الخلافات السياسية تعطل إقرار علم ونشيد وطني عراقيين جديدين

قصيدة الجواهري «سلام على هضبات العراق».. وعلم 1958 الأوفر حظًا

العلم العراقي الحالي هو ذاته من عهد صدام حسين لكن من دون النجمات الثلاث («الشرق الأوسط»)، العلم الذي اعتمد بعد قيام النظام الجمهوري عام 1958 («الشرق الأوسط»)
العلم العراقي الحالي هو ذاته من عهد صدام حسين لكن من دون النجمات الثلاث («الشرق الأوسط»)، العلم الذي اعتمد بعد قيام النظام الجمهوري عام 1958 («الشرق الأوسط»)
TT

الخلافات السياسية تعطل إقرار علم ونشيد وطني عراقيين جديدين

العلم العراقي الحالي هو ذاته من عهد صدام حسين لكن من دون النجمات الثلاث («الشرق الأوسط»)، العلم الذي اعتمد بعد قيام النظام الجمهوري عام 1958 («الشرق الأوسط»)
العلم العراقي الحالي هو ذاته من عهد صدام حسين لكن من دون النجمات الثلاث («الشرق الأوسط»)، العلم الذي اعتمد بعد قيام النظام الجمهوري عام 1958 («الشرق الأوسط»)

بعد مضي أكثر من عقد على تغيير نظام الحكم في العراق لا يزال الخلاف قائما بين الكتل السياسية بشأن شكل العلم الجديد للبلاد وكذلك النشيد الوطني الذي يعبر عن وحدته ومكوناته.
وقصة النشيد الوطني وعلم البلاد طويلة، وهي تواجه ذات العقبات كلما أثيرت داخل قبة مجلس النواب العراقي، وفي مقدمتها مدى ارتباطهم بهويات المكونات العراقية وطبيعة المفردات والرموز التي يعبران عنها.
ويتبنى العراق اليوم قصيدة «موطني» التي كتبها الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان ولحنها الموسيقار اللبناني محمد فليفل، نشيدا وطنيا، وهو نشيد قرر اعتماده عام 2005 الحاكم الأميركي للعراق حينها بول بريمر بعدما أعجب به خلال حفل موسيقي، بعد أن كان يعتمد إبان النظام السابق نشيد «أرض الرافدين» للشاعر شفيق الكمالي. لكن نشيد «موطني» جوبه بمشكلة كونه لا يحمل أي خصوصية عراقية بل يرمز إلى القضية الفلسطينية.
ومنذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1921. كان النشيد الوطني العراقي هو النشيد الأكثر تغيرا بين أمثاله من الأناشيد الوطنية في الدول العربية بشكل تزامن مع كل تغيير في نظام الحكم، وبسبب ذلك تعاقبت على العراق خمسة أناشيد وطنية خلال أقل من قرن. أما العلم العراقي الذي لا يزال يشار إليه بأنه «علم صدامي»، نسبة إلى الرئيس الأسبق صدام حسين، فقد شهد عام 2008 تعديلا شمل فقط رفع النجوم الثلاثة منه وإبقاء عبارة «الله أكبر» في حين ظلت ألوان العلم كما هي وهي ترمز إلى الرايات الإسلامية. وكانت النجوم الثلاثة في العلم العراقي إبان النظام السابق يشير إلى الأهداف المعلنة لحزب البعث «الوحدة والحرية والاشتراكية».
وعاد رئيس الجمهورية فؤاد معصوم ليوقظ قضية النشيد والعلم من سباتها من جديد عبر تأكيده على أهمية إنجازهما لما لهما من أهمية في توحيد العراقيين، وذلك خلال استقباله وفدا من لجنة الثقافة والإعلام البرلمانية أول من أمس.
ويقول الإعلامي والكاتب مشرق عباس لـ«الشرق الأوسط» إن «مسألة العلم والنشيد كانت منذ عام 2003 مثالا حيا لعجز الأوساط السياسية العراقية عن إنتاج رؤية موحدة نحو المستقبل، في وقت كان يمكن أن يكون العلم والنشيد طريقا لإعادة ترصيف الصفوف العراقية». وأضاف: «سبق أن أعلن أكثر من مرة عن مسابقات للعلم والنشيد الوطني لكن تحكيمها لم يوكل إلى مختصين من كبار المثقفين العراقيين المعنيين أكثر من غيرهم بتعريف الرمزية التي تقف خلف العلم والنشيد الوطني بل أوكل إلى طبقة سياسية متناحرة».
بدوره، قال عضو لجنة الثقافة والإعلام البرلمانية، النائب شوان داودي، إن «من المعيب ألا يكون عندنا وسط هذه الظروف الصعبة نشيد وطني يوحدنا، فالنشيد الحالي لا يعبر عن الواقع الراهن فهو بالأصل لشاعر فلسطيني وملحنه سوري وحتى التسجيل تم في بيروت». وأضاف: «غالبا ما يكون التوافق على المواضيع الوطنية صعبا، بسبب اختلاف الآراء والأجندات، والحاجة تبرز اليوم إلى نشيد يجمع العراقيين بكل فئاتهم من أقصى شماله إلى أقصى جنوبه، وكذلك الحال مع العلم».
المتحدث عن التيار المدني الديمقراطي في العراق جاسم الحلفي أيد الداودي، قائلا: «اليوم ونحن نشهد ظروفا تمزق البلاد نحتاج إلى كل ما له تأثير معنوي وثقافي لتوحيد العراقيين، فهناك رغبة عارمة في الوحدة الوطنية، لذلك هناك حاجة ماسة لنشيد يوحد الجميع ولعلم يجمع العراقيين ويعبر عنهم، مثلما تفعل بنا الفعاليات الفنية الجماهيرية والأغنية الوطنية والمسرح الكبير وحتى الفرق الرياضية العراقية». وأضاف: «سيكون ذلك بمثابة الرد على مشاريع التقسيم التي يدعو إليها البعض».
يذكر أن البرلمان العراقي أخفق في 17 يوليو (تموز) في التصويت على قانون النشيد الوطني، بعد مطالبة كتل سياسية بتضمينه ما يمثل أو يشير إلى هوية المكونات الأخرى في المجتمع وطالب البعض بترحيل القانون إلى الدورة الحالية وهو ما تم.
وعندما تولي الملك فيصل الأول العرش في العراق كان له سلام ملكي لحني بسيط، وبعد قيام النظام الجمهوري في 14 يوليو (تموز) 1958 كان لا بد من تغيير السلام الملكي وتحويله إلى جمهوري، وكان السلام الجمهوري في تلك الحقبة لحنا أيضا بلا كلمات وكان يسمى موطني، وبعد وصول حزب البعث إلى السلطة عام 1963. تم اعتماد سلام وطني جديد وهو «والله زمان يا سلاحي»، وهو من الحان المصري كمال الطويل وكلمات الشاعر المصري صلاح جاهين، وفي عام 1981، تم اعتماد نشيد «وطن مد على الأفق جناحا»، وهو من كلمات الشاعر العراقي شفيق الكمالي وألحان اللبناني وليد غلمية ليكون النشيد الوطني للجمهورية العراقية، وبعد عام 2003، تم اعتماد قصيدة «موطني» نشيدا وطنيا لدولة العراق وهي من كلمات الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان كتبها عام 1934. ولحنها محمد فليفل وما يزال هذا النشيد معتمدا.
في الدورة البرلمانية السابقة، أكدت لجنة الثقافة والإعلام فيها أكثر من مرة على الانتهاء من اعتماد العلم والنشيد الوطني الجديدين قبل انتهاء دورتها، خاصة بعد تسلم أكثر من 400 نص شعري لشعراء عراقيين، لكن التوافق لم يتم بسبب الاصطدام بعقبة الشاعر وموقفه وميوله من النظام السابق، وقررت لجنة الثقافة وقتها أن تختار بعض من الرموز العراقية ووقع الاختيار على ثلاثة نصوص لكل من الشعراء محمد مهدي الجواهري بعنوان «سلام على هضبات العراق» والثاني للشاعر بدر شاكر السياب بعنوان «غريب على الخليج» والثالث للشاعر محمد مهدي البصير بعنوان «وطني الحق يؤيده»، وأشارت معظم الآراء إلى أن الأوفر حظا هي قصيدة الجواهري. واقترح إضافة بعض المفردات التركمانية والآشورية إلى النشيد الوطني على غرار المقترح المتفق عليه بتضمين النشيد بيتا شعريا باللغة الكردية.
العلم لم يكن أحسن حظا من النشيد الوطني من حيث اصطدامه بذات العقبات والتي حلت بالاعتماد على لجنة مختصة عرضت 6 نماذج اختير منها نموذج علم ثورة عبد الكريم قاسم وهو عبارة عن خطوط متوازية في الطول وتبدأ من جهة اليمين باللون الأسود ثم الأبيض ومن ثم الأخضر وتتوسط اللون الأبيض نجمة حمراء فيها دائرة صفراء. وأشارت اللجنة إلى تبلور اتفاق برلماني لاختيار علم الجمهورية العراقية في عام 1958 ليكون العلم الرسمي للدولة الحالية، وهناك ارتياح وقبول برلماني واسع من مختلف الكتل لهذا النموذج الذي صممه الفنان العراقي الكبير جواد سليم.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.