«يوتيوب» تراهن على التجارب الافتراضية «الممتعة» لزيادة التفاعلية

«يوتيوب» تراهن على التجارب الافتراضية «الممتعة» لزيادة التفاعلية
TT

«يوتيوب» تراهن على التجارب الافتراضية «الممتعة» لزيادة التفاعلية

«يوتيوب» تراهن على التجارب الافتراضية «الممتعة» لزيادة التفاعلية

في محاولة منها لتحقيق المزيد من التفاعلية، واجتذاب مستخدمين جدد، أعلنت منصة «يوتيوب» العالمية عن إطلاق عدد من المزايا التي تتيح الفرصة للجمهور خوض تجارب افتراضية ممتعة. وأكدت شركة «ألفا بت» المالكة للتطبيق، في بيان صحافي، أصدرته أخيراً أن «خطتها تستهدف مجاراة التكنولوجيا الرقمية بلوك تشين، وعالم ميتافيرس للحد من الاحتيال في سوق الفن الرقمي السريع النمو، وتقديم تجربة مشاهدة اجتماعية أكثر ثراءً فيما يخص الألعاب الإلكترونية». وكشفت «يوتيوب» في استراتيجيتها عن الميزات المنوي تطويرها، التي ستتيح للمستخدم التحقق من شرعية المواد والأصول الرقمية القيمة في خطوة تولي أهمية بارزة لسوق الرموز غير القابلة للاستبدال أو «إن. إف. تي» NFT.
خبراء وصفوا خطة «يوتيوب» بأنها ذكية تأتي لمواكبة المنافسة المحمومة مع العملاق الصيني «تيك توك»، ما يثير تساؤلات حول مستقبل صناعة المحتوى المرئي الذي يتسارع في تطوره بنمط قد يؤثر على المحتوى المرئي التقليدي. وقال أحمد عصمت، المدير التنفيذي لمنتدى الإسكندرية للإعلام واستشاري تكنولوجيا الإعلام والتحول الرقمي، لـ«الشرق الأوسط» في تعليقه على هذه الخطوة: «منصة يوتيوب وضعت سوق الفن الرقمي على رأس أولوياتها في خطة العام الجديد، وهو أمر متوقع. فبحسب الإحصائيات الرسمية، حقق سوق NFT قرابة 25 مليار دولار أميركي خلال العام المنصرم». كذلك أشار إلى أن «منصة يوتيوب قررت دخول هذا السوق للحد من تداول المقاطع المفبركة، لا سيما أننا في سوق الفن الرقمي أمام رهان كبير فيما يخص المحتوى الموثوق وتحقيق أقصى درجات الثقة والأصالة».
في هذا الإطار، رغم انخفاض عمليات البيع والشراء في نهاية عام 2021، فإن ازدهار سوق الفن الرقمي على مدار العام كان الأبرز والأكثر دلالية، لأن هذا السوق، بحسب عصمت، تُحركه خطط مستقبلية واعدة، لا سيما مع دخول كيانات مثل «تويتر» و«فيسبوك» و«إنستغرام» و«تيك توك» و«ريديت»، و«هذا يعني أننا أمام سباق محموم وسوق يعد بالكثير في المستقبل القريب». ومن جانبه، ذكر الموقع في منشور بمدونته أنه يسعى لإتاحة الفرصة أمام المستخدمين المعجبين بالفنون الرقمية للتحقق من المحتوى من أجل امتلاك مقاطع فيديو وصور ومواد فنية وحتى تجارب مقدمة من مبدعيهم المفضلين كرموز فريدة.
وفي سياق متصل، يُرجع الدكتور أنس النجداوي، الأستاذ المشارك في الأعمال الرقمية في جامعة أبوظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، اهتمام «يوتيوب» بسوق الرموز غير القابلة للاستبدال إلى انتعاش تقنية «البلاك تشين»، ويقول لـ«الشرق الأوسط» شارحاً: «يوتيوب منصة لها علاقة مباشرة بهذا السوق، لأنها بالأساس قائمة لتضم صناعة المحتوى الفريد، وبالتالي ستدعم أساس عمل يوتيوب من خلال حفظ الحقوق واجتذاب صُناع جدد».

تأثير {كوفيد - 19}
من جهة ثانية، بعدما فرضت جائحة كوفيد 19 على سكان العالم البقاء عالقين في منازلهم لفترة طويلة، باتت الألعاب الإلكترونية التفاعلية خياراً لملايين السكان حول العالم. وهكذا نما هذا السوق وأصبح على رأس اهتمامات منصة مثل «يوتيوب» التي أعلنت في بيانها عن تعزيز تجربة مقاطع الفيديو المتعلقة بالألعاب المباشرة من خلال ميزات توفر مزيدا من التفاعلات بين المشاركين في الألعاب، ليشعر المستخدم بمزيد من التفاعلية خلال اللعب.
ويعلق النجداوي على اهتمام «يوتيوب» بالألعاب الإلكترونية، قائلاً: «أصبح العالم بحاجة إلى دعم تقني مواكب لسوق الألعاب لنزيد من المتعة والتفاعل بين الأشخاص، ولاجتذاب المستخدمين، وتعزيز الواقعية». ويتفق مع هذا الرأي أحمد عصمت، الذي يشير إلى أن «وضع سوق الألعاب الإلكترونية في المرتبة الثانية، خطوة موفقة، لأن هذه الصناعة باتت إحدى الصناعات العملاقة، إذ تحوّل الأمر من مجرد لعبة للتسلية إلكترونياً إلى فرق ومسابقات واتحادات دولية... ومصر واحدة من الدول المعنية بهذا المجال، حتى إنه أصبح مجالاً للاستثمار من قبل أفراد وهيئات».
ويشدد نجداوي، أيضاً، على أن استراتيجية «يوتيوب» أطلقت بهدف اللحاق بعالم «ميتافيرس» المرتقب، ويوضح أن «الميتافيرس انطلق منذ نحو 15 سنة بمنصة أطلق عليها مسمى سكند لايف، إلا أنها لم تحقق الشعبية والنجاح الذي حققته شركة ميتا، المالكة لأكبر عدد من الحسابات من خلال تطبيقاتها الأربعة (فيسبوك، ماسنجر، واتساب وإنستغرام). ثم إنه لم تكن هناك تقنيات متوافرة كما هو الحال الآن لإنجاح الفكرة. لكن الآن نحن نتكلّم عن واقع آخر للتكنولوجيا من حيث سرعة نقل المعطيات (البيانات)، بل حتى علوم البرمجيات والأدوات الفعلية اللازمة لمواكبة كل هذا التطور باتت متاحة بيسر وبمقابل مادي مناسب للمستخدم العادي».
في المقابل، يعتقد عصمت أن المنصات أو المواقع ليست المحرك أو المستفيد الأول من التطور التكنولوجي المتسارع، وإن كانت هي الواجهة للسوق، قائلاً إن «العالم الجديد الذي يترقبه الجميع، يحركه في واقع الأمر شركات البرمجيات والأخرى المصنعة للهاردوير، وهي الحلقة الأهم في هذا السياق»، ويُدلل على ذلك، بصفقات الشركة العملاقة «ميتا» التي أقبلت على شراء عدد من شركات البرمجيات وعلى رأسها شركة «أوكتوبوس» المتخصصة في تصنيع النظارات اللازمة لعالم «ميتافيرس».

«يوتيوب» و«تيك توك»
في هذه الأثناء يتابع الخبراء عن كثب المنافسة بين منصتي الفيديو الأشهر عالمياً، «يوتيوب» و«تيك توك»، التي يمكن القول إن العملاق الصيني ما زال متصدرها، لا سيما بعد أن حصد لقب التطبيق الأعلى من حيث الزيارات على مدار عام 2021، ولكن لأحمد عصمت قراءة أخرى في تفسير وتيرة المنافسة، إذ يقول: «الصراع بين يوتيوب وتيك توك ليس صراعاً تقنياً، بل هو بالأصل صراع سياسي بين دولتين عظميين، هما الولايات المتحدة الأميركية والصين. غير أن ما يعني المستخدم ليس متابعة هذه المنافسة، بل معرفة كيفية الاستفادة منها، بجانب حماية خصوصية بياناته الشخصية». وحول هذه النقطة يرى النجداوي أن تحديثات «يوتيوب» كانت ضرورية في ظل المنافسة الجارية مع «تيك توك».
في أي حال، ثمة قلق يشغل صناع المحتوى المرئي التقليدي. ويتبادر إلى الذهن تساؤلات حول مستقبله وسط هذه التنافسية الشرسة، إذ يرى النجداوي أن «الأمر ليس بهذه الحدة، لأن المحتوى عموما يُقاس بجودة المعلومات التي يقدمها، حتى وإن كان العالم يتطور ويسير بوتيرة سريعة، لكن هذا لا يعني اختفاء المحتوى التقليدي الذي اعتدنا عليه، فالمرحلة التي تتطلب الاستغناء تماما عن المحتوى التقليدي لم تأتِ بعد، وربما لن تأتِي قريباً، نحن أمام عقدين على الأقل حتى نتحدث عن اهتزاز شعبية المحتوى المرئي التقليدي».
أما عصمت فيربط بين تهديد المحتوى المرئي التقليدي وبين صعود الجيل «زي»، ويقول في هذا الشأن: «نحن بحاجة أولاً للفصل في هذا الشأن بين العالم وبين المنطقة العربية. لا جدال في أن التغيرات التي تلحق كل يوم بصناعة المحتوى المرئي... حتى السينما تطورت وأصبحت تقدم تجارب تفاعلية، تدريجياً فيحلّ محل المحتوى المرئي التقليدي محتوى جديد تحركه تقنيات تسربت على مدار السنوات الماضية وباتت واقعاً».
أخيراً، عن مستقبل الإعلانات، التي تعد الدخل الاقتصادي الرئيسي للمنصة، ومستخدميها النشطين، يتوقع الخبراء أن تلقي حزمة التغييرات التي ستلحق بتطبيق «يوتيوب» بظلالها على سوق الإعلانات. إذ ستشجع المنصة مستخدميها لتجربة التقنيات المبتكرة لتحقيق مزيد من المكاسب المادية، لا سيما أن سوق الإعلانات هو الآخر يشهد تغييراً بعد إلغاء تقنية «الكوكيز».


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
رياضة عربية المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر (صفحة المجلس على «فيسبوك»)

مصر: قرارات جديدة لمواجهة «فوضى الإعلام الرياضي»

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، برئاسة المهندس خالد عبد العزيز مجموعة قرارات، اعتماداً لتوصيات لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
أوروبا مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق صورة تذكارية لعدد من أعضاء مجلس الإدارة (الشركة المتحدة)

​مصر: هيكلة جديدة لـ«المتحدة للخدمات الإعلامية»

تسود حالة من الترقب في الأوساط الإعلامية بمصر بعد إعلان «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» إعادة تشكيل مجلس إدارتها بالتزامن مع قرارات دمج جديدة للكيان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)
TT

تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)

أثارت نتائج دراسة حديثة تساؤلات عدة بشأن دور التلفزيون في استعادة الثقة بالأخبار، وبينما أكد خبراء وجود تراجع للثقة في الإعلام بشكل عام، فإنهم اختلفوا حول الأسباب.

الدراسة، التي نشرها معهد «نيمان لاب» المتخصص في دراسات الإعلام مطلع الشهر الحالي، أشارت إلى أن «الثقة في الأخبار انخفضت بشكل أكبر في البلدان التي انخفضت فيها متابعة الأخبار التلفزيونية، وكذلك في البلدان التي يتجه فيها مزيد من الناس إلى وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار».

لم تتمكَّن الدراسة، التي حلَّلت بيانات في 46 دولة، من تحديد السبب الرئيس في «تراجع الثقة»... وهل كان العزوف عن التلفزيون تحديداً أم الاتجاه إلى منصات التواصل الاجتماعي؟ إلا أنها ذكرت أن «الرابط بين استخدام وسائل الإعلام والثقة واضح، لكن من الصعب استخدام البيانات لتحديد التغييرات التي تحدث أولاً، وهل يؤدي انخفاض الثقة إلى دفع الناس إلى تغيير طريقة استخدامهم لوسائل الإعلام، أم أن تغيير عادات استخدام ومتابعة وسائل الإعلام يؤدي إلى انخفاض الثقة».

ومن ثم، رجّحت الدراسة أن يكون سبب تراجع الثقة «مزيجاً من الاثنين معاً: العزوف عن التلفزيون، والاعتماد على منصات التواصل الاجتماعي».

مهران كيالي، الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» في دولة الإمارات العربية المتحدة، يتفق جزئياً مع نتائج الدراسة، إذ أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «التلفزيون أصبح في ذيل مصادر الأخبار؛ بسبب طول عملية إنتاج الأخبار وتدقيقها، مقارنة بسرعة مواقع التواصل الاجتماعي وقدرتها على الوصول إلى شرائح متعددة من المتابعين».

وأضاف أن «عدد المحطات التلفزيونية، مهما ازداد، لا يستطيع منافسة الأعداد الهائلة التي تقوم بصناعة ونشر الأخبار في الفضاء الرقمي، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي». إلا أنه شدَّد في الوقت نفسه على أن «الصدقية هي العامل الأساسي الذي يبقي القنوات التلفزيونية على قيد الحياة».

كيالي أعرب عن اعتقاده بأن السبب الرئيس في تراجع الثقة يرجع إلى «زيادة الاعتماد على السوشيال ميديا بشكل أكبر من تراجع متابعة التلفزيون». وقال إن ذلك يرجع لأسباب عدة من بينها «غياب الموثوقية والصدقية عن غالبية الناشرين على السوشيال ميديا الذين يسعون إلى زيادة المتابعين والتفاعل من دون التركيز على التدقيق». وأردف: «كثير من المحطات التلفزيونية أصبحت تأتي بأخبارها عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، فتقع بدورها في فخ الصدقية والموثوقية، ناهيك عن صعوبة الوصول إلى التلفزيون وإيجاد الوقت لمشاهدته في الوقت الحالي مقارنة بمواقع التواصل التي باتت في متناول كل إنسان».

وحمَّل كيالي، الهيئات التنظيمية للإعلام مسؤولية استعادة الثقة، قائلاً إن «دور الهيئات هو متابعة ورصد كل الجهات الإعلامية وتنظيمها ضمن قوانين وأطر محددة... وثمة ضرورة لأن تُغيِّر وسائل الإعلام من طريقة عملها وخططها بما يتناسب مع الواقع الحالي».

بالتوازي، أشارت دراسات عدة إلى تراجع الثقة بالإعلام، وقال معهد «رويترز لدراسات الصحافة»، التابع لجامعة أكسفورد البريطانية في أحد تقاريره، إن «معدلات الثقة في الأخبار تراجعت خلال العقود الأخيرة في أجزاء متعددة من العالم». وعلّق خالد البرماوي، الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، من جهته بأن نتائج الدراسة «غير مفاجئة»، لكنه في الوقت نفسه أشار إلى السؤال «الشائك»، وهو: هل كان عزوف الجمهور عن التلفزيون، السبب في تراجع الصدقية، أم أن تراجع صدقية الإعلام التلفزيوني دفع الجمهور إلى منصات التواصل الاجتماعي؟

البرماوي رأى في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن «تخلّي التلفزيون عن كثير من المعايير المهنية ومعاناته من أزمات اقتصادية، دفعا الجمهور للابتعاد عنه؛ بحثاً عن مصادر بديلة، ووجد الجمهور ضالته في منصات التواصل الاجتماعي». وتابع أن «تراجع الثقة في الإعلام أصبح إشكاليةً واضحةً منذ مدة، وإحدى الأزمات التي تواجه الإعلام... لا سيما مع انتشار الأخبار الزائفة والمضلّلة على منصات التواصل الاجتماعي».