الحرب في أوكرانيا وارتفاع الأسعار يهددان الاقتصاد العالمي

عناصر من القوات الأوكرانية يسيرون في منطقة شهدت قتالاً ضد الروس بكييف (أ.ف.ب)
عناصر من القوات الأوكرانية يسيرون في منطقة شهدت قتالاً ضد الروس بكييف (أ.ف.ب)
TT
20

الحرب في أوكرانيا وارتفاع الأسعار يهددان الاقتصاد العالمي

عناصر من القوات الأوكرانية يسيرون في منطقة شهدت قتالاً ضد الروس بكييف (أ.ف.ب)
عناصر من القوات الأوكرانية يسيرون في منطقة شهدت قتالاً ضد الروس بكييف (أ.ف.ب)

يواجه الاقتصاد العالمي الذي لم يتعافَ بعد من أزمة وباء «كوفيد - 19». تهديد الحرب في أوكرانيا والارتفاع الحاد في أسعار المواد الأولية، مبدّداً الآمال التي برزت مطلع العام، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
يرى ياكوب كيركيغارد العضو في مجموعة German Marshall Fund للأبحاث في بروكسل أن «الحرب اندلعت في وقت كانت أوروبا والولايات المتحدة تستفيدان من تعافٍ ممتاز».
وأقرّت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد بأن الغزو الروسي لأوكرانيا الذي بدأ منذ أسبوعين فقط، «يزيد بشكل كبير» المخاطر. وخفّض المصرف بـ0.5 نقطة مئوية توقعاته للنمو عام 2022 في منطقة اليورو، ليصبح 3.7 في المائة.
ويعتزم صندوق النقد الدولي أيضاً خفض توقعاته على صعيد العالم.
كذلك خفّضت وكالة «ستاندرد آند بورز» للتصنيف الائتماني توقعاتها بـ0.7 نقطة إلى 3.4 في المائة بسبب الانهيار المرتقب للناتج المحلي الإجمالي الروسي وارتفاع أسعار الطاقة.
يقدّر الخبير الاقتصادي لدى معهد Bruegel جان - بيزاني فيري أن الحرب ستكلّف الاتحاد الأوروبي 175 مليار يورو بسبب تأثير فاتورة الطاقة واستقبال اللاجئين والدعم المالي.

ومع ذلك لا داعي للخشية من ركود كبير. لكن كيركيغارد يتحدث عن خطر حدوث ركود تضخّمي، وهو ظاهرة تحدث عندما يترافق النمو الضعيف مع معدّل تضخم مرتفع.
إلا أن تفشي الوباء مجدّداً في الصين يثير القلق. ويقول كيركيغارد إن «هذا الغموض كبير بقدر حجم الحرب على الأقل».
هذا التضخم مستمرّ منذ عام. فقد كان في البداية مرتبطاً باضطرابات سلاسل الإمداد بسبب أزمة الوباء ويعكس اليوم الارتفاع الحاد لأسعار المواد الأولية التي تشكل عبئاً على تكلفة الإنتاج بالنسبة للشركات وعلى القدرة الشرائية بالنسبة للأُسر.
يقول مدير مركز الطاقة في معهد «جاك دولور» الأوروبي توماس بيلوران - كارلان، «نواجه صدمة النفط، تُضاف إليها صدمة الغاز وصدمة الكهرباء. لم نرَ مثل هذا التزامن من قبل، هذا يتعلّق بالطاقة فقط».
وقدّر رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول هذا الأسبوع أمام الكونغرس الأميركي بأن كل ارتفاع بقيمة 10 دولارات لسعر برميل النفط يتسبب بتراجع النمو في الولايات المتحدة بنحو 0.1 نقطة وبزيادة معدّل التضخم بـ0.2 نقطة، وقد بلغ الأخير 7.9 في المائة في فبراير (شباط).
إضافة إلى النفط والغاز، ترتفع أسعار العديد من العناصر الاقتصادية الأخرى على غرار الألومنيوم والنيكل القمح والذرة... وحذّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنفسه الخميس من التضخم الناجم عن العقوبات التي فُرضت على بلاده.
تتأثر معظم القطاعات من صناعة البلاستيك البترولي إلى صناعة البطاريات الكهربائية التي تحتاج إلى النيكل مروراً بصناعة الطائرات التي تعتمد على الألومنيوم.
وتوقف العمل في مواقع لصناعة الحديد والصلب في إسبانيا خصوصاً، بسبب عدم التمكن من دفع فاتورة الكهرباء.
في العالم كلّه، أصبح التنقل والطعام والتدفئة أكثر تكلفة.
في مصر، يقول عمر عزام وهو من سكان القاهرة ويبلغ 31 عاماً إن «سعر الخبز ارتفع بشكل هائل». فقد ازداد بنسبة 50 في المائة منذ الغزو الروسي لأوكرانيا.
تعتبر مصر أكبر مستورد للقمح في العالم وثاني أكبر مستورد من روسيا. وسبق أن خفضت وزن الرغيف المدعوم وتدرس الآن زيادة سعره.
حذّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال قمة أوروبية في فيرساي، من أن أوروبا وأفريقيا «ستتأثران بشكل عميق جداً على مستوى الغذاء» في الأشهر الـ12 إلى الـ18 المقبلة، خصوصاً بسبب الاضطرابات الكثيرة المتوقعة أثناء موسم الحصاد في أوكرانيا، ولا سيما حصاد القمح.
من جانبها، طالبت دول مجموعة السبع الجمعة المجتمع الدولي بتجنّب اتخاذ أي تدبير يحدّ من عمليات تصدير المواد الغذائية.

أدى تعبير «مهما كلّف الثمن» الذي اشتهر به الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي، إلى التوصل لموازنة تاريخية في أوروبا عام 2020 مصحوبة بدين مشترك.
تبنّت الولايات المتحدة خططاً مالية هائلة عديدة وأقرّت اليابان خطة ثالثة في نوفمبر (تشرين الثاني).
لكن في مواجهة تدهور الأوضاع المالية العامة، ينبغي أن تكون المساعدات هذه المرة موجّهة أكثر لمساعدة ضحايا التضخّم.
من جهة الشركات، يرى الخبير الاقتصادي في شركة MarketSecurities للاستثمارات كريستوف بارو أن المستثمرين لا يتوقعون إخفاقات كبيرة بل مجرد «توتر طفيف».
في المقابل، يمكن أن تشهد الدول الناشئة الأكثر هشاشة في مقابل التضخم، تدهوراً في أوضاعها وحتى في استقرارها السياسي في بعض الأحيان.


مقالات ذات صلة

ستارمر يعوّل على محادثات السعودية لاستئناف المساعدات الأميركية لأوكرانيا

العالم رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يلتقي الرئيس الأميركي دونالد ترمب في المكتب البيضوي بالبيت الأبيض... واشنطن 27 فبراير 2025 (رويترز)

ستارمر يعوّل على محادثات السعودية لاستئناف المساعدات الأميركية لأوكرانيا

عوّل رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر على المحادثات التي تستضيفها السعودية بين الأميركيين والأوكرانيين لعودة مساعدات واشنطن لكييف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الخليج الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لدى وصوله إلى جدة الاثنين (أ.ب) play-circle 02:32

الرئيس الأوكراني يصل إلى جدة

وصل الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، اليوم الاثنين، لمدينة جدة غرب السعودية. ومن المقرر أن يلتقي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي.

«الشرق الأوسط» (جدة)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأميركي ماركو أثناء حديثه مع الصحافيين في طريقه إلى مدينة جدة (أ.ف.ب)

وزير الخارجية الأميركي: أتمنى أن يمضي الاجتماع مع الأوكرانيين على نحو جيد

عبّر وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو الاثنين عن أمله في أن يمضي الاجتماع بين مسؤولين أميركيين وأوكرانيين بالسعودية غداً الثلاثاء على نحو جيد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الخليج ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً الرئيس الأوكراني زيلينسكي في زيارة سابقة إلى السعودية (رويترز)

زيلينسكي في السعودية عشية محادثات أميركية - أوكرانية

قبل أن تحط طائرته في جدة بأربع وعشرين ساعة، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن كييف «مهتمة أكثر بالسلام».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
أوروبا جندي روسي يطلق النار على مواقع أوكرانية قرب منطقة كورسك (أرشيفية - أ.ب)

روسيا تستعيد ثلاث قرى في منطقة كورسك من السيطرة الأوكرانية

  قالت القوات المسلحة الروسية إنها استعادت السيطرة على ثلاث قرى كانت القوات الأوكرانية قد احتلتها في منطقة كورسك الحدودية.

«الشرق الأوسط» (كييف )

تراجع صادرات الديزل الروسية المنقولة بحراً في فبراير

ناقلة نفط خام ترسو بالقرب من خليج ناخودكا بمدينة ناخودكا الساحلية في روسيا (رويترز)
ناقلة نفط خام ترسو بالقرب من خليج ناخودكا بمدينة ناخودكا الساحلية في روسيا (رويترز)
TT
20

تراجع صادرات الديزل الروسية المنقولة بحراً في فبراير

ناقلة نفط خام ترسو بالقرب من خليج ناخودكا بمدينة ناخودكا الساحلية في روسيا (رويترز)
ناقلة نفط خام ترسو بالقرب من خليج ناخودكا بمدينة ناخودكا الساحلية في روسيا (رويترز)

أظهرت بيانات لمجموعة بورصات لندن ومصادر في السوق، أن صادرات روسيا المنقولة بحراً من الديزل وزيت الغاز تراجعت في فبراير (شباط) الماضي، بسبب انخفاض الإنتاج والعواصف وهجمات الطائرات المسيّرة التي أثرت في إمدادات الوقود.

ووفقاً لحسابات لـ«رويترز» تستند إلى بيانات مجموعة بورصات لندن ومصادر السوق، فقد وصل إجمالي صادرات الديزل وزيت الغاز من المواني الروسية الشهر الماضي إلى نحو 3.6 مليون طن، بانخفاض 6 في المائة عن يناير (كانون الثاني).

وظلّت تركيا والبرازيل أكبر مستوردي الديزل وزيت الغاز الروسيين في فبراير، وفقاً لبيانات الشحن.

ووصلت صادرات الديزل وزيت الغاز من المواني الروسية إلى تركيا الشهر الماضي إلى 1.1 مليون طن، بانخفاض 11 في المائة عن يناير، في حين هبطت الشحنات إلى البرازيل 10 في المائة على أساس شهري إلى 0.47 مليون طن.

وأظهرت بيانات الشحن أن صادرات روسيا من الديزل وزيت الغاز إلى الدول الأفريقية في فبراير انخفضت بنحو 17 في المائة عن الشهر السابق إلى نحو مليون طن، وكان المغرب وغانا والسنغال من بين أكبر المستوردين.

وأشارت بيانات مجموعة بورصات لندن إلى أن روسيا قد أرسلت في فبراير شحنة ديزل من ميناء بريمورسك على بحر البلطيق إلى سوريا، في أول إمدادات مباشرة معروفة من هذا النوع إلى سوريا منذ أكثر من عقد.