إحالة جمعيات تونسية على القضاء بتهمتي «الفساد» و{الإرهاب»

سياسي يتهم «النهضة» وحلفاءها بـ«تسميم» المناخ السياسي

راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة (رويترز)
راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة (رويترز)
TT

إحالة جمعيات تونسية على القضاء بتهمتي «الفساد» و{الإرهاب»

راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة (رويترز)
راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة (رويترز)

أكد لطفي حشيشة، رئيس لجنة التحاليل المالية بالبنك المركزي التونسي، إحالة ملف 36 جمعية أهلية على القضاء بشبهة «تمويل الإرهاب وفساد مالي والاستيلاء على أموال جمعية»، ارتكبها بعض مسيري هذه الجمعيات، وتلقيهم تمويلات لا تقل عن 35 مليون دينار تونسي (نحو12 مليون دولار).
كما كشف حشيشة عن وجود تعاون كبير بين لجنة التحاليل المالية (البنك المركزي) والإدارة العامة للجمعيات، برئاسة الحكومة التونسية ولجنة مكافحة الإرهاب وغسل الأموال، إضافة إلى محكمة المحاسبات التي تراقب تمويل الحملات الانتخابية، وتوثق مختلف الخروقات المرتكبة، خاصة ما يتعلق بتلقي تمويلات أجنبية بطرق غير قانونية واستخدامها في النشاط السياسي.
وينص الفصل 100 من القانون الأساسي للجمعيات في تونس على أنه «لا بد للجمعيات أن تقدم كافة المعلومات والتصاريح حول التمويلات الأجنبية الواردة عليها للبنك المركزي، الذي يحيلها بدوره لرئاسة الحكومة». غير أن بعض الجمعيات لا تلتزم بهذا القانون، فيضطر البنك المركزي في هذه الحالة إلى الحصول على المعلومات المطلوبة من شبكة البنوك العاملة في تونس، ويحيلها إلى الإدارة العامة للجمعيات واللجنة التونسية لمكافحة الإرهاب، لمتابعة هذه الملفات وإحالتها على القضاء.
ويرى مراقبون أن اتهام 36 جمعية بشبهة الإرهاب والفساد المالي من إجمالي أكثر من 23 ألف جمعية تنشط في تونس، قد يكون مقدمة للمشروع الرئاسي، الذي أكد الرئيس قيس سعيد إعداده لمنع الجمعيات في مختلف المجالات من الحصول على تمويل أجنبي بمختلف أشكاله، وهو مشروع أثار جدلا حادا بين الجمعيات، خاصة أن الكثير منها يعتمد في أنشطته الموجهة للتنمية والتشغيل على المساعدات المالية، التي تأتي من الخارج وتوظف في برامج لفائدة الفئات الفقيرة والهشة.
يذكر أن الرئيس سعيد سبق أن طالب بقانون يمنع تمويل الجمعيات غير الحكومية من الخارج، واعتبرها «امتدادا لقوى خارجية»، داعيا إلى ضرورة اعتماد نص يمنع تمويل أي جمعية من الخارج»، ومشددا على أنه «لن نسمح بأن تأتي هذه الأموال للجمعيات للعبث بالدولة التونسية، أو القيام بحملات انتخابية».
من ناحية أخرى، قال زهير الحمدي، رئيس حزب التيار الشعبي، الذي أسسه النائب البرلماني محمد البراهمي، الذي اغتيل سنة 2013 إن «قرارات 25 يوليو (تموز) 2021 فتحت أفقا سياسيا جديدا لتونس، لكن العديد من الإصلاحات المهمة التي تصحح مسار الثورة لم تتحقق بعد».
وأضاف الحمدي خلال أشغال المجلس الوطني للحزب أن تونس «بحاجة إلى رؤية متكاملة تشمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ومحاسبة كل الذين أجرموا خلال الفترة السابقة لتنقية المناخ السياسي»، ووجه أصابع الاتهام إلى حركة النهضة وحلفائها في تسميم الأجواء السياسية، على حد تعبيره.
وبشأن التوجهات السياسية التي يقودها الرئيس سعيد منذ أكثر من سبعة أشهر، قال الحمدي إنه «لا يمكن لأي أحد كان أن يحتكر أو يصادر مستقبل الحياة السياسية في تونس، وإعادة صياغة العملية السياسية بمفرده»، مبرزا أن هذه القضية موكولة للقوى الوطنية لتناقشها وتقدم بدائل ومقترحات، وتعرضها على التونسيين وعلى رئيس الجمهورية.
في السياق ذاته، دعا المحمدي لجنة صياغة مخرجات الاستشارة الوطنية، التي اقترحها الرئيس على التونسيين، ولم تلق تجاوبا كبيرا، إلى الإنصات إلى الشعب، وأن تتنقل إلى الجهات للاستماع إلى آراء التونسيين والنخب المختصة في عديد المجالات. مجددا مساندة التيار الشعبي لمسار 25 يوليو، الذي قال إنه «مفتوح للجميع، وعلى من يسانده أن يقدم المقترحات والبدائل». كما اقترح الحمدي تشكيل تيار وطني أو «حركة وطنية» جامعة تطرح رؤية مشتركة لعرضها على الشعب التونسي ورئيس الدولة.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.