ترانزستور هجين لتحسين أداء الجيل القادم من شاشات العرض

فريق دولي بقيادة علماء «كاوست» يطور تقنية اقتصادية التكلفة

يمكن تصنيع دوائر متكاملة مرنة باستخدام تقنية الترانزستور الهجين
يمكن تصنيع دوائر متكاملة مرنة باستخدام تقنية الترانزستور الهجين
TT

ترانزستور هجين لتحسين أداء الجيل القادم من شاشات العرض

يمكن تصنيع دوائر متكاملة مرنة باستخدام تقنية الترانزستور الهجين
يمكن تصنيع دوائر متكاملة مرنة باستخدام تقنية الترانزستور الهجين

توصل باحثو جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) إلى تقنية تصنيع مبتكرة قادتهم إلى تطوير ترانزستورات عضوية هجينة من شأنها تحسين أداء الجيل القادم من شاشات العرض والإلكترونيات الأخرى واسعة النطاق.
والترانزستور الذي اخترعته مجموعة من العلماء في الولايات المتحدة الأميركية لأول مرة ما بين عامي 1947 و1948. هو جهاز ينظم تدفق التيار أو الجهد ويعمل كمفتاح أو بوابة للإشارات الإلكترونية. تتكون الترانزستورات من ثلاث طبقات من مادة شبه موصلة، كل منها قادر على حمل تيار.
اليوم نجد أن تطبيقات الترانزستور في حياتنا اليومية لا تعد ولا تحصى، فهو يستخدم في الراديو والتلفزيون والحواسيب والهواتف المحمولة والثلاجات والأفران وسخانات المياه وأجهزة تكييف الهواء وأنظمة الميكرويف والأجهزة الطبية وأجهزة الاستشعار وفي السيارات والطائرات والأغراض الصناعية وغيرها.
وتتميز الترانزستورات رقيقة الغشاء، المعروفة اختصاراً باسم (TFTs)، والمصنوعة من أكاسيد معدنية بخواص مفيدة، من بينها الشفافية البصرية والسعة الكبيرة لحمل الشحنات، كما يتزايد استخدامها في شاشات الدايود (صمام ثنائي الاقطاب) الباعث للضوء (LED).
ويجري حالياً تصنيع معظم الترانزستورات رقيقة الغشاء بأساليب الترسيب الفيزيائي للبخار، حيث تتحول المادة من طور مكثف إلى طور بخاري ثم تعود إلى طور رقيق مكثف. ولكن الطباعة القائمة على المحاليل تبشِّر بطريقة أبسط وأكثر فاعلية من ناحية التكلفة. ومع ذلك لا يزال إنتاج ترانزستورات رقيقة الغشاء من أكاسيد معدنية، تتمتع بحركية عالية للحامل واستقرار تشغيلي، يُمثِّل تحدياً.
ولمواجهة هذا التحدي، صنع فريق دولي مكوِّن من باحثين من المملكة المتحدة والصين واليونان، بقيادة البروفسور توماس أنثوبولوس، أستاذ، هندسة وعلوم المواد، وزملائه من مركز أبحاث الطاقة الشمسية في «كاوست»، ترانزستور هجيناً رقيق الغشاء مكوناً من طبقات من البوليستيرين المعالَجة بالمحلول محصورة بين صفائح فائقة الرقة من الجسيمات النانوية لأكسيد الإنديوم وأكسيد الزنك.
وعن هذه التقنية يقول أنثوبولوس: «اكتشفنا أن قابلية الإلكترونات للحركة في هذا الترانزستور الهجين رقيق الغشاء عالية جداً، وهو ما أثار دهشتنا. لكن الأهم من ذلك أننا اكتشفنا تحسناً هائلاً في قدرة الجهاز في الحفاظ على الانحياز الكهربائي فترة طويلة من التشغيل المتصل، دون تغيير خصائصه التشغيلية».
وأظهرت دراسات سابقة أجراها أنثوبولوس وفريقه البحثي أن الترانزستورات رقيقة الغشاء المصنوعة من اثنين أو أكثر من الأكاسيد المعدنية يمكن أن تولّد صفائح من الإلكترونات المتحركة عند الواجهات البينية الفاصلة بين طبقات الأكاسيد المعدنية، تتحرك هذه الإلكترونات بحرية عبر الجهاز، رافعة من سعة حمله للشحنات.
ومع ذلك، فإن العيوب البنيوية الموجودة في الطبقات متعددة البلورات التي تُشكِّل الواجهات البينية تنتج مصائد للإلكترونات، مما يؤدّي إلى تغيير الخواص الكهربائية للجهاز.
ووجد الباحثون أن إدخال طبقة من البوليستيرين بين طبقات الأكاسيد المعدنية، ثم معالجة هذه الطبقة بالإشعاع فوق البنفسجي والأوزون، تسبب في تحلل البوليستيرين إلى أنواع جزيئية أصغر تفاعلت مع الطبقات الأكسيدية، مما أدى إلى تقوية الروابط بين الجسيمات النانوية وإزالة بعض من مصائد الإلكترونات.
واعتبر أنثوبولوس أن: «مفتاح نجاح التصميم هو إدراج طبقة البوليستيرين البينية المعالَجة بالأوزون، والتي تبطل مصائد الإلكترونات الموجودة على الأسطح-الواجهات البينية للأكاسيد المعدنية ولا تزيد من قابلية الإلكترونات للحركة بالجهاز فحسب، بل تعزز كذلك استقرار إجهاد الانحياز».
ويقدّم هذا العمل أسلوباً بسيطاً وفعالاً من ناحية التكلفة وقابلاً للتوسع لتصنيع ترانزستورات رقيقة الغشاء لاستخدامها في الجيل القادم من شاشات العرض وطائفة من الإلكترونيات الأخرى واسعة النطاق.
يختتم أنثوبولوس حديثه قائلاً: «نريد في المرحلة التالية أن نعرف إمكانية استخدام التقنية ذاتها لإبطال مصائد الإلكترونات مع أشباه الموصلات المختلفة ذات الأكاسيد المعدنية أو مع توليفات أخرى من المواد».
ويؤكّد: «كلّي ثقة بأننا سنتعرف على مواد أفضل أداءً حتى من تلك التي توصلنا إليها».


مقالات ذات صلة

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)
خاص يمثل تحول الترميز الطبي في السعودية خطوة حاسمة نحو تحسين كفاءة النظام الصحي ودقته (شاترستوك)

خاص ما دور «الترميز الطبي» في تحقيق «رؤية 2030» لنظام صحي مستدام؟

من معالجة اللغة الطبيعية إلى التطبيب عن بُعد، يشكل «الترميز الطبي» عامل تغيير مهماً نحو قطاع طبي متطور ومستدام في السعودية.

نسيم رمضان (لندن)
خاص من خلال الاستثمارات الاستراتيجية والشراكات وتطوير البنية التحتية ترسم السعودية مساراً نحو أن تصبح قائداً عالمياً في التكنولوجيا (شاترستوك)

خاص كيف يحقق «الاستقلال في الذكاء الاصطناعي» رؤية السعودية للمستقبل؟

يُعد «استقلال الذكاء الاصطناعي» ركيزة أساسية في استراتيجية المملكة مستفيدة من قوتها الاقتصادية والمبادرات المستقبلية لتوطين إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي.

نسيم رمضان (لندن)

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً