونس لم يتمكن من إقناع التونسيين ببرامجه ومشاريعه المقبلة خاصة على مستوى التنمية والتشغيل.. وإذا عجزت الأحزاب الفائزة في الانتخابات عن تنفيذ برامجها، وغاب عنها التناسق المطلوب، فمن الشجاعة السياسية أن تنسحب وتترك المكان لغيرها من الأحزاب»، على حد تعبيره.
واستنكر الشعيبي، الذي كان قياديا في حركة النهضة قبل أن يستقيل، توجه الحكومة الحالية نحو التضحية ببعض الوزراء ضمن تعديل حكومي بسيط، مؤكدا أن هذه السياسة تعيد البلاد إلى زمن الحبيب بورقيبة وبن علي، اللذين كانا يضحيان ببعض الوزراء لتفادي الاحتجاجات الاجتماعية، وامتصاص ضغط الشارع التونسي. كما استبعد الشعيبي تحقيق الحكومة الحالية أي نجاح في ظل هشاشة العلاقة التي تربط بين الحكومة والبرلمان وسيطرة رئيس الجمهورية على القرار السياسي في ظل نظام برلماني، على حد تعبيره.
وخلال نفس المؤتمر الصحافي، قدم بو جمعة البكاري، عضو المكتب السياسي لحزب البناء الوطني، قراءة للمائة يوم الأولى من عمر حكومة الحبيب الصيد، مؤكدا على استمرار تردي المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية، وارتفاع المديونية إلى حدود 53 في المائة، وتزايد التوتر بين معظم فئات المجتمع التونسي.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.