بالدوين سعى لاستكمال فيلم «راست» بعد حادث مقتل مديرة التصوير

الممثل أليك بالدوين في نيويورك (أ.ف.ب)
الممثل أليك بالدوين في نيويورك (أ.ف.ب)
TT

بالدوين سعى لاستكمال فيلم «راست» بعد حادث مقتل مديرة التصوير

الممثل أليك بالدوين في نيويورك (أ.ف.ب)
الممثل أليك بالدوين في نيويورك (أ.ف.ب)

حاول الممثل أليك بالدوين المضي مجدداً في تصوير فيلم الوسترن «راست» الذي قتلت مديرة تصويره هالينا هاتشينز بطلقة نارية أصابتها عرضاً، معللاً مساعيه برغبته في «تكريم ذكراها»، وتعويض أسرتها، وفقاً لطلب تحكيم قدم أمس (الجمعة) في لوس أنجليس.
وعند حصول الحادث في 21 أكتوبر (تشرين الأول) في مزرعة بمدينة سانتا في، عاصمة ولاية نيو مكسيكو، كان أليك بالدوين يستخدم سلاحا تم تقديمه له على أنه محشو برصاص خلبي، أثناء التمرين على مشهد مع مديرة التصوير هالينا هاتشينز. غير أن رصاصاً حياً انطلق من الرصاص ما أدى إلى إصابة السينمائية البالغة 42 عاما بجروح قاتلة.
ورفعت دعاوى عدة أمام القضاء المدني على بالدوين الذي شارك أيضاً في إنتاج «راست»، سعياً من متضررين إلى الحصول على تعويضات، إحداها من زوج الراحلة مات هاتشينز وابنهما.
وفي ملف التحكيم لطلب الدعم المالي من منتجي الفيلم الآخرين استناداً على التزاماتهم التعاقدية، كشف محامو أليك بالدوين أنه حاول بعد الحادث استكمال تصوير «راست».
https://twitter.com/aawsat_News/status/1455166484737560584
وورد في الطلب الذي قدم أمس (الجمعة) إلى مكتب متخصص في لوس أنجليس أن «بالدوين بذل جهوداً مضنية للتواصل مع فريق ممثلي «راست» سعياً منه للحصول على دعمهم لاستكمال تصوير الفيلم، وقد فعل ذلك بقصد تكريم ذكرى هالينا من خلال إكمال آخر عمل لها. وتعويض مات هاتشينز والابن بفضل الأرباح» التي قد يحققها الفيلم، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.
وأوضح الطلب أن بالدوين نجح في إقناع طاقم الفيلم، بمن فيه مخرجه جويل سوزا الذي أصيب أيضاً في يوم الحادث، بإكمال الإنتاج.
لكن مات هاتشينز رفض عرض بالدوين للتسوية الودية واختار مقاضاة الممثل وفريق الإنتاج، طالباً تعويضات «كبيرة» عللها بقائمة طويلة من الوقائع التي تشير إلى تقصير في اتخاذ إجراءات السلامة المطلوبة.
وطالب بالدوين في ملف التحكيم الذي تقدم به الجهات المشاركة في إنتاج «راست» بتحمل نفقات الدعاوى المتعلقة بالحادث وأتعاب المحامين، مؤكداً أن العقد ينص على ذلك.
وكان أليك بالدوين قال في مقابلة تلفزيونية إنه لا يشعر بأنه مذنب ولا حتى «مسؤول» عن وفاة هالينا هاتشينز، لافتا إلى أنها طلبت منه توجيه المسدس نحوها. وقال أيضاً إن الطلقة انطلقت من دون أن يضغط على الزناد.
ولا يزال التحقيق الجنائي في الحادث مستمرا في موازاة الدعاوى المدنية التي رفعها عاملون في الفيلم.
ويركز المحققون على معرفة كيفية وصول الذخيرة الحية إلى موقع التصوير، وهو أمر محظور كلياً نظرياً.



«خيال مآتة»... حارس الحقول يُلهم تشكيلياً

«خيال مآتة» يلهم فنانين تشكيليين مصريين (الشرق الأوسط)
«خيال مآتة» يلهم فنانين تشكيليين مصريين (الشرق الأوسط)
TT

«خيال مآتة»... حارس الحقول يُلهم تشكيلياً

«خيال مآتة» يلهم فنانين تشكيليين مصريين (الشرق الأوسط)
«خيال مآتة» يلهم فنانين تشكيليين مصريين (الشرق الأوسط)

تُلهم الطبيعة المبدعين، وتوقظ ذاكرتهم ومخزونهم البصري والوجداني، وفي معرض الفنان المصري إبراهيم غزالة المقام بغاليري «بيكاسو أست» بعنوان (خيال مآتة) تبرز هذه العلاقة القديمة المستمرة ما بين ثلاثية الذاكرة والطبيعة والفن، عبر 25 لوحة زيتية وإكريلك تتأمل خيالات وجماليات الحقول في ريف مصر.

و«خيال المآتة» هو ذلك التمثال أو المجسم الذي اعتاد الفلاح المصري أن يضعه في وسط الحقل لطرد الطيور التي تلتهم البذور أو المحصول، وهو عبارة عن جلباب قديم محشو بالقش، يُعلق على عصا مرتفعة، مرتدياً قبعة لمزيد من إخافة الطير التي تظن أن ثمة شخصاً واقفاً بالحقل، فلا تقترب منه، ولا تؤذي النباتات.

والفكرة موجودة ومنتشرة في العديد من دول العالم، ويُسمى «فزاعة» في بلاد الشام، و«خراعة» في العراق.

جسد الفنان إبراهيم غزالة البيئة الريفية في معرضه (الشرق الأوسط)

«تلتقي الذكريات بالمشاعر لتجسد رحلة إنسانية فريدة من نوعها»... إحدى الجمل التي تناثرت على جدران القاعة والتي تعمق من سطوة العاطفة على أعمال المعرض، فمعها كانت هناك كلمات وجمل أخرى كلها تحمل حنيناً جارفاً للطفولة واشتياقاً لاستعادة الدهشة التي تغلب إحساس الصغار دوماً، وهو نفسه كان إحساس غزالة وفق قوله.

«في طفولتي لطالما كان (خيال المآتة) منبعاً للسعادة والبهجة مثل سائر أطفال القرية التي نشأت فيها، فهو بشكله الملون الزاهي غير التقليدي وأهميته التي يشير إليها الكبار في أحاديثهم، كان مثيراً للدهشة والفضول ويستحق أن نجتمع حوله، نتأمله وهو يعمل في صمت، متحملاً البرد والحر، ويترك كل منا العنان لخياله لنسج قصص مختلفة عنه».

يقدم الفنان (خيال مآتة) برؤية فلسفية إنسانية (الشرق الأوسط)

توهج خيال الأطفال تجاه (خيال المآتة) بعد الالتحاق بالمدرسة، وكان الفضل لقصة (خيال الحقل) للكاتب عبد التواب يوسف التي كانت مقررة على طلاب المرحلة الابتدائية في الستينات من القرن الماضي.

يقول غزالة لـ«الشرق الأوسط»: «خلال سطورها التقينا به من جديد، لكن هذه المرة كان يتكلم ويحس ويتحرك، وهو ما كان كافياً لاستثارة خيالنا بقوة أكبر».

ومرت السنوات وظل (خيال المآتة) كامناً في جزء ما من ذاكرة غزالة، إلى أن أيقظته زيارة قام بها إلى ريف الجيزة (غرب القاهرة) ليفاجأ بوجود الكائن القديم الذي داعب خياله منذ زمن، وقد عاد ليفعل الشيء نفسه لكن برؤية أكثر نضجاً: «وقعت عيني عليه مصادفةً أثناء هذه الزيارة، وقمت بتكرار الزيارة مرات عدة من أجل تأمله، وفحصه من كل الجوانب والأبعاد على مدى سنتين، إلى أن قررت أن أرسمه، ومن هنا كانت فكرة هذا المعرض».

أحد أعمال معرض (خيال مآتة)

تناول الفنان (خيال المآتة) من منظور فلسفي مفاده أن مكانة شيء ما إنما تنبع في الأساس من دوره ووظيفته ومدى ما يقدمه للآخرين من عطاء، حتى لو كان هذا الشيء مجرد جماد وليس إنساناً يقول: «لكم تأكد لي أنه بحق له أهمية كبيرة للمجتمع، وليس فقط بالنسبة للفلاح؛ فهو يصون الثروة الزراعية المصرية».

ويعتبر الفنان التشكيلي المصري خيال المآتة مصدراً للسعادة والبهجة؛ إذ «يسمح للمزارعين بالمرور بلحظة الحصاد من دون حسرة على فقْد محصولهم، كما أنه رمز لبهجة الأطفال والإحساس بالأمان للكبار ضد غزوات الطيور على حقولهم». وفق تعبيره.

غزالة استدعى حكايات وأساطير من طفولته (الشرق الأوسط)

في المعرض تباينت أشكال «خيال المآتة»؛ فقد جعله طويلاً مرة وقصيراً مرة أخرى، ورجلاً وامرأة وطفلاً، يرتدي ملابس متعددة، مزركشة أو محايدة خالية من النقوش والتفاصيل: «ظن زائرو المعرض في افتتاحه أنني أنا الذي فعلت ذلك لـ(خيال المآتة)، لكن الحقيقة أنه الفلاح المصري الذي أبدع في إثراء شكله وتجديده مستعيناً بفطرته المحبة للجمال والفرحة، وما فعلته هو محاكاته مع لمسات من الذاكرة والخيال».

ووفق غزالة فإن «المزارع برع في كسوة هذا المجسم بملابس مختلفة ذات ألوان زاهية، وأحياناً صارخة مستوحاة من الطبيعة حوله، إنها الملابس القديمة البالية لأفراد أسرته، والتي استغنى عنها، وأعاد توظيفها تطبيقاً للاستدامة في أبسط صورها».

الفنان إبراهيم غزالة (الشرق الأوسط)

جمعت الأعمال ما بين الواقعية والتجريدية وتنوعت مقاساتها ما بين متر ومتر ونصف، جسدت بعضها الطيور مثل «أبو قردان»، واحتفى بعضها الآخر بجمال المساحات الخضراء الممتدة والنخيل والأشجار الكثيفة، لكنها في النهاية تلاقت في تعبيرها عن جمال الحياة الريفية البسيطة.