بعد تقارب مع روسيا دام 16 عاما... انتقادات تطال ميركل «قائدة العالم الحر»

المستشارة السابقة متهمة بتعزيز الاعتماد على الغاز الروسي وتجاهل الإنفاق الدفاعي

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تستقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في برلين (أ.ف.ب)
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تستقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في برلين (أ.ف.ب)
TT

بعد تقارب مع روسيا دام 16 عاما... انتقادات تطال ميركل «قائدة العالم الحر»

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تستقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في برلين (أ.ف.ب)
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تستقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في برلين (أ.ف.ب)

تواجه المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل التي كانت حتى وقت قريب تعد من أهم القادة الأوروبيين في مرحلة ما بعد الحرب، إعادة تقييم وانتقادات لسياسة تقارب مع موسكو اتبعتها خلال حكمها الذي دام 16 عاما، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
تجد رئيسة الحكومة الألمانية السابقة نفسها متهمةً بأنها عززت اعتماد أوروبا على الطاقة الروسية دون أن تستثمر بما فيه الكفاية في الدفاع، بعد أن كرستها بعض وسائل الإعلام «قائدة العالم الحر» بعد الانتخاب المثير للجدل لدونالد ترمب في عام 2016.
وانتقدت صحيفة «دي فيلت» المحافظة السياسة «الخطأ» التي اتبعتها ميركل طيلة عقدين تقريباً بالمراهنة على عقود تجارية لتشجيع النهج الديمقراطي واسترضاء أنظمة استبدادية مثل النظامين الروسي والصيني.
وتضيف الصحيفة «ما عاشته ألمانيا وأوروبا في الأيام الأخيرة ليس سوى قلب لسياسة ميركل التي كانت تهدف إلى ضمان السلام والحرية من خلال عقد معاهدات مع الطغاة».

خلال العقد الأخير، انتقل اعتماد ألمانيا في مجال الطاقة على روسيا من 36 في المائة من إجمالي وارداتها من الغاز عام 2014 إلى 55 في المائة حالياً.
ومن ثم، يمتنع الاقتصاد الأوروبي الأول، في مواجهة المطالب الغربية وعلى رأسها الأميركية، عن فرض حظر على النفط والغاز الروسيين الأساسيين لتلبية حاجات ألمانيا من الطاقة.
من وجهة نظر عسكرية، عانى الجيش الألماني لسنوات من التدني المزمن في الاستثمار. ولطالما طالب الحلفاء، ولا سيما واشنطن، بتحقيق أهداف الإنفاق الدفاعي التي حددها حلف شمال الأطلسي، أي 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الوطني.
واعترفت وزيرة الدفاع السابقة والمقربة من ميركل أنيغريت كرامب - كارنباور بـ«الفشل التاريخي» لبلادها في تعزيز قوة جيشها طيلة أعوام. وكتبت مؤخراً على «تويتر»: «بعد جورجيا وشبه جزيرة القرم والدونباس، لم نحضر شيئاً قد يردع بوتين فعلاً».
وإذا كان سلف ميركل أي المستشار الألماني السابق الديمقراطي الاجتماعي غيرهارد شرودر قد مهد الطريق لزيادة الاعتماد على الطاقة الروسية من خلال إنشاء خط أنابيب الغاز «نورد ستريم 1»، فإن ميركل هي من أجاز خط أنابيب الغاز «نورد ستريم 2».
وأثار «نورد ستريم 2» الجدل لأنه لا يمر عبر أوكرانيا، حارماً هذه الأخيرة من حقوق العبور. وعلق تشغيل خط الأنابيب إثر الغزو الروسي لأوكرانيا، لأجل غير مسمى.

وكتبت صحيفة «زودويتشه تسايتونغ» أن ميركل «يجب أن تتحمل نصيبها من المسؤولية في حرصها على إقامة روابط اقتصادية وثيقة مع روسيا» لأن ذلك قد أدى إلى اعتماد ألمانيا على موارد الطاقة الروسية و«نرى الآن نتائج هذا الخطأ الفادح».
على المستوى الجيوسياسي، يوجه أيضاً اللوم إلى ألمانيا لعدم موافقتها على ضم جورجيا وأوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي في عام 2008، رغم ضغوط واشنطن.
غير أن مدير فرع أوروبا الوسطى والشرقية لمركز «جيرمان مارشال فاند» للدراسات يورغ فوربريغ لا يؤيد لقول بأن سياسة ميركل كانت ساذجة حيال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ويقول «كانت تقدر جيداً شخص فلاديمير بوتين وما هي روسيا عليه اليوم».

وهو يلوم الحزب الاشتراكي الديمقراطي (حليف ميركل طيلة 12 عاماً من أصل 16 عاماً في الحكم) على سياستها مع موسكو، فهذا الحزب لطالما حبذ، منذ سبعينيات القرن الماضي، التقرب من موسكو.
وتشاركه الرأي مارينا هينكي، أستاذة العلاقات الدولية في جامعة «هيرتي سكول» قائلةً «إذا كنتم لا تعرفون ألمانيا وتظنون أن المستشارة بيدها كل السلطة، يمكن أن تقولوا إن ميركل هي الملامة، لكن في الحقيقة، إنه خطأ أساسي اقترفه الحزب الاشتراكي الديمقراطي».
كما كان على ميركل أن تتعامل مع ضغوط مكثفة مارستها الشركات الساعية للحصول على عقود في روسيا، فضلاً عن حاجة ألمانيا لإيجاد مصادر بديلة للطاقة بعد قرارها في عام 2011 بالتخلص التدريجي من الطاقة النووية.


مقالات ذات صلة

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)
أوروبا رجل يلتقط صورة تذكارية مع ملصق يحمل صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقول: «لماذا نريد مثل هذا العالم إذا لم تكن روسيا موجودة فيه؟» (رويترز)

«فليحفظ الرب القيصر»... مؤيدون يهنئون بوتين بعيد ميلاده الثاني والسبعين

وصف بعض المؤيدين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ«القيصر»، في عيد ميلاده الثاني والسبعين، الاثنين، وقالوا إنه أعاد لروسيا وضعها، وسينتصر على الغرب بحرب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم جندي أوكراني يجلس داخل دبابة ألمانية الصنع من نوع «ليوبارد 2 إيه 5» بالقرب من خط المواجهة (أ.ف.ب)

هل انتهى عصر الدبابات «ملكة المعارك» لصالح الطائرات المسيّرة؟

رغم أن الدبابات ساعدت أوكرانيا في التقدم داخل روسيا، تعيد الجيوش التفكير في كيفية صنع ونشر هذه الآليات القوية بعد أدائها المتواضع خلال الفترة الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا بوتين يتحدث مع طلاب مدرسة في جمهورية توفا الروسية الاثنين (إ.ب.أ) play-circle 00:45

بوتين يتوعد الأوكرانيين في كورسك ويشدد على استمرار الحرب حتى تحقيق أهدافها

شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أن الهجوم الأوكراني في كورسك لن يوقف تقدم جيشه في منطقة دونباس، متعهداً بمواصلة العمليات الحربية حتى تحقيق أهداف بلاده.

رائد جبر (موسكو)

بوتين يزور كازاخستان لتعزيز العلاقات وبحث ملف الطاقة

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف في أستانا في 27 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف في أستانا في 27 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

بوتين يزور كازاخستان لتعزيز العلاقات وبحث ملف الطاقة

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف في أستانا في 27 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف في أستانا في 27 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

وصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى كازاخستان، الأربعاء، في زيارة تستمر يومين تهدف لتوطيد العلاقات مع حليفة بلاده الواقعة في وسط آسيا في ظل تفاقم التوتر على خلفية حرب أوكرانيا.

ورغم انضوائها في «منظمة معاهدة الأمن الجماعي» التي تقودها موسكو، فإن كازاخستان أعربت عن قلقها حيال النزاع المتواصل منذ نحو ثلاث سنوات مع رفض رئيسها قاسم جومارت توكاييف التغاضي عنه.

وفي مقال نشرته صحيفة «إسفيستيا» الروسية قبيل زيارة بوتين، أكد توكاييف دعم بلاده «الحوار السلمي» من دون أن يأتي على ذكر أوكرانيا، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

من جانبه، أشاد بوتين بـ«التقارب الثقافي والروحي والقيمي» بين كازاخستان وروسيا، وذلك في مقال نشر في صحيفة «كازاخ» الرسمية، قائلا إنه يساعد في تطوير «العلاقات الودية والقائمة على التحالف» مع أستانا بشكل أكبر.

وبث الإعلام الرسمي الروسي مقطعا مصورا لطائرة بوتين لدى هبوطها في أستانا الأربعاء.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال حفل الاستقبال في مقر الرئاسة أكوردا في أستانا بكازاخستان... 27 نوفمبر 2024 (رويترز)

تدهورت العلاقات التجارية بين البلدين في الأشهر الأخيرة مع منع موسكو بعض الصادرات الزراعية من كازاخستان غداة رفض الأخيرة الانضمام إلى مجموعة «بريكس».

وجعل بوتين توسيع تحالف الاقتصادات الناشئة أساسا لسياسة روسيا الخارجية، مسوّقا لمجموعة «بريكس» على أنها قوة موازية لما يعتبرها «هيمنة» الغرب على العالم.

تأتي زيارة بوتين على وقع تصاعد التوتر بين موسكو والغرب بسبب حرب أوكرانيا، إذ أطلقت روسيا صاروخا تجريبيا فرط صوتي باتّجاه جارتها الأسبوع الماضي، بينما أطلقت كييف صواريخ بعيدة المدى زودتها بها كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على روسيا لأول مرة.

وفي سبتمبر (أيلول)، دعا توكاييف إلى حل سلمي للنزاع، محذرا من أن التصعيد يمكن أن يؤدي إلى «تداعيات لا يمكن إصلاحها بالنسبة للبشرية بأكملها».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الكازاخستاني قاسم جومارت توكاييف يلتقطان صورة مع أطفال في أستانا في 27 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

أوكرانيا على جدول الأعمال

ورغم أن رحلات بوتين الدولية بقيت محدودة منذ العملية العسكرية الروسية الشاملة في أوكرانيا عام 2022، فإنه زار الدولة الواقعة في وسط آسيا بشكل متكرر.

تعد كازاخستان حليفا عسكريا واقتصاديا تاريخيا لروسيا وتمتد الحدود بين البلدين على مسافة 7500 كيلومتر.

ويتوقع أن يناقش الزعيمان العلاقات التجارية وملف الطاقة، إضافة إلى بناء أول محطة في كازاخستان للطاقة النووية، علما بأن شركة «روساتوم» الروسية من بين الشركات المرشحة لبنائها.

تسهم كازاخستان بنحو 43 في المائة من إنتاج اليورانيوم العالمي لكنها لا تملك مفاعلات نووية.

وأكد بوتين الأربعاء أن «(روساتوم) مستعدة لمشاريع كبيرة جديدة مع كازاخستان».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف يرسمان على لوحة قبل لقائهما في أستانا في 27 نوفمبر (أ.ف.ب)

سيوقّع البلدان أيضا عدة وثائق الأربعاء وسيصدران بيانا للإعلام، بحسب مستشار الكرملين يوري أوشاكوف.

ويجتمع بوتين الخميس وقادة «منظمة معاهدة الأمن الجماعي» في أستانا في إطار قمة أمنية.

وستتصدر أوكرانيا جدول الأعمال، إذ يتوقع أن يناقش القادة «الإذن الغربي (لكييف) بإطلاق صواريخ بعيدة المدى باتّجاه عمق أراضي روسيا الاتحادية»، وفق ما أكدت وكالة «تاس» الإخبارية نقلا عن مصدر.

وفي خطوة لافتة، ستتغيب أرمينيا عن الاجتماع بعدما علّقت عضويتها في المنظمة احتجاجا على عدم وقوف موسكو إلى جانبها في نزاعها مع أذربيجان.

وقال أوشاكوف الثلاثاء إن أرمينيا ما زالت عضوا كاملا في التحالف ويمكن أن تعود في أي لحظة.