إيران تعلن إحباط «محاولة تخريب إسرائيلية» في منشأة فوردو النووية

لامت واشنطن على وقف «محادثات فيينا» وأيدت مناقشة طلب موسكو... ومشرّعون أميركيون يستبقون الاتفاق بشروط

عربة تمر أمام مقر المباحثات بشأن «النووي الإيراني» في «قصر كوبورغ» وسط فيينا الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
عربة تمر أمام مقر المباحثات بشأن «النووي الإيراني» في «قصر كوبورغ» وسط فيينا الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
TT

إيران تعلن إحباط «محاولة تخريب إسرائيلية» في منشأة فوردو النووية

عربة تمر أمام مقر المباحثات بشأن «النووي الإيراني» في «قصر كوبورغ» وسط فيينا الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
عربة تمر أمام مقر المباحثات بشأن «النووي الإيراني» في «قصر كوبورغ» وسط فيينا الجمعة الماضي (أ.ف.ب)

أعلن جهاز استخبارات «الحرس الثوري» الإيراني أمس اعتقال «خلية تابعة لإسرائيل، كانت تخطط لعمل تخريبي في منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم الواقع تحت جبال (قم جنوب طهران) قبل عيد النوروز».
ونقل التلفزيون الإيراني عن {الحرس الثوري» إن «ضباط الكيان الصهيوني حاولوا بأسلوب جديد الاقتراب من أحد المشغلين لأجهزة الطرد المركزي من الجيل السادس (IR-6 ) في منشأة فوردو، من خلال أحد جيرانه وتزويده بالمال وجهاز كمبيوتر محمول وجهاز تشفير وهاتف جوال، إضافة إلى تليقه تدريباً على التواصل الآمن». وأشار إلى أن «هذا الشخص اقترب من الموظف بهدف جمع المعلومات»، لافتاً إلى «تبادل مكافئات نقداً وعبر العملات المشفرة لكي لا يتم تحديد المسار». وبحسب رواية {الحرس»، فإن «ضابطاً إسرائيلياً ارتبط بالوسيط والموظف في منشأة فوردو تحت غطاء شركة في هونغ كونغ، وطلب برمجيات واقترب من المسؤول على مراحل في مشاريع مختلفة»، مفيدة بأن «الموظف علم هوية الجاسوس وظل يتعاون معه حتى وصل إلى رأس الشبكة».
وأوضح أن العملية كشفت بتعاون بين «قيادة الحرس النووي» وقيادة «دائرة مكافحة التجسس» في جهاز استخبارات الحرس، واصفة العملية بأنها من «أكبر عمليات التخريب في منشأة فوردو النووية» دون ان تذكر عدد المشتبه بهم أو جنسياتهم أو توقيت عملية الاعتقال.
وقال التلفزيون الرسمي إن «النظام الصهيوني حاول منذ سنوات ضرب منشأة فوردو لكن دون جدوى».
وفي ديسمبر الماضي أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن إيران بدأت تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة باستخدام أجهزة 166 جهازاً من الجيل السادس، في أحد أبرز انتهاكاتها للاتفاق النووي لعام 2015.
وتواجه محادثات إحياء الاتفاق النووي الإيراني الموقع عام 2015 خطر الانهيار بعد أن أجبر طلب قدمته روسيا في اللحظات الأخيرة القوى العالمية على وقف المفاوضات مؤقتاً لفترة غير محددة رغم استكمال نص الاتفاق إلى حد كبير.
وألقت طهران باللوم على واشنطن في وقف المحادثات الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي، وطالبتها بـ«اتخاذ القرار السياسي». وفي المقابل، شددت على ضرورة مناقشة طلب روسيا في اللجنة المشتركة في «مسار فيينا»، فيما يتوجه وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان اليوم إلى موسكو لإجراء مباحثات مع نظيره الروسي سيرغي لافروف.
وطالب وزير الخارجية الروسي قبل 10 أيام فجأة بضمانات واسعة بألا تتأثر التجارة الروسية مع إيران بالعقوبات التي فرضت على موسكو بسبب غزوها أوكرانيا، وهو مطلب قالت القوى الغربية إنه غير مقبول، وأصرت واشنطن على أنها لن توافق عليه. والجمعة، أعلن الاتحاد الأوروبي؛ الذي يتولى تنسيق المباحثات، تعليق التفاوض في فيينا «نظراً إلى عوامل خارجية». وحضت واشنطن الجمعة كلاً من إيران وروسيا على اتخاذ «قرارات» ضرورية للتوصل سريعاً إلى تفاهم بشأنه، عادّةً أن الكرة باتت في ملعبهما لتجاوز المأزق.
وعلى نقيض هذا الموقف، قال 49 من بين 50 عضواً جمهورياً في مجلس الشيوخ، أمس إنهم لن يؤيدوا اتفاقاً نووياً مع إيران، مشددين على معارضة حزبهم محاولات إحياء الاتفاق المبرم في 2015، وتعهدوا، في بيان، ببذل كل ما في وسعهم للتراجع عن اتفاق لا «يمنع كلياً» قدرة إيران على تطوير سلاح نووي، ولا يقيد برنامجها للصواريخ الباليستية، ولا «يتصدى لدعم إيران الإرهاب».
قبل ذلك بساعات، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، أمس، إن «أميركا هي المسؤولة عن الوضع الحالي الذي نحن فيه». وتصر طهران على أن «القرار السياسي» الأميركي هو المطلوب لنجاح المباحثات، وهو ما كرره خطيب زاده بقوله: «الموضوعات المتبقية تحتاج إلى قرار سياسي أميركي. إذا أعلنوا أنهم اتخذوا قرارهم، فإنه يمكن لكل الوفود أن تعود إلى فيينا»، مضيفاً: «لسنا على وشك إعلان اتفاق».
ورأى خطيب زاده أن الطلبات الروسية يجب أن تُبحث بين مختلف الأطراف المنضوين في الاتفاق، بالطريقة ذاتها التي جرى بها التعامل مع طلبات أخرى. وأوضح أن «ما تطالب به روسيا علني وشفاف ومطروح في محادثات فيينا، ويجب أن يناقش في اللجنة المشتركة».
ونوه بأن «وزراء خارجية الدول الأطراف على تواصل دائم»، وبأن وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان «سيغادر الثلاثاء إلى موسكو لمواصلة» هذا الأمر. وأشار في مؤتمره الصحافي الأسبوعي إلى أن المباحثات النووية «ستكون على جدول أعمال» الزيارة، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
من جهته، قال علي شمخاني، أمين مجلس الأمن القومي، الذي يتخذ القرارات بشأن محادثات فيينا، على «تويتر»: «سنبقى في مفاوضات فيينا إلى أن يتم استيفاء المطالب القانونية والمنطقية للبلاد والتوصل إلى اتفاق جيد».
ووصف موقع «نورنيوز» الإخباري؛ التابع لمجلس الأمن القومي، زيارة عبد اللهيان إلى موسكو بأنها «منبر لمحادثات جادة صريحة تتطلع للمستقبل» بين البلدين اللذين أثبتا أن «بإمكانهما العمل معاً على نحو وثيق وحاسم وناجح في القضايا المعقدة» حسبما نقلت «رويترز».
وكان عبد اللهيان قد زار موسكو في يناير (كانون الثاني) الماضي، على هامش اللقاء الذي جمع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ونظيره الروسي فلاديمير بوتين.
وجاء تأكيد زيارة عبد اللهيان غداة تغريدة نشرها خطيب زاده، معلناً رفض طهران أي محاولة أميركية تبعد روسيا من الاتفاق النووي. وقبل ذلك بساعات، نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن مسؤول كبير في وزارة الخارجية أن واشنطن لن تفاوض موسكو لمنحها إعفاءات من عقوبات ذات صلة بأوكرانيا، وبدلاً من ذلك ستحاول التوصل إلى اتفاق بديل «بسرعة كبيرة» يستبعد روسيا إذا لم يتراجع الكرملين عن مطالب اللحظة الأخيرة. وقال إن مطالب موسكو «العقبة الأكثر خطورة، وعائق على سبيل التوصل إلى اتفاق».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس أمس إن واشنطن منفتحة على «بدائل دبلوماسية» لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي إذا أدت الأزمة التي أثارتها العقوبات على روسيا إلى استحالة العودة إلى الاتفاق النووي.
وتفاعل السفير الروسي لدى المنظمات الدولية في فيينا، ميخائيل أوليانوف، مع تغريدة المتحدث الإيراني، وكتب: «موقف واضح. لا لبس. لا مجال للتكهنات». وكتب أوليانوف في تغريدة أخرى أمس: «في ظل التكهنات التي لا تنتهي، هناك حاجة للتذكر أن اختتام محادثات فيينا، وهو قريب جداً، لا يعتمد على روسيا فقط». وتابع: «أثار عدد من المشاركين الآخرين أسئلة تحتاج إلى معالجة لإتمام الصفقة بشأن استعادة الاتفاق النووي».
وكانت فرنسا وألمانيا وبريطانيا حضت موسكو، السبت، على عدم «استغلال» مباحثات إحياء الاتفاق، محذرة بأن ذلك «يهدد بأن يؤدي إلى انهيار الاتفاق».
وقال وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إنه ناقش المحادثات النووية مع نظيره الروسي سيرغي لافروف خلال زيارة لموسكو. ولم يذكر الوزير القطري في حديثه خلال مؤتمر صحافي من العاصمة الروسية أي تفاصيل أخرى. وتأتي في أعقاب اتصاله بكل من عبد اللهيان وبلينكن.
وترتبط طهران بعلاقات وثيقة مع موسكو سياسياً واقتصادياً وعسكرياً. كما أدت روسيا دوراً أساسياً في التفاوض بشأن الاتفاق وخطواته التطبيقية، مثل نقل اليورانيوم المخصب من إيران إلى أراضيها، ودعم برنامج طهران «المدني». إلا إن الطلبات الجديدة أثارت جدلاً في إيران، عكسته المواقف المتباينة للصحف؛ ففي حين وجهت تلك الإصلاحية انتقادات لموسكو على خلفية «عرقلة» الاتفاق بسبب طلباتها، رأت المحافظة أن واشنطن تبقى هي المسؤولة عن التأخير، من دون أن تدافع بشكل مباشر عن الموقف الروسي المستجد.
وقال الصحافي الإيراني أحمد زيد آبادي لوكالة الصحافة الفرنسية، إنه «من الطبيعي» أن يزور أمير عبد اللهيان موسكو للاطلاع بشكل مباشر «على الأسباب التي تقف خلف المطالب الروسية». ورأى أن الوزير سيكون أمام احتمال من اثنين «إما محاولة إقناع الروس بصياغة طلبات متوازنة، وإما دعم موقفهم في حال وجد أن الأسباب مقنعة».



إسرائيل تقصف دمشق... وتُهجّر أهالي قرى في جنوب سوريا

TT

إسرائيل تقصف دمشق... وتُهجّر أهالي قرى في جنوب سوريا

جنود إسرائيليون يعبرون الخميس السياج الذي يفصل مرتفعات الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل عن سوريا (أ.ب)
جنود إسرائيليون يعبرون الخميس السياج الذي يفصل مرتفعات الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل عن سوريا (أ.ب)

عززت إسرائيل المخاوف من وجودها بشكل طويل في الجولان السوري، بالبدء في تهجير أهالي قرى بالجنوب السوري، بموازاة شن الطيران الحربي غارات على محيط دمشق.

وأفادت وسائل إعلام سورية، الخميس، بأن «جيش الاحتلال دخل الأطراف الغربية لبلدة جباتا الخشب بريف القنيطرة، وطالب الأهالي بتسليمه ما لديهم من أسلحة».

ووفق وسائل الإعلام السورية، فإن «الجيش الإسرائيلي هجّر أهالي قريتي الحرية والحميدية واستولى عليهما، ودخل إلى بلدة أم باطنة مدعوماً بعربات عسكرية ودبابات، فضلاً عن رصد دبابات داخل مدينة القنيطرة جنوبي سوريا».

وشن الطيران الإسرائيلي غارات على محيط العاصمة السورية، وقال سكان في أحياء دمشق الغربية، إنهم سمعوا انفجارَين قويَين يعتقد أنهما في مطار المزة العسكري، وأضاف السكان أنهم سمعوا أصوات طائرات حربية تحلق في أجواء ريف دمشق الجنوبي الغربي.

بدوره أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الخميس، لمستشار الأمن القومي الأميركي، جايك سوليفان، ضرورة منع «الأنشطة الإرهابية» من الأراضي السورية ضد إسرائيل بعد إطاحة بشار الأسد.

وقال نتنياهو في بيان، إنه التقى سوليفان في القدس، وتطرق معه إلى «الحاجة الأساسية إلى مساعدة الأقليات في سوريا، ومنع النشاط الإرهابي من الأراضي السورية ضد إسرائيل».

إقامة طويلة

وتتوافق التحركات العسكرية الإسرائيلية مع ما كشفت عنه مصادر عسكرية في تل أبيب، بأن الممارسات التي يقوم بها الجيش في الجزء الشرقي من الجولان، تدل على أنه يستعد لإقامة طويلة الأمد في الأراضي السورية، التي احتلها إثر انسحاب قوات النظام السوري من مواقعها في المنطقة العازلة وفض الاشتباك في الجولان.

وتجرى هذه العمليات وسط موافقة أميركية صامتة، وهو ما يُقلق أوساطاً عدة تخشى من فتح الشهية لتدمير خطوط الحدود وتوسيع نطاق الاستيطان في سوريا.

وأشارت المصادر إلى أن هذه العمليات تتم من دون معارضة دولية علنية، باستثناء فرنسا التي نشرت بيان تحذير.

وكان الجنرال مايك كوريلا، قائد القوات الأميركية المركزية في الشرق الأوسط (سنتكوم) زار إسرائيل، الأربعاء، واطلع على تفاصيل العمليات، وعلى نتائج القصف الإسرائيلي، الذي دمر نحو 80 في المائة من مقدرات الجيش السوري، وحطم له سلاح الجو وسلاح البحرية والمضادات الجوية ومخازن الأسلحة، كما أجرى وزير الأمن، يسرائيل كاتس، مكالمة مع نظيره الأميركي، لويد أوستن.

بنية تحتية

وقالت مصادر عسكرية في تل أبيب، إن الجيش الإسرائيلي شرع بتحويل المواقع العسكرية السورية، التي احتلتها الكتيبة 101 من وحدة المظليين، إلى مواقع عسكرية إسرائيلية.

وذكر تقرير عبري أن «الجيش الإسرائيلي بدأ بتأسيس بنية تحتية لوجيستية شاملة، حيث تم إحضار حاويات تحتوي على خدمات مثل الحمامات، والمطابخ، وحتى المكاتب الخاصة بالضباط»، ورجح أن «يتوسع النشاط ليشمل أعمدة اتصالات».

وأفاد بأن الجيش الإسرائيلي أحكم سيطرته على المناطق الحيوية في المنطقة، واحتل قمم التلال التي تكشف مساحات واسعة من سوريا، خصوصاً في المناطق الحدودية، وأقام حواجز عسكرية في التقاطعات داخل القرى السورية، مثل الحواجز المنتشرة في الضفة الغربية.

ومع نشر أنباء تقول إن عمليات الجيش تدل على أنه يخطط للبقاء هناك لمدة سنة على الأقل، قالت المصادر العسكرية لإذاعة الجيش الإسرائيلي إنه «من المبكر تقييم مدى استدامة هذا الوضع، ولكن قادة الجيش يعتقدون أنه لا أحد يعرف كيف ستتطور الأمور الآن في سوريا مع القيادات الجديدة، التي تدل تجربتها على أنها تحمل تاريخاً طافحاً بممارسات العنف الشديد والإرهاب من جهة، وتبث من جهة ثانية رسائل متناقضة حول المستقبل».

وأضافت المصادر: «وفي الحالتين ستواجه إسرائيل تحديات مستقبلية تتطلب بقاء طويل الأمد في المنطقة وتعزيز عدد القوات، ما قد يتطلب استدعاء قوات الاحتياط».

اليمين المتطرف

وتثير العمليات الإسرائيلية في الأراضي السورية قلقاً لدى أوساط عقلانية من أن تفتح شهية اليمين المتطرف على توسيع الاستيطان اليهودي في سوريا. ففي الأراضي التي تم احتلالها سنة 1967 أقامت إسرائيل نحو 30 مستوطنة يهودية، وتبرر إسرائيل احتلالها الأراضي السورية الجديدة بحماية هذه المستوطنات.

وقد لوحظ أن نتنياهو الذي وقف على أرض الجولان يوم الأحد الماضي، وأعلن إلغاء اتفاقية فصل القوات مع سوريا، تكلم خلال محاكمته الثلاثاء عن «شيء بنيوي يحصل هنا، هزة أرضية لم تكن منذ مائة سنة، منذ اتفاق (سايكس - بيكو 1916)».

وبحسب متابعين لسياسته فإنه لم يقصد بذلك إعطاء درس في التاريخ عن اتفاق من عام 1916 بين الدولتين العظميين الاستعماريتين في حينه، بريطانيا وفرنسا، اللتين قُسّمت بينهما أراضي الإمبراطورية العثمانية في الشرق الأوسط، وأوجدت منظومة الدول القائمة حتى الآن؛ بل قصد أنه يضع حداً لمنظومة الحدود في المنطقة.

ولربما باشر تكريس إرثه بصفته رئيس الحكومة الذي وسع حدود إسرائيل مثل دافيد بن غوريون وليفي أشكول، وليس الذي قلصها أو سعى لتقلصيها مثل مناحيم بيغن وإسحق رابين وأرئيل شارون وإيهود أولمرت وإيهود باراك.